منى مينا وعزة سليمان ومزن حسن.. أول ضحايا عام المرأة قانون الحضانة.. ملاحقات أمنية.. منع من السفر والعديد من الانتهاكات على عتبات العام مطالبات بتعديل قوانين الأحوال الشخصية وتمثيل المرأة بالمناصب القيادية
رغم إعلان الحكومة المصرية أن عام2017 سيكون عام المرأة، فلم تتوقع المصريات أن يبدأ الاحتفال مبكرًا بعام المرأة 2017، كما أعلنه الرئيس عبدالفتاح السيسي، لكن بشكل سلبي يهدد الحريات ويغلق المجال العام، فرغم التأكيد الرسمي على عدم المساس بحقوق المرأة، بعد تكرار وقائع ملاحقة عدد من الناشطات والحقوقيات والنقابيات في الفترة الأخيرة، الأمر الذى أثار القلق على الساحة النسائية وداخل الهيئات والجمعيات التي تعمل من أجل خدمة قضايا المرأة، وكلها تشعر بأن هناك هجمة شرسة للنيل من الحقوق والمكتسبات التي حققتها النساء خلال مسيرتهن، وسلب تلك المكتسبات التي حققتها خلال مشوار طويل من النضال عبر أنظمة حكومية مختلفة. ملاحقة ومنع من السفر وجاء القبض على المحامية عزة سليمان، مدير مركز مؤسسة قضايا المرأة المصرية، كواقعة أولى لسلسلة الملاحقة والمنع من السفر، وذلك بتهمة فى إطار ملف المنظمات الحقوقية والتمويلات أجنبية. وبعد ساعات من التحقيق بمحكمة التجمع الخامس، أمر قاضي التحقيق بإخلاء سبيل الناشطة الحقوقية بكفالة 20 ألف جنيه على ذمة التحقيقات في القضية المعروفة إعلاميًا ب«التمويل الأجنبي»، ووجه قاضي التحقيق 3 اتهامات لعزة سليمان، إنشاء كيان يمارس نشاطًا شبه نشاط الجمعيات الأهلية بالمخالفة للقانون (مركز قضايا المرأة المصرية)، وتلقي أموال بطرق غير مشروعة، والتهرب الضريبي. والواقعة الثانية، منعت سلطات مطار القاهرة الدولي في يونيو الماضي، الناشطة النسوية مزن حسن، مدير مركز نظرة للدراسات النسوية، من السفر إلى بيروت، بناءً على قرار قاضي التحقيقات، لطلبها في قضية التمويل الأجنبي للمنظمات، التي أعيد فتحها منذ عدة أشهر للبت في تحقيقاتها. ومن المفارقات، أن تمنع مزن حسن من السفر في الوقت الذي تحصل فيه على جائزة عالمية وهي “رايت لايفليهود” لعام 2016، وتعرف باسم “جائزة نوبل البديلة“؛ لعملها المستمر على تحقيق المساواة وحقوق النساء في سياق ما يتعرضن له من عنف مستمر واعتداءات وتمييز. وجاءت الواقعة الثالثة ضد الدكتورة منى مينا، وكيل نقابة الأطباء؛ بتقديمها للتحقيق أمام النيابة العامة على خلفية اتهامها بتكدير الأمن والسلم الاجتماعي، وإثارة المواطنين، بعد تصريحها بأن أحد الأطباء أخبرها بوجود تعليمات من وزارة الصحة باستخدام الحقن “السرنجات” أكثر من مرة بالمستشفيات الحكومية. حالات فردية وفى هذا السياق، رأت الدكتور هدى بدران، رئيس الاتحاد العام لنساء مصر، إن المرأة لم تأخذ حقها إلى الآن منذ ثورة 25 يناير على مستوى المشهد السياسى؛ على الرغم من أنها أول مَن قالت "نعم" للدستور، وخرجت في طوابير تفوق أعدادها طوابير الرجال؛ خلال انتخابات الرئاسة، إلا أنها لم تأخذ حقها، بالمقارنة مع الرجال، على الرغم بما تتسم به المرأة من قدرات كبيرة في المهارة والكفاءة. وأكدت "بدران"، في تصريحات خاصة ل"المصريون"، أن شواهد مناصرة الرئيس السيسى للمرأة خلال العامين الماضيين ما هى إلا مجرد حالات فردية كسيدة العربة، وأسرة غيط العنب، مطالبة بتنفيذ عدة سياسات بشكل تلمسها النساء على أرض الواقع وجني ثمارها. وأشارت بدران إلى أن شواهد مناصرة السيسى للمرأة ليست بالإنجازات، مطالبة بعدة أدوار لابد من السيسى من تنفيذها للمرأة خلال ما وعده بأن يكون عام 2017 "عام المرأة"؛ من خلال توفير حضانات راقية ومجهزة لأطفال السيدات العاملات، فضلًا عن توفير فرص العمل للمرأة بالحقائب الوزارية مثلها مثل الرجال وفقًا للكفاءة والخبرة. كما طالبت الرئيس السيسى بمنح المرأة فرصة المساواة بالرجال فى المناصب القضائية من فتيات حصلن على درجات علمية من كليات الحقوق، مشيرة إلى أن تلك المطالب وقت تحقيقها ستشعر المرأة بأنه عامها حقًا بتوفير فرص عمل مماثلة للرجل، وليس مجرد "عمل شو" بحركات فردية، والعمل من منطلق تنفيذ سياسات عامة. القومى للمرأة كما تطالب مايا مرسي، رئيسة المجلس القومي للمرأة، بأجور متساوية للمرأة الريفية مع الرجل، مؤكدة أن المرأة تلعب دورًا مهمًا في الزراعة والتنمية الريفية والتغذية والحد من الفقر، ومن ثم هناك حاجة للمزيد من الاهتمام بها. وتقول مايا، في بيان صحفى لها: "إنه لابد أن تضمن الدولة حق المرأة الريفية في ظروف عمل لائقة ومبدأ الأجر المتساوي الموحد، إلى جانب تحديد حصص وأهداف لتمثيل المرأة الريفية في مواقع صنع القرار، لا سيما في البرلمانات والهيئات الإدارية على جميع المستويات". وهناك 42 بالمائة من النساء العاملات في مصر يعملن في القطاع الزراعي، ولا تحصل 37 بالمائة منهن على أجر ويعملن لدى الأسرة، وفقًا لإحصاءات المجلس القومي للمرأة، كما تحرم المرأة العاملة في قطاع الزراعة من الحماية القانونية بنص قانون العمل المصري رقم 12 لسنة 2003 رغم أن أكثر من 70 بالمائة من النشاط الزراعي يقوم على عمل النساء. ووفقًا للمجلس القومي للمرأة ولجهاز التعبئة العامة والإحصاء لا تتجاوز نسبة تمثيل المرأة في المناصب القضائية 0.5 بالمائة، حيث تم تعيين أول قاضية في المحكمة الدستورية العليا عام 2003. ونص دستور 2012 في المادة (233) على إعادة تشكيل المحكمة الدستورية العليا، وتطبيقاً لذلك تم استبعاد 7 من قضاة المحكمة من ضمنهم المستشارة تهاني الجبالي، وحاليًا لا توجد أي قاضية في المحكمة الدستورية العليا. وبلغ عدد النساء في هيئة قضايا الدولة 72 امرأة عام 2004 من مجموع عدد أعضاء الهيئة الذي بلغ 1912 عضواً، وبلغ عدد النساء في النيابة الإدارية نحو 436 امرأة من مجموع أعضائها البالغ نحو 1726 عضواً أي بنسبة 25%، ويصل عدد القاضيات في مصر حتى الآن 68 قاضية، وفقًا لما نشر في الجريدة الرسمية. الأمان والأحوال الشخصية ومن جانبها، قالت عزة سليمان، الناشطة الحقوقية ومدير مركز مؤسسة قضايا المرأة المصرية، إن الأولوية فى المتطلبات التى تحتاجها المرأة المصرية، ينحصر فى نقطتين مهمتين الأولى وهى نقطة الأمان فى المساحات الخاصة والذي يرتبط أيضًا بالعنف الأسري، والذي يتمثل فى الضرب والختان وحرمانها من الميراث القتل باسم جرائم الشرف والاغتصاب وزنا المحارم الذي أصبح قنبلة موقوتة داخل المجتمع المصرى، والنقطة الثانية تتعلق بقانون الأحوال الشخصية مسلمين ومسيحيين لأن الجزء من التغيير يساعد فى الاستقرار النفسي المادى والعائلى والذى ينعكس على المرأة بشكل شخصي وبالتالى ينعكس على أسرتها، وبالتالي على المجتمع والذي لا يتحقق إلا بتغيير قوانين الأحوال الشخصية المنطلقة من مبدأ المساواة والعدالة داخل الأسرة وليس من الحماية. وأضافت "سليمان"، فى تصريحات خاصة ل"المصريون"، أن تحقيق المساواة والعدالة يأتى من تحقيق التوازن فى العلاقة بين الرجل والمرأة قائمة على الحق والعدالة، موضحة أنه يجب أن يكون هناك مسئولية على الحكومة والتى لابد من ترجمتها فى استراتيجيات عمل وبرامج حماية وأن يكون هناك رقابة وأدوات تقييم لهذا، لافتة إلى أن المجلس القومى، ليس له دور على الميدان النسوى وحقوق المرأة، وأنه مجرد "موظفين" لدى الحكومة ورئيس الجمهورية الأمر الذي جعل عملهم يشبه تمامًا عمل الجمعيات الأهلية، منتقدة تخاذل وصمت المجلس تجاه الهجمة الشرسة على النسويات والجمعيات النسوية، مقارنة بموقف المجلس القومى لحقوق الإنسان الذي كان له موقف مساند لنا بعكس "القومى للمرأة" الذي لم يكن له أى دور فى هذه الأزمات: "المجلس مكنش له حس ولا خبر". العنف والتمثيل كما طالبت انتصار السعيد، رئيس مؤسسة القاهرة للقانون والتنمية، بضرورة حماية حقوق النساء والطفل والإنسان بشكل عام بما يضمن كرامة المواطنات والمواطنين والمساواة وعدم التمييز وتكافؤ الفرص للجميع من خلال تطبيق نصوص الدستور والقانون فيما يتعلق بالمساواة وتكافؤ الفرص دون التمييز بسبب الجنس أو الدين أو الآراء السياسية أو اللغة أو الأصل، موضحة أن ضمان تطبيقها على أرض الواقع سيكون من خلال الآليات التى تراقب تطبيق القوانين وتتصدى لأي مخلفات. وأضافت فى تصريحات خاصة ل"المصريون"، أنه لابد من اتخاذ كل التدابير التى تضمن الحقوق المدنية والسياسية العادلة للنساء على جميع المستويات وتمثيلهن فى مواقع اتخاذ القرار، وتأمين الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية لجميع المواطنات بما يكفل تحقيق العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، مشيرة إلى ضرورة وجود قانون عادل لأحوال الشخصية الخاص بكل أفراد الأسرة وليست النساء فقط، وكذلك إصدار قانون خاص بتجريم العنف الأسري بما يوفر الحماية الجسدية والنفسية خاصة النساء والأطفال.