في ذلك العام وعلي غير العادة حيث كان دائما يزور القرية في اكتوبر وصل والدي الي القرية وبالتالي (ضيع) علي فرصة قضاء الاجازة في القاهرة او الاسكندرية وخاصة انني كنت مصابا بمرض البهارسيا للمرة الثانية حيث كنت قد تعالجت في المرة الاولي في القاهرة بالحقن في العضل وذلك في عيادة الكنيسة الانجيلية التي تقع في شارع عماد الدين بمنطقة عابدين. فاضطررت الذهاب مع اقراني الي المستشفي الوحيد في النوبة الغريقة والذي كان يبعد عن قريتنا بأكثر من عشرين كيلومتر حيث كان يقع في قرية عنيبة او مركز عنيبة ولكن الحقن هناك كان يتم في الوريد وليس في العضل . وكان اقراني الذين لم تكن اوردتهم ظاهرة يعانون كثيرا وخاصة وقد كنا صبية .. وكنا نتحرك بعد صلاة الفجر مباشرة وكانت وسيلة الانتقال حماري العزيز .. وكانت قريتنا تقع في شرق النيل وعنيبة تقع في غرب النيل وقبل السابعة صباحا كنا نصل إلى قرية الجنينة التي تقع شرق النيل وتواجه قرية عنيبة فكنا نعقل حميرنا في المروح الخضراء المتخلفة من انحسار مياه النيل ونعبر النيل بالمراكب الشراعية حيث كانت الأجرة قرش صاغ . وكنا نعود ونجد حميرنا في مكانها وكما عقلناها حيث الامان المطلق فلم يكن هناك احد يتطلع الي حق غيره وكل هذا ونحن صائمون حسب التعليمات . ثم نأخذ الحقنة المؤلمة التي كانت تؤلمنا وخزا ونتيجة حيث كنا نفرغ ما تبقي في بطوننا من طعام الأمس ولم تكن قد ظهرت بعد (السرنجات) البلاستيكية التي تستعمل مرة واحدة ولكن كان هناك ما يسمي (بالابره) وكانت تلك (الابره) تغلي وتعاد استخدامها ولكن قذفها باهمال الي داخل الوعاء كي يتم غليها لتطهيرها كانت تؤدي الي انحناء بسيط في مقدمة (الابرة) وبالتالي كنا نتألم من الوخز ادخالا واخراجا حيث كان يتبعه بعض النزيف مما ارغم البعض منا عدم اكمال الجرعات المقررة له وترتب عليه فيما بعد نتائج سيئة كما حدث للفنان الراحل عبدالحليم حافظ.. كانت ايام صعبة ولكنها غرست فينا الجلد وتحمل الصعاب … وللحديث بقية ان شاءالله …يحيي صابر