وزير الأوقاف يجتمع بمديري المديريات الإقليمية لمتابعة سير العمل    التعليم: عودة قوية لاختبار "SAT".. بمشاركة 100% دون شكاوى    غدا.. 42 حزبا يجتمعون لتحديد مصيرهم بانتخابات 2025 (تفاصيل)    الموقف التنفيذي للمشروعات التنموية والخدمية بمدينة العاشر من رمضان    المرحلة الثانية من الأتوبيس الترددي BRT.. موعد التشغيل والمحطات    مقابل 92 مليون جنيه..أكت فاينانشال تزيد حصتها في بلتون القابضة إلى 4.64%    بيت الزكاة يوزِّع لحوم الأضاحي على مليون مستحق من الأولى بالرعاية    "يتحدث نيابة عن نفسه".. الخارجية الأمريكية ترفض تصريحات سفيرها لدى إسرائيل بشأن الدولة الفلسطينية    هيغسيث: الولايات المتحدة تتابع عن كثب استخدام المسيرات في النزاع بأوكرانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم إطلاق النار بمدرسة بالنمسا إلى 11 قتيلًا    حماس تستنكر استهداف طاقم مسعفين بحي التفاح في غزة    قافلة الصمود تصل إلى الزاوية الليبية في طريقها لكسر الحصار عن غزة    بمشاركة وسام أبو علي.. منتخب فلسطين يفشل في التأهل لكأس العالم 2026    "مواجهة دبلوماسية في كرة القدم".. سفيرتا أمريكا وكولومبيا تستعرضان مهارتهما ببطولة خوفو    قبول دفعة ناجحين بالصف السادس الابتدائي للالتحاق بالمدارس الرياضية بالوادي الجديد    مصرع مهندسة وإصابة 4 من أسرتها في حادث مأساوي بسوهاج    يحيى الفخراني: مفاجآت بالجملة في العرض الثالث ل"الملك لير"    شيرين رضا تحتفل بعيد ميلاد ابنتها نور    أبرزهم أسماء جلال وتارا عماد.. 20 صورة لنجمات الفن في حفل زفاف أمينة خليل    محمد حماقي ينضم لنجوم مهرجان موازين    "الأوقاف" تعلن أسماء الفائزين في مسابقة الصوت الندي 2025    دهون الكبد، الأعراض والتشخيص وطرق العلاج والوقاية    رئيس الوزراء يطالب بتكثيف الجهود للقضاء على مرض الجذام    أول تعليق من نقيب المأذونين على فيديو زواج شاب مصاب بمتلازمة داون    القبض على لص «النقل الذكى»    في أول اختبار رسمي.. انطلاقة ناجحة لاختبارات SAT في مصر مشاركة 100% للطلاب دون أي مشكلات تقنية    أمين " البحوث الإسلامية " يتفقَّد إدارات المجمع ويشدد على أهميَّة العمل الجماعي وتطوير الأداء    عضو مجلس الزمالك: كنت واثقًا من التتويج بالكأس    لافيينا يحتفظ بمقعده في دوري المحترفين    الهلال الأحمر: غزة تواجه كارثة صحية وخروج أكثر من 30 مستشفى عن الخدمة    هآرتس لأول مرة تتحدث عن احتمالات زوال إسرائيل في 2040    ماستانتونو ضمن قائمة ريفر بليت فى مونديال الأندية رغم اقترابه من ريال مدريد    أسر الشهداء يشكرون وزارة الداخلية ومدير إدارة العلاقات الإنسانية على رعايتهم طوال موسم الحج (صور)    كواليس عطل ChatGPT والخدمة تبلغ المستخدمين بإجراء تحقيق .. اعرف التفاصيل    ابو المجد يعلن قائمة منتخب شباب اليد استعدادًا لمونديال بولندا    وزير الخزانة الأمريكي مرشح محتمل لخلافة جيروم باول في رئاسة «الاحتياطي الفيدرالي»    خبيرة أسواق الطاقة: خطة حكومية لضمان استقرار السياسات الضريبية على المدى الطويل    اقرأ غدًا في «البوابة».. انفرادات ساخنة حول غزة والنمسا وأزمة لوس أنجلوس ومفاوضات طهران    مواعيد قطارات طنطا - الإسكندرية اليوم الثلاثاء فى الغربية    تقرير عالمي يحذر إنتر ميامي من ثلاثي الأهلي.. ويستشهد بمواجهة باتشوكا    زواج عريس متلازمة داون بفتاة يُثير غضب رواد التواصل الاجتماعي.. و"الإفتاء": عقد القران صحيح (فيديو)    الجريدة الرسمية تنشر قانون تنظيم إصدار الفتوى الشرعية    لطلاب الثانوية العامة.. مراجعات نهائية مجانية لكل المواد تبدأ فى سوهاج غدا    «ملحقش يلبس بدلة الفرح».. كيف أنهى عريس الغربية حياته قبل زفافه ب48 ساعة؟    الثقافة تحتفل بعيد الأضحى بحدائق أكتوبر ضمن برنامجها بالمناطق الجديدة الآمنة    هويسن: الانتقال لريال مدريد كان رغبتي الأولى    التقويم الهجري.. سبب التسمية وموعد اعتماده    الإجازات الرسمية المقبلة في 2025.. إليك القائمة الكاملة    التضامن الاجتماعي: فريق التدخل السريع تعامل مع 561 بلاغا في مختلف المحافظات خلال شهر مايو    السعودية في مهمة صعبة أمام أستراليا لاقتناص بطاقة التأهل لمونديال 2026    مدير معهد بحوث الإرشاد الزراعي يتفقد محطة بحوث كوم امبو    ماجد الكدواني ضيف معتز التوني في برنامج فضفضت أوي..غدا    الحكومة تستعد للإعلان عن القضاء على مرض الجذام    مستشفى القلب بجامعة أسيوط يستقبل 1856 حالة خلال شهر    وثائق بريطانية: إثيوبيا رفضت التفاوض مع نظام مبارك بشأن مياه النيل    حكم توزيع لحوم الأضاحي بعد العيد وأيام التشريق؟.. أمين الفتوى يوضح    أسعار طبق البيض اليوم الثلاثاء 10-6-2025 في قنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 10-6-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور إبراهيم بدران وزير الصحة الأسبق
في حوار لالأهرام المسائي‏:‏متفائل‏..‏ وهذه أسبابي

بكم من الحسرة من كل ما يحدث حولنا ذهبنا إليه نسمع منه‏..‏ وبكم مماثل ويزيد من التفاؤل والأمل في المستقبل عدنا من لقائه
لا نحمل سوي الاصرار والتحدي غير ان الدكتور ابراهيم بدران العالم الكبير بمجال الطب والجراحة ووزير الصحة الأسبق كان دائم التأكيد علي أن البداية للتغيير واحداث النقلة في بلدنا يجب أن تكون بالاسراع في الاهتمام بقيمة العمل من جانب المصريين كل في مجاله علي أن يتواكب \‏ مع ذلك اهتمام مماثل من الدولة بمنظومة التعليم والصحة والبحث العلمي‏.‏
‏*‏ في البداية كيف تري الحال الذي وصلت اليه مصر؟
‏**‏ كسياسي حزين وكعامل بالتعليم والبحث العلمي أكثر حزنا ولم أكن أتصور أبدا أن مصر ستصل إلي ما وصلت إليه سياسيا وعلميا لكني متفائل جدا بعد التغيرات التي نشهدها خلال العامين الأخيرين فرغم كل شيء أجد امكانية تحقيق ما وصلت إليه في مؤلفاتي لبلدي مثل كتاب تطلعات لمصر المستقبل وهو أول كتبي بعد احالتي علي المعاش‏..‏ وبكيت فيه علي أنه كيف أن مصر لم تستطع اللحاق بركب المستقبل وقتها وأيضا كتاب في فقه التنمية و نحو منظومة إسلامية في التكوين البشري وكانت جميعها في العشرين عاما الأخيرة‏.‏
‏*‏ من وجهة نظرك ما الذي أوصلنا لهذا الحال؟ وهل تصورت أن ذلك التغيير سيحدث؟
‏**‏ لا لم أكن أتصور أبدا أن تصل مصر إلي ما وصلت إليه سياسيا وعلميا‏,‏ ولكن لم ينقطع بي الأمل ولا أتصور أن مصر ستتدهور إلي هذا الحد فطوال عمرها وعلي مدي تاريخها تصل إلي القاع ثم تصعد إلي القمة ولذلك فأنا بعكس الكثيرين حاليا متفائل جدا‏.‏
‏*‏ وما مصادر هذا التفاؤل
‏**‏ رئيس الجمهورية الحالي أستاذ جامعة ومن المؤكد أن تركيزه الأكبر سيكون علي التعليم والبحث العلمي والتطوير التكنولوجي احداثا لتنمية الثروة المصرية‏,‏ خاصة وان صعود التيار الإسلامي الذي ينتمي له يواجه مخاوف لدي البعض ولكنه في النهاية تجربة جاءت بإرادة الشعب فلابد من القبول بها في اطار الديمقراطية التي نرغب في توطيدها‏,‏ كما أن البداية لن تكون من الصفر فالمقومات موجودة والكوادر متوافرة والخطط موجودة وتبقي النية للتنفيذ‏.‏
‏*‏ بالعودة إلي الحال وما وصلت إليه مصر فمتي شعرت بأن المنحني وصل للقاع؟
‏**‏ حتي وقت تركي لأكاديمية البحث العلمي سنة‏1984‏ لم يكن سوء الوضع وصل لهذه الدرجة ولكن البداية جاءت بعد أن حدث للجامعات في مصر هزة شديدة وذلك تحديدا بعد حرب‏1967‏ حيث هاجرت عقول كثيرة للخارج سواء في صورة اعارات أو هجرة لدرجة جعلتني أثناء مشاركتي كعضو في أحد اجتماعات لجان المجلس الأعلي للجامعات أقول نحن نبيع عيننا وذراعنا لغيرنا وطلبت الابطاء في قبول طلبات الهجرة والاعارة والاشتغال في الخارج وأعتقد أن هذه كانت البداية‏,‏ لكن في عهد الرئيس الراحل السادات اختلف الأمر حيث شهدنا تقدما في الصناعة والتجارة في القطاع الخاص ولكن مثلما حدث في كل دول العالم علي مدي التاريخ فيما يعرف بسرقة القدرة الدافعة للتطوير والتقدم في المجتمع عن طريق سرقة العقول وأساتذة الجامعات في المجالات المختلفة للعمل في القطاع الخاص عن طرق دفع أجور أضعاف ما كانوا يتقاضونه في المراكز البحثية والجامعات الحكومية وكان الأستاذ الجامعي في هذه المرحلة يقبل ويسعي لذلك لمواجهة تغير الظروف وارتفاع الأسعار ومطالب الحياة وزيادة درجة الاستهلاكية التي طغت بشكل مخيف منذ نهاية القرن العشرين فأدي ذلك إلي هجرة الكثير من العقول المصرية للخارج‏,‏ واستمر هذا الحال في عصر مبارك ثم ازداد الأمر سوءا بالانكماش الذي دخلت فيه البلاد بعد حادث أديس أبابا وللأسف قيادة مصر تركت السبيل للانفتاح العلمي والتكوين البشري وصنع الثروات إلي أيد قليلة توقفت عندها القدرة علي التطوير والتقدم ومن هنا حدث أن تيبست مفاصل البلد وتوقفت قدرة الدولة
لكن ذلك لاينبغي أن يفقدنا الأمل فقد مرت مصر بمراحل وصل فيها التدهور الي الحضيض ثم نهضت وقامت وانطلقت مرة أخري‏.‏
‏*‏ومتي كانت هذه المرات؟
‏**‏أول مرة كانت أيام الهكسوس حيث حدث جفاف النيل وتوقفت الزراعة وعدم وجود الغذاء وموت الحيوانات وكان الانسان المصري وقتها يشرب بول البغال والحمير والفترة الثانية كانت في عهد المماليك حيث ساءت الأحوال ووصل الأمر من شدة الجوع والفقر الي أنه عندما تجهض سيدة حملها تتشاحن عائلتا الأب والأم حول من يأخذ الجنين الميت ليشويه ويأكله وهي أمور مسجلة في التاريخ ولكن في الحالتين بعدهما نهضت مصر ووصلت القمة فبعد عصر الهكسوس وصلت الي أن تحتمس الثالث طرد الهكسوس من مصر بجيش مصري والفترة الثانية اكتشفت محمد علي الذي أنهي علي المماليك ووصل بالبلاد الي ماوصلت اليه عام‏1840‏ حينما هاجم الاستانة ليستولي علي الامبراطورية التركية و‏,‏تكالبت فرنسا وانجلترا وألمانيا وروسيا لأن يحطموه‏.‏
‏*‏وهل يمكن أن يأتي لمصر حاليا محمد علي جديد؟
‏**‏جاء لنا عبد الناصر لكن لم نستفد منه جيدا وتكالب العالم عليه مثلما تكالب علي محمد علي سنة‏1967‏ فكان عبد الناصر بالنسبة لنا وهما وأمانيا وحلما فكان وهما لأننا قبله لم نكن نتصور أن يأتي في تلك الفترة وكان أمانيا حيث جميعنا كنا نريد الديكتاتور العادل كما قال جمال الدين الأفغاني وكان حلما لشباب هذه الفترة من أمثالي حيث كنت طالبا وبعدها مدرسا بالجامعة منذ‏1950‏ وكنا نتمني قائدا عادلا يحب مصر ويتفاني في خدمتها مثلما فعل عبد الناصر الذي مات في سن‏51‏ سنة وكان يحب مصر لدرجة أن الشعب المصري لم يلحق به لأنه لم يأخذ حقه في النمو قبل أن يصله عبد الناصر وياليته قد جاء في فترة متأخرة قليلا حيث كان التعليم قد بدأ ينهض وكان قد بدأ طه حسين يدعو إلي أن يكون التعليم العام للجميع بالمجان وكان العمل الصحي في مصر قد بدأينمو بعد انشاء الوحدات الريفية وبدت بيانات الصحة تتأهل للخير فبعد أن كان متوسط سن الانسان المصري سنة‏1929‏ حوالي‏28‏ سنة بسبب الأمراض وارتفاع وفيات الأطفال وغيرها وصل عام‏1950‏ الي‏50‏ سنة أي مايقارب الضعف بفضل ما قام به الدكتور عبد الواحد الوكيل بانشاءالوحدات الريفية التي غيرت مستوي صحة الانسان المصري فبعد أن كان الفلاح يموت في نهاية العشرينات وبداية الثلاثينيات من عمره وكان القليلون هم من يعيشون اكثر من ذلك لذلك فقد كان الجيش المصري لايزيد عدد أفراده علي‏20‏ ألفا فقط لكن الوحدات الريفية أنقذت الانسان المصري وغيرت تاريخ مصر الصحي التي كانت برغم فقرها وضعف امكاناتها الا أنها آثرت علي الحياة في الأرياف وقللت من خطر البلهارسيا حتي أصبح من مفاخر مصر ان البلهارسيا حاليا أقل من‏1%‏ بينما كان سنة‏1950‏ هناك‏65%‏ من الشعب المصري مصاب بالبلهارسيا والانكلستوما‏.‏
‏*‏علي ذكر البلهارسيا فأثرها لم يزل موجودا ويمثل خطرا كبيرا علي صحة المصريين فالاحصاءات العالمية تؤكد أن مصر من أعلي الدول في أمراض الكبد والوضع الصحي والعلاجي حاليا به الكثير من المشاكل فكيف تري ذلك؟
‏**‏بالفعل هناك الكثير من الاثار نتيجة أن علاجها وقت انتشارها كان يتم بالطرطير حيث حقن المريض في الوريد باستخدام السرنجات الزجاجية وكان يتم تغيير الابرة فقط ولم يكن وقتها قد تم اكتشاف الفيروس الكبدي فكانت العدوي تنتقل وتنتشر بشكل كبير وسريع نتيجة العلاج الجماعي وعدم الاهتمام بالتعقيم وكان الاكتفاء بغلي الحقنة وهذا لايقتل الفيروس الذي علمنا بعد ذلك أنه لا يتم القضاء عليه الا بالحرارة الشديدة تحت الضغط الجوي بعد اكتشاف كونها فيروسات حيث كنا نعتقد وقتها أنها التهاب كبدي ميكروبي وهو لم يدخل مصر الا بعد الحرب العالمية الثانية مع العساكر الهنود الذين كانوايأتون ويستقرون في قناة السويس وكان أول من اكتشفه في مصر بمحافظة الشرقية واكتشفها زميلي الدكتور كمال الجوجري‏.‏
‏*‏وما السبب في تركز الإصابات في منطقة الدلتا بالوجه البحري تحديدا؟
‏**‏ بنية الانسان الصعيدي بنية جبلية لأنها مناطق حارة مما يجعل صحته أقوي كما أن هناك نوعين من البلهارسيا في مصر فكانت البلهارسيا المعوية في الدلتا والبلهارسيا البولية في الصعيد وكنا وقت دراستنا في الطب عندما نري بلهارسيا طحال في الصعيد لم نكن نفكر في كونها بلهارسيا لأنها كانت خاصة بالوجه البحري بينما في الصعيد كانت بلهارسيا المجاري البولية وكانت تصيب المثانة وتأثيرها علي البولينا والكلي لأن نوعية القواقع الحاملة للبلهارسيا كانت مختلفة لكن بعد السد العالي نزلت بلهارسيا الكبد للجنوب وبدأ يظهر تأثيرها بشكل كبير‏.‏
‏*‏بالعودة الي ماحدث في مصر منذ‏25‏ يناير هل كنت تتوقع أن تتغير الأمور الي ماوصلنا اليه؟
‏**‏كنت أنتظرها منذ عام‏1995‏ بعد أن بدأنا نشعر بالغربة في بلدنا وكأنه لم يعد بلدنا حتي وصل الأمر من سوء في ظل النظام السابق وكان الأمر يحتاج الي مراجعة ولكن هذا لم يحدث وكان هناك جفاف سياسي بدأ مع منع العمل السياسي في الجامعة رغم أن دورها كمعمل تفريخ في كل المجالات ومنها السياسة مثل الأطباء والصحفيين والمهندسين والمعلمين فهناك أشخاص جبلوا علي أن يكونوا سياسيين وأتذكر علي سبيل المثال فؤاد محيي الدين وقت أن كان عمره‏10‏ سنوات كان يركب عجلته ويجري في الشارع يقول أنا زعيم مصر والسودان فكانت تربية الفرد وتنشئته تبدأ منذ المرحلة الابتدائية فنحن كنا في عمر‏8‏ سنوات في المدرسة خرجنا مع تلاميذ المدرسة الثانوية عام‏1933‏ في مظاهرة نردد يسقط هور ابن التور وذلك وقت زيارة صاموئيل هور وزير خارجية بريطانيا العظمي لمصر فكانت السياسة في الشارع لكننا حرمنا من العمل السياسي الحقيقي علي مدي‏50‏ عاما فطول عصر عبد الناصر كانت هناك سياسة لكن مع قدوم السادات بدأ يهديء الأمور ويبحث عمن يحمينا فارتمي في حضن امريكا وترك في يدها‏99%‏ من اوراق اللعبة بعد انتصاره في حرب‏1973‏ حيث كان يعتقد أن الولايات المتحدة الأمريكية ستنير مصر مثلما أنارت كوريا الجنوبية وكان اعتقادا خاطئا فمصر تختلف حيث كوريا الجنوبية بجوارها الصين أما نحن فليس بجوارنا مايخفيها لكن اعتقاد السادات وسياساته جعل الناس تتقاعس وبدأ ينتشر في الشعب أن أمريكا هي المسيطر وهي من سيفعل لنا كل شيء وكان ذلك بداية لما حدث بعد ذلك‏.‏
‏*‏ مما حدث بعد ذلك كان الانكماش عن إفريقيا؟
وماتبعه من تدهور في العلاقات فهل كان حادث اثيوبيا القشة التي قسمت ظهر البعير؟
‏**‏ بالفعل لقد ابتعدنا عن إفريقيا تماما منذ التسعينيات ولكن لم يكن بشكل مفاجئ فبعد أن كنا أيام عبدالناصر لدينا وزارة للسودان ومنها يتم الاتصال بافريقيا جميعها ومن قبلها كانت
شركة النصر بقيادة محمد غانم وهو الرجل الذي فتح لنا أفريقيا وكان لها أنشطة في كل القارة الافريقية لكن الرئيس الراحل أنور السادات اكتفي بأمريكا ونسي افريقيا واستمر الحال حتي وصلنا إلي ماوصلنا إليه‏.‏
‏*‏ وكيف يمكننا العودة ومن أين نبدأ تحديدا؟
‏**‏ عندما يوجد فراغ فلابد أن يملأه أحد ونحن تركنا فراغا ملأه غيرنا ولكن الفرصة لا تزال قائمة لأن لنا خبرة طويلة في التعامل مع هذه الدول فالفرصة مثلا في السودان مواتية جدا حاليا وأنا علي ثقة بأن مصر ستستطيع ان تعود بقوة فهو بلد عاني كثيرا وتم احتلاله مرات كثيرة فبداخل المصري جينات مختلفة ومتنوعة وهناك ظاهرة طبية معروفة بأن الجينات الضعيفة تموت والقوي هو ما يستمر لذلك فالمصري مختلف بقوة‏.‏
‏*‏ مشروع الحق الاجتماعي الذي طالما ناديت به كيف يمكن ان يكون مساهما في حل مشكلات مصر الحالية؟
‏**‏ الحق الاجتماعي هو مسئوليتي كفرد في مجتمع كبير في أدائي لوطني من خلال عملي سواء كطبيب أو مهندس أو غيره‏,‏ فمثلنا نطالب بالحق في الحرية والعدالة وجودة الخدمات فلابد ان يكون حرصنا علي تأكيد حق المجتمع فالعمل يجب ان يكون ضمن منظومة القيم التي ينبغي ان تعود ويؤمن بها المجتمع بشكل حقيقي لتعود هي الحاكمة لتصرفات مواطنيه كل في موقعه‏.‏
‏*‏ بالعودة للتعليم ما رأيك في وجود أنماط مختلفة من التعليم في مصر؟
‏**‏ هذا حدث عندما انتابنا اليأس من الاصلاح الحكومي فلجأنا إلي البحث عمن يجود لنا تعليم أبنائنا واليوم لدينا خريجون مصريون من التعليم الأجنبي يعملون في أرقي الأماكن العالمية نتيجة حصولهم علي تعليم جيد‏.‏
‏*‏ ماذا عن جامعة النيل وما الذي تم بشأنها بعد أن تحولت لأكاديمية زويل للعلوم؟
‏**‏ أولا جاءت الفكرة عندما علمت بأن هناك نية من وزير الاتصالات آنذاك الدكتور أحمد نظيف لانشاء جامعة للمعلومات وكان ذلك في بداية الألفية الجديدة وذهبت وقتها لرئيس الوزراء وعرضت مشروع جامعة للبحوث وكان قد سبق ان خصصت الدولة للدكتور أحمد زويل‏127‏ فدانا بعد فوزه بجائزة نوبل لكن توقف المشروع‏.‏
أنا أحترم الدكتور زويل وأقدره كثيرا كمصري حاصل علي جائزة نوبل العالمية لكن مصر أهم بكثير وقبل كل شئ لذلك عندما قابلته مؤخرا في احدي ندوات نقابة الصحفيين وقلت له أنا في سن والدك لكن لا مانع عندي من تقبيل يدك لكي تترك العمل البحثي في جامعة النيل يستمر ويمكنك ان تقيم مشروع اكبر منها من أجل بلدنا فقد عانينا‏4‏ سنوات من أجل ادخال هذه الارض للمنفعة العامة لكي نحصل علي موافقة الجهات المختلفة بالدولة رغم أن القرار كان من مجلس الوزراء وبعد مشقة بدأ البناء والعمل في نفس الوقت ووصلنا إلي فريق من العلماء لا يبخلون بعلمهم ومجهودهم علي المشروع حتي بعد أن نزعت الدولة يدها حاليا لا يزال العمل مستمرا ومعظم المشاركين لا يتقاضون سوي نصف الأجر وبعضهم لا يأخذون أجورهم‏.‏
‏*‏ معني ذلك ان العمل بجامعة النيل لا يزال مستمرا؟
‏**‏ نعم فبعد طردنا من المبني قمنا بتأجير مقر في القرية الذكية باسم جامعة النيل نعمل فيها ولدينا‏450‏ رسالة ماجستير ودكتوراه في مختلف العلوم التطبيقية رغم الأسي الذي نعانيه فلا تزال لنا أجهزة وأشياء لا نستعملها مخزنة في صناديق بمقر جامعة النيل الذي تحول لأكاديمية زويل رغم أن فريق عمل جامعة النيل الذي يتكون من أساتذة كبار من أرقي الجامعات والمراكز البحثية العالمية الذين تركوا مغريات كثيرة بالخارج وجاءوا لخدمة مصر بعلمهم وهم غاضبون جدا بسبب ما حدث فيكفي أن نعرف أننا خلال‏14‏ شهرا منحنا‏100‏ رسالة ماجستير‏50‏ منهم تم اختطافها من قبل أرقي جامعات العالم بمنح دراسية كاملة لدراسة الدكتوراة بها بعد نشر بحوثهم علي الانترنت‏,‏ ورغم الظروف الصعبة التي نعانيها فمثل هذه النتائج هي ما ترسخ بداخلي الاحساس بالتفاؤل عسي ان يلين الله سبحانه قلب الدكتور زويل ويسمح لنا بالاستمرار‏.‏
‏*‏ وماذا كان رده عليك؟
‏**‏ لم يرد لكن رجاله سبوني رغم اني لم اطلب سوي ال‏10‏ أفدنة التي عليها مبانينا ال‏117‏ فدان الباقون يمكنه ان يفعل بها ما يريد‏,‏ وسوف نستمر في عملنا حتي لو تسولنا وهناك بعض البنوك تساعدنا بالاضافة إلي تبرعات الدكتور علي جمعة‏.‏
‏*‏ وماذا تقول للدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية أستاذ الجامعة بشأن هذا المشروع؟
‏**‏ أقول له انظر لنا نظرة عادلة‏.‏
‏*‏ ختاما نريد معرفة ماذا تم بشأن المجمع العلمي الذي تترأسه بعد ما أصابه من حريق؟
‏**‏ المجمع العلمي أبكاني ما حدث له‏,‏ لكن القوات المسلحة أعادت بناءه وبالنسبة لمحتوياته فهناك‏25‏ ألف كتاب في المكتبة القومية بدار الكتب أحضرنا منها حتي الان‏5‏ آلاف كتاب وبالتدريج سنحضر الباقي كما سافرت فرنسا وزرت وزارة الثقافة بباريس والمكتبة القومية والمجمع العلمي هناك وحصلت علي القائمة الكاملة للكتب التي كانت موجودة وقت انشاء المجمع العلمي المصري وهناك عدد من الشخصيات التي تحب مصر عرضت المساعدة مثل حاكم الشارقة الذي وعد باحضار‏5‏ آلاف من أمهات الكتب في مكتبته ولعل ما حدث يمكن أن يكون انذارا للانتباه إلي هذه المراكز المهمة في تاريخنا‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.