البعنه – الجليل إن الغزو الثقافي والفكري الذي تتعرض له المنطقة العربية من الخارج يجيء ليكمل سلسلة الشقاق والخلاف بين الدول العربية والاسلاميه ، ومساندة الأقليات في داخل بعض الدول العربية والاسلاميه بقصد خلق التفرقة والتشتت القومي في الداخل كل هذا يتم تحت ستار المدنية والحضارة . وأصبح الغزو الثقافيّ يتخذ المرتكزات التالية : 1- تفتيت الوطن العربي والإسلامي وإضعافه . 2- إجهاض كل أشكال التضامن العربي والإسلامي. 3- إذكاء الخلافات العربية – العربية والعربية – الإسلامية . 4- القضاء على التماسك الأخلاقي والاجتماعي وسط الأمة الإسلامية 5- إحكام الحصار على العرب والمسلمين حتى لا يمتلك أي منهم قوة عصرية علمية أو تقنية أو عسكرية أو اقتصادية . 6- التصفية البطيئة لحضورهم الحيوي والثقافي والعقدي. إن واقع الأمة الإسلامية الحالي ليعكس أن الغزو الثقافي قد تمكن من تحقيق جملة من المرتكزات التي استند عليها في حملاته على الأمة الإسلامية. وتظل آثاره شاهدا لقوة وتمكن هذا الغزو . مما تقدم واجب علينا إيجاد إعلام إسلامي هادف فالإعلام الإسلامي هو عملية الاتصال التي تشمل جميع أنشطة الإعلام في المجتمع المسلم، وتؤدي جميع وظائفه المثلى الإخبارية والإرشادية والترويحية على المستوى الوطني والدولي والعالمي، وتلتزم بالإسلام في كل أهدافها ووسائلها وفيما يصدر عنها من وسائل ومواد إعلامية وثقافية وترويحية، وتعتمد على الإعلاميين الملتزمين بالإسلام قولاً وعملاً، وتستخدم جميع الوسائل وأجهزة الإعلام المتخصصة والعامة. ولو نظرنا إلى القرآن الكريم لوجدناه كتاباً سماوياً إعلامياً، تفرد بطريقته في عرض الوقائع وتقرير الأحداث، فله أسلوب خاص في التربية والتعليم والتوجيه والإرشاد، فقد تميز الإعلام القرآني بالبيان المعجز والتنوع في الأداء والواقعية في الحوار والتزام الصدق والمواجهة الصريحة والاهتمام بالسلوك والشمول لمختلف القضايا وتقديم الحقائق العلمية المسلَّم بها. ثم إن الحديث الشريف لا يقلُّ أهميةً عن القرآن الكريم فيما يتعلق بالإعلام الإسلامي، فالرسول صلى الله عليه وسلم يعتبر صاحب الرسالة الإعلامية العالمية الأولى، وهو النموذج المثالي المبلغ لها، وقد استخدم وسائل متعددة في الإعلام أهمها: أولاً: المسجد، وهو يعتبر من أهم وسائل الإعلام الجمعي، فلو قام المسجد برسالته لكان أعظم أجهزة الإعلام الإسلامي، وأكبر دليل على أنه أعظم مؤسسة إعلامية إسلامية عرفها المسلمون، حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على إقامة المسجد الأول في الإسلام في أول يوم وطئت فيه قدمُه ترابَ المدينةالمنورة. ثانياً: الخطبة، سواء كانت خطبة الجمعة أو العيدين أو الكسوفين أو الاستسقاء، وهي نوع من الاتصال الجمعي، اعتمد عليها صلى الله عليه وسلم اعتماداً كبيراً في نشر تعاليم الإسلام، وفي الحث على عمل الخير والتحذير من عمل الشر، لهذا فإن دراسة خطب النبي صلى الله عليه وسلم من الناحية الإعلامية من العناصر الهامة في نظرية الإعلام الإسلامي. ثالثاً: فريضة الحج، وهي من الوسائل الإعلامية الخاصة بالإسلام، والتي لا تناظرها وسيلة أخرى، فالحج هو المؤتمر الإسلامي العالمي الأكبر، يلتقي فيه المسلمون من مشارق الأرض ومغاربها مع اختلاف ألوانهم ولغاتهم وأقطارهم. لقد أصبح الإعلام الإسلامي في هذا العصر فريضة شرعية وضرورة واقعية، وذلك لأن أعداء الإسلام يغزون بلاد المسلمين فكرياً وثقافياً ودينياً عن طريق الإعلام، ويسخٍّرون كافة طاقاتهم وقدراتهم المادية وغيرها خدمة له لتحقيق أهدافهم وطموحاتهم. لهذا أصبح لزاماً على المسلمين أن يعملوا جاهدين بكل ما أوتوا من طاقات وقدرات على إيجاد إعلام إسلامي هادف يهتم بعدة أمور أهمها: أولاً: بيان عقيدة التوحيد والعبودية الحقة الخالصة لله تعالى، وتعاليم الإسلام وآدابه وأخلاقه الكريمة الفاضلة، وتعريف الناس بها وحثهم على فعلها. ونشر الثقافة الإسلامية المؤسَّسة على القيم الدينية والنظم الإسلامية والمعارف العلمية، التي تلبي حاجات الناس واهتماماتهم. والامتناع عن كل ما يمس الآداب العامة أو يوحي بالانحلال الخلقي، أو يرغب في الجريمة والعنف، أو يثير الغرائز والشهوات. ثانياً: إلقاء الضوء على قضايا المسلمين المعاصرة كالقضية الفلسطينية والمذابح التي ارتكبها الصهاينة في دير ياسين وصبرا وشاتيلا وقانا، وما يرتكبونه الآن من جرائم متواصلة، وكذلك القضية العراقية واللبنانية والأفغانية والشيشانية والسورية وغير ذلك من قضايا العالم العربي والإسلامي، وذلك من خلال عرضها بأفلام وثائقية وسينمائية بجميع اللغات، مع تحليلها وإيجاد الحلول الناجحة المناسبة لها. ثالثاً: بيان التحديات التي تواجه الإسلام والمسلمين وخطرها الديني والثقافي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي على الحياة الإسلامية، وتعرية الحضارة الغربية والرأسمالية بمفاهيمها المنافية للإنسانية، وأفكارها القائمة على العلمانية بإقصاء الدين عن سائر مجالات الحياة. رابعاً: إخضاع سائر البرامج الدينية والتاريخية والسياسية والفنية للرقابة الدينية والثقافية، والتدقيق في كل ما يُبث ويُذاع حتى لا تؤدي هذه البرامج إلى نتائج سلبية، وإنما تحقق الهدف والمصلحة المرجوة. خامساً: إصدار صحف ومجلات إسلامية عالمية، ونشر الكتب الدينية التي ألفها العلماء في جميع التخصصات، وكذلك الكتب القصصية والمسرحية الهادفة، وبث قنوات فضائية بمختلف اللغات الأجنبية توضح للرأي العام العالمي تاريخنا الإسلامي المشرق وحضارتنا الثقافية. سادساً: إخراج أفلام ومسلسلات ومسرحيات تليفزيونية إسلامية تعرض الإسلام بجوهره وحقيقته وأصالته، وتعالج قضايا المسلمين المختلفة، وتحكي لنا عن حياة العظماء من القادة والمجاهدين والعلماء، مع مراعاة الدقة العلمية والموضوعية والحفاظ على الضوابط والآداب الإسلامية. سابعاً: المحافظة على اللغة العربية والحرص على سلامتها من الألفاظ والمصطلحات الدخيلة عليها، ونشرها بين أبناء الأمة وخاصة بين الأقليات الإسلامية. ثامناً: الاهتمام ببرامج الأطفال نشراً وإذاعة وبثاً بما يتناسب مع واقع المجتمع العربي والإسلامي وانسجاماً مع تاريخه الحضاري وثقافته الدينية، بهدف إخراج جيل قادر على تحمل المهام والمسئوليات في المستقبل، وإشغاله ببرامج نافعة عن تأثير برامج الثقافة الغربية. وكذلك الاهتمام ببرامج الشباب الخاصة وإجراء حوارات معهم، بمشاركة خبراء مختصين في المجالات التي تعين الشباب على فهم واقع الأمة وما يحاط بها من مكائد ومخاطر، وتحفيزهم على المشاركة الفاعلة والواعية في بناء مستقبل الأمة والنهوض بها. وكذلك الاهتمام ببرامج المرأة وما يخصها في حياتها الأسرية، كتربية الأطفال وتنشئتهم على القيم والأخلاق. وحتى يكون الإعلام ناجحاً لا بد من التأكيد على عدة أمور: 1- ضرورة الإعداد والتأهيل للإعلاميين إعداداً علمياً وفكرياً وتربوياً، حتى يكونوا قادرين على إنجاح مشروع الإعلام الإسلامي. 2- أهمية إقامة مراكز للبحوث والدراسات الإعلامية لمتابعة الواقع الإعلامي وتطويره، حتى تكون مصدر إشعاع ونور، وتنظيم لقاءات دورية داخل كل دولة يلتقي فيها الإعلاميون لمناقشة الموضوعات ذات الاهتمام البالغ، لتوحيد المواقف اتجاه القضايا الإعلامية. 3- ضرورة رصد الجوائز والحوافز المشجعة للإنتاج الإعلامي المتفوق في مختلف فروع الثقافة الإسلامية، مع غرس روح التنافس الإيجابي بين الإعلاميين وبين القنوات الفضائية. 4- وجوب نشر الإعلام الإسلامي في العالم كله على أوسع نطاق ممكن، حتى لا يبقى منغلقاً على نفسه وحتى لا يتسم بالتزمت والانعزالية، مع تطعيمه دوماً بالثقافات المعاصرة التي لا تتصادم مع مبادئ الإسلام ولا تخالف أصوله. 5- ضرورة تصحيح الفهم الخاطئ الذي يعتبر أن التلفاز والسينما والمسرح كلها وسائل محرمة على إطلاقها وعمومها، والذي حمل أصحاب هذا الفهم على تبنيه هو أن هذه الوسائل في معظم البلدان العربية والإسلامية تعرض أفلاماً ومسلسلات ومسرحيات ساقطة، فهذه الوسائل هي جزء من الإعلام والحكم الشرعي يبنى على ما يُبث ويُذاع فيها.