إيزادورا .. إنها فاتنة عميد الأدب العربى، الدكتور طه حسين، إنها تلك الفتاة الصغيرة التى يعود تاريخ ميلادها ورحيلها لأكثر من 2300 عام مضت .. لم تكن أسطورة وإنما كانت قصة حقيقية لفتاة بلغت من العمر 18 عاما فقط.. دارت قصتها فى محافظة المنيا فى مدينة تونا الجبل، كانت إيزادورا هى ابنة الحاكم الذى عشقت شابا جميلا من الشعب ولكن أباها رفض زواجها فى البداية ثم وافق وفى أحد الأيام ذهبت لرؤيته وسعت لعبور النيل إلى ضفته الشرقية فاختل توازنها وغرقت .. ومن فرط حزن أبيها فقد قام بتحنيط جسدها وبقيت المومياء شاهدة على واحدة من أغرب قصص الحب فى مصر القديمة .. الطريف فى الأمر أن المومياء التى بقيت على سرير جنائزى فى مقبرة صغيرة بتونا الجبل كانت تمثل مصدرا للإلهام للدكتور طه حسين لدرجة أنه أقام استراحة له بجوارها وكتب عنها كثيرا . لكن من عجائب هذا القصة أن مومياء شهيدة الحب وأميرة مدينة الأحياء "تونا الجبل" لاتزال موجودة لكل من يريد أن يراها محنطة ومحفوظة داخل لفافة بيضاء فى مقبرة أشبه بالمعبد الصغير وذلك منذ ما يقرب من 2350 عاما ففى هذا المكان تقع مقبرة "إيزادورا" كما تقع عدة مقابر وبيوت جنائزية أخرى وفى هذا المكان أيضا أنشأ الدكتور طه حسين استراحة خاصة به كان يقيم بها ثلاثة أشهر فى الشتاء بعيدا عن زحام الحياة وكان السر فى عشقه لهذا المكان هو مومياء "إيزادورا" حيث يروى الدكتور زاهى حواس فى تأريخه لهذه القصة العجيبة أن عميد الأدب العربى كان يجلس في الحديقة الخاصة بالاستراحة قبيل غروب الشمس بنصف ساعة ثم يتوجه إلي مقبرة الجميلة إيزادورا لينير "المسرجة" الموجودة داخل المقبرة وبها الزيت والفتيل. وعندما سألوه عن سبب قيامه بذلك حكي لهم عن قصة هذا الشاب الذي وقع في غرام إيزادورا ويعيش في قرية أخرى وكانت إيزادورا محبوبة جدا من والدها لأقصي درجة حيث اعتبرها بمثابة رمز للجمال والطيبة والحياء وكانت قصة الحب مثار حديث أهل القرية وتقدم الشاب إلي والد إيزادورا يخطبها ووافق الوالد علي الخطبة وبينما كانت إيزادورا تعبر النيل في قارب صغير لكي تلاقي حبيبها انقلب القارب وابتلعها . وبعد ذلك قام والدها ببناء هذه المقبرة الرائعة وذلك في القرن الثاني الميلادي ونقش عليها باليونانية شعرا يحكي قصة حياتها ومماتها وذكر صفاتها الحسنة من البراءة وفعل الخير، أما الغريب فكان أمر حبيبها الذي كان يسير كل يوم لمسافة 8 كيلو مترات لزيارة مقبرة حبيبته ويضيء الشموع كشاهد علي حبها الخالد.. وظل علي هذا الحال إلي أن مات وكان يخلد شعره علي جدران مقبرة حبيبته.. وما كان من طه حسين إلا أنه يحيي ذكري قصة حب لم تكتمل وكان يتصور أنه بمجرد إضاءة مسرجة مقبرة إيزادورا يحيي ذكري حبيبها. تتجدد هذه القصة مرة أخرى بعد قيام وزارة الثقافة بإعادة إحياء استراحة الدكتور طه حسين بجوار مقبرة إيزادورا وتحويلها لمتحف ثقافى يضم مقتينات عميد الأدب العربى.