( إيزادورا) أو هبة ايزيس باللغة الفرعونية رمز الحب الطاهر الذى نشأ على شاطئ نهر النيل منذ نحو 2135 عاما، وتحديدا فى منطقة الشيخ عبادة حاليا ،حيث كان والدها حاكم إقليم فى (انتيوبوليس ) إلمنيا حاليا ،وهو الإقليم( 15 ) فى مصر وقتها، وترجع أصوله لأسرة إغريقية ،وبدأت قصة (إيزادورا ) بأن خرجت ذات مرة للمشاركة فى أحد احتفالات ( تحوت) رمز الحكمة والقلم ،ورب القمر فى مصر القديمة ،وكان القمر ملقيا بظلاله الفضية على صفحة النيل عندما كانت تعبر بالقارب إلى جهة الغرب فأصابها سحر الحب والجمال ،فهى فى أولى خطوات الأنوثة اليانعة بعد أن تخطت سن السادسة عشرة ،وما أن وضعت قدميها على الأرض وانضمت للحفل حتى أصابتها عيون الحب من ضابط بالجيش المصرى يسمى:( حابى ) الذى تعلقت به ووقع فى حبها ،وأسرجمالها الفتان ، لتبدأ أول قصة مصورة ومسجلة فى التاريخ الفرعونى ،ولكن ( حابى ) كان من عامة الشعب ولم يكن من أسرة ارستقراطية مثل أسرتها ،فالقلب والحب لا يعرفان الفوارق الاجتماعية ،فكانا يتقابلان ، هى تعبر النهر إلى الغرب حيث مدينة (خمنو) وهى الأشمونين حاليا لقضاء وقت سعيد مع حبيبها ،وفى أيام أخرى يختلق الظروف لمقابلتها بجانب الحدائق الواسعة المحيطة بقصر الأمير والدها ،واستمر هذا الحب الرقيق بين القلبين العاشقين نحوثلاث سنوات، حتى اكتشف والدها هذه العلاقة ،فمنعها من مقابلة حابى ، وأمر حراسه بمراقبتها حتى لا تقابل حبيبها ،فأحست (إيزادورا) بالإختناق والضيق ،ووجدت أن الحياة بلا معنى بدون (حابى) الذى أسر قلبها ، واستطاعت خداع الحراس وعبرت إلى الغرب حيث الحبيب فى انتظارها وقضت معه ساعات من مناجاة القلب وسعادته ،وعند عودتها تخيلت أن هذا هو آخر لقاء بحبيبها ،وأن الدنيا السعيدة تسربت منها ، فوجدت أن تلقى بنفسها فى منتصف النهر المقدس لتكون آخر لحظاتها فى الحياة هى لقاء الحبيب ، وغاصت به لتكون أول شهيدة للحب فى التاريخ الفرعونى . يقول الدكتور عبد الحليم نور الدين أستاذ التاريخ الفرعونى : إن إيزادورا بعد أن غرقت أصابت الفاجعة الأب فرثاها فى مرثية شعرية كتبت باليونانية على جدران مقبرتها،والتى مازالت تضم رفاتها ، حيث بنى لها قبرا يليق بقيمتها وبطراز فريد من نوعه مازال موجودا حتى الآن بمنطقة تونة الجبل ،وأصيب (حابى) الحبيب المكلوم فى قلبه وحبه بصدمة جعلته يفكر فيها كل لحظة ، فيعبر النهر كل ليلة ليضئ شمعة على مقبرتها وليؤنس روحها ،بينما خط والدها على جدران المقبرةالمرثيتين الطويلتين بحائط بمدخل الحجرة الثانية والمسجى به جسدها بدأها بقوله : ( أيتها الصغيرة الجميلة ....أيتها الطيبة البريئة ...والزهرة الناضرة ...التى ذبلت فى ربيع العمر ...ياملاكى الطاهر الذى رحل ..دون وداع..) يذكر أن مقبرة (إيزادورا)بنيت من طراز فريد فهى برقم (1) بين مقابر (تونا الجبل )بمحافظة إلمنيا فى جنوب مصر ،وتبدو كما لوكانت منزلا على الطراز الجنائزى المصرى مقام من الطوب اللبن المحروق ،ومغطى جدرانه بالكامل بمادة الجص الأبيض من الخارج والداخل ،ويكون الصعود له ببعض السلمات ،والتى تؤدى إلى مذبح صغير ، يقع خلفه مدخل المقبرة المكونة من حجرتين ،وعلى جانبى المدخل المؤدى للحجرة الثانية حيث يسجى الجثمان الطاهر فوق سرير جنائزى فاخر ،وهو مكون من بناء مرتفع قليلا من اللبن طوله متران به عمودان ، ويعلوه نموذج على شكل قوقعة مغطاة بالجص ،أقامت عليه وزارة الآثار فاترينة ،وحددت سنة البناء فى عام 120 قبل الميلاد والتى واكبت عصر الامبراطور هادريان (138-117) قبل الميلاد . ويذكر بعض الأدباء منهم الدكتور محمد مندور أن الدكتور طه حسين تأثر بشدة بقصة (إيزادورا) ،فكانت محور شخصيات فى قصصه ،واختار استراحة لإقامته شتاء بالقرب منها ، إعزازا لقيمتها الإنسانية والتاريخية .