تكلمنا في الاسبوع الماضي عن محاكمة الشيخ علي عبد الرازق بسبب كتابه " الإسلام وأصول الحكم " والذي أثار ضجة بسبب آرائه في موقف الإسلام من "الخلافة" .. وكيف اجتمعت هيئة كبار العلماء برئاسة شيخ الأزهر محمد أبو الفضل وقررت نزع شهادة العالمية من الشيخ ومحو اسمه من سجلات الجامع الأزهر .. وتوقفنا عند ما قاله مفتي الديار المصرية وقتها الشيخ محمد بخيت المطيعي بأن الشيخ علي عبدالرازق ليس مؤلف الكتاب اصلاً وإنما سرقه ووضع اسمه عليه .. وهنا ظهر اسم مستشرق إنجليزي يهودي اسمه "مرجليوث".. واسمه بالكامل ديڤيد صمويل مرجليوث وولد عام 1858 وتوفي عام 1940، ورغم أنه أحد الذين كتبوا دائرة المعارف الإسلامية .. لكنه كان متعصباً ضد الإسلام ومتهم بالتهويل وعدم التوثيق فيما يخص التاريخ الإسلامي، والغريب أن له مؤلفاته شهيرة في السيرة النبوية.. لكن البعض يحسب له اهتمامه بالتراث العربي ونشره لكتاب معجم الأدباء لياقوت الحموي ورسائل أبي العلاء المعري، وقد أهدي له أمير الشعراء أحمد شوقي قصيدة النيل،وسرت شائعات وقت أزمة الشيخ علي عبد الرازق بأن مرجليوث هو مؤلف كتاب " الإسلام وأصول الحكم " لأن بلاده بريطانيا كانت في حرب مع تركيا.. وقد أعلن الخليفة العثماني الجهاد الديني ضدها.. والنصوص في الكتاب قاطعة بأنه كان موجهاً ضد الخلافة العثمانية.. كما أن كثيراً من الآراء بالكتاب تتطابق مع أفكار ومؤلفات مرجليوث، وحسبما تروي الحكاية المتداولة في أوروبا.. فإنه بعدما أعلن الخليفة العثماني الجهاد الديني.. كانت بريطانيا تخشى ثورة المسلمين الهنود .. فكلفت المخابرات البريطانية أحد المستشرقين الإنجليز بأن يضع كتاباً يهاجم فيه الخلافة وينفي علاقتها بالإسلام ويشوه تاريخها، وقيل إن الشيخ علي عبد الرازق اطلع على هذا الكتاب فقام بترجمته ، لكن لأسباب غير واضحة تم نسب الكتاب نفسه إليه .. خاصة مع دفاعه المستميت عن محتواه ، كما انه أضاف إلي الكتاب الأصلي - حسب الرواية الغربية - بعض الأشعار أو الآيات القرآنية والهوامش والفقرات، لكن الغريب في هذه القصة كلها ان علي عبد الرازق عندما فعل كل ذلك.. كان قاضياً شرعياً ، لكن بمناسبة الكلام عن مرجليوث.. وبعد الضجة التى اثارها الشيخ علي عبد الرازق.. جاء في مجلة "رسالة الإسلام" عدد مايو سنة 1951 ان الشيخ وصف تلفظه بعبارة "الإسلام مجرد رسالة روحية" بأنها عبارة ألقاها الشيطان على لسانه، وتراجع تماماً عن كل افكاره، وبمناسبة مرجليوث.. في تلك الفترة كان هناك كتاب آخر أثار ضجة كبري لعميد الأدب العربي الدكتور طه حسين اسمه "في الشعر الجاهلي" صدر في عام 1927 ، وبسببه تعرض طه حسين لمتاعب أكبر من مشاكل الشيخ علي عبد الرازق.. فقد قام البعض ب"تكفيره" ليس فقط لأنه اعتبر ما بقي من الشعر الجاهلي الصحيح قليل جدا وأن اشعار امرئ القيس أو طرفة بن العبد أو عمرو بن كلثوم أوعنترة من "انتحال الرواة واختلاق الأعراب أو اختراع المفسرين والمحدثين" ..لكن لتعرضه للقرآن الكريم أيضاً ولشخص النبي عليه الصلاة والسلام بشكل اعتبروه متجاوزاً لأنه يقدم طريقة غير معتادة في نقد اللغة العربية، لكن العجيب أن مرجليوث كتب بحثاً نشرته مجلة الجمعية الملكية الآسيوية في عام 1926 بنفس أفكار كتاب طه حسين!