هاهى مصر تغزل اسمها من جديد، هاهم أولادها يغزلون اسم نصر جديد يعزفون سيمفونية النصر، أنشودة التاريخ، لتبقى مصر الكبيرة العظيمة عظيمة كما هى، ضخمة فخمة بروح أولادها المخلصين، هاهى مصر من جديد تقول للتاريخ: إن النصر لنا، والحضارة لنا، والسيادة لنا، نحن ملوك أفريقيا بلا منازع، سنوات طويلة، بعيدة ستتربع مصر على قمة أفريقيا الكروية، أجيال ستأتى وبعدها أجيال يقسمون بهذا الجيل، لاعبين ومدربين وجماهير ولن يلحقنا أحد، لأننا خلقنا لنكون فى الصدارة، لا يلحق بنا أحد لأننا مصر! (1) فى تلك الدورة هناك دروس كثيرة علمناها للعالم، فريق كروى كبير يأتى وفى جعبته بطولتان سابقتان لأفريقيا، ومعهما جرح، جرح الخروج من نهائيات كأس العالم، جرح مباراة الجزائر الشهيرة، وهنا تظهر الشخصية المصرية العظيمة، جين الإمبراطورية المصرية المغروس فى جسد كل المصريين، القادة منهم والعامة، مصر تتسيد وتصبح إمبراطورية ويظهر البطل حسن شحاتة زعيم ذلك النصر، ثم يبلى بهزيمة مفاجئة وننكسر ونتحسر ونبكى وخرجنا بجرح كأس العالم على يد الجزائريين، وفى لحظة اليأس والإحباط يقوم البطل من جديد، وينتصر وانتصار الثأر للمصريين بعد الهزيمة، لابد أن يكون نصره مفاجئا وقويا وغير متوقع وثأريا ومذلا للمنافس، هكذا تجلت الإمبراطورية المصرية فى مباراة الجزائر. سعدت جدا مع شىء من الخوف عندما تمنى لاعبو مصر أن يلاقوا الجزائر قبل النهائى، روح التحدى وروح النص روح الأخذ بالثأر، وكانت المفاجأة بمجرد نزول اللاعبين لأرض الملعب فى مباراة الجزائر، رأيت فى عيون الولاد السمر الشداد، روح التحدى والانتصار، راجع المباراة جيدا ولاحظ طريقة سلام أحمد حسن كابتن الفريق على كابتن الجزائر، بعد إجراء القرعة سلام التحدى، بوجه غاضب وثائر بوجه النصر، ولاحظ مرة أخرى عندما احتسب الحكم ضربة الجزاء الأولى، لم يفرح اللاعبون كالعادة، بل كانوا فى هدوء لأنهم يقولون للعالم مازال عندنا الكثير، المباراة لم تنته بعد، الثأر مازال يغلى فى القلوب، والانتصار الكبير قادم، لذلك هزمنا الجزائر بهزيمة كبيرة كطبيعة الشخصية المصرية! (2) طوال الدورة ولاعبو مصر يقولون للعالم إننا الأفضل، إننا الأحق، إننا العظماء، لذلك كانت روح البطل تطفح على كل وجوه اللاعبين، لذلك لم نهزم فى مباراة، ولم نتعادل، لأن البطل لا يهزم، البطل لا يتعادل. البطل يقول للعالم ولكل الفرق، إنه لا وقت للهزار، عندنا هدف نحققه عندنا بطولة هى الأهم فى التاريخ لنا لنفوز بها، لذلك هزمنا كل الكبار: نيجيريا والكاميرون والجزائر وفى النهائى غانا، وكلها فرق تأهلت لكأس العالم، وكنا الأعظم، وكنا الأكبر، وكنا المدرسة، لذلك فزنا بالبطولة للمرة الثالثة على التوالى، بلا خوف، بلا رهبة، عندنا هدف وأحرزناه. (3 ) حسن شحاتة العظيم، أعظم ما أنجبت الكرة المصرية فى تاريخها لاعبا وأعظم مدرب لمنتخب مصر فى تاريخها، الرجل لم يدخل بطولة أفريقية،إلا فاز بها وأحصاها، صائد البطولات، كان سلاحه، الله والحب والأبوة والعدل، ذلك المربع الرهيب عندما يتوافر للمصريين، لابد أن يتسيدوا العالم ويغزلوا البطولات الرهيبة، فى سابقة هى الأولى من نوعها، كان المعلم واثقا من اقترابه من الله، واثقا فى عدله مع اللاعبين، لا أحد يتذمر، لا أحد يعترض، العدل هو السر، كان المعلم كبيرا وهو يمارس دور الأب على اللاعبين، يلعبون من أجله ومن أجل بلدهم، من أجل النصر، وكان الحب بين اللاعبين واضحا وظاهرا، منتخب الساجدين الحب كان يجمعهم، لذلك نجح المعلم حسن شحاتة ووفى بوعده. ثم كان الصغير المكير الجميل الشيك جدو لاعب مصرى من طراز فريد، رزقه فى أنجولا، لاعب مغمور فى مصر هاجمه النقاد وهاجموا حسن شحاتة لاختياره لأنه غير معروف، لكن للمعلم نظرة لأنه لاعب كبير فى الأصل، وكان جدو على موعد مع رزقه الواسع فى أنجولا، ما أحرزه جدو فى المباريات بعدد الدقائق التى لعب فيها، بعدد دول لعبت كل المباريات وأحرزت أهدافا أقل، ذلك الشاب المصرى الجميل، سطر بطولة جديدة بمفرده، انفراد جديد، فى كل مباراة هدف ويجرى فارداً ذراعيه لمصر لأنه أحرز هدفاً لها، كان جدو درساً للمصرى العنيد الذى لا يقهر، المصرى صاحب الإرادة وروح الفوز، لذلك حملته الملايين كبطلهم، كلهم كانوا أبطال، زيدان بلدياتى، والحضرى السد العالى، وغيرهم كلهم ومعهم المعلم ورفاقه أعطوا لنا درساً فى البطولة، لتصبح مصر العظيمة حديث العالم، ولتبقى يامصر عظيمة زى ما أنت، كبيرة زى ما أنت، تغزلين حروف اسمك بكلمات النصر.