فصل مؤقت للكهرباء عن مناطق بالحي الترفيهي في العبور لأعمال صيانة اليوم    لازاريني: 1.6 مليون شخص فى غزة يعانون انعدام الأمن الغذائى    د. خالد سعيد يكتب: ماذا وراء تحمّل إسرائيل تكلفة إزالة أنقاض غزة؟!    الأرصاد توجه تحذير شديد اللهجة من «شبورة كثيفة» على الطرق السريعة    ذكرى ميلاده ال95.. صلاح جاهين يصرخ عام 1965: الأغنية العربية في خطر!    «ترامب» يعلن حربًا مفتوحة على داعش.. ضربات عنيفة تستهدف معاقل التنظيم في سوريا    غارات أمريكية مكثفة على تنظيم داعش | وزير الحرب يصف العملية بأنها إعلان انتقام.. وترامب يؤكد استمرار الضربات القوية بدعم الحكومة السورية    حي غرب الإسكندرية يشن حملة مكبرة لإزالة المخالفات ورفع 233 طن مخلفات    مقتل عروس المنوفية.. الضحية عاشت 120 يومًا من العذاب    وزير الدفاع الأمريكى: بدء عملية للقضاء على مقاتلى داعش فى سوريا    ستار بوست| أحمد العوضي يعلن ارتباطه رسميًا.. وحالة نجلاء بدر بعد التسمم    ماذا يحدث لأعراض نزلات البرد عند شرب عصير البرتقال؟    بعض الأهالي سلموا بناتهم للجحيم.. القضاء يواجه زواج القاصرات بأحكام رادعة    المسلسل الأسباني "The Crystal Cuckoo".. قرية صغيرة ذات أسرار كبيرة!    إرث اجتماعي يمتد لأجيال| مجالس الصلح العرفية.. العدالة خارج أسوار المحكمة    محمد عبدالله: عبدالرؤوف مُطالب بالتعامل بواقعية في مباريات الزمالك    القبض على إبراهيم سعيد وطليقته بعد مشاجرة فى فندق بالتجمع    كيف تُمثل الدول العربية في صندوق النقد الدولي؟.. محمد معيط يوضح    إصابة 4 أشخاص في انقلاب موتوسيكل بطريق السلام بالدقهلية    مصرع شاب على يد خاله بسبب نزاع على أرض زراعية بالدقهلية    موهبة الأهلي الجديدة: أشعر وكأنني أعيش حلما    الولايات المتحدة تعلن فرض عقوبات جديدة على فنزويلا    الأنبا فيلوباتير يتفقد الاستعدادات النهائية لملتقى التوظيف بمقر جمعية الشبان    مواقيت الصلاه اليوم السبت 20ديسمبر 2025 فى المنيا    مصر للطيران تعتذر عن تأخر بعض الرحلات بسبب سوء الأحوال الجوية    محمد معيط: لم أتوقع منصب صندوق النقد.. وأترك للتاريخ والناس الحكم على فترتي بوزارة المالية    بحضور رئيس الأوبرا وقنصل تركيا بالإسكندرية.. رحلة لفرقة الأوبرا في أغاني الكريسماس العالمية    محمد معيط: أتمنى ألا تطول المعاناة من آثار اشتراطات صندوق النقد السلبية    شهداء فلسطينيون في قصف الاحتلال مركز تدريب يؤوي عائلات نازحة شرق غزة    الغرفة الألمانية العربية للصناعة والتجارة تطالب بإنهاء مشكلات الضرائب وفتح استيراد الليموزين    السفارة المصرية في جيبوتي تنظم لقاء مع أعضاء الجالية    أرقام فينشينزو إيتاليانو مدرب بولونيا في آخر 4 مواسم    منتخب مصر يواصل تدريباته استعدادًا لضربة البداية أمام زيمبابوي في كأس الأمم الأفريقية    ضربتان موجعتان للاتحاد قبل مواجهة ناساف آسيويًا    حارس الكاميرون ل في الجول: لا يجب تغيير المدرب قبل البطولة.. وهذه حظوظنا    مدرب جنوب إفريقيا السابق ل في الجول: مصر منافس صعب دائما.. وبروس متوازن    فوز تاريخي.. الأهلي يحقق الانتصار الأول في تاريخه بكأس عاصمة مصر ضد سيراميكا كليوباترا بهدف نظيف    وزير العمل يلتقي أعضاء الجالية المصرية بشمال إيطاليا    زينب العسال ل«العاشرة»: محمد جبريل لم يسع وراء الجوائز والكتابة كانت دواءه    محمد سمير ندا ل«العاشرة»: الإبداع المصرى يواصل ريادته عربيًا في جائزة البوكر    كل عام ولغتنا العربية حاضرة.. فاعلة.. تقود    إقبال جماهيري على عرض «حفلة الكاتشب» في ليلة افتتاحه بمسرح الغد بالعجوزة.. صور    أخبار × 24 ساعة.. رئيس الوزراء: برنامجنا مع صندوق النقد وطنى خالص    روبيو: أمريكا تواصلت مع عدد من الدول لبحث تشكيل قوة استقرار دولية في غزة    الجبن القريش.. حارس العظام بعد الخمسين    التغذية بالحديد سر قوة الأطفال.. حملة توعوية لحماية الصغار من فقر الدم    جرعة تحمي موسمًا كاملًا من الانفلونزا الشرسة.. «فاكسيرا» تحسم الجدل حول التطعيم    كيفية التخلص من الوزن الزائد بشكل صحيح وآمن    أول "نعش مستور" في الإسلام.. كريمة يكشف عن وصية السيدة فاطمة الزهراء قبل موتها    الداخلية تنظم ندوة حول الدور التكاملي لمؤسسات الدولة في مواجهة الأزمات والكوارث    «الإفتاء» تستطلع هلال شهر رجب.. في هذا الموعد    10 يناير موعد الإعلان عن نتيجة انتخابات مجلس النواب 2025    المهندس أشرف الجزايرلي: 12 مليار دولار صادرات أغذية متوقعة بنهاية 2025    النتائج المبدئية للحصر العددي لأصوات الناخبين في جولة الإعادة بدوائر كفر الشيخ الأربعة    في الجمعة المباركة.. تعرف على الأدعية المستحبة وساعات الاستجابه    للقبض على 20 شخصًا عقب مشاجرة بين أنصار مرشحين بالقنطرة غرب بالإسماعيلية بعد إعلان نتائج الفرز    داليا عثمان تكتب: كيف تتفوق المرأة في «المال والاعمال» ؟    هل يجوز للمرأة صلاة الجمعة في المسجد.. توضيح الفقهاء اليوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأزمة
نشر في نقطة ضوء يوم 15 - 04 - 2016

أزمة الصحافة التي تشمل الصحافة كلها تكاد تكون صامتة، إذ ان الضجة التي تتصاعد حولها هي أقرب إلى ان تكون خرساء. انها تنكسر في الضجيج العام ولا ترتفع الا لتعود فتتبدد بدون أن يتردد صداها أو يبقى لها، على الأقل هذا الصدى. أزمة الصحافة قد تكون انذاراً لمن لا يتصورون لبنان بدون صحف، وقد تكون نذيراً لمن يتوقعون الأسوأ، لكن من العبث أن ننتظر أن تسفر هذه الضجة عن جواب أو حل. كثيرون لا يفعلون سوى انتظار أن تتوسع الفضيحة وان تنكشف خباياها، كثيرون ينتظرون ان يتداعى البلد وتتداعى معه أركانه ومقوماته. فقد بني بالنسبة لكثيرين على خطأ بل على أخطاء وها قد آن الأوان لترتد أخطاؤه عليه، بل آن الأوان ليغرق في مساوئه، وليس الصراخ في محله ولا التحسر فما نراه هو ثمرة ما صنعناه بأيدينا وما تركناه ينمو ويكبر.
كثيرون يفكرون عن حق بأن الصحافة تحصد الآن ما زرعته منذ تأسيسها وتكوّنها. لقد كانت منذ ذلك الحين على مثال لبنان تنقسم بانقساماته وتتأثر بما يتأثر به، بل كان لها نفس انقياده للخارج أو انقياداته للخارج ولكل خارجه وكل بحسب خارجه. وبالطبع فإن هذا الارتهان يشمل فيما يشمل التمويل والدعاوة والخط. لا بد أن كثيرين رأوا أن الصحافة فيما أصابها الآن تلقى جزاءها عليها وحدها. كثيرون يجدون في هذه المحاكمة قدراً من الصواب وربما يجدون فيها شيئاً من تأنيب النفس وافتضاحها وهذا بالنسبة لهم نصاب الحقيقة وعينها. الحقيقة وان أوجعت لا مرد عنها، من الأفضل ان نعرفها وان نقف عندها وان نتحمل آلامها فهذا خير من غش النفس ومواربتها، وهذا أجدى من الخلط والتمويه.
المسألة اذن بهذه البساطة لكن الصحافة على مثال لبنان، هي مثله في انقساماتها وهي مثله في توزعه وتطيفه، ومثله في انكشافها للخارج وهي مثله في ارتباطاتها وانقياداتها وهي مثله في تمويلها ودعاوتها وخطوطها. الصحافة على مثال هذا البلد وعلى غراره، افنسلم، والبلد هكذا، بانتهاكه وتجويفه وارتهانه، افنسلم بالاعتداء عليه والعبث به، انسلم بانهياره وتداعيه إن علمنا حق العلم انه يتداعى من نفسه ومن أسسه ومن مقوماته، وان ما ينهار هو ما قام عليه وما بني فوقه. لا نكف عن استدعاء الخارج عند أي مسألة ولا نكف عن ان نرى الخارج في كل مسألة وليس اللبنانيون بالنسبة لكثيرين سوى أدوات، وليسوا بالنسبة لكثيرين سوى مرتزقة، ثم ان البلد أجزاء لا تلتقي على شيء ولا تجتمع على شيء ولكل منها ظهير أجنبي ترجع إليه وربما تقدمه على نفسها، او تقدمه على مصلحة البلد ان كانت له مصلحة. أفيعني ذلك رضانا بالأزمة بل وتوكيدنا عليها. هل يعني الاكتفاء بالعبرة والدرس اللذين يقولان ان ما جرى لنا صنعناه بأيدينا وأننا نستحقه وأنه جزاء عادل كما اقترفناه ونقترفه، وأذنبنا به ولا نزال نذنب. هل نرضى بهذه العدالة وهل نعينها على أنفسنا. أم ان هذا بلدنا أولاً وفيه مستقبلنا وحاضرنا ولسنا نبيعه بلحظة غضب ولحظة احتجاج وما أكثرها. هذا بلدنا ونعرفه ورغم كل شيء ومع كل شيء لا نبيعه بحكم أخلاقي مهما كان عادلاً وصحيحاً. نعرف خفاياه وخطاياه يمكننا أن نحملها على رؤوسنا، وبدون ان نتبناها أو نقرها، وبملء الغضب منها وعليها، نعرف ان لدينا ما نحبه ونحرص عليه في هذا البلد، وأننا لا نتركه فريسة لذابحيه ولا لغادريه.
هل نفكر مع ذلك بأن لانقسام البلد وتورعه صلة بتعدد اللغات فيه، هل نفكر بأن لهذا أيضاً صلة بنوع الحريات الشخصية التي يتمتع بها اللبناني، هل نجد ان هذه الصلة المرذولة بالخارج قد تكون وراء تميز ثقافي وتميز حضاري ينسب لبنان إليهما. هل نجد ان للانقسام الذي يسبب حروباً أهلية متلاحقة متواترة صلة بالديموقراطية اللبنانية التي لا تزال حتى بعد الربيع العربي الديموقراطية الوحيدة في دنيا العرب. لا أقول هذا لأبارك الانقسام وبالطبع المداخلات الخارجية ولكن لأقول ان هذا الوضع بكل ما فيه هو الذي أنتج هذا البلد الذي يستحق ان ندافع عنه ولأقول أن الالتباس هو وضعنا الطبيعي وأن إشكالية هذا الوضع هي حقيقته.
والصحافة، لنعد للصحافة وما زلنا على كل حال فيها، تلك الصحافة التي على مثال لبنان، التي نجد كل يوم من يعيب عليها انحيازاتها المحلية والخارجية الاضطرارية لأسباب أكثر من معروفة، أليست وحدها الصحافة الحرة في كل المحيط العربي، اذ استكثر البعض كلمة صحافة حرة عليها، أفليست وحدها الصحافة بمعناها الفعلي وهل تسمى صحافة تلك الصحف التي هي السنة أحزاب وطغم حاكمة في المنطقة. إذا كان الانقسام وربما الاعتماد على الخارج وفّرا لهذه الصحافة أن تكون متعددة وأن تكون عيناً نقدته ولو من زاوية واحدة، أو زوايا واحدة. وأن تعطي مثلاً على التصدي للسلطة وعلى تتبع مساوئها فتكون في محلها الحقيقي، محل المعارضة مهما كانت ميولها وانحيازاتها ثم أن هذه الصحافة أيا كان رأينا لعبت دوراً في تكوين النخب وفي الثقافة العامة، إذ اننا لا نستطيع أن نتخيل لبنان الاستقلال ولبنان المراحل الأولى بدون جريدة النهار، ولا نستطيع ان نتخيل لبنان ما بعد ال67 وقيام اليسار الجديد بدون جريدة السفير.
لا معنى لأن نعتبر الأزمة الحالية بديهية وأن نردها فقط إلى نشأتها وجذورها، ان أزمة الصحافة فوق كونها جزءاً من أزمة البلد وربما أزمة المنطقة، هي أزمة تشير إلى انعدام دور النخب وتراجع الثقافة المشتركة. الأمر الذي يعني ان لبنان الذي كان في طريق الدولة والاندماج الاجتماعي قد ضاع كليا عن هذا الطريق وهو الآن في حال من التذرر والتداعي. ان فقدان الصحافة يعني توقف تجربة بناء تاريخ مشترك، بل بناء تاريخ أي تاريخ، كما نعني ان المشروع اللبناني، مشروع التعدد والتحديث والديموقراطية قد باء بالفشل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.