وفد قطري يتوجه إلى القاهرة لاستئناف المفاوضات بشأن اتفاق هدنة في غزة    شبورة مائية وأمطار خفيفة.. الأرصاد تكشف أبرز الظواهر الجوية لحالة الطقس اليوم الثلاثاء 7 مايو 2024    ياسمين عبد العزيز تكشف عن سبب طلاقها من أحمد العوضي    3 شهداء في قصف إسرائيلي استهدف منزلًا لعائلة "الدربي" غرب مدينة رفح    ضابط شرطة.. ياسمين عبد العزيز تكشف حلم طفولتها وعلاقته بفيلم «أبو شنب»    صدقي صخر: تعرضت لصدمات في حياتي خلتني أروح لدكتور نفسي    ميلكا لوبيسكا دا سيلفا: بعد خسارة الدوري والكأس أصبح لدينا حماس أكبر للتتويج ببطولة إفريقيا    خبير لوائح: أخشي أن يكون لدى محامي فيتوريا أوراق رسمية بعدم أحقيته في الشرط الجزائي    شبانة ينتقد اتحاد الكرة بسبب استمرار الأزمات    سعر الحديد والأسمنت اليوم في مصر الثلاثاء 7-5-2024 بعد الانخفاض الأخير    مصر تستعد لتجميع سيارات هيونداي النترا AD الأسبوع المقبل    وصول بعض المصابين لمستشفى الكويت جراء استهداف الاحتلال حي التنور شرق رفح    وسائل إعلام أمريكية: القبض على جندي أمريكي في روسيا بتهمة السرقة    رامي صبري يحيي واحدة من أقوى حفلاته في العبور بمناسبة شم النسيم (صور)    كاسونجو يتقدم بشكوى ضد الزمالك.. ما حقيقة الأمر؟    العاهل الأردني: الهجوم الإسرائيلي على رفح يهدد بالتسبب في مجزرة جديدة    كريم شحاتة: كثرة النجوم وراء عدم التوفيق في البنك الأهلي    صدقي صخر يكشف مواصفات فتاة أحلامه: نفسي يبقى عندي عيلة    أمين البحوث الإسلامية: أهل الإيمان محصنون ضد أى دعوة    وكيل صحة قنا يجري جولة موسعة للتأكد من توافر الدم وأمصال التسمم    لا تصالح.. أسرة ضحية عصام صاصا: «عاوزين حقنا بالقانون» (فيديو)    عيار 21 الآن بعد الارتفاع الأخير.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الثلاثاء 7 مايو بالصاغة    مصرع سائق «تروسكيل» في تصادم مع «تريلا» ب الصف    صندوق إعانات الطوارئ للعمال تعلن أهم ملفاتها في «الجمهورية الجديدة»    عملت عملية عشان أخلف من العوضي| ياسمين عبد العزيز تفجر مفاجأة.. شاهد    صليت استخارة.. ياسمين عبد العزيز تكشف عن نيتها في الرجوع للعوضي |شاهد    التصالح في البناء.. اليوم بدء استلام أوراق المواطنين    النيابة تصرح بدفن 3 جثامين طلاب توفوا غرقا في ترعة بالغربية    مصرع شخص وإصابة 10 آخرين في حادثين منفصلين بإدفو شمال أسوان    اللواء سيد الجابري: مصر مستمرة في تقديم كل أوجه الدعم الممكنة للفلسطينيين    وفد قطري يتوجه للقاهرة لاستئناف المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس اليوم    الدوري الإنجليزي، مانشستر يونايتد يحقق أكبر عدد هزائم في موسم واحد لأول مرة في تاريخه    مصر للطيران تعلن تخفيض 50% على تذاكر الرحلات الدولية (تفاصيل)    برلماني يطالب بإطلاق مبادرة لتعزيز وعي المصريين بالذكاء الاصطناعي    عاجل - تبادل إطلاق نار بين حماس وإسرائيل قرب بوابة معبر رفح    القومية للأنفاق تبرز رحلة بالقطار الكهربائي إلى محطة الفنون والثقافة بالعاصمة الإدارية (فيديو)    "يا ليلة العيد آنستينا وجددتي الأمل فينا".. موعد عيد الأضحى المبارك 2024 وأجمل عبارات التهنئة بالعيد    العمل العربيَّة: ملتزمون بحق العامل في بيئة عمل آمنة وصحية كحق من حقوق الإنسان    سؤالًا برلمانيًا بشأن عدم إنشاء فرع للنيابة الإدارية بمركز دار السلام    إبراهيم عيسى: لو 30 يونيو اتكرر 30 مرة الشعب هيختار نفس القرار    الأوقاف تعلن افتتاح 21 مسجدا الجمعة القادمة    ب800 جنيه بعد الزيادة.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي الجديدة وكيفية تجديدها من البيت    عملية جراحية في الوجه ل أسامة جلال    فيديوهات متركبة.. ياسمين عبد العزيز تكشف: مشوفتش العوضي في سحور وارحمونا.. فيديو    فرح حبايبك وأصحابك: أروع رسائل التهنئة بمناسبة قدوم عيد الأضحى المبارك 2024    استبعادات بالجملة وحكم اللقاء.. كل ما تريد معرفته عن مباراة الأهلي والاتحاد السكندري    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل كل قضاء قضيته لنا خيرًا    يوسف الحسيني: إبراهيم العرجاني له دور وطني لا ينسى    في 7 خطوات.. حدد عدد المتصلين بالراوتر We وفودافون    رغم إنشاء مدينة السيسي والاحتفالات باتحاد القبائل… تجديد حبس أهالي سيناء المطالبين بحق العودة    هل يحصل الصغار على ثواب العبادة قبل البلوغ؟ دار الإفتاء ترد    بالأسماء، إصابة 16 شخصا في حادث الطريق الصحراوي الغربي بقنا    بعد الفسيخ والرنجة.. 7 مشروبات لتنظيف جسمك من السموم    للحفاظ عليها، نصائح هامة قبل تخزين الملابس الشتوية    كيفية صنع الأرز باللبن.. طريقة سهلة    أستاذ قانون جنائي: ما حدث مع الدكتور حسام موافي مشين    في 6 خطوات.. اعرف كيفية قضاء الصلوات الفائتة    عقوبة التدخل في حياة الآخرين وعدم احترام خصوصيتهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فارس سعيد منسق الأمانة العامة ل14آذار فى حوار ل"اليوم السابع":"14 آذار"مساحة وطنية صالحت المسيحيين مع عروبتهم ومسلمى لبنان مع لبنانيتهم.. الجيش السورى خرج من لبنان حينما رفعنا الأمر لمطلب وطنى عام

- الحرب السورية بدأت مع النظام وضده وانتهت إلى حرب طائفية.. والمنطقة تعيش الآن لحظة استقطاب مذهبى
- اقتطعنا رقعة جغرافية خلال حربنا الأهلية فى لبنان وأنشأنا داخلها مجتمعات صافية ظناً منا بأن إنشاء مجتمع صافٍ يحمينا من العنف
- تجربة العيش المشترك اللبنانى يجب أن تساعد وتعطى أفكاراً للمجتمعات المأزومة حول كيف يمكن أن تعيش مختلفة وموحدة فى الوقت نفسه
- كمسيحى لبنانى عربى أعتقد أن أسلوب العيش الذى ابتكرته مع المسلمين فى لبنان جعل منى مسيحياً مميزاً لأن نصف عقلى يعمل على قاعدة إسلامية والنصف الآخر يعمل على قاعدة مسيحية
- "حزب الله" أعطى جزءا من السيادة لمصلحة الحرس الثورى الإيرانى مقابل مكاسب يوظفها فى مواجهة الشريك الداخلى وأسقط كل الهوامش اللبنانية بينه وبين إيران
- الحوار بين "المستقبل" و"حزب الله" يشكل شيئاً من شبكة الأمان اللبنانية - اللبنانية.. والاتفاق النووى الإيرانى إعادة ترتيب للمنطقة.. والمعادلة بين إيران والغرب تقوم على الأمن مقابل العقوبات
هناك تحديات حاليًا تواجه لبنان، فهل هذه التحديات أثرت على تحالف 14 آذار؟
- فى 14 آذار 2005 نزل إلى الشارع ثلث الشعب اللبنانى فإذا كان تعداد اللبنانيين 4 ملايين نسمة، فقد نزل إلى الشارع فى هذا اليوم مليون ونصف المليون نهار 14 آذار، وهؤلاء نزلوا إلى الشارع بدون تكليف من حزب أو قيادة حزبية، فكل من حمل العلم اللبنانى نزل هو وعائلته كمواطن وليس كسياسى حتى يقولوا بأنهم يطالبون بخروج الجيش السورى من لبنان وبالعدالة من أجل الرئيس الراحل رفيق الحريرى.
نعتقد بدون ادعاء بأنها كانت باكورة الربيع العربى التى انطلقت من بيروت فى تلك المرحلة، فقد نظر النظام العربى القديم لتلك الانتفاضة بعين القلق، فأنا أتذكر أننا طالبنا مثلاً بلجنة تحقيق دولية فور استشهاد الرئيس رفيق الحريرى، لكن بعض الزعماء العرب الذين أتوا للتعزية فى بيروت طالبوا بلجنة تحقيق عربية.
وكانت هناك وجهة نظر بإسقاط رئيس الجمهورية اللبنانية بالشارع، لكن بعض الأنظمة العربية آنذاك كانوا يخشون أن سقوط صدام حسين فى العراق ثم سقوط رئيس لبنان سيليه سقوط الرؤساء الآخرين، وبالتالى حدث تضامن عفوى غير منظور بحماية النظام السورى آنذاك.
من 2005 لليوم مرت 10 سنوات، لكن مشهد 2005 كان مشهد وحدة داخلية إسلامية مسيحية وإسلامية إسلامية ومشهد مواطن لبنانى على حساب التفرقة المذهبية، ونجح حزب الله خلال 10 سنوات نسبياً فى عودة اللبنانين إلى داخل مربعاتهم الطائفية، فمن خلال تمسكه بهويته الطائفية دفع الطوائف الأخرى إلى أن تتمسك أيضاً بهويتها الطائفية، على حساب بناء الدولة فى لبنان، وبدأت فور نهاية الانتفاضة فى 2005 انتفاضة مضادة كانت عميقة بعلاقاتها الإقليمية والدولية، وقادها حزب الله فى لبنان الذى كان مدعوما من النظام السورى وبشار الأسد تحديداً، ومن قبل ذلك أيضاً إيران، لضرب مكتسبات الانتفاضة اللبنانية.
وبعد الانتفاضة بعام ذهبنا إلى حرب تموز التى كانت مفتعلة من قبل حزب الله الذى تجاوز الخط الأزرق وتجاوز قرار مجلس الأمن رقم 1701 وقام بخطف جنود إسرائيليين واندلعت الحرب، وبالتالى أصبح اهتمام العالم بما يحدث فى لبنان وبهذا الاشتباك، وحصل بعدها حزب الله على تأييد عربى، ونحن شاهدنا على القنوات العربية صورا لحسن نصر الله فى الأزهر الشريف على سبيل المثال، وكان هناك تضامن عربى مثالى مع الحزب، أى أن الحزب الذى كان متهماً بأنه ضد خروج الجيش السورى من لبنان وأنه نظم تظاهرة 8 آذار تحت عنوان «شكراً سوريا»، وأن الحزب الذى كان حليفاً للنظام الذى قتل رفيق الحريرى، بعد سنة استطاع من خلال الاشتباك المنظم مع إسرائيل أن يستعيد شعبيته العربية الإسلامية.
أنت ترى أن حرب تموز كان هدفها أن يستعيد حزب الله شعبيته؟
- ليس هناك شك، فهناك من يقول بأن إسرائيل لا تحتاج إلى ذرائع، لكن أيضاً كانت هناك محاولة حقيقية من جانب حزب الله لمحو آثار نتائج الانتفاضة.
طبعاً بعد حرب تموز كانت معركة المحكمة الدولية من أجل لبنان ومن بعدها كان 7 آيار واجتياح بيروت من جانب حزب الله، ثم اتفاق الدوحة الذى أدخل عملية الثلث المعطل لصالح حزب الله فى أى حكومة، ثم جاءت انتخابات 2009 ومحاولة المملكة العربية السعودية استمالة بشار الأسد وانتقاله من الحضن الإيرانى إلى الحضن العربى، وأجبرت السعودية سعد الحريرى على زيارة بشار الأسد، وصولاً إلى أنه حينما بدأت الثورة التونسية والانتفاضة المصرية ثم الانتفاضة فى سوريا انقلبت الأمور رأسا على عقب، وعدنا إلى عملية خلط الأوراق مجددا فى الداخل اللبنانى.
اليوم مساحة المحلية السياسية فى لبنان تتقلص لصالح مساحة ما يحدث فى المنطقة، تماماً كما هو الحال فى أى بلد عربى، هناك اهتمامات مصرية وهموم يومية مصرية لها علاقة بالمأكل والمشرب وأزمة المرور والسكن، إنما هناك أحداث عربية تفرض نفسها على حساب المحلية فى داخل كل بلد، فعاصفة الحزم على سبيل المثال قسمت اللبنانيين مع وضد، كذلك التفاهم النووى الإيرانى دخل أيضاً على النقاش السياسى بداخل لبنان، وبالتالى أصبح ما يحدث فى المنطقة يفرض نفسه على الداخل اللبنانى، والحلول اللبنانية باتت متعلقة بشكل غير مباشر بالحلول المطروحة فى المنطقة.
أين الآن 14 آذار؟
- 14 آذار هى مساحة وطنية فعلية موجودة فى لبنان ألخصها بأنها فى 2005 صالحت المسيحيين مع عروبتهم، وصالحت المسلمين اللبنانيين مع لبنانيتهم، فقد كان المسلمون متهمين بتغليب ولائهم العربى على الولاء اللبنانى، وكان المسيحيون فى لبنان متهمين بأنهم لا يريدون الالتصاق أو الدفاع أو التفاعل مع التيارات العربية الكبرى، وأنهم يغلبون الكيانية اللبنانية على حساب المصلحة العربية المشتركة، فعلى سبيل المثال خلال مرحلة جمال عبدالناصر اتهم المسيحيون المسلمين بأنهم يغلبون ولاءهم لعبدالناصر الذى كان يتكلم بالوحدة العربية على حساب الكيانية اللبنانية، وفى مرحلة الحرب الأهلية اتهم المسلمون المسيحيين بأنهم انعزاليون ولا يريدون التفاعل مع قضية فلسطين والدفاع عنها، بل إنهم اتهموا بالتعامل مع إسرائيل فى تلك المرحلة.
فى 2005 صالحت 14 آذار المسيحيين مع عروبتهم، وصالحت المسلمين اللبنانيين مع لبنانيتهم، وعندما يأتى زعيم سنى بحجم سعد الحريرى ويقول لبنان أولاً، فهذا فى المنطق الكيانى اللبنانى مهم جداً لأنه يطمئن المسيحيين اللبنانيين ويجعل أيضاً من المسلمين فى لبنان ولاءهم اللبنانى هو أولاً على حساب أى ولاء آخر.
الثورة الفلسطينية جذبت النخب السنية فى لبنان والعالم العربى، وعبدالناصر جذب النخب السنية فى لبنان وفى العالم العربى، وأتت حركة 14 آذار بعد معاناة وبعد حرب أهلية وانقسام ووصاية سورية ووضع يد واحتلال من جانب النظام السورى، وجاءت 14 آذار بمصالحة اللبنانيين مع بعضهم البعض حول فكرة أنهم إذا توحدوا فهم قادرون على صنع المعجزات، وأنهم أخرجوا الجيش السورى من خلال وحدتهم، فأنا مارونى وكنت منتسبا لمجموعة مناهضة لوجود الجيش السورى فى لبنان، ولو بقينا 200 سنة كمسيحيين نطالب بخروج الجيش السورى لما خرج، فقط لأننا رفعنا هذه المطالبة من كونها مطلبا مسيحيا إلى مطلب وطنى عام وحمله المسلمون إلى جانب المسيحيين، حققنا الإنجاز بخروج الجيش السورى.
اليوم اللحظة فى المنطقة هى لحظة استقطاب مذهبى، ولحظة فصل إسلامى- إسلامى، وفصل مذهبى حاد، فالحرب السورية بدأت مع وضد النظام وانتهت إلى حرب طائفية ومذهبية صافية، وكذلك الحرب فى اليمن هى مع وضد الشرعية اليمنية، إنما بالصافى هى حرب سنية- شيعية، وفى العراق ذهبنا إلى الاتجاه نفسه.
كيف يمكن أن تقدم 14 آذار نفسها أمام هذا المشهد؟
- على 14 آذار أن تكون نموذجاً للتلاقى، أى للوصل لا للفصل، وفى 14 آذار لا أعرف أى إطار سياسى من المشرق إلى المغرب العربى موجود فيه المسلم والمسيحى، السنى والشيعى والعلوى والدرزى فى نفس المكان، أنا أعرف أن هناك تجمعات طائفية أو تجمعات مختلطة إسلامية مسيحية فى اختصاصات طب العيون وملكات الجمال، إنما فى السياسة وفى هذه اللحظة حيث كل طائفة وكل مذهب تعيش همومها بمعزل عن الأخرى، وحيث الاصطدام السنى الشيعى وهو صدام حاد، هل يأتى إطار لبنانى يضم المسلمين والمسيحيين والشيعة والعلويين والدروز حول مشروع سياسى واحد، هذا شىء فريد من نوعه فى هذه المرحلة، وأعتقد أن 14 آذار تمثل هذا الوضع، وعليها أن تعمل أكثر وأكثر من أجل توطيد هذه المساحة.
كما أن هناك رسالة يجب أن يقدمها لبنان للعالم العربى، نحن تعرفنا على السيارات المفخخة قبل بغداد وعدن والشام، وقتلنا على الهوية وقُتلنا حولها، واقتطعنا رقعة جغرافية خلال حربنا الأهلية فى لبنان وأنشأنا داخلها مجتمعات صافية ظنًّا منا أن إنشاء مجتمع صاف يحمينا من العنف.. المسيحيون اقتطعوا رقعة جغرافية وعاشوا فيها، كما فعل الشىء نفسه المسلمون، وهذا لم يحم لا المسيحيين من العنف الداخلى ولا المسلمين من العنف الداخلى، ففى الوسط الإسلامى دخلت بين حرب المخيمات وحركة أمل حروب هائلة، وبين الحزب التقدمى الاشتراكى مدعوماً من اليسار ومن الفصائل الفلسطينية وبين حركة أمل، حروب أيضاً لا تعد ولا تحصى، وفى الداخل المسيحى انتهت الأمور إلى حرب إلغاء بين القوات اللبنانية من جهة وبين الجيش اللبنانى من جهة أخرى، بمعنى أن إنشاء كيانات صافية تحت عنوان أن هذه الكيانات الصافية تحمينا من العنف الخارجى كانت فاشلة فى لبنان ولم نحتم بها، بل على العكس دخل العنف إلى داخل كل كيان صاف، وبالتالى علينا أن نقول بالصوت العالى إن تجربة العيش المشترك اللبنانى هى تجربة يجب أن تساعد وأن تعطى أفكارا للمجتمعات المأزومة حول كيف يمكن أن تعيش مختلفة وموحدة فى نفس الوقت، وأعتقد أن الاختبار اللبنانى فى هذا المجال هو اختبار غنى جدًّا.
نعتقد بأن النموذج اللبنانى قد يكون مركز استلهام للمجتمعات الأخرى لكى تتنبأ بأنه فى هذا القرن أى قرن العولمة والتمازج والتواصل السهل مع الكل، فالعولمة لها مميزاتها وعيوبها، وكلبنانى لا أعتقد أن تنوع المجتمع فى أوروبا هو عادى بل على العكس هو مصدر غنى، كما أن التنوع فى لبنان كان بالنسبة لى مصدر غنى.. أنا كمسيحى لبنانى عربى أعتقد أن أسلوب العيش الذى ابتكرته مع المسلمين فى لبنان جعل منى مسيحيا مميزا فى هذه الأرض وفى هذا العصر، لأن نصف عقلى يعمل على قاعدة إسلامية، والنصف الآخر يعمل على قاعدة مسيحية، وأنا أتكلم ثقافيا وليس دينيا أبدا، إذا كان هناك شىء يزعج ضيفى المسلم فى منزلى الذى لا يريد أن يشرب الخمر فلن أقدم له الخمر، ولا أجعل من هذا الموضوع موضوعاً ثقافياً وكأنه استفزاز.
انا أعتقد أن النموذج اللبنانى أى إدارة التنوع بشكل عادل وجعل هذا التنوع مصدر غنى للجميع يجب أن يكون نقطة استلهام للجماعات المأزومة فى المنطقة.
هناك أسلوب عيش فى التنوع يجعل منك شيئا مختلفا، فعلى سبيل المثال فى سهرات رمضان تجد المسيحيين اللبنانيين يشاركون فى خيم رمضانية، وفى عيد الميلاد العائلات المسيحية تكون بداخل منازلها شجرة لعيد الميلاد، وثقافة العيد وبابا نويل الذى يأتى بالهدايا، وهذا جزء من أسلوب عيش اللبنانيين.
هناك نظرية حرب لبنان، وكان يقول البعض إنه حينما تقاتل المسلمون مع المسيحيين فهذا بسبب انتمائهم لمشارب مختلفة، ويأتون من ثقافات مختلفة، وبالتالى فإن الاختلاف هو الذى يولد العنف، وهناك نظرية أخرى تقول بأنهم يتشابهون إلى حد التطابق، والتطابق هو مصدر الاختلاف، وأنا أعتقد أن التطابق هو مصدر الاختلاف.
لكن النموذج اللبنانى للتعايش تهدده مخاطر وتحديدًا أزمة الانتخابات الرئاسية التى تعتبر القشة التى ربما ستقصم ظهر التعايش اللبنانى؟
- ليس فقط.. أولاً تعاقبت الطوائف والأحزاب فى لبنان وقد يكون آخرها حزب الله على ما يسمى مقايضة قاموا بها بإعطاء جزء من السيادة إلى دولة إقليمية مقابل مكاسب ما على حساب الشريك الداخلى، ليس هذا فقط، فالحركة الوطنية فى لبنان بزعامة كمال جنبلاط أعطت جزءا من السيادة لمنظمة التحرير الفلسطينية مقابل أن تساعدها منظمة التحرير على حساب الشريك الداخلى، وهم المسيحيون الذين كانوا يرفضون عملية إصلاح الدستور اللبنانى والمناصفة بينهم وبين المسلمين فى بناء الدولة، وهذه المقايضة بين الحركة الوطنية وبين منظمة التحرير فجرت البلد، وأتى المسيحيون من بعدها إلى مقايضة من نوع آخر، أعطوا جزءا من السيادة لآرئيل شارون عام 1982 تحت عنوان إذا كانت أكبر دولة عربية سنية اسمها مصر قامت بعملية سلام منفرد مع إسرائيل، فلماذا أصغر دولة عربية اسمها لبنان لا تقوم بعملية سلام منفرد مع إسرائيل، وحينها تم اتهام المسيحيين بأنهم عملاء لإسرائيل وبأن انتخاب بشير جميل رئيساً للجمهورية أتى بدعم إسرائيلى أمريكى مباشر، وانتهى الأمر إلى اجتياح لبنان عام 1982 وتفجير البلد.
اليوم يأتى حزب الله ويقول لإيران أعطى جزءا من السيادة لمصلحة الحرس الثورى الإيرانى مقابل مكاسب أوظفها فى مواجهة الشريك الداخلى، وأنا أعتقد أن هذا الترتيب الذى وصل اليوم إلى يد حزب الله هو القشة التى قد تقصم ظهر البعير.
الأمر الثانى، ينظر اللبنانيون حتى هذه اللحظة إلى الدولة اللبنانية باعتبارها الضامن الحقيقى لتنظيم مصالحهم، وإذا انهارت الدولة اللبنانية فسيبحثون عن ضمانات رديفة، كما حصل فى عام 1975، ومن هنا فإن انتخاب رئيس للجمهورية هو خطوة باتجاه تثبيت هذه الضمانة.. حينما ننتخب الرئيس فليس معنى ذلك أن هناك حلا وليس إذا لم ننتخبه سيكون هناك انهيار، لا.. نحن ننظر إلى الدولة كونها الإطار الضامن لتنظيم علاقاتنا اللبنانية - اللبنانية، واللبنانية - العربية، واللبنانية - الدولية، وإذا انهارت ضمانة الدولة فسنبحث عن ضمانات أخرى من طبيعة طائفية أو حزبية أو مذهبية، لذا فان انتخاب رئيس هى خطوة باتجاه تثبيت هذه الضمانة، ومن هنا علينا أن نبحث عن وسيلة لانتخاب الرئيس، وهناك من يقول فى لبنان إن العرس أهم من العريس، بمعنى أنه ليس مهما من هو رئيس جمهورية لبنان، المهم انتخاب رئيس من أجل إعطاء الإشارة المناسبة للمجتمع اللبنانى والعربى والدولى بأن الدولة اللبنانية ليست على طريق الانهيار.
الأمر الثالث، أحداث المنطقة قد تكون أيضا القشة التى ستقصم ظهر البعير، فى لبنان مليون ونصف لاجئ سورى وحدود مفتوحة بينها وبين السوريين، وفى لبنان تدفق أسلحه وبلبنان حزب الله الذى أسقط كل الهوامش اللبنانية بينه وبين إيران، فأنا تحدثت عن تجربة كمال جنبلاط وتجربة بشير الجميل، فكمال جنبلاط رغم علاقاته مع منظمة التحرير ترك لنفسه وللبنان هامشاً لبنانيا بينه وبين ياسر عرفات «أبوعمار»، بأنه لم يلب لأبوعمار كل ما طلبه أبوعمار، كما أن بشير الجميل لم يلب لأرئيل شارون ولا لمناحم بيجن كل ما يطلبانه منه، بل ترك لنفسه هامشاً لبنانياً، وأنا أعتقد أنه تم قتل كمال جنبلاط وبشير الجميل لأنهما حافظا على هذا الهامش اللبنانى أثناء تعاطيهما مع الخارج، أما حسن نصر الله فكنا نقول بأن مشروع المقاومة مبرر لأن إسرائيل تحتل أرضاً لبنانية اسمها الجنوب، وإن الحزب بدأ فى المقاومة، وإيران مشكورة لأنها تساعد قرارا لبنانيا وعملا لبنانيا اسمه المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلى، لكن اليوم أصبحت إيران فى عدن وفى إدلب والشام ودرعا تحت أى ذريعة.. منذ أيام أتى جثمان مسؤول روحى للحوثيين دفن إلى جانب عماد مغنية فى روضة الشهداء بالضاحية الجنوبية بلبنان، فماذا يقول حزب الله من خلال هذه الرسالة، هل بأنه والحوثى والثورى الإيرانى عائلة سياسية واحدة؟ وهذا كلام كبير فى لبنان.
هل رسالة الحزب من هذه الواقعة هى أن لبنان إحدى محافظات إيران؟
- أكثر من ذلك، فلبنان إحدى محافظات إيران قالها مسؤول إيرانى بأن أربع عواصم عربية هى فى جيبهم، بينما حزب الله يقول أكثر من ذلك بأن هناك صلة قربى دموية، فالرجل يدفن مع زوجته وعائلته، إذن عندما يدفن عماد مغنية إلى جانب قائد حوثى وكأن هناك علاقات قربى دموية بين الرجلين.. حزب الله لم يترك لنفسه أى هامش لبنانى فى هذا الموضوع، وهذا يضعه فى دائرة الاتهام ليس فقط من قبل السنة الذين ينظرون إليه كفصيل إيرانى فى لبنان، وإنما أيضاً من قبل الرأى العام اللبنانى العريض الذى يراه يأتى بمشروع انقلابى على الدولة اللبنانية، واليوم ينتسب إلى حالة فوق وطنية وهى الحرس الثورى الإيرانى.
عودة إلى موضوع 14 آذار.. هل من الممكن أن تتحول لحركة حزبية، خاصة أن أداءها أخذ فى التراجع أخيرًا؟
- تكوين 14 آذار لم يأت بقرار آذارى، وإنما الجماهير انطلقت بشكل عفوى، وأتت 14 آذار نتيجة هذه الانتفاضة ولم يجتمع 14 آذار ويقرروا الانتفاضة، بل العكس هو ما حدث، الانتفاضة الشعبية ذهبت باتجاه تكوين إطار سياسى اسمه 14 آذار، وهذا الإطار السياسى كما حدث فى مصر وعدة بلدان حاول اختزاله الأحزاب المنظمة على حساب الرأى العام العريض داخل 14 آذار، واليوم نحن بصدد إطلاق تجربة جديدة وهى إطلاق المجلس الوطنى لقوى 14 آذار الذى يضم حوالى 500 شخصية لبنانية سواء حزبيون أو غير حزبيين، بخطوة تنظيمية تهدف إلى إعادة تفعيل القوى الفاعلة وقادة الرأى داخل 14 آذار، سواء داخل لبنان أو فى بلاد الانتشار، فلبنان يتمتع بحيوية انتشارية هائلة خاصة فى أمريكا الشمالية وفى كندا وكل أنحاء العالم، وهذا الانتشار اللبنانى ساعد كثيراً خلال مرحلة الوضعية السورية فى لبنان على تحريك الرأى العام ودوائر القرار الخارجية من أجل التفاتها إلى لبنان، وهذا الانتشار اللبنانى تخلى عنه 14 آذار خلال السنوات العشر الماضية بسبب ما أصاب 14 آذار من اغتيالات ومحاولات اغتيالات وانقلابات واجتياح بيروت واستخدام السلاح فى وجه 14 آذار.
وأنا أعتقد أننا فى هذه اللحظة لسنا بصدد إدخال 14 آذار إلى مرحلة الفحص والإدانة وجلد الذات، فنحن لا نزال فى معركة كبيرة هائلة جزء منها يوجد فى بيروت بيننا وبين حزب الله، وفى هذه المعركة من الضرورى أن يبقى 14 آذار وأن يطور عمله التنظيمى والإدارى وخاصة أداءه السياسى فى اتجاه الحفاظ على العيش المشترك والتنوع اللبنانى.
بالطبع على 14 آذار أن تطور نفسها تنظيمياً أيضاً، وأن تستوعب أكبر عدد ممكن من قادة الرأى والناشطين وهم كثر فى لبنان، من أجل إعادة تفعيل فكرة العيش المشترك اللبنانى- اللبنانى.
لكن هناك حوارا يجرى بين حزب الله وتيار المستقبل، كيف تنظر له ولنتائجه المتوقعه مستقبلاً؟
- إذا نظرنا إلى مشهد المنطقة بالبحرين واليمن والعراق وسوريا، لأن مصر خارج هذا الانقسام، المكان الوحيد الذى لايزال هناك اتصال غير مباشر سنى شيعى فى المنطقة هى بيروت من خلال هذا الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله، وبالتالى يشكل هذا الحوار شيئا من شبكة الأمان اللبنانية - اللبنانية، لا نتأمل أبدا أى نتيجة، أما إذا حافظنا على هذا الإطار وتطورت أحداث المنطقة باتجاه أى تفاهم أو تسوية إسلامية- إسلامية فإن هذا الإطار سيكون موجودا من أجل تفعيل أطره.
نتائج الحوار بين حزب الله والمستقبل ستكون مرهونة بتطورات الأحداث فى المنطقة؟
- بالطبع.. فمصر ولبنان على سبيل المثال عاشتا مرحلة الانتداب البريطانى والفرنسى، وعندما تريد دولة أو فرد أو حزب أو جماعة أن تلعب دورا أكبر من حجمها فعليها أن تلعب دورا إيجابيا، فقد جاء الانتداب إلى بلداننا حاملاً فى يده متحفا وجامعا ومستشفى ولغة ولم ينجح فى إقناعنا بإبقائه عندنا، بينما أتت إيران إلى المنطقة لتلعب دورا أكبر من دورها حاملة فى يدها فتنة سنية شيعية، وسلاحا حوثيا وحزب الله وسورى، وادعاء أنها تدافع عن مصلحة وكرامة العرب وكرامة فلسطين أكثر من العرب أنفسهم، وبأن تضحيات الجيش المصرى فى 48 و56 و67 و73 لا شىء أمام قدرة إيران على مواجهة العدو الصهيونى.. كل هذه ادعاءات أتت بها إيران وتوصلت إلى أن تقول بأن العرب تخلوا عن علم فلسطين، وإنها هى التى رفعت العلم الفلسطينى وحده، وهذه الادعاءات ولدت لدى الرأى العام العربى العريض ولدى الرأى العام السنى بشكل محدد حالة عدائية تدفع ثمنها إيران وسيدفع ثمنها كل المجموعات العربية التى تعاونت معها، سواء فى اليمن أو العراق وسوريا وربما فى لبنان وفلسطين.
لا يمكن أن يستمر الوضع فى المنطقة على قاعدة أن إيران تتمتع بحدود سياسية تتجاوز حدودها الجغرافية وهى التى تقرر فى هذا البلد أو تلك البلد، فهى تدخلت حتى فى مصر حينما ذهب حزب الله ليقوم بعمليات إرهابية فى مصر فى مرحلة حسنى مبارك، واكتشفنا بأن هناك مجموعات عسكرية تابعة لإيران موجودة فى إريتريا.. إيران تتعامل وكأنها إمبراطورية فى المنطقة وبأن العالم العربى ممزق وجاء الربيع العربى ليجعل منه ضواحى لثلاث قوى إقليمية وهى إسرائيل وتركيا وإيران.
ما نحتاجه اليوم كعرب وتحديداً كلبنانيين ومصريين وسوريين وسعوديين هو استعادة هويتنا العربية السياسية، وعلينا تحديد العروبة، فعندما انطلقت عاصفة الحزم كان نهار جمعة صباحاً، وفى المساء كنت فى مداخلة تليفزيونية لإحدى الفضائيات اللبنانية قلت فيها إن العاصفة بمثابة انتفاضة سنية عارمة فى المنطقة، وفى اليوم الثانى تحدث معى الرئيس فؤاد السنيورة وقال لا أريد أن أحاول تصحيح الوضع لك، فهذه ليست انتفاضة سنية وإنما هذه انتفاضة عربية، فقلت له أنا كمسيحى لبنانى عربى أنظر إليها كانتفاضة سنية، وعليك أنت أن تجعل منها انتفاضة عربية، فإذا باكستان وتركيا مشاركة فهى تجاوزت الحدود العربية المعروفة، وأصبحت انتفاضة سنية، وعلى النخب العربية سواء كانت إسلامية أو مسيحية أن تجعل منها انتفاضة عربية، وحتى تصلح انتفاضة عربية علينا أن ننظر بعين الاعتبار بأن هذه العروبة الحديثة عليها ألا تلغى الحوثيين فى اليمن وألا تلغى الشيعة فى العراق ولا العلويين فى سوريا، ولا اللبنانيين المسيحيين ولا الدروز فى لبنان، هذه العروبة هى عروبة ترتكز على كونها رابطة ثقافية بين جميع المجموعات العربية والمكونة لهذه العروبة.
وهنا لمصر دور هائل وننظر نحن كلبنانيين إلى مصر الأزهر والتجربة الاجتماعية وإلى مصر السياسة والتاريخ.. ننظر إلى دور مصر كرافعة فى هذا الاتجاه، أى تعود مصر لتلعب دورها رافعة ثقافية للعروبة الحديثة المتصالحة مع نفسها ومع خارجها، لأنه بعد حوادث شارلى إيبدو و11 سبتمبر والربيع العربى وعسكرة الربيع العربى، ومن بعد داعش أصبحت الأزمة بين هذه العروبة وبين الغرب الذى تكبر لديه حالة الإسلاموفوبيا، وهنا علينا أن نتساعد جميعاً من أجل إظهار الصورة الحقيقية للعامل العربى التى هى صورة الحداثة وصورة القدرة على التفاعل مع الآخر ضمن نظام عالمى جديد.
هل الاتفاق الإطارى حول النووى الإيرانى هو اعتراف غربى أمريكى بالقدرات الإيرانية بالمنطقة؟
- بالتأكيد هو إعادة ترتيب للمنطقة من جديد، لأن إيران من عام 1978 مارست سياسة تجميع الأوراق الأمنية بالمنطقة حتى توصلت إلى أن تقول منذ سنة بأن كل استقرار المنطقة هو فى يدها، فى المقابل راكم الغرب فى وجهها عقوبات اقتصادية وحاول أن يدخل فى عملية مقايضة بين استقرار المنطقة وأمنها مقابل رفع العقوبات، وأعتقد أن الاتفاق حول الملف النووى يرتكز أساساً على هذه المعادلة.
عاصفة الحزم هى أيضاً لم تكن هناك أى إمكانية لإطلاقها لولا التفاهم السعودى العربى الأمريكى، إذن نظام المصلحة العربية الذى تقوده اليوم المملكة العربية السعودية طبعا بالتنسيق مع مصر الجديدة يحاول أن يتوازن مع ما استطاعت إيران أن تقوم به وتنتزعه من خلال اتفاقها مع الغرب، وأنا كلبنانى أرى مصلحتى مع نظام المصلحة العربى.
المعادلة بين إيران والغرب واضحة وتقوم على الأمن مقابل العقوبات، إنما بالمحصلة فقد ارتضت إيران أن تخضع للشرعية الدولية فى الملف النووى، وبالتالى أعترفت بوجود هذه الشرعية الدولية.
لكنه خضوع من موقع القوة وليس الضعف؟
- أنا لا أعتقد أنه من موقع القوة مع النظام العالمى الجديد.
لكن الكروت ما زالت فى يدها بل تزداد قوة؟
- لا تزداد، فإيران مربكة فى المنطقة، وإذا نظرت للمشهد اللبنانى لرأيت هذا الارتباك.. أولا يجب أن ننظر لما يحدث داخل إيران فهناك أجنحة، جناح متشدد لا يريد هذا الاتفاق، وهناك عامة الناس الذين احتفلوا بالاتفاق، وهم يرون فى رفع العقوبات ارتياحا اقتصاديا وازدهارا لهم، حتى السيد على خامنئى لم يتسن له الانتصار بنشوة هذا الاتفاق النووى مع الولايات المتحدة ووصفه بأنه منقوص وأن هناك شروطا أخرى، كما أن عاصفة الحزم حققت منذ اللحظة الأولى أهدافها السياسية بمعنى أنها حققت تعادلا عسكريا فى المنطقة وأعادت العرب إلى طاولة مفاوضات ترتيب المنطقة، وأنا لست من الذين يقولون بأن إيران تخرج منتصرة على حساب العرب فى هذا الاتفاق، فهى انتصرت لمصالحها وأن عودتها اليوم إلى داخل حدودها الجغرافية أصبحت مرجحة على حساب التمدد.
عودة إلى الملف اللبنانى.. كيف ترى السجال الإعلامى الحالى بين تيار المستقبل وحزب الله وهل ينبئ بعودة مرة أخرى إلى الدم؟
- الخطر الأمنى فى لبنان هو خطر دائم، ففى السياسة لا أحد يقتل من أجل تصفية حسابات، وإنما الاغتيالات تحدث من أجل تبدل أوضاع، فلا أحد يقتل لأنه يريد تصفية حساب مع رجل سياسة، بالعكس إذا أردت تصفية الحسابات تلجأ إلى الاغتيال السياسى وليس إلى الاغتيال الجسدى، لأن الاغتيال الجسدى يهدف إلى تبدل أوضاع، وإذا قتلت اليوم أى شخصية لبنانية فهل ستتبدل الأوضاع على مساحة لبنان أو على مساحة العالم العربى، أعتقد أن الأحداث أصبحت كبيرة بشكل جعل اللاعبين اللبنانيين غير قابلين للتأثير إذا قتلوا أو لم يقتلوا.. هل هناك إمكانية لتصفية الحسابات.. نعم ممكن.. هل النظام السورى من أجل توريط حزب الله أكثر وأكثر فى القتال الدائر فى سوريا سيقوم ببعض الخطوات الأمنية فى لبنان؟.. ممكن.
هل الحزب بطلب من إيران التى تريد تحسين ظروف المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة ممكن يلجأوا لذلك.. هذا ممكن.. إذ إن الشبح الأمنى لايزال موجودا ونحن نخاف.
على أى مدى الوضع فى سوريا يؤثر عليكم الآن؟
- يؤثر بشكل هائل بداية بالواقع الملموس، فهناك مليون ونصف المليون لاجئ سورى فى لبنان، وهذا ليس عددا قليلا، الأمر الآخر كيف نظر اللبنانيون لأحداث سوريا؟.. هناك نظرة لبنانية مع وضد النظام السورى، وهناك نظرات طائفية، بمعنى صديقنا وليد جنبلاط حينما خرج من 14 آذار قدر بأن خروجه وتفهمه مع حزب الله سيؤدى إلى حماية الدروز فى سوريا، وحينما اندلعت الحرب فى سوريا أخذ موقفا واضحا ضد، واستكمل تبريد الأوضاع مع الداخل اللبنانى.. ووليد جنبلاط يتمتع بحركة وبذكاء وبشبكة علاقات هائلة تسمح له بتلمس مدى ما يحدث فى المنطقة وفى العالم من قرارات، لكنه لم يستطع رغم علاقاته وخروجه من الاصطفاف الداخلى اللبنانى أن يحمى الجماعة الدرزية فى إدلب، الذين تحت ضغط داعش أجبروا على إشهار السلام وبدلوا أيضاً بمدافن وأصبحوا سنة.
الشيعة ينظرون إلى أحداث سوريا بأنها إذا سقط الأسد سقطوا هم.. السنة ينظرون لأحداث سوريا بأن أى بديل عن الأسد سيعطى دفعة وقوة للطائفة السنية فى لبنان.. والمسيحيون ينظرون إلى ما يجرى بعين القلق، بأنها حرب مسلمين مع مسلمين ومن الأوفق أن ندير ظهرنا لكل هذا الموضوع.
هناك نظرات مختلفة من طائفة إلى أخرى، وهناك من راهن فى مرحلة من المراحل على أن سوريا ستذهب إلى التقسيم، وإلى بناء مجتمعات صافية، وأن الولايات المتحدة وإسرائيل سمحتا للأكراد ببناء مجتمع صاف، فهل يسمح للعلويين فى سوريا أن يكون لهم علوىلاند، وللدروز دروزلاند، وللمسيحيين مسيحىلاند، وبالتالى ستفتح الشهية للطوائف فى لبنان بأن نعود إلى مارونستان، وسنيستان وشيعستان.
أى حل فى سوريا لا يأخذ بعين الاعتبار النموذج اللبنانى، أى نموذج العيش المشترك سينعكس سلباً على لبنان.
بالنسبة فى حل سوريا هل تراه سياسياً أم عسكرياً؟
- ورد على موقع أمريكى الأسبوع الماضى معلومة تناقلتها وسائل الإعلام فى لبنان مفادها أن السعودية مع تركيا تحاولان تنظيم عاصفة حزم ضد سوريا بالاتفاق مع إيران، إذا تركنا هذه المعلومة وتخيلنا أن إيران التى تصالحت مع الغرب بعد الملف النووى أن تقوم بعملية مصالحة مع العالم العربى وبالتحديد مع السنة، ماذا يجب أن تقوم به؟.. عليها أن تلقى بإسرائيل فى البحر وأن تخوض حرباً إسلامية - إسرائيلية تؤدى إلى أن تكون كل النخب العربية والإسلامية إلى جانبها وهذا ما لا يحدث خاصة بعد الاتفاق النووى مع الولايات المتحدة ومع الغرب، أو أن تتخلى عن بشار الأسد، وإذا تخلت عن بشار فستكون أول خطوة فى اتجاه التفاهم مع العالم العربى ومع عواصم القرار العربية، وإذا لم ترد المصالحة فهى ستستمر فى دعم الحوثى وفى دعم نفوذها فى داخل العراق على حساب وحدة العراق، وفى دعم بشار الأسد فى سوريا وحزب الله فى لبنان.
انا لست متفائلاً بأن إيران تعيد حساباتها بشكل رصين وستدخل فى عملية ترتيب المنطقة، إنما أراهن على أن إيران ليس لها القدرة بعد التفاهم النووى أن تستمر إلى ما لا نهاية بتجميع أوراق عدم الاستقرار والأوراق فى المنطقة، وبالتالى سينعكس هذا التفاهم الإيرانى الأمريكى على ترتيب الأوضاع فى سوريا والعراق واليمن ولبنان.
كيف تنظرون لما يحدث فى مصر وهل تراه مؤثرا على لبنان؟
- مؤثر جداً، فعندما سقط حسنى مبارك وأتى محمد مرسى نظرنا بعين الأمل الكبير إلى محمد مرسى، وكان هناك منظرون لبنانيون قريبون من الولايات المتحدة يقولون لدوائر القرار الخارجية بأنه كما حدث بعد الحرب العالمية الثانية فى أوروبا بأن اليمين الأوروبى تحول إلى ديمقراطية مسيحية فى ألمانيا وإيطاليا فلا بأس أن يتحول ما تبقى من الأنظمة العربية والجماهير العربية إلى إسلام سياسى تحت عنوان الإخوان المسلمين وساعد على هذه النظرة تركيا وقطر، وأتت السعودية لتقول إن الإسلام ينزل من السماء ولا يخرج من صناديق الاقتراع وأتت تجربة الإخوان أنفسهم فى مصر الذين أتوا كما يقال فى اللبنانى بعد جوع عتيق، يعنى أتوا بشهية الذى يريد أن يأكل كل الطاولة دفعة واحدة، لأنه حرم من هذا الأكل لمدة سنوات وسنوات، فكل هذه الأمور تراتبت مع بعضها البعض حتى شاهدنا 30 مليون مصرى فى الشارع، وأعطت مصر صورة حيوية سياسية هائلة، فقد نظرنا إليها بعين الأمل الهائل، لأنه لو لم تحدث 30 يونيو لربما كان الوضع العربى بشكل عام ليس كما هو اليوم وكان أسوأ بكثير.
مصر المدنية أيضاً تبرز.. مصر التى لها حساب على تويتر وفيس بوك.. مصر المواطن.. مصر التى تقدم نفسها مشروع حداثة فى العالم العربى.. يبقى كيف يمكن لهذا النظام العربى الجديد أن يتصالح مع نفسه ويؤمن بالديمقراطية وأن يؤمن بمبدأ تداول السلطة وبناء الدول وأن يؤمن بمبدأ المصالحة والعلاقات مع الخارج، فمصر لها دور تلعبه فى ليبيا.. مصر غزة.. أيضاً العلاقة المتوازنة مع إسرائيل.. إضافة إلى الدور الثقافى والاجتماعى، فمصر مطلوب منها دور أكثر من الدور السياسى، مطلوب منها دور ثقافى واجتماعى ودور رائد فى المنطقة، فهكذا ننظر كلبنانيين إلى مصر وإلى النخب المصرية، إضافة إلى أنه ليس هناك أى يوم شهد تناقض مصالح بيننا وبين المصريين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.