من يحرق لبنان؟! زهير ماجد لم ترعب كلمات النائب وليد جنبلاط اللبنانيين وحدهم بقدر ما أرعبت بعض العرب للأسباب التالية: ان ما قاله جاء بعد زيارته لإحدى الدول العربية .. وهذا يعني تمادي الصراع بين دولتين عربيتين تتحكمان بالقرار في لبنان. ان الولاياتالمتحدة الاميركية قررت الهجوم على المعارضة من خلال الدولتين اللتين تدعمانها وهما ايران وسوريا وهذا يعني اتساع مساحة الحريق في المنطقة. ان جملة "سنحرق الاخضر واليابس" التي قالها جنبلاط ليست من بنات افكاره بقدر ما هي دعسة قوية من عناصر خارجية. معارضون يقولون ان الخطاب الناري لجنبلاط يجيء ضمن حال اليأس التي بلغها والتي يعجز عن تنفيذها سوى بوسائل كلامية. اضافة الى انه من الممكن ان يكون هذا الكلام محاولة لاثارة الدعم الشعبي من اجل الوصول الى اكبر عدد ممكن من الجماهير خلال الاحتفال في ساحة الشهداء بالذكرى الثالثة لاغتيال رفيق الحريري، وكان جنبلاط قد اوضح ليلا لاحدى الصحف اليومية اللبنانية ان ما قاله هو من اجل التعبئة. في كل الاحوال فعلت كلمات جنبلاط فعلها في الساحة اللبنانية مع انه لم يصدر عن حزب الله المعني بها اي ردود فعل سوى ما قيل على لسان بعض قيادييه بلسان احدهم ان النملة لا تهدد الاسد. وفي كل الاحوال فإن القادر على الفعل لا يقوله بل ينفذه .. فهل فعلا يستطيع وليد جنبلاط حرق لبنان حسبما هو الواقع الاستراتيجي للقوى اللبنانية ووضعها الجغرافي وقدرتها على التحرك وارتباطها بجملة مواضيع اقليمية ودولية. اذا كان ثمة ازمة سياسية في لبنان وهي شبيهة بشتى الازمات التي تنشأ بن المعارضة والموالاة لأنها في صلب الصراع الديمقراطي النظيف، فإن استنهاض العصبية المذهبية والطائفية تشكل ازمة الازمات في بلد كلبنان. ان انقسام الشارع اللبناني بين مذاهبه وطوائفه يجعل من كل مطلب اجتماعي دعوة لاثارة النعرات المذهبية، فنجد على سبيل المثال كلاما من هذا النوع لرئيس الوزراء فؤاد السنيورة يصف فيه اضراب المزارعين والسائقين العموميين بأنه مثار للفتنة ..! من الواضح ان لبنان يمر بأزمة تكاد تكون مصيرية تطال حياته ومستقبله السياسي ، لكن مفاعيل اثارة العصبيات تتصدر الواجهة دائما، وهي تربك المعارضة بقدر ما تؤلمها، فالموالاة بكل أسف تنزع الى تلك العصبيات وتسعى لاثارتها عند الاحساس باحتدام الازمة التي ما زال التأكيد قائما بأنها سياسية بالدرجة الاولى. عين العرب على لبنان وازمته التي هددت وحدتهم وقسمتهم الى مع وضد، وهي ايضا تهديد لمؤتمر القمة العربي العتيد الذي من المفترض ان يعقد في العاصمة السورية دمشق خلال شهر مارس القادم وهو ما عبر عنه الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى حين اعتبر الحل في لبنان حلا للانقسام العربي. ان من يريد حرق لبنان يعرف او لا يعرف بأنه يغرق المنطقة كلها بحادثة ستكون شرارة تمتد الى المنطقة بأسرها، الا اذا كان ذلك كلمة سر يراد لها ان تخلق جوا جديدا يضع لبنان على سكة حرب اهلية ستقاد بدم اللبنانيين ليعود ويجلس بعدها الحارق والمحروق الى طاولة المفاوضات! عن صحيفة الوطن العمانية 12/2/2008