قديما لم يكن الموت مرتبطا في موسم الحج برمي الجمرات في منى، إنما ارتبط بالتزاحم في الطواف، مثلما جرى في العصرين المملوكي والأيوبي، أو بالأوبئة والأمراض التي كانت تتفشى في البلدان العربية ومنها مكةالمكرمة. في عام 581ه، مات 34 حاجا في جوف الكعبة بسبب التزاحم، أما في عام 677ه فقد مات 80 حاجا بالمسجد الحرام عند باب العمرة، بحسب الباحث ضياء العنقاوي، الذي يشير إلى أنه في عام 881ه مات 25 حاجا داخل صحن الطواف. في 6 وقائع مشهورة، كان الموت يسيطر علي حجاج بيت الله الحرام الذين كانوا يواصلون رحلة الحج لمسافة 6 أشهر برا حين يقطعون طريق القصير بقنا وهو الطريق الذي كان يسلكه الحجاج الأفارقة وشمال إفريقيا وبلدان الصعيد فالطرق غير آمنة، كما أن طرق الوقاية من الأمراض والأوبئة شبه معدومة. في العصر المملوكي الذي شهد موتا للحجاج بسبب التزاحم حول الطواف حدث موت لأهالي الحجاز بسبب الأوبئة، ففي عام 1348ه، حدث وباء شديد أدى إلأى أنه لم يبق في مدينة جدة الساحلية سوى 4 أشخاص على قيد الحياة، كما يؤكد ضياء العنقاوي، لافتا إلى أن الوباء كان منتشرا في مصر أيضا. بعد هذا الوباء بعدة سنوات طويلة انتشر وباء الطاعون في ذات العصر المملوكي ليبغ عدد الموتى في مدينة جدة 1000 شخص لتظهر المخطوطات والإشكاليات المعقدة في الميراث في الأسرة الواحدة والاختلاف بين أبناء الأسرة الواحدة فيمن مات قبل الآخر في هذا الوباء. يقول ضياء: إن موسم الحج في عام 1864م في العصر الحديث بلغ عدد الموتى من الحجاج 1000 قتيل يوميا بسبب وباء شديد لافتا أن وباء آخر ضرب المدينةالمنورة عام 1871م فاضطرت مصر لإرسال الأطباء وقامت ببناء حجر صحي بمكةالمكرمة في الطريق القادم من مكة للمدينة المنورة. يوضح العنقاوي أن الأوبئة في تاريخ الحرم المكي وبلاد الحجاز كانت كثيرة جدا كما أحصاها التاريخ، لافتا أنه في عام 1814م مات نحو 8 آلاف مواطن في بلاد الحجاز بسبب الطاعون، أما في عام 1858 حدث وباء شديد جعل كثيرا من مئات المواطنين يفرون من الحجاز لمصر مما جعل مصر تقيم حجرا صحيا بمنطقة بئر عنبر في الطريق الموصل بين مدينتي قنا وقفط بسبب هجرة الأهالي خوفا من الأوبئة. يوضح العنقاوي أنه في بدايات القرن العشرين وحين تم تحويل الذهاب لأداء المناسك من محافظة قنا بسبب افتتاح قناةالسويس رصدت الإحصائيات أعداد الحجاج الهائلة وهو ماكان مفقودا في بعض المخطوطات القديمة التي نادرا مارصدت أعداد الحجاج. وأضاف أنه في بدايات القرن بلغ عدد الحجاج الذين مروا من قناةالسويس عن طريق الإسكندرية وبورسعيد نحو 8 آلاف حاج و352 كان منهم 113 إيرانيا و86 من البوسنة والهرسك، فيما خلت القائمة من الحجاج الجزائريين نظرا لقيام فرنسا التي كانت تحتل الجزائر بمنعهم من أداء فريضة الحج لمدة 5 سنوات. وأكد العنقاوي أنه بمرو الوقت زاد عدد الحجاج بخاصة بعد التوسعات الأخيرة وتنوع وسائل النقل والمواصلات الحديثة مشيرا إلى أنه في عام 1904 بلغ عدد الحجاج نحو 10 آلاف و319 ليصل تعدادهم بعد مرور 4 سنوات في عام 1908 لنحو 16 ألفا و856 حاجا، ليصل بعد ذلك إلي الأعداد الهائلة في عصرنا الحالي.