بالرغم من الجهود الضخمة التى تبذلها المملكة العربية السعودية والإجراءات الوقائية الكثيرة التى تتخذها لحماية حجاج بيت الله الحرام .، الا ان الحذر لايمنع القدر. اكبر تجمع بشرى .. وموسم الحج يعتبر أكبر تجمع بشري في العالم به حشود مسلمة من دول و جنسيات مختلفة، و ذلك فإن الحجاج عرضة للحوادث لأسباب عدة منها عدم التزام بعض الحجيج بالنظام وتدافعهم بصورة تؤدى الى وقوع مالايحمد عقباه . ويمثل تحرك أكثر من مليوني حاج سنويا في توقيت واحد في مكةالمكرمة، تحديا أمنيا ولوجستيا كبيرا للسلطات السعودية. جهود المملكة السعودية لحفظ الامن .. وانفقت الحكومة مبالغ طائلة على البنية التحتية وإجراءات السلامة والأمن وتوسعة الحرم لتسهيل أداء مناسك الحج وزيادة أعداد الحجيج، وتنشرالسعودية جهازا أمنيا ضخما لحماية الحجيج .. في ظل استمرار العنف والنزاعات في الشرق الأوسط، وتعاظم خطر التنظيمات المتطرفة، وانتشار فيروس كورونا وغيره من الاوبئة الناتجة عن اختلاط جنسيات من بيئات مختلفة حيث تبذل المملكة جهودا مضنية لحماية ضيوف الرحمن وقضاء موسم الحج فى سلام وامان .. وبالرغم من ذلك شهد عدد من مواسم الحج بعض الحوادث والمآسي التى عكرت الصفو واثارت الجدل حول سبب وقوعها فلم تكن الحادثة التي وقعت في مشعر منى، صباح الخميس، أول أيام عيد الأضحى من عام 2015، هي الأولى بل سبقها حوادث فى عدة مواسم تراوحت فيها اعداد الوفيات والاصابات بين العشرات والمئات .. ففى هذا العام تدافع الحجاج عند جسر الجمرات، و توفي 717 شخصا على الأقل وأصيب 805 آخرين،اضافة الى الحادث الذى وقع في الفترة التي سبقت الحج، إثر انهيار رافعة بالمسجد الحرام بسبب سوء الأحوال الجوية.و توفي 111 شخصا على الأقل وأصيب العشرات . ونرصد هنا بعض الحوادث التى وقعت فى مواسم سابقة .. 2006:- 6 كانون الثاني/ يناير: مقتل 76 شخصا في انهيار فندق متداع في وسط مكة. – 12 كانون الثاني/ يناير: مقتل 364 حاجا في تدافع في موقع رجم الجمرات في منى. 2005:- 22 كانون الثاني/ يناير: مقتل ثلاثة حجاج أثناء رمي الجمرات في منى. 2004:- الأول من شباط/ فبراير: مقتل 251 حاجا في تدافع بمنى في أول أيام رمي الجمرات. 2003:- 11 شباط/ فبراير: مقتل 14 حاجا بينهم ست نساء في أول أيام رمي الجمرات بمنى. 2001:- 5 آذار/ مارس: مقتل 35 حاجا وإصابة عدد كبير بجروح طفيفة أثناء رمي الجمرات. 1998:- 9 نيسان/ أبريل : مقتل أكثر من 118 حاجا وإصابة أكثر من 180 آخرين في تدافع بمنى أثناء رمي الجمرات. 1997:- 15 نيسان/ أبريل: مقتل 343 حاجا وإصابة أكثر من 1500 بجروح في حريق بخيام الحجاج بمنى. 1995:- 7 أيار/ مايو: مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة 99 آخرين بجروح في حريق في مخيم للحجاج بمنى. 1994:- 24 أيار/ مايو: مقتل 270 حاجا في تدافع أثناء رمي الجمرات. 1990:- 2 تموز/ يوليو: تدافع كبير في نفق بمنى إثر عطل في نظام التهوية على الأرجح يؤدي إلى مقتل 1426 حاجا اختناقا معظمهم من الآسيويين. 1989:- 10 تموز/ يوليو: اعتداء مزدوج على مشارف المسجد الحرام يوقع قتيلا و16 جريحا. لاحقا في 21 أيلول/سبتمبر تم إعدام 16 شيعيا كويتيا اتهموا بأنهم منفذو الاعتداء. 1987:- 31 تموز/ يوليو: قوات الأمن السعودية تقمع تظاهرة محظورة للحجاج الإيرانيين. ومقتل 402 من الحجاج بينهم 275 إيرانيا بحسب حصيلة رسمية سعودية. 1979:- 20 تشرين الثاني/ نوفمبر: تحصن مئات من المسلحين المعارضين للنظام السعودي لمدة أسبوعين في المسجد الحرام بمكة واحتجاز عشرات الحجاج رهائن. وتمت مهاجمتهم في الرابع من كانون الأول/ ديسمبر والحصيلة الرسمية 153 قتيلا و560 جريحا. 1975:- كانون الأول/ ديسمبر: حريق هائل في مخيمات الحجاج يوقع 200 قتيل. حوادث الحج فى العهد القديم .. قديما لم يكن الموت مرتبطا في موسم الحج برمي الجمرات في منى، إنما ارتبط بالتزاحم في الطواف، مثلما جرى في العصرين المملوكي والأيوبي، أو بالأوبئة والأمراض التي كانت تتفشى في البلدان العربية ومنها مكةالمكرمة. ففي عام 581ه، مات 34 حاجا في جوف الكعبة بسبب التزاحم، أما في عام 677ه فقد مات 80 حاجا بالمسجد الحرام عند باب العمرة، و في عام 881ه مات 25 حاجا داخل صحن الطواف. وفي 6 وقائع مشهورة، كان الموت يسيطر علي حجاج بيت الله الحرام الذين كانوا يواصلون رحلة الحج لمسافة 6 أشهر برا حين يقطعون طريق القصير بقنا وهو الطريق الذي كان يسلكه الحجاج الأفارقة وشمال إفريقيا وبلدان الصعيد فالطرق غير آمنة، كما أن طرق الوقاية من الأمراض والأوبئة شبه معدومة. وشهد العصر المملوكي موتا للحجاج بسبب التزاحم حول الطواف وتوفى بعضهم فى الحجاز بسبب الأوبئة، ففي عام 1348ه، حدث وباء شديد أدى الى أنه لم يبق في مدينة جدة الساحلية سوى 4 أشخاص على قيد الحياة، كما يؤكد الباحثين . بعد هذا الوباء بعدة سنوات طويلة انتشر وباء الطاعون في ذات العصر المملوكي ليبغ عدد الموتى في مدينة جدة 1000 شخص لتظهر المخطوطات والإشكاليات المعقدة في الميراث في الأسرة الواحدة والاختلاف بين أبناء الأسرة الواحدة فيمن مات قبل الآخر في هذا الوباء. ويروى الباحثين إن موسم الحج في عام 1864م في العصر الحديث بلغ عدد الموتى من الحجاج 1000 قتيل يوميا بسبب وباء شديد آخر ضرب المدينةالمنورة عام 1871م فاضطرت مصر لإرسال الأطباء وقامت ببناء حجر صحي بمكة المكرمة في الطريق القادم من مكة للمدينة المنورة. ويوضح الباحثين أن الأوبئة في تاريخ الحرم المكي وبلاد الحجاز كانت كثيرة جدا كما أحصاها التاريخ، حيث أنه في عام 1814م مات نحو 8 آلاف مواطن في بلاد الحجاز بسبب الطاعون، أما في عام 1858 حدث وباء شديد جعل كثيرا من مئات المواطنين يفرون من الحجاز لمصر مما جعل مصر تقيم حجرا صحيا بمنطقة بئر عنبر في الطريق الموصل بين مدينتي قنا وقفط بسبب هجرة الأهالي خوفا من الأوبئة. و في بدايات القرن العشرين وحين تم تحويل الذهاب لأداء المناسك من محافظة قنا بسبب افتتاح قناةالسويس رصدت الإحصائيات أعداد الحجاج الهائلة وهو ماكان مفقودا في بعض المخطوطات القديمة التي نادرا مارصدت أعداد الحجاج. و في بدايات القرن بلغ عدد الحجاج الذين مروا من قناةالسويس عن طريق الإسكندرية وبورسعيد نحو 8 آلاف حاج و352 كان منهم 113 إيرانيا و86 من البوسنة والهرسك، فيما خلت القائمة من الحجاج الجزائريين نظرا لقيام فرنسا التي كانت تحتل الجزائر بمنعهم من أداء فريضة الحج لمدة 5 سنوات. و بمرو الوقت زاد عدد الحجاج بخاصة بعد التوسعات الأخيرة وتنوع وسائل النقل والمواصلات الحديثة ففي عام 1904 بلغ عدد الحجاج نحو 10 آلاف و319 ليصل تعدادهم بعد مرور 4 سنوات في عام 1908 لنحو 16 ألفا و856 حاجا، ليصل بعد ذلك إلي الأعداد الهائلة في عصرنا الحالي.