حزب مصر أكتوبر: الأمن القومي مهمة أساسية على أجندة الحكومة الجديدة    الحكومة: 5130 مشروعا تم تنفيذها ببرنامح التنمية المحلية بصعيد مصر    طرح البطاطس ب 5 جنيهات للكيلو بمعرض خير مزارعنا لأهالينا فى الدقى    البورصة المصرية.. صعود المؤشر الرئيسى بنسبة 0.52% بختام جلسة الثلاثاء    رئيس كاراخستان يشيد بمواقف الرئيس السيسي فى دعم القضية الفلسطينية    الداخلية العراقية تؤكد توقيف المعتدين على مطاعم ببغداد    صحيفة: ائتلاف نتنياهو ينزلق إلى اقتتال داخلى بسبب خطة وقف إطلاق النار بغزة    وزارة الدفاع التركية: مقتل شخصين في تحطم طائرة تدريب عسكرية    نجم الزمالك يرحب بتجديد تعاقده    ليس جريليش.. نجم مانشستر سيتي على رادار مدريد    بفرمان من فليك.. برشلونة يحسم مصير بيدري وأراوخو في الصيف    جوزيبي ماروتا رئيسًا جديدًا لإنتر ميلان    مقتل مسن فى مشاجرة بسبب خلافات على قطعة أرض فى قنا    الأولى على الإعدادية بالجيزة: فرحة كان نفسى فيها وأهلى سر نجاحى.. فيديو    تأجيل محاكمة متهم بأحداث الدفاع لجلسة 24 يونيو    اختلال عجلة القيادة.. تفاصيل إصابة 9 أشخاص في انقلاب ميكروباص بالجيزة    مدحت صالح وريهام عبد الحكيم بحفل صوت السينما بالمتحف القومى للحضارة    ياسمين رئيس تبرز لقطات من تجهيزاتها لحفل زفافها.. فيديو    لبحث تبادل الخبرات، عقد جلسة للأمانة الفنية للمجلس الإقليمي للصحة بكفر الشيخ    جامعة سوهاج تتسلم أرض مستشفى الحروق.. صور    «منظومة عمل شاملة لخدمة الحجاج».. «المصري اليوم» داخل غرفة عمليات القرعة بالمدينة المنورة (صور)    سامح شكري: نؤكد الرفض المصري للتواجد العسكري الإسرائيلي بمعبر رفح    ضياء السيد: النني مظلوم إعلاميًا.. وأتمنى انضمامه إلى الأهلي    ترقية 20 عضوًا بهيئة التدريس وتعيين 8 مدرسين بجامعة طنطا    أول رد من الإفتاء على إعلانات ذبح الأضاحي والعقائق في دول إفريقية    الأعمال المستحبة في العشر الأوائل من شهر ذي الحجة وأفضل الأدعية    بحوث الإلكترونيات يوقّع بروتوكول تعاون مشترك مع «سمارت سيستمز» للتحكم الآلي    تعليمات عاجلة من التعليم لطلاب الثانوية العامة 2024 (مستند)    قبل عيد الأضحى.. طرق تحضير الكبدة البلدي مثل المطاعم    جامعة حلوان تحتفل بحصول كلية التربية الفنية على الاعتماد الأكاديمي    محافظ القليوبية يناقش طلبات استغلال أماكن الانتظار بعددٍ من الشوارع    رئيس الدوما الروسي: وقف إمدادات الأسلحة لأوكرانيا من شأنه إنهاء الصراع    هل التغييرات الحكومية ستؤثر على المشروعات الصحية؟ وزير أسبق يجيب ل«المصري اليوم»    مصرع شخص في حريق ب«معلف مواشي» بالقليوبية    «الداخلية»: ضبط قضايا اتجار في العملة ب26 مليون جنيه    "تموين الإسكندرية" تعلن عن أسعار اللحوم في المجمعات الاستهلاكية لاستقبال عيد الأضحى    نائب رئيس "هيئة المجتمعات العمرانية" يتابع سير العمل بالشيخ زايد و6 أكتوبر    محافظ القليوبية يترأس اجتماع اللجنة العليا للإعلانات لبحث طلبات المعلنين وتعظيم الموارد    توقعات برج الحوت على كافة الأصعدة في شهر يونيو 2024 (التفاصيل)    أكرم القصاص ل القناة الأولى: التعديل الوزارى مطروح منذ فترة فى النقاشات    أيمن عبدالرحمن يبدأ اختبارات ورشة التأليف بمهرجان المسرح المصري    صدم كل أبطاله.. رفع فيلم بنقدر ظروفك بعد أسبوعي عرض فقط (بالتفاصيل)    9 أفلام مجانية بقصر السينما ضمن برنامج شهر يونيو    الخميس.. 40 طلب إحاطة على طاولة «محلية النواب» بحضور محافظ الدقهلية    أخرهم أفشة.. الزمالك يسعى لخطف مطاريد الأهلي «الخمسة»    أمين الفتوى الرؤى والأحلام لا يؤخذ عليها أحكام شرعية    لو هتضحى.. اعرف آخر يوم لحلق الشعر وتقليم الأضافر والحكم الشرعى    100 طفل بملابس الإحرام يطوفون حول مجسم للكعبة في بني سويف (صور وتفاصيل)    استعدادًا لمجموعة الموت في يورو 2024| إيطاليا يستضيف تركيا وديًا    بملابس الإحرام، تعليم الأطفال مبادئ الحج بمسجد العزيز بالله في بني سويف (صور)    الخشت يتفقد لجان امتحانات الدراسات العليا بكلية الإعلام    بتكلفة 650 مليون جنيه.. إنشاء وتطوير مستشفى ساحل سليم النموذجى الجديد بسوهاج    إحالة 26 عاملا للتحقيق في حملات تفتيشية على الوحدات الصحية بالمنيا    قبول دفعة جديدة من طلاب المدارس الإعدادية الثانوية الرياضية بالقليوبية    وزير العمل يلتقى مدير إدارة "المعايير" ورئيس الحريات النقابية بجنيف    سيف جعفر: أتمنى تعاقد الزمالك مع الشيبي.. وشيكابالا من أفضل 3 أساطير في تاريخ النادي    الأمم المتحدة: الظروف المعيشية الصعبة في غزة تؤدي إلى تآكل النسيج الاجتماعي    إجلاء نحو 800 شخص في الفلبين بسبب ثوران بركان جبل "كانلاون"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«المماليك» في بلدة طيبة وبين يدي رب غفور
نشر في البديل يوم 05 - 09 - 2015

الحجاز، هو الحجز أي الفصل بين الشيئين؛ لأنه فصل بين الغور والشام والبادية، ولأنه حجز بين نجد والسراة، وبين تهامة ونجد، وبين نجد والغور، لا يعني أن ما سبق متفق عليه، إذ اختلف الجغرافيون والمؤرخون في تسمية الحجاز، حتى إنهم اختلفوا في الخروج برأي يحدد الحجاز تحديدًا جغرافيًّا واضحًا، استنادًا إلى آرائهم السابقة، باستثناء ما رواه الهمداني عن ابن الكلبي، الذي حددها من قعرة اليمن حتى أطراف بوادي الشام، أي أنه اعتبر الحجاز سلسلة جبال السراة التي تمتد من أقصى جنوب الجزيرة إلى شمالها، خاصة المنطقة الوسطى من الجبال..
هكذا بدأنا رحلتنا إلى بلاد الحجاز مع الدكتور محمد محمود العناقرة، الأستاذ بجامعة اليرموك، من خلال كتابه «الحياة الاقتصادية في الحجاز وعلاقاته في عصر المماليك»، الذي نشره في الهيئة العامة للكتاب، ضمن أعداد سلسلة تاريخ العرب، التي تحمس للنشر فيها "لترسيخ ماهية التعاون العربي في البحث والنشر العلمي، وأن يخرج فعلنا من الكلام النظري عن أهداف السلسلة إلى أرض الواقع»، بحسب ما قال رئيس تحرير السلسلة الدكتور خلف عبد العظيم سيد الميري.
تتناول الدراسة الحياة التجارية والاقتصادية في الحجاز في عصر دولة المماليك، لأهمية عناصر هذه الحياة في تلك الفترة، فقد بسط سلاطين المماليك نفوذهم على الحجاز وبلاد الشام؛ لضمان تأثيرهم الديني النابع من سيطرتهم على الأماكن المقدسة، وخدماتهم لها عن طريق تسهيل حركة عبور الحجيج.
أهمية الحياة الاقتصادية والتجارية للبحر الأحمر وموانئه الجنوبية والشمالية تظهر واضحة في العصر المملوكي، فقد شجع المماليك التجارة والسياحة، وأصدروا المراسيم التي تشجع على زيارة بلادهم، ومما جاء في المرسوم الذي أصدره السلطان المنصور قلاوون ووزعه على جميع البلدان: «فمن وقف على مرسومنا هذا من التجار المقيمين باليمن والهند والصين والسند، وغيرهم، فليأخذ الأهبة في الارتحال إليها، والقدوم عليها، ليجد الفعال من المقال أكبر، ويرى إحسانًا يقابل في الوفاء بهذه العهود بالأكثر، ويحل منها في بلدة طيبة ورب غفور، وفي سلامة من النفس والمال..»، لذا أنشأوا الخانات على طول طرق الاتصال والمواصلات لخدمة حركة التجارة الداخلية والدولية.
منهج الدراسة جاء في مقدمة وتمهيد و4 فصول وخاتمة، وخصص الفصل الأول لطرق التجارة الدولية بين الشرق والغرب في عصر دولة المماليك، تناول فيه الطرق التي تربط الحجاز بالعالم الخارجي من طرق بحرية وبرية، فهناك طرق بحرية تربطها مع الشرق الأقصى عن طريق الخليج العربي (خليج فارس) وأخرى عن طريق البحر الأحمر وتفرعاته، وقد ساعد هذا الطريق على إحياء وازدهار العديد من المدن، منها: عدن، جدة، ينبع، عيذاب، قوص، أيلة (العقبة)، الطور. وهناك طريق بحري يربط الحجاز بشرق إفريقيا. أما الطرق البرية، فنذكر منها (عدن، الخليج العربي، عمان، العراق، دمشق، مصر).
تطرق المؤلف في هذا الفصل أيضًا إلى طرق الحج ومسالكها، كطريق ركب الحاج المصري، وطريق ركب الحاج الشامي، وطريق ركب الحاج اليمني، وطريق ركب الحاج العراقي. أما الفصل الثاني فقد خصصه المؤلف للحديث عن التجارة الداخلية في عصر دولة المماليك، وتحدث فيه عن الأسواق والسلع في بعض مدن الحجاز، منها: سوق مكة، سوق المدينة، سوق الطائف، كما بين ما يعرض في هذه الأسواق من سلع تجارية ومنتجات الحجاز المحلية، وما يجلب إليها من الأقطار والبلدان الأخرى وبخاصة في موسم الحج الذي يعتبر فرصة جيدة للتبادل التجاريبين أهل الحجاز، والحجاج الوافدين إليها، ولم ينس أن يتناول الأوزان والمكاييل والمقاييس والسكة المستخدمة في الحجاز في العمليات التجارية من بيع وشراء، لينهي الفصل بالحديث عن الأزمات الاقتصادية التي تعرضت لها الحجاز بسبب الأوبئة والأمراض والقحط والجفاف، وعدم انتظام سقوط الأمطار، ما أثر على حركة الأسعار في الحجاز.
في الفصل الثالث حديث عن العلاقات التجارية الخارجية، التي تربط الحجاز بالعالم الخارجي، وأنواع السفن المستخدمة في البحر الأحمر والمحيط الهادي وأوقات إبحارها، أما الفصل الرابع فقد خصصه للحديث عن الزراعة والصناعة في الحجاز وتناول فيه مصادر المياه والغطاء النباتي هناك، وأنواع المزروعات والثروة الحيوانية، فضلًا عن الحرف والصنعات الحرفية، مثل الدباغة والصناعات الجلدية والتعدين والصناعات المعدنية، والغذائية والمنسوجات والعطور.. إلخ
سبق أن أشار الكاتب قبل أن نبحر معه في أرجاء مؤلفه إلى ندرة المادة العلمية في جوانب الدراسة، وتوصل من دراسته إلى أن سياسة الدولة المملوكية عملت على إضعاف المركز التجاري لعدن، منذ ازدهار طريق البحر الأحمر التجاري في القرن التاسع الهجري، وإحلال ميناء جدة محله، بعدما ساءت العلاقات السياسية بين المماليك وسلاطين بني رسول في اليمن، ومحاولات المماليك فتح اليمن وانتزاعها من بني رسول، بالإضافة إلى اضطراب الأوضاع الداخلية في اليمن، والتنازع على السلطة، وسياسة التعسف التي اتبعها سلاطين اليمن مع التجار، هذا لا يعني عدم ازدهار حركة التجارة في هذا العصر.
كانت تجارة مكة كثيفة في العصر المملوكي، ففي العام 845 ه وصلت إلى جدة عدة مراكب من الهند والصين محملة بسلع وأطياب الشرق الأقصى، كما كان يدخل إلى مكة كل يوم 500 جمل، ما كان له أثره على الحركة الاقتصادية في الحجاز. وهذا يبرر حرص سلاطين المماليك على ضم الحجاز ووضعه تحت السيادة المملوكية، كما أن سيادة المماليك على الأراضي المقدسة تزيد من هيبتهم أمام المسلمين في العالم، باعتبارهم أقوى دولة إسلامية وقتها، وسينظر المسلمون إليهم على أنهم حماة الدين، ما يحقق بدوره فوائد اقتصادية.
المهم ألَّا ننسى أن ننوه في الختام إلى أن الحالة الاقتصادية في المدينة كانت أحسن حالًا من مكة، لكثرة محاصيلها الزراعية، خاصة التمور ووفرة المياه، بالإضافة إلى الهدوء الذي شمل المدينة في أغلب الأحيان، لعدم وجود خلاف عنيف بين أمرائها على السلطة، وبالإشاره للخلافات نذكر بصفة عامة تذبذب الأوضاع الاقتصادية في الحجاز بشكل عام، إذ كانت الأسعار ترتفع وتنخفض حسب الظروف السياسية، وسيطر الغلاء على الحجاز بين الأعوام 649ه 1251ه؛ لأسباب متعددة منها الأوبئة والأمراض والقحط والجفاف والأعداد الكبيرة للحجاج في موسم ما مثلًا، أو فتنة وصراع بين محمد بن أبي نمى وجماز بن شيحة، لكن مهما كانت الأزمات يظل الحجاز صاحب الدور الأبرز في اقتصاد دولة المماليك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.