سلطة النقد الفلسطينية تستعد لإصدار العملة الوطنية بنهاية 2011 أوضاع مأساوية يعيشها الفلسطينيون تحت الحصار غزة: أظهرت تقارير حديثة تمسك الفلسطينيون بحلم تحويل عملة "الجنيه" الفلسطيني إلى عملة وطنية مستقلة يجرى تداولها رسمياً في الأراضي الفلسطينية عوضاً عن العملات الأجنبية والعربية المتداولة حالياًَ وهي الدولار واليورو والدينار الأردني والجنيه المصري، والشيكل الإسرائيلي. وفي هذا الصدد أكد جهاد الوزير، محافظ سلطة النقد الفلسطينية أن سلطته تعمل حالياً بشكل مكثف من أجل استكمال بناء النظام النقدي بهدف إقامة بنك مركزي فلسطيني تمهيداً لإصدار عملة وطنية مستقرة. ونقلت وكالة الأنباء الصينية "شينخوا" عن الوزير قوله:" إن سلطة النقد ستكون جاهزة لإصدار الجنيه الفلسطيني بنهاية العام القادم 2011 أو بداية 2012، مشيراً إلى أن المرة الأخيرة التي تداول فيها الفلسطينيون عملتهم كانت قبل قيام إسرائيل في عام 1948". وأوضح أن سلطة النقد بدأت منذ أوائل العام الماضي خطة تمتد ثلاث سنوات بهدف تحقيق وضع نقدي فلسطيني يصل إلى إنشاء بنك مركزي له القدرة على إصدار عملة وطنية فلسطينية. وقال الوزير:" إن إصدار العملة يستلزم توافر جملة من العوامل أولها تحقيق السيادة وضمان حرية الحركة والمعابر وأن يرتبط بقرار سياسي وقرار من المجلس التشريعي وبوجود قانون لإصدار عملة وبنك مركزي مستقل بكامل الصلاحيات". وأشار إلى الحكومة الإسرائيلية ترفض بشدة الطلب الفلسطيني لبدء التجهيز الفعلي لإصدار عملة وطنية، خوفاً من أن هذه الخطوة ستشكل تعبير قوي عن السيادة الفلسطينية في الدولة المستقلة، وتحقيق استقلالية اكبر للاقتصاد الفلسطيني وفض تبعيته عن إسرائيل. من جهته، أشار البروفسور أنور أبو الرب، الخبير الاقتصادي الفلسطيني إلى صعوبة استصدار عملة فلسطينية في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية، موضحاً أن التحدث عن عملة فلسطينية في ظل وجود الاحتلال الإسرائيلية، هو "ضرب من الخيال" ، وبالتالي سيبقى الأمر مؤجلاً لحين إنهاء الاحتلال والحصول على حق قيام الدولة الفلسطينية المستقلة. وعن العملة المتداولة في الضفة الغربية كان الفلسطينيون يستعملون في تعاملاتهم المالية الدينار الأردني حتى حرب عام 1967 ليتحولوا بعد الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية إلى العملة الإسرائيلية التي بدأت بالليرة الإسرائيلية ومن ثم الشيكل. وتعتمد الأراضي الفلسطينية على العملة الإسرائيلية الشيكل في التداولات النقدية، إلى جانب عملتي الدولار الأمريكي والدينار الأردني بموجب اتفاقية أوسلو بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل. ويرى خبراء في القطاع الاقتصادي الفلسطيني أن إصدار عملة فلسطينية له متطلبات أولها استقرار الوضع السياسي والاقتصادي، مشيرين إلى أن الفلسطينيين حتى الآن لم يستوفوا هذه المتطلبات مفضلين الانتظار لحين قيام الدولة الفلسطينية. وقال الخبير الاقتصادي سمير عبد الله الذي شغل منصب وزير التخطيط في السلطة الفلسطينية سابقا إن إصدار العملة الفلسطينية "ضرورة ملحة" شرط تحقيق السيادة وقيام الدولة الفلسطينية، مشددا على أهمية التحضير الجيد لذلك خشية من انعكاسات مالية لاتحمد عقباها. وأضاف عبد الله أن سلطة النقد الفلسطينية بصفتها الجهة الرسمية المخولة بإدارة إصدار العملة الفلسطينية لا بد أن تبدأ أعمال التحضير بشكل أفضل، حتى يكون الأمر جاهزا للتنفيذ عند قيام الدولة الفلسطينية. وعن تداول العملات، بحسب خبراء فإن الشيكل الإسرائيلي يستحوذ على أكثر من 80 إلى 85% من حجم التجارة في داخل السوق الفلسطينية ومع إسرائيل، في حين أن الدولار والدينار الأردني يستحوذان على 15 إلى 20% بما له علاقة ببيع الأصول غير المنقولة; مثل الأراضي والعقارات وأحيانا القروض من البنوك المحلية. وقال عبد الله إن استمرار تداول النظام المالي الفلسطيني بعدة عملات يلحق خسائر كبيرة في الاقتصاد الفلسطيني نتيجة التغييرات التي تجري علي هذه العملات عوضاً عن تكاليف الإصدار أو منافع الإصدار التي يخسرها الفلسطينيين لعدم وجود عملة. وأوضح أنه في حال إصدار عملة فلسطينية يكون باستطاعتنا أن نؤثر علي النمو الاقتصادي بصورة ايجابية ووضع سياسات من شأنها تحفيز الاقتصاد النقدية وفق استخدام سياسية نقدية رشيدة ستعمل على تنمية الاقتصاد الفلسطيني، حيث أن استمرار الارتباط الفلسطيني بالشيكل الإسرائيلي يقوض جهود تنمية الاقتصاد الفلسطيني ويبقي عائقاً أمام استقلاليته عوضاً عن التأثر المستمر في "تذبذب" مستوى الشيكل كونه "عملة شاذة" عن جنس الاقتصاد الفلسطيني. وأكد الخبير الاقتصادي أن تحقيق هذه الخطوة والعودة بالفوائد للاقتصاد الفلسطيني يبقي يصطدم بحجاز الرفض الإسرائيلي، مشيراً إلى أن العملة الفلسطينية لن ترى طريقها للنور قبل إيجاد إرادة دولية بإقامة الدولة الفلسطينية والإذعان الإسرائيلي لذلك، موضحاً أن الانقسام الفلسطيني الداخلي يبقي عائقا أخر لا يقل عن الموقف الإسرائيلي. ويقول الخبير الاقتصادي عمر شعبان من غزة إن الانقسام والحصار الإسرائيلي على قطاع غزة أصبح أحد أبرز العقبات أمام إصدار العملة الفلسطينية المستقلة تماماً، كما تعتبر عائقاً أمام قيام الدولة الفلسطينية نفسها. وأشار شعبان إلى أنه في حال استمرار الانقسام الداخلي وتعذر جهود المصالحة الوطنية فإن إصدار عملة في الأراضي الفلسطينية واستخدمها في الضفة الغربية دون قطاع غزة سيسبب مشكلة كبيرة وتحمل تداعيات خطيرة.