من أعمال الفنان محمد عبود افتتح الفنان محسن شعلان رئيس قطاع الفنون التشكيلية معرض الفنان محمد سيد عبود - الذي شارك في عمل جدارية شارع السودان بمهرجان الإبداع التشكيلي الأول في مصر تحت عنوان "وجوه من بني سويف" في قاعة تحية حليم بأتيلية القاهرة.
محيط رهام محمود
بني محمد عبود فكرة معرضه على "وجوه الفيوم" كمسمى, واهتم بأطفال بني سويف وانطباعاتهم, فقد ارتسمت على وجوههم لحظات الانتظار.. القلق.. الفرح.. الحزن.. الضحك.. التأمل.. الحنين, كما أنه قصد إظهار بيئتهم من خلال ملابسهم التي يرتدوها, وشعورهم الغير ممشطة في بعض اللوحات, وأشكال الحوائط التي تعتري خلفية اللوحات. فهو اختار الطفل في حالته الطبيعية لما يميزه من براءة وشفافية، فوجوههم تحمل نظرة من بيئتهم.
في بعض اللوحات أهتم عبود بإظهار ملامح الجدران وفطرية المكان, كما أخذت عدسته لقطات تجريدية وكأنها ترسم لوحة تشكيلية يتوفر بها جميع القيم الفنية والتشكيلية, ففي لوحة نرى جزء من شباك في الجانب الأيمن منها يقطعه حبلي غسيل في ثلث اللوحة السفلي, وكأنه يحقق مبدأ الثلث والثلثين في رسم لوحة.
ظهر الضوء والظل الذي أهتم بهم في أعماله بوضوح, ساعده في ذلك أسقف المساكن التي تصنع من خشب غير منسق, فتتساقط ظلالها وتنعكس على الشبابيك والجدران بشكل طبيعي من قطع الخشب. كما أن مفهوم الظل والنور عنده مفعم بفلسفة ما, فعندما ينعكس الضوء على سلم يعطي الإحساس بالصعود.
حين تجول في بني سويف أخذته أيضا ملامح وتعبيرات الأشخاص التي لم ينسى التعبير عنها, ففي إحدى لقطاته التي أخذها من مسقط أفقي, وصفت كاميرته حاله التأمل والاستغراق في التفكير التي أوحت بها حركة جسد رجل يجلس على عتبة مسكنه وهو سارح يفكر في شيء ما.
يقول الفنان "اللون في الطبيعة الريفية مهم جدا كطبيعة بشرية عندهم؛ لأن اللون هو الذي يحدد ملامح الأشياء من بعد, فعندهم مدى الرؤية ومساحات الأراضي واسعة, فلابد أن تكون ألوانهم زاهية وواضحة؛ ولذلك فالفلاحات ترتدي ألوانا ظاهرة وزاهية مضادة للأخضر حتى تلفت النظر حين تمشي في الغيطان. فهذا المفهوم ينعكس على كل شيء في حياتهم, وهذا ملاحظ بوضوح في ملابس الأطفال ودهانات الجدران, ففي لوحات المعرض التجريدية تظهر الألوان الزاهية التي تأثروا بها لدخول الحداثة عندهم, فالطوب الأحمر والأسمنت الذي يستخدمونه في بناء مساكنهم دلالة على طبيعتهم التي تغيرت بعد أن كانت تبنى المساكن بالطوب اللبن الذي يصنعونه بأنفسهم, فقد اتجهوا لشراء الطوب الأحمر الجاهز, فالفلاح تحول إلى فلاح أفندي".
من أعمال الفنان محمد عبود وفي إحدى جوانب المعرض نرى عملين "تصوير تشكيلي" يشكل الفنان فيه العمل من خلال الإضاءة, فهو يختار عناصر معينة لتصويرها والضوء هو الذي يعمل على تشكيلها. العمل الأول عبارة عن وحدة إضاءة تحرق قرطاس من الورق, أخذ الفنان لقطته في لحظة معينة عند حرق القرطاس, حيث ساعد الضوء ولون الحرق مع الخلفية المنقسمة إلى ثلث وثلثين بواسطة سدابة من الخشب إلى خدمة العمل وتشكيله, بحيث ظهر وكأنه معالج بوسائط أخرى كالكمبيوتر.
العمل الآخر مكون من ثلاثة لوحات عن الريف ومغزل الصوف القديم, الذي أتخذ الفنان منه لقطات وذلك بفتح العدسة مدة أطول من اللحظة وهي ثانيتين, فقد صور عبود لقطات دقيقة للمغزل لا ترى بالعين المجردة وهو يقوم بحركته الدائرية صعودا وهبوطا, فنتج عن ذلك خلق تكوينات جديدة بخلاف شكل المغزل الطبيعي, تعطي إيحاءات أخرى يراها المتلقي بطريقته وبمنظوره الخاص, ففي إحدى اللوحات قد نراها وكأنها فتاه ترتدي طرحة.