«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد صبري .. رائدالباستيل من قاهرة المعز إلى ملحمة المقاومة
نشر في نقطة ضوء يوم 05 - 06 - 2011

هنا في بولاق أبوالعلا .. في هذا الحي الشعبي العريق الذي شهد مولده في 21 من ديسمبر/كانون الأول 1917، عاش محمد صبري بمنزل الأسرة في رحاب جامع السلطان، والذي سمى الحي باسمه، يطل من "التراسينة" بالدور الأول على المقام، فيطالع جموع النساء يتوحدن في كتلة واحدة مع شبابيك الضريح يأتين من كل مكان حاملات القرابين، من النذور، وبين الدعوات والابتهالات يرددن في توسل: بركاتك يا سلطان .. بركا تك يابو العلا .. أصوات تتداخل مع ألحان السماء التي تنبعث من صوت مؤذن الجامع، ندية كشبورة الفجر، شجية خاشعة بلا ميكرفون.
وفي مولد السلطان، وقبل الليلة الكبيرة بأربعين يوما، تتغير الصورة فتطل البهجة في كل مكان. ويطالع ويتأمل ويسمع ويرى ألوانا شتى من البيارق والأعلام والزينات تحف بوكب الخليفة ومشايخ الطرق الصوفية بأرديتهم البيضاء وشاراتهم الخضراء والحمراء، مع شتى النداءات والهتافات والأغانى والأذكار والأوردة.
وتتدفق الذكريات، يستعيدها صبري: السيرك بخيمته وواجهته الشعبية التي تضج بتصاوير المرأة الطائرة في الهواء والبقرة ذات الستة أرجل مع التنويم المغناطيسي وصوت الشجيع يقف على دكة خشبية ينادي بصوت حاد مشروخ وطرطور أحمر: قرب قرب .. بمليم .. مع الضحكة والقفشة والنكتة .. مع الأراجوز وفرقع لوز والأسد المرعب والتوأم أبو راسين وجسد واحد!
ومع كل هذه الصور يطل النيل بقوته السمراء "حابي" جالب الخير كما أسماه الفراعنة .. تنساب على صفحته المراكب الشراعية قادمة من أعالي مصر المحروسة محملة بالقلل القناوي والأواني الفخارية .. حمراء وبيضاء وسوداء مع العدس والبلح والفحم والسكر.
• أول معرض في العاشرة
وفي مدرسة عباس الابتدائية الأميرية .. كان محمد صبري يملأ كراسة الرسم بكل ما يراه فتزين صفحاتها في النهاية حجرة الناظر لتكون أول معرض له وهو في العاشرة.
يشير إلى ذلك بقوله: كانت المدرسة بالسبتية وما زالت قائمة للآن. كانت تمثل نموذجا فريدا في الانضباط والنظام. كنا ندرس الإنجليزية من السنة الأولى وكنت أتبادل التفوق مع المرحوم د. محمد عماد إسماعيل أستاذ الفلسفة بجامعة عين شمس. اطلع الأول في شهر وهو في الشهر الذي يليه. وتكون الجائزة عادة مجموعة من الكتب بالإنجليزية والفرنسية برسوم بديعة وألوان زاهية تحتوى قصصا من أدب الأطفال العالمى مثل "اليس في بلاد العجائب" و"سندريللا" و"الأميرة والأقزام السبعة". وكنت أنقلها طبق الأصل مع ما أراه من صور حية في مولد سيدي أبوالعلا في كراسة خاصة. وفي يوم من الأيام رآها مدرس الفصل فتعجب ومن فرط دهشته أخذها إلى ناظر المدرسة الذي أمر بعمل معرض من تلك الرسوم داخل حجرته وكان أول معرض لي وأنا في العاشرة!
وهنا يتذكر محمد صبري بائع البراويز الذي كان يأتى إليه الهوانم من الزمالك أثناء التنزه عبر كوبري ابوالعلا. يأتين لشراء تصاوير شعبية أو تزيين صور العائلة في إطارات مذهبة. وكان الكوبرى نقطة التقاء وتجمع أولاد الذوات مع أولاد البلد.
ويضيف: وكانت سينما رويال هنا بمنطقة ابوالعلا مسرحا شعبيا شاهدت فيه عرضا بديعا للكلاب في أزياء مبهجة الطراز، تكاد تضىء من شدة لمعانها.
ويكبر محمد صبري وتكبر معه موهبته ويلتحق بالمدرسة العليا للفنون التطبيقية. وهناك يتلقى تعاليم الفن ومدارسه على يد أساتذة كبار مثل محمد عزت مصطفى وحسني خليل وأحمد راغب. في عام 1936 بدأ نشاطه في الحركة الفنية باشتراكه بلوحتين في معرض صالون القاهرة السادس عشر الذي تنظمه جمعية محبي الفنون الجميلة. وكان يرأسها محمد محمود خليل بك. اشترك وهو مازال طالبا بالفنون التطبيقية. كما حرص على المشاركة في هذا الصالون لعدة سنوات بجانب أعمال رواد الفنون الجميلة الأوائل: محمد حسن، وراغب عياد، وأحمد صبري، ومحمود سعيد، مع الفنانين الأجانب المقيمين بمصر، مما زاد ثقته بقدراته الفنية.
وفي عام 1937 تخرج الفنان محمد صبري، وكان الأول على دفعته. وقد نشرت صحيفة الأهرام صورة فوتوغرافية له وهو يرتدى الطربوش، وذلك بصفحتها الأولى تقديرا لنبوغه وتفوقه. وظل محمد صبري يمارس الفن بقوة وانقطاع دائم. وأقام أول معرض خاص لأعماله عام 1943 بقاعة جولدنبرج بشارع قصر النيل. وعندما زاره الفنان الرائد أحمد صبري أعجب بأعماله ودعاه ليلتحق بالقسم الحر المنشأ حديثا في ذلك الوقت بكلية الفنون الجميلة تحت إشرافه، وقد لبى دعوته في نفس العام.
• النحاسون
وجاء معرضه الثاني في عام 1946 بقاعة فريدمان بشارع قصر النيل أيضا ومن بين لوحاته التي قدمها بالألوان الزيتية والباستيل لوحة "الزوجة الشابة" و"شارع البحر" و"نصف الليل" و"الدرس الديني" و"صباح الخير" و"السائل".
وسجل بريشته منظر تلك الزوجة الشابة التي طال انتظارها لزوجها فوقفت تطل من النافذة ليلا ترقب عودته في رداء يموج بألوان زاهية، ومن خلفها ضوء ينبعث من حجرتها يشعر المشاهد بالفرح الحديث العهد. فيما يبدو عليها القلق على زوجها الذي لم يعد إليها بعد.
أما لوحة "الدرس الديني" فتصور في جو من الصفاء والتألق الصوفي مساحة من الخشوع داخل المسجد. يطل منها الشخوص بعيون ملؤها الدهشة تسمع وتعي وتنصت.
• باب زويلة
وتتنوع اللوحات تعكس الحس الاجتماعي ونبض الشارع المصري كما في لوحته "صباح الخير" التي صور فيها الريفيات بملامح الحسن يقبلن كالفراشات على ملء الجرار، من حنفية المياه التي يقف عليها شاب ريفي يتبادلن معه الحديث. وقد صورهن بألوان هادئة منسجمة ترتعش على سطح اللوحة توحي بالحيوية والبهجة والإشراق مع أول خيط من خيوط الفجر. وقد عالج موضوع "السائل المحروم" بألوان في تركيبات مؤكسدة ذات صبغة خضراء معتمة يسودها الشحوب بإحساس شاعري يفيض بالشفقة.
وفي هذه الأثناء أقامت كلية الفنون الجميلة مسابقة فنية والفائز فيها يمنح بعثة لمدة عامين بمرسم الأقصر. تقدم صبري بلوحة "النحاسين" وهي لوحة صرحية ضخمة ومعها 16 دراسة للوجوه والأشخاص بحركاتهم المختلفة، وهي لوحة برهن فيها على أنه فنان بارع في توزيع الضوء الذي ينبعث متوهجا لينعكس بنسب مدروسة على العاملين بالنحاس، في تكوين رصين متكامل تذكرنا أضواؤه الملتهبة وألوانه الدافئة بسحر الأضواء والظلال للفنان الهولندي رمبرانت أشهر من روض الضوء.
وقد أثارت إعجاب الأستاذ يوسف كامل عميد الكلية في ذلك الوقت والأستاذ أحمد صبري رئيس القسم، والذي علق عليها بقوله: إنني أشعر بحرارة وصهد النار حين أشاهد هذه اللوحة.
وفاز أحمد صبري ببعثة مرسم الأقصر. وكان يقضي الشتاء هناك، أما الصيف فيقضيه بالقاهرة في منزل أثري بحارة "حوش قدم" بين التراث الإسلامي والحياة الشعبية.
في الأقصر كانت معابد الكرنك تتلألأ بشمس الصباح وتنحسر أضواؤها بين جنبات وادى الملوك عند الغروب. فبهرته الآثار الفرعونية والأضواء التي تتكسر على أعمدتها والمناظر الطبيعية هناك .. للنيل وزوارقه والحياة الشعبية والاجتماعية. وقد صور كل هذا في لوحات كثيرة "معبد الرمسيوم بالأقصر"، و"العودة" لفلاح يحمل فاسه، و"بصرة" لمجموعة من الفلاحين يلعبون الكوتشينة، و"ساقية ابو حنفي" بالأقصر و"دودة القطن التي تصور مأساة فلاح مع ضياع جهوده وآماله وخسارة القطن، و"وابور الطحين" لفلاحات بين جالسة وواقفة بسلال الحبوب في انتظار الطحين.
والبطل في كل هذه اللوحات هو الضوء. ضوء مصر الذي يتألق في أبهى صورة في جنوب الوادي ينساب في الأماكن والزوايا والمساحات والمسافات التي تروي قصة حضارة عريقة قامت على ضفاف النيل الخالد.
وفي فترة إقامته ب "حوش قدم" صور قاهرة المعز بمذاقها الشعبي العتيق ومآذنها وقبابها المغلفة بظلال المغيب. في لوحات عديدة تبدت فيها قدرته على التقاط الصور والجزئيات والتغلغل في أعماق الحياة. وتصور أجمل ما فيها بجانب إحساسه اللوني البالغ الرهافة وحرصه الشديد في توزيع الضوء بحساب دقيق، وقد ساعده في ذلك دراسته للتصوير الضوئي في كلية الفنون التطبيقية. وقد استهوته المناظر وأصبحت عالمه المفضل.
• رائد الباستيل
خامة ألوان الباستيل .. خامة صعبة ذات كثافة عالية .. تحتاج إلى تمرس شديد. ويرجع تاريخ التعامل معها إلى عصر النهضة، فقد كان الفنان ليوناردو دافنشي يخط رسومه التحضيرية بألوان قريبة من الباستيل المعروف لدينا اليوم. فكان يخلط الأبيض والأسود والأحمر في مزيج من الدرجات اللونية التي تساعد على وضع الألوان الزيتية. بمعنى آخر استخدمها في رسومه التحضيرية.
وفي عام 1870 تكونت جماعة الباستيل في مارس/آذار، وأقام أعضاؤها في لندن أول معرض للوحاتهم عام 1880.
وقد تألقت تلك الخامة اللونية في أعمال ديجا ورينوار واديلون ريدون وتولوز لوتريك من فرنسا، ومن انجلترا جاءت في لوحات ويسللر وتونيك، أما في أميركا فقد زاعت شهرة الفنانة مارى كاسات، كما تناولها من مصر الرائدان يوسف كامل وأحمد صبري في بعض أعمالهما باقتدار.
• قرية إسبانية
ولقد بدا استخدام الفنان محمد صبري لألوان الباستيل بدءا من الأربعينيات من القرن الماضي. وأصبحت من علامات فنه. وقد تمرس بها وحقق من خلالها عالما شديد الخصوصية .. جعله رائد لها.يقول: خامة الباستيل حلت لي تماما مشكلة تصوير المنظر الطبيعي ولكن على الانضباط بزاوية رؤية محددة وبالزمن الكافي لعمل اللوحة.
والباستيل لها إمكانات هائلة، ولكنها خامة مستقلة وحرة، والفنان يستطيع بلمسات الضوء أن يوجد المنظر الطبيعي من العدم. فالباستيل هو فن الزمان والمكان. لمسة من لون الباستيل تحدد الزمن، وهي لمسة الضوء الساقط على الأشكال كما أن لمسة اللون تحدد الأشكال والتي تعد بمثابة لمسة المكان.
والباستيل خامة سهلة ولكنها تستعصي على من لا يفهمها، وقد أعطاني الباستيل قوة اللون ونصاعته وشفافيته وبريقه ولمعانه وتألقه. وهي صعبة في ألوان الزيت لأن خامة الزيت معتمة بطبيعتها. أما الباستيل فهي خامة مشعة مشتعلة بالضوء، ولقد أحدثت عندي معادلة بين تكويني النفسي والذاتي وبين سلاسة التعبير بها.
وطبيعة الباستيل كما يصفها تشبه إلى حد كبير ألوان الطباشير حتى أن الكثيرين يخلطون بينهما ويستخدمون اسم إحداهما بدلا من الآخر، لكنهما يختلفان في المكونات الأساسية حيث أن الألوان الطباشيرية تتكون من أحد مركبات الكالسيوم أي الجير وهي أقل ثباتا من ألوان الباستيل التي تعالج بمواد كيماوية تتركب أساسا من أحد مركبات الرصاص الذي تضاف إليه المواد الملونة، ولقد أخذت اسمها من كلمة "بسطة" الإيطالية بمعنى عجينة ثم تداولت حتى صارت "باستيلا"!
• الاندلس
يا غصن نقا مكللا بالذهبِ
أفديك من الردى بأمي وأبي
إن كنت أسأت في هواكم أدبي
فالعصمة لا تكون إلا لنبي
ينقله صوت فيروز إلى السحر العربي الذي كان بالإندلس ولا يزال.في عام 1950 أقام محمد صبري معرضا ضم أعماله من بداية تخرجه. ولقد كان هذا المعرض نقطة تحول في حياته. فقد أثار اهتمام نقاد الفن التشكيلي. كتب عنه باهتمام جبرائيل بقطر في البروجريه، و"كلودي ريفز" في جورنال دي ايجبت وأيضا ناقد الفن في البروجرييه اجيبسيان "مورييل" الذي امتدح أعماله وأشاد بها.
وقد وصل صدى هذا المعرض مسامع د. طه حسين وزير المعارف في ذلك الوقت. وكان قد أنشا المعهد المصري للدراسات الإسلامية في مدريد ليكون جسرا ثقافيا بين مصر وإسبانيا، يعيد مسيرة الحضارة العربية هناك، فوافق على ترشيحه مع أوائل الكليات لإيفادهم كأعضاء بالمعهد.
• طارق النحاس
يحكي محمد صبري وسط ذكرياته حكاية سفره إلى هناك فيقول: في أواخر عام 1950 اقتربت ساعة الرحيل والعائلة - تبذل المستحيل - لإخفاء مشاعرها المكبوته التي تصل إلى التوهان.
- محمد - الاسم الغالي – سوف يغيب عنها لسنوات – وهو الابن والأخ والأب بعد وفاة الوالد.
تبتهل الدعوات بمستقبل وضاء لا يتحقق إلا بالخارج .
فى الإسكندرية، ركب صبري الباخرة يرافقه زميلان فى البعثة. وما أن أقلعت حتى تملكهم الخوف والتشهد.
وبسؤال أحد البحارة عن هذه - المرجيحة – أسرع بإغلاق المنافذ، وهو يتمتم رافعا ذراعيه – ربنا يستر الكل تماسك وتحامل بقية الليالى ولا حيلة لهم.
وصلت الباخرة إلى مرسيليا – وعلموا أن لديهم عدة ساعات يستقلون بعدها قطار الليل لحدود فرنسا ومنها إلى مدريد. ولأول مرة تخط قدمي صبري أرضاً أوروبية. أرشدهم الدليل إلى أماكن اللهو.
احتوتهم الأضواء وأزعجهم الضجيج. أذهلتهم طرق الإثارة التي آذت عيون صبري واستعاذ بها من الشيطان. كان أشبه بالريفي الساذج في زيارته الأولى للقاهرة. أخذ يتحرك ببطء. وكاد أن يفقد توازنه. وأصابه دوار مثل دوار البحر بل يزيد. وسبل الإغراء تلاحقهم وتستدرجهم بعنف. تقتلع الأعصاب وتستجدي المشاعر.
حتى زاغ البصر أو كاد. أعرض صبري عن هذا. وبلط في الخط. وبمنتهى المكر، تمسح في ضيق الوقت.
تحمل بهدوء بارد إشارات الزملاء بالتلميح واللمز على تصرفه الخايب. والفرصة الضائعة.
أخذ الوقت يساعده في الاقتراب والكل يخشى فوات قطار الليل ويحسبون له ألف حساب.
وفي القطار غالبه النعاس وأفاق عند وصوله آخر المطاف.
الحمد لله. نطقها وهو يتنفس الصعداء، وقد اكتسى كيانه فرحة غامرة "مدريد" الضياء والأمل. تسربت إلى جسده برودة الصباح. وقبلت جبينه نسمة عابرة.
في الفندق تصافحت الأيدي الممتدة بكلمات الترحيب التي لم يفهم منها شيئا. بحثوا عن حقائبهم فتأكدوا أنها لم تغادر مكانها في مرسيليا. لمحت عيونهم أن مشرفة الحجرات مسرفة الجمال. فأقبلوا على شنطهم الخاصة يتهجون ما يقع عليه البصر من قواميس إسبانية واستبق كل منهم يلقى عليها ما أمكن استيعابه من مفردات المديح، والمشرفة الجميلة، تتوسطهم واقفة على كرسيها العالي سعيدة بهذه المناظرة الغريبة.
تفرق الجمع إلى حيث دراساتهم الجامعية. ارتاح صبري أثناء تجواله إلى نظم المواصلات. وأسعده نظافة الشوارع لدرجة اللمعان. كما أثار إعجابه رجل الشرطة واحترامه للأفراد. وصادف أن ضل الطريق فأرشده من كتيب يشمل شوارع وأحياء مدريد.
وفجأة امتلأ الجو بالجليد، واشتد الصقيع وتحسس جسمه الضعيف وأسرع إلى أول متجر لشراء معطف فصدمه بابه المغلق لأن المتاجر ينتهى عملها في السابعة مساءً حيث تتفتتح أبواب السهر.
أخذته الدهشة حين وجد باب منزله مقفولا أيضاً، وقبل أن يفيق من دهشته رد التحية إلى غفير يقف أمامه بزيه الرسمى – وهو في أدب حائر. ولما علم بأنه ضيف جديد اصطكت فىييده رزمة مفاتيح انفتح بها الباب ثم انصرف مسرعاً بعد أن أغلقه.
أصمت اذنيه وهو في حجرته دوى عصاً غليظة تضرب الأرض بشدة أعقبه صوت جهوري شق سكون الليل.
سرح بأفكاره مع الغفير (السيرينو) كما يسمونه وعصاه الغليظة وصوته الجهوري، وقارنه بغفير الدرك أثناء حراسته ليلاً لأحيائنا وقرانا حيث تطلق حنجرته (نحنحة) كالرعد يخترق صداها عنان السماء. والأبواب التي تغلق على المساكن في التاسعة مساء وتظل في حراسة (السيرينو) حتى الصباح وعلاقتها زمان بالبوابات الضخمة التي كانت توصد ليلاً على الحواري في أحياء القاهرة القديمة.
لا شك أن الأسبان قد اكتسبوا هذا التدبير الأمني من وجود العرب في أراضيهم إلى ما يقرب من ثمانية قرون. دقت نواقيس الصباح معلنة أن اليوم الأحد. انسابت خيوط الشمس تذيب ثلوج الأمس التي تتوج هامات الشجر الممتدة على جوانب الطرق، وكأنها رفيقات الفرح في ثيابها البيضاء وأحواض الورود تغطي الممرات والناس باسمة ناضرة في غدو ورواح - فاليوم لا بيع فيه ولا شراء -, وبدت مدريد فاتنة في أبهى زينتيها كعروس حان زفافها.
• جامع سيدي أبوحربية
حتى إذا قضيت الصلاة انتشرت العائلات هنا وهناك. في الميدان الكبير (بلاثا مايور) يتجمع هواة الطوابع والعملات النادرة. ولا موضع لقدم في سوق الكانتو (الراسترو) حيث يوجد ما يخطر وما لا يخطر على بال. وتجتذب الحدائق عشاقها وأهمها حديقة (الرتيرو) المفرطة في الاتساع والاستمتاع. يهرع إليها الصغار والكبار ينعمون بالصفاء والطبيعة المسرفة في العطاء. يقع محبو الفنون في حيرة الاختيارات ففي مدريد 30 متحفاً تفتح أبوابها مجاناً أيام الآحاد, وأشهرها "متحف البرادو" ثاني متاحف العالم بعد متحف اللوفر في باريس.
اشتاق صبري لرؤية (فيلاسكيث) فنان إسبانيا العبقري. وفي رحاب المتحف أخذ السكون يخيم على الزائرين، وكأن على روؤسهم الطير فلا يسمع إلا همساً. وتأمل الفتاة الإسبانية، وهي في أكمل أناقتها في صحبة فتاها، وهما يتناجيان مع "وصيفات الشرف" أروع روائع فيلاسكيث، حيث شغلت اللوحة الكبيرة قاعة مستقلة في مواجهتها مرآة واسعة تنعكس كاملة عليها وتتوسط اللوحة الأميرة الصغيرة "مرجريت" يحيط بها وصيفاتها. ووقف فيلاسكيث شامخاً في المرسم الملحق بالقصر الملكي وقد سجل في مرآة صغيرة الزيارة المفاجأة للملك (فيليب الرابع) والملكة (ماريانا دى اوستريا). أي تكريم للفن حضور الملكين مرسم الفنان.
أعلنت الأجراس نهاية الميعاد ومازالت الفتاة الإسبانية وفتاها يتناجيان مع "وصيفات الشرف". وقبل أن يغادر صبري الباب الرئيسي للمتحف ألقى تحية إلى فيلاسكيث التمثال الرابض أمامه.
• أول معرض لمصري بإسبانيا
كان مع صبري في الفن عباس شهدي ومحمد العزازي وعبدالعزيز درويش، وفي الأدب د. أحمد هيكل (وزير الثقافة الأسبق) ود. محمود مكي (رئيس قسم الإسباني والأدب العربي بجامعة القاهرة). والتحق صبري بالمدرسة العليا للفنون الجميلة "سان فرناندو"، وحصل على درجة الأستاذية في التصوير. وهناك تأمل بعين الفن والحب مع أعمال فلاسكيث في البرادو أعمال جويا والجريكو.
وفي عام 1951 رشحه أساتذته الإسبان لعمل معرض لإعماله بموافقة د. محمد عبدالهادى أبو ريدة (مدير المعهد المصري والمستشار الثقافي في ذلك الوقت) وكان لا يزال طالبا. وقد أقيم بالمتحف القومي وقدمه مدير المتحف وهو من كبار النقاد بإسبانيا. وكان هذا أول معرض يقام لمصري في مدريد.
ويتردد صبري على إسبانيا مرات ومرات. وتبدأ رحلته التاريخية إلى الأندلس من جديد. يعود إليها حتى تكتمل ملحمته التصويرية التي جسدت عمق الزمن في نسيج من النغم.
• عالم من النور
تنتمي أعمال الفنان محمد صبري إلى الواقعية التعبيرية والتأثيرية في نفس الوقت. والتي تمتد في لمسات قصيرة. تجسد بالنور سحر الأشياء. في لوحات تمثل الأحياء الشعبية والمناظر الطبيعية في القاهرة وأسوان وفي الاقاليم الإسبانية والمغربية أيضا خلال زياراته للمغرب، مستخدما ألوان الباستيل التي ملك زمامها وسيطر عليها لتحقيق م ايصبو إليه من تشكيل القيم الجمالية التي ينشدها ببساطة شديدة وبلا عناء أو تردد أو غموض.
وكما يقول الناقد صدقي الجباخنجي: "استطاع أن يعكس على لوحاته مشاعره وتأثره بجمال ما يراه فيحيله حينا إلى ألوان هادئة بلمسات رقيقة ببلاغة وإحكام. وحينا آخر يحيله إلى لوحات تشكل صراعا عنيفا بين الأضواء الساطعة والظلال القاتمة وما بينهما من انعكاسات، وفي لوحات أخرى نشاهد الألوان كالهواء المشبع بالماء والسماء الصافية بغير حساب."
وقد صور صبري القاهرة الفاطمية في أكثر من 200 لوحة. تعد بمثابة الذاكرة التشكيلية المرئية لقاهرة المعز التاريخية بأبوابها وبواباتها: باب النصر، وباب الفتوح، وبوابة المتولي، مع سحر الأبهاء والممرات والدرج الشاعري، وهذا النسق الفريد من الكوى والمنافذ والأقواس مع المشربيات وجمال المعمار الذي يمثل جزءا من شخصية مصر. من الأقمر والأزهر والجامع الأزرق والسلطان حسن مع الخيامية والغورية ودرب التبانة بالقلعة وغيرها من مساحات ومسافات تفيض بالأضواء والظلال وأسرار التاريخ. كل هذا مع حركة البشر ودنيا الناس.
وصبري عاشق لباستيل كما أطلق عليه بيكار، عرف كيف يستنطق هذه الخامة ويطوعها لأنامله ويصاحبها في مشواره الطويل عبر معالم مصر وأحيائها. يسجل الأزقة التي تعج بأبناء البلد والبيوت العتيقة التي تتجاور نوافذها لدرجة الالتصاق والمآذن التي تغترف من السماء رحيق الصفاء والظلمة الرطبة التي تنساب بين الدروب. واللمسات المرتعشة، رعشة الضوء وهي تستقر فوق الجدران بمنظور سليم رصين يجسم المباني الصماء ويودع فيها نبضا إنسانيا. يعلن عن حنين الفنان الجارف إلى مسرح الطفولة، طفولته هو، فيحيل لوحاته من مجرد تسجيل طبوغرافي أمين إلى أصداء حضارية وبصمات تاريخ وصفحات مجد أصيل.
• زمان الوصل
وعلى الجانب الآخر صور فناننا صبري في لوحاته عمق الزمن الجميل. زمن الوصل بالأندلس. مسكون بالنور والبهاء والإشراق. فقد امتلأ بسحر الدروب والممرات والمنحنيات هناك مع الجسور والقصور، وعاد إلى الآثار العربية التاريخية. ينقل في لوحاته آيات الإبداع الإنسانى من السحر العربي: قصر الحمراء في غرناطة، والجامع الكبير في قرطبة، والجيرالدا وبرج الذهب والقصبة في اشبيليه، والقصبة العربية في ملقا، والكوبري العربي في روندة، والقرى الصغيرة التي تبدو في معمارها أشبه بالأرابيسك تقام في حضن الجبال محفوفة بالأشجار والشجيرات. وقد استمر الوجود العربي بإسبانيا أكثر من 700 سنة وأسبغ سحره وبهاه على الأماكن هناك.
ومع رصانة الإيقاع وقوة البناء وشاعرية الأداء شكل بإحساسه وعواطفه تلك القيم الرفيعة من التعبير والتجسيد والتي تمثل درسا في المنظور وزوايا الضوء ومثالية النسب وأناقة التكوين حتى أطلق عليه المعماري يحيى الزيني: مهندس العمارة في الفن التشكيلي.
ولاشك أن أعمال محمد صبري والتي نقل فيها الآثار العربية هناك تمثل درسا بليغا في حوار الحضارات ودرسا آخر في قوة الحضارة الإسلامية.
وفي الأعمال عموما تبتهل العمارة وتنفرج المآذن في جلال تتعانق مع الأفق المسكون بابتهالات الضوء وكثافة السحب في مزيج من البنفسجي الناعس والأزرق الهادىء مع مهرجان من الغنائيات اللونية المتمثلة في الأحمر الصارخ والأزرق الليلى والبحري. وكلها تألقت في العناصر المعمارية وعلى الملابس والمقاعد والوجوه وفوانيس الإضاءة ورقرقة المياه في الينابيع والبرك التي تعكس الأبنية المحمولة على أعمدة بظلالها الشاعرية، وفي الزروع والأشجار.
ولفناننا محمد صبري العديد من الأعمال الوطنية والتاريخية التي تسجل تلك الأحداث الوطنية والمصيرية لمصر والأمة العربية. ففي أعقاب حرب 56 تأجج واشتعل غضبا صبه في لوحته المتسعة الملحمية "معركة بورسعيد" وهي زيتية جسد فيها روح المقاومة الشعبية ومشاعر الإصرار والتصميم. صاغها بخطوط قوية ثائرة وألوان ساخنة تصور لهيب المعركة وضراوتها وهي معروضة حاليا بمتحف بورسعيد.
كما سجل خطاب السلام الذي ألقاه الرئيس جمال عبدالناصر 1961 في كلمته بمقر الأمم المتحدة أمام رؤساء العالم، وهي زيتية 240× 175.
وقد جسد اجتماع الرؤساء والملوك الذي تم في القاهرة 1970 ورأسه الزعيم جمال عبدالناصر، وسجل فيه اتفاقية القاهرة حيث يطل زعماء الأمة العربية من أجل فلسطين "زيتية 240 سم × 150سم".
وجاءت لوحته 6 أكتوبر حاشدة كحشودنا أسطورة كهبتنا كما تقول د. نعمات فؤاد، ملتهبة كعزمنا كغضبنا، والتي تضيف: "لست أدري من الذي قذف العدو باللهب اللوحة أم قذائفنا. إننا معا جيشنا الذي انتصر وفننا الذي سجل الانتصار".
• جوائز وأوسمة
منح الفنان محمد صبري وسام العلوم والفنون من مصر. كما حصل على جائزة الدولة التقديرية. ومنحته إسبانيا وسام الاستحقاق من درجة فارس وعضوية شرفية للجمعية الإسبانية للفن التشكيلي، وهو عضو لجان التحكيم في صالون الخريف بمدريد. وقدمته دائرة المعارف الإسبانية بمقال مطول في طبعتها عام 1978 كما قدمته الموسوعة البريطانية الشهيرة من هو؟ وهو عضو دائم في الاكاديمية الملكية سان فرناندو بمدريد منذ عام 1967. وكتب عميد النقد في إسبانيا "الماركيز دي لوثويا" رئيس أكاديمية سان فرناندو في مقدمة معرضه هناك عام 1972:
محمد صبري رسام عظيم في خطوطه، ولوحاته الزيتية رائعة،. غير أن أهم ما يمتاز به إنتاج الفنان هو سيطرته التامة على مادة الباستيل الصعبة والوصول بها إلى نتائج مذهلة بلمسات خفيفة مؤكدة، لتعطى تأثير لمسات فرشاة الزيت، وهو فنان رومانتيكي روحاني بطبعه وإن كان ينحو إلى التاثيرية.
ويقول الناقد الفني لجريدة ا. ب . ث وهي من أهم الصحف الإسبانية في مقاله بتاريخ 27 أبريل/نيسان 1980: "تعتبر اللوحات التي رسمها الفنان محمد صبري من أنبل ما رسم للمناظر في إسبانيا. ويعتبر من أهم فناني الباستيل في وقتنا هذا، ونجده يرسم المدن الإسبانية لا من خلال مظهرها السطحي بل من خلال نظرته المتعمقة".
وفي النهاية قلنا للفنان محمد صبري: ما رأيك في ثورة شباب مصر 2011 والتي تحولت إلى ثورة شعبية؟ قال باعتزاز: هي ثورة عظيمة سوف تثمر الكثير والكثير من الخير إن شاء الله. تحية إلى لمسة تألقت بسحر مصر وإسبانيا والمغرب، بعمق النور والحضارة والتاريخ.
--------
* ناقد وفنان تشكيلي مصري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.