قال الخبير الاقتصادي د . أحمد السيد النجار أن مصر قبل الثورة بثلاث سنوات تمتعت بكل الشروط التي تساعد على الانفجار الثوري؛ حيث زادت الاحتقانات والاحتجاجات، وفشل برنامج الاصلاح الاقتصادي الليبرالي الذي كان الأسوء بلا منافس في العالم، ولم ينجح في معالجة البطالة والفقر، وصب اهتمامه على مصالح الطبقة العليا فقط . وأضاف أن نظام مبارك كان يغطي الأداء الاقتصادي السيء ببيانات مزورة يتلوها الوزراء، وكانت وسائل الإعلام تردد ما تقوله الحكومة ولم تلعب دور الرقيب على السلطة كما كان ينتظر منها . جاء ذلك خلال ورقة قدمها الباحث لمؤتمر "الثورة والثقافة" الذي تشهده دار الأوبرا المصرية اليوم ولمدة ثلاثة أيام . وقد ندد النجار ببرنامج الاصلاح الاقتصادي وبرنامج الخصخصة الذي تم دون وجود اي ضمان بان تكون هذه العملية نزيهة، ولا اجهزة رقابية وانتهى الأمر بما أسماه بالفساد الأعظم في تاريخ مصر . مضيفا أن كل تلك الجرائم كان يجب أن يحاكم عليها رئيس الوزراء آنذاك د. كمال الجنزوري ووزير الزراعة والمالية وغيرهم . ويرى النجار أننا نعاني حالة من الاضطراب في التحرير الاقتصادي، وتحويل القطاع الزراعي إلى قطاع عشوائي، وظلم الفلاحين . وهو يضيف أن عهد مبارك شهد تغيير نظام الضرائب الذي قهر الطبقة الوسطى؛ حيث وحد المعدل الضريبي بين الطبقة العليا والوسطى، وهذا النظام لا علاقة له بالنظم العالمية. وأوضح النجار أن معدل الديون في عهد عبدالناصر كان 2.7 مليار دولار، ووصل في عهد السادات إلى 21 مليار دولار، وارتفع في عهد مبارك الى 51 مليار دولار. وأشار إلى نهب الطرف الاجنبي في عهد مبارك 86 مليار دولار نزعها الاجانب من الداخل للخارج، كما مازالت تهدر الثروات الطبيعية بسبب فشل نظام مبارك. من جانب آخر ، أكد "النجار" أن جزء أساسيا من قهر الطبقة الوسطى تمثل في ارتفاع أسعار السلع والخدمات وعدم تزايد الأجور إلا قليلا مما تسبب في انهيارها. وكذلك إهانة البحث العلمي وقيمة العلم الذي انخفض الانفاق عليه عن الناتج العالمي في عصر مبارك. وفي الندوة التي أدارها الدكتور حسن نافعة ، تحدثت د. ليلى غانم رئيس تحرير مجلة "البدائل" عن دور المرأة في الثورات العربية ، حين هتفت في الشوارع ورفعت شعارات الحرية والعدالة شريكة مع الرجل . وظهرت نساء من طبقات وثقافات مختلفة بالميدان، فهناك المنتقبة والمحجبة وغير المحجبة ، الكل اتفقن على المطالب العادلة للمصريين. وقد لاحظ المراقبون الغربيون أن المرأة العربية لم تتعرض للإيذاء الجسدي في أيام الثورات ، دليل عدم النظر لها نظرة متدنية ، ولاحظوا كذلك أن الجماهير بشكل عام لم تصعد المطالب الدينية البحتة . ومن جانبه قدم د. محمد عفيفي أستاذ التاريخ العالمي المعاصر ورقة بعنوان "الطريق إلى الربيع العربي رؤية تاريخية"، وقال أنه لم يعد التاريخ علم الماضي بل علم الحاضر وربما رسم سيناريوهات للمستقبل. وأكد أن الثورة لم تحدث من فراغ، وإنما نتيجة تتابع سلسلة من العوامل والاحداث. وأكد عفيفي أن ظاهرة الربيع العربي من وجهة نظر تاريخية لا يمكن فهمها وتقبلها إلا بالرجوع إلى الخلف؛ فكل الدراسات والآراء رأت ان سقوط حائط برلين وتلاشي العالم القديم هو نهاية لنظام جديد وظهور عالم جديد، وكانت الآراء الأوربية ان هناك رياح من التغير سوف تهب على العالم العربي، وطال ذلك تركيا، التي أصبحت القوة الإقليمية الأولى في الشرق الأوسط، والكل كان يرى ان العالم العربي هو الذي تطير إليه رياح الديمقرطية. لكن - يستدرك الباحث - حدثت مجموعة من التغيرات التي اخرت الربيع العربي أولها غزو صدام للكويت الذي ساعد على دكتاتورية العالم العربي، العامل الاخر هو انتخابات الجزائر ونجاح الإسلاميين في الجولة الاولى، ثالثا موجة الإرهاب في العالم العربي ولاسيما في مصر على وجة الخصوص، وحدوث نوع من التحالف مع اليسار العربي ضد الإسلام السياسي والتجربة الشهيرة بمصر وتونس، رابعا وصول حماس للحكم بالانتخابات وردود فعل ذلك. خامسا وجود إسرائيل في المنطقة عامل مهم في تأخير الديموقرطية، ومحاولة إضعاف الديموقرطية ، سادسا حادث 11 سبتمر عام 2001 وما ترتب عليه من حروب وغزو افغانستان، كل هذه العوامل اخرت ربيع الديموقراطية المنتظر منذ التسعينيات. أضاف عفيفي أن مجموعة من التاريخيين كتبوا في عام 2003 ان المجتمع العربي يعاني من ازمة طاحنة ولابد من التغيير، وفي عام 2004 قيل أن بوادر مجتمع بدأت في الظهور، واهم هذه العوامل كانت سقوط الخطاب القديم، وسقوط وهم مصطلح الاستقرار، وبدأت المطالبة بالتغيير، ولكن الأنظمة العربية لم تلتفت لهذا الأمر ورفعت شعار الإصلاح العربي. ويضيف أستاذ التاريخ أن ثورة الاتصالات أدت إلى تغيرات في العالم بشكل عام وفي العالم العربي بشكله التقليدي، وخلفت ثورة الاتصلات أنماطا جديدة في المعرفة وهذا أدى إلى اسقاط النظام الأبوي والتسلطي.