عواطف عبد الرحمن: الظروف التاريخية والسياسة أقصت الصعيد عن صناع القرار والمثقفين خيرية البشلاوي: الدراما شوهت المجتمع الصعيدي بعاداته وتقاليده وتاريخه د.على طلبة: المحرض الرئيسي على الثأر.. وتستشار سرًا في كل كبيرة وصغيرة رغم عنفها وشدتها ولهجتها المميزة، التي وصفتها الفنانة يسرا اللوزي ب"البرطمة" في حديث لإذاعة " نجوم إف إم" ، إلا أن "المرأة الصعيدية" تعتبر محور الحياة في المجتمع الجنوبي بصعيد مصر. يسرا اللوزى في هذا التقرير تكشف شبكة الإعلام العربية "محيط" الأبعاد المختلفة للمرأة في الجنوب، وكيف ظلمتها الدراما المصرية، رغم تأكيد الدراسات الإنسانية على قوتها وصلابتها. سميحة ايوب فى الضوء الشارد الدكتورة عواطف عبد الرحمن، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، ترى أن صعيد مصر يعاني كثيرًا من التهميش بسبب صناع القرار والأوساط العلمية والأكاديمية، مشيرة إلى أن الظروف التاريخية والسياسة لعبت دورًا سلبيًا في إقصاء الصعيد بنسائه ورجاله وتغييبه عن أنظار واضعي السياسات وصناع القرار والمثقفين والباحثين. وأوضحت أن وسائل الإعلام في العاصمة أسهمت في تهميش المرأة الصعيدية وتشويه صورتها لدى الرأي العام. تشويه التاريخ والتقاليد وتعتبر الناقدة الفنية خيرية البشلاوي أن الأعمال التليفزيونية لم تنقل جوهر الصعيد الذي يعلمه الجميع تماما، وأنها توحي للمشاهد بأن المرأة الصعيدية مازالت على عهدها القديم من الجهل بالمخالفة للواقع، مشيرة إلى أنها شوهت المجتمع الصعيدي بعاداته وتقاليده وتاريخه الذي يشكل جزءًا مهمًا جدًا في البنية الأساسية للمجتمع المصري. رانيا يوسف فى خط احمر من جانبه، قال الدكتور عبد الباقي السيد، أستاذ التاريخ بجامعة القاهرة، إن السيدة الصعيدية تغير حالها عن زمن العصور التاريخية، منوها إلى أن هناك محاولات تطور في الزي والمأكل والملبس، وإن وجدت بعض الفئات التي لا تزال تتمسك بزيها وطبيعتها. وأوضح أن الدراما حاولت أن تظهر المرأة الصعيدية قدر الاستطاعة في صورة قريبة لوضعية وطريقة المرأة الصعيدية، ولكن بلا شك هناك محاولات تصنع متعمد في بعض الحركات والألفاظ للحبكة الدرامية. بدوره، أوضح الدكتور علي طلبة، أستاذ علم الاجتماع بآداب جامعة جنوب الوادي، أن المرأة الصعيدية حتى نهاية السبعينات كانت لا تخرج من بيت زوجها إلى بيت أبيها إلا مرة واحدة كل عام، وعند خروجها كانت تتدثر بالبردة "رداء ثقيل من الصوف يغطي الجسد بأكمله" حتى لا يظهر منه شيء، مضيفا أنها، عل عكس ما تصورها أغلب الأعمال الدرامية، تتم استشارتها سرًا في كل كبيرة وصغيرة تخص العائلة وخاصة إذا كانت كبيرة في السن وأثبتت أنها العنصر الفاعل في مجتمع صعيد مصر، على خلاف ما يشاع عنها بأنها مجرد تابع للرجل في مجتمع ذكوري. عبلة كامل فى سلسال الدم وأكد أن المرأة الصعيدية تلعب دورًا كبيرًا في قضية الثأر لأنها العنصر الرئيسي في التحريض عليه، وهي تصر على تذكير أبناء عائلتها بدم رجالهم المهدر دائما، وتقوم بارتداء الملابس السوداء والعقود الزرقاء المعروفة "بعقد الحزون"، إلى جانب طقوس "التعديد" من حين لآخر والحرص المستمر على شم رائحة دم القتيل التي تظل عالقة بثيابه والتي تحتفظ بها الزوجة أو الأم أو الأخت حتى يتم أخذ ثأره. وكشف عن أن دراسة أجريت بين نساء الصعيد أثبتت أن السيدة مدعمة ومحرضة على الثأر، وأن نسبة 54% منهن يرين أن من يفرط في ثأره يعتبر عارا على عائلته ويتم الطعن في رجولته، وتطالبه المرأة بارتداء ملابس النساء، بينما يؤكد 46% من عينة الدراسة أن المرأة تنظر للرجل الذي يرفض أخذ ثأره بأنه ضحى بسمعة وشرف العائلة، وتتهمه بأن دم القتيل رخيص عنده وليس له قيمة. وأوضح أستاذ علم الاجتماع أن المرأة تعتمد على أسلوب الضغط النفسي لتثير حفيظة الرجال عن طريق بعض المقولات مثل "اديني اللبدة وخد الشٌقة"، وهي تعنى اتخذ من حجابي رداء لك، وذلك لتشعل حماسه ومحاولة للطعن في رجولته. معركة النهر ولفت طلبة إلى إلى الدور الذي لعبته المرأة في التحريض على الثأر عبر التاريخ، والذي يعود إلى "معركة النهر" بين الخوارج وعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه- حيث كانت توجد سيدة فائقة الجمال تدعى "فطام بنت الأخضر" قُتل أبوها وأخوها في هذه المعركة، وتقدم شخص يدعى عبد الرحمن بن ملجم لخطبتها، فقالت له: لا أتزوجك حتى تشفى لي "أي تثأر لي". قال: وما تريدين؟. قالت: ثلاثة آلاف عبد، أو قتل على بن أبى طالب، فإن أصبته شفيت نفسك وشفيتني ونفعك العيش معي. فوافقها، ولما كانت ليلة الجمعة تربص له عند الباب الذي يخرج منه للصلاة، فلما خرج هوى عليه ابن ملجم بسيفه فأصابه.