اعتقد ان التقدم المتلاحق في تكنولوجيا الاتصال والاعلام قد أجبر النظام الاعلامي في مصر علي التغيير. فلا بد من دراسة تأثيرات ثورة الاعلام علي المجتمع والرأي العام. ومن هنا لابد من التفكير بجدية في حلول جذرية للسيطرة علي الوسائل الاعلامية بأنواعها المتعددة ومحاولة ضبط ايقاعها بصورة دورية لا ان نترك الامور حتي يصعب العلاج ومن ثم يأتي البتر حلا لابديل له فاللجوء الي المنع في حالة تجاوزالسقف المسموح أو الخطوط المتفق عليها. هو اسلوب لن تستمر فعاليته طويلا ليس فقط لان الاصل في الاعلام هو الحرية والاباحة بل كنتيجة حتمية للتطور في تكنولوجيا الاتصال والاعلام التي جعلت المنع اقرب الي المستحيل في هذا الاطار قد تتحول الشركات التي تمتلك القنوات الفضائية. الموقوفه الي البث من خارج المنطقة. وقد يرسل المتطرفون رسائل جماعية عبر الجوال من خارج مصر. وقد تعتمد القنوات الاجنبية في تغطية الانتخابات علي جهود الافراد العاديين الذين توفر لهم تكنولوجيا الاتصال كاميرات صغيرة. وهواتف مزودة بكاميرات ذات جودة مقبولة لتسجيل وبث الوقائع الحية للانتخابات وغيرها من الاحداث. كل ذلك يؤكد ان رهان المنع غير عملي فضلا عن لا اخلاقيته. فالقدرة علي البث المباشر عبر اقمار غير عربية اختيار متاح. وشبكة الانترنت وماتوفره التكنولوجيا لهؤلاء الفئة متاحة ورخيصة ويصعب السيطرة عليها أو مراقبتها. وبالتالي لابديل سوي الحوار بين كل الاطراف. ومن كل الاتجاهات. للاتفاق علي قوانين جديدة تحدد العلاقة بين الملكية والعمل الاعلامي فتركيز الملكية الاعلامية في يد شخص يمتلك قناة فضائية يوجهها كيف يشاء اسلوب خاطئ لا يتناسب مع ضرورة الحفاظ علي استقرار المجتمع ومراعاة احتياجاته فلا بد من تشجيع الملكية التعاونية في الاعلام وتدعم الدور الرقابي للمجتمع المدني وحقوق المواطنين في الاتصال.. مع ضرورة الاتفاق علي قواعد اخلاقية ومهنية. وهيئات اشرافية مستقلة تنظم عمل الاعلام تحت قانون واضح وظاهر لجميع الاعلاميين واصحاب المصالح الفضائية الخاصة ويتم تطبيقه بحسم دون مواربة او وساطة لاجل هذا او ذاك ولابد ايضا ان يخضع تلفزيون الدولة لهذا فلا يصح ان يكون هذا العملاق الاعلامي لا دور له الا المسلسلات وبرامج الترفية في الاونة الاخيرة لمحاولة جذب الاعلانات وياليته فعل فلا بد لهذا الصرح الاعلامي ان يعود لمكانته داخل المجتمع من خلال التوجيه والتثقيف والتفاعل مع الاجيال الجديدة ليس بالاغاني فقط وبرامج المسابقات الرخيصة وتقديم القدوة الهدامة للشباب وانما من محاولة جذب الشباب المثقف الواعي الي شاشته ليس للسيطرة بل للتوجيه المجتمعي والسياسي البناء ولن يتم هذا الا اذا خرج اداء ماسبيرو من الاداء الشخصي المنفرد الي الاداء الجماعي المؤسسي ولذلك اتمني من السيد وزير الاعلام وهو من انشأ لجان التقييم الاعلامي لحرصه علي وجود مرجعية اعلامية محترفة داخل ماسبيرو بأن يحيل جميع برامج ماسبيرو الي هذه اللجان لتقييمها وان تتمتع هذه اللجان بالشفافية والاستقلالية وحرية اتخاذ القرار وان تكون قراراتها ملزمة للجميع وليس قرارات استشارية فقط قد تجدي وقد لاتجدي وان تضم في عضويتها ليس الاكاديميين فقط واساتذة الجامعات بل اصحاب مهنة الاعلام بدون وساطة ولامحسوبية فالاعلام الفعلي الحالي يمارس علي الشاشات وليس في الكتب فقط وان تكون هذه اللجان بعيدة عن اصحاب المصالح والا يتم انتاج برنامج جديد في ماسبيرو الا بعد موافقة لجنة التقييم عليه ومعرفة جدواه والقائمين عليه ومعرفة ميزانيته وأوجه الانفاق عليه ونتمني ايضا ان يقوم سيادته باتخاذ خطوات جادة للقضاء علي عشوائية الاعلام الترفيهي في ماسبيرو والاستعانة بالمخلصين من ابنائه لعلنا نحقق اعلاما يبني ولا يهدم ويجعل رفعة شعب مصر ومستقبل شبابه هو الاساس والا ننجرف الي من يجعلنا نحاول اللحاق بركب القنوات الخاصة ولن نلحقها فكل له اهدافه ووسائله. وهذا لن يحدث الا اذا تم اعتبار النهوض بالاعلام المصري مشروعا قوميا يتخطي نطاق ماسبيرو والقائمين عليه تتكاتف فيه كل القوي الاعلامية المحبة لمصر ولعل مصر تذخر بالاعلاميين المثقفين والمخلصين ولذلك ندعو الي ان يعقد الحزب الوطني مؤتمرا موسعا للنهوض بالاعلام المصري باعتباره الحزب الحاكم تشارك فيه جميع القوي الاعلامية وليس اصحاب المصالح فقط لوضع السياسات الاعلامية ومشاريع التطوير الفعلية التي ينبغي تنفيذها بعيدا عن الاهواء الشخصية .