للأسف.. لا يريد أحد أن يتعظ أو يعتبر بما يحدث علي كافة الطرق المصرية من حوادث مؤلمة. فيركز في طريقه. ويلتزم بقواعد المرور. ولا يشغل نفسه بأية أمور غير الطريق الذي يسير عليه. لكي يصل بسلامة الله وأمنه الي حيث يريد. كل يوم نفجع بحوادث لأقارب وأصدقاء وزملاء وجيران تحصد أرواح شباب في عمر الزهور. وتقضي علي أسر بأكملها. وعندما نبحث عن الأسباب توجه أصابع الاتهام الي الهوس بالهاتف المحمول. والانشغال بما يوفره لنا من وسائل تواصل عصرية. مثل الفيس بوك والواتس أب وتويتر وأنستجرام وغير ذلك أثناء القيادة. وكأننا نجلس في استرخاء بالمنزل. ولا نسير علي طرق يتصارع عليها كل سائقي المركبات. ويسير عليها العاقل المتزن الي جوار الطائش المتهور. ولا يلتزم بقواعد المرور والقيادة الآمنة إلا أقل القليل. علي كل الطرق المصرية داخل المدن وخارجها أصبح من النادر أن تجد قائد سيارة لا ينشغل أثناء القيادة بهاتفه المحمول.. فإما أنه يتحدث ويرغي وهو يمسك عجلة القيادة بيد واحدة والأخري تحمل الهاتف.. وإما أنه يسير بسيارته بطرف عين بين السيارات ومن أمامه عشرات المارة من الرجال والأطفال وكبار السن. وهو في الغالب لا يرد علي صديق علي الفيس أو الواتس. بل يكتب علي الواتس أو يرسل بوستات وتغريدات. أو يشاهد كليبا جديدا علي اليوتيوب.. والنتيجة في كل الأحوال حوادث وضحايا وتلفيات في المركبات ومشاجرات هنا وهناك.. والغريب والعجيب أن كل هذا يحدث يوميا علي كل الطرق تحت سمع وبصر رجال المرور المكلفين بتطبيق القانون وحمايتنا جميعا من فوضي الفوضويين وعبث العابثين. **** منذ أيام توقف بسيارتي بشارع الهرم لكي أشارك في فض مشاجرة حامية الوطيس بسبب احتكاك بين عدد من السيارات تسبب فيه شاب فوضوي يقود سيارته وهو مشغول بالرد علي أصدقائه علي الفيس بوك كما ظهر من خلال الهاتف الذي يحمله.. الغريب أن الشاب اعترف للمتجمعين حوله بأنه ليس مخمورا كما اتهمه البعض. ولكنه كان مشغولا بالفيس.. وانتهت المشاجرة بالفض السلمي بعد أن أقنع المارة المتضررين من أصحاب السيارات التالفة بأن ما حدث قضاء وقدر.. وبعد أن استمعوا الي عبارات من نوعية "الحمد لله علي كده.. قضاء أخف من قضاء.. ربنا يعوض عليكم إن شاء.. مش معقول راح تأخذوا تعويض" وانصرف الشاب المستهتر وكأنه لم يفعل شيئا بعد أن تسبب في تلفيات بثلاث سيارات. هذا مجرد نموذج لأقل المصائب التي تحدث يوميا علي الطرق العامة وفي شوارع المدن بسبب الانشغال بالهاتف وما به من وسائل اتصال وتواصل عصرية... أما المصائب الكبري فحدث عنها ولا حرج. فوفقا لإحصاءات المرور عن عام 2017 وما زلنا في انتظار إحصاءات 2018 فقد فقدنا خلال هذا العام 7370 روحا في حوادث علي الطرق معظمهم شباب بين عمر 15- 44 عاما. وما يقرب من الربع أطفال ورضع.. وأوضحت البيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن وفيات الشباب في الفئة العمرية من 15- 44 عاما بسبب حوادث الطرق بلغ عددها 3848 حالة وفاة بنسبة 52.2% من إجمالي وفيات حوادث الطرق. پوسجلت الفئة العمرية من 15- 24 عاما أعلي عدد لحالات الوفاة في حوادث الطرق 1549 حالة مقارنة بباقي الفئات العمرية. بينما بلغ عدد حالات الوفاة لأطفال في الفئة العمرية من 5- 14 عاما 711 حالة. و 560 حالة وفاة لأطفال ورضع أقل من 5 سنوات. بإجمالي 1271 حالة بنسبة 17.2% من إجمالي حالات الوفاة بسبب حوادث الطرق العام الماضي. وطبقاً للبيانات الإحصائية. بلغ عدد وفيات الفئة العمرية من 65 عاما فأكثر بسبب حوادث الطرق خلال عام 2017 نحو 642 حالة وفاة. وارتفعت في الفئة العمرية الأقل من 55-64 عام إلي 776 حالة. أما الفئة العمرية من 45 - 54 عاما فسجلت 833 حالة وفاة. وعلي مستوي المحافظات. جاءت محافظة القاهرة في المركز الأول من حيث ارتفاع عدد الوفيات في حوادث الطرق بها ب 1307 حالات. تلتها الجيزة بعدد 821 حالة وفاة. ثم الإسكندرية ب 744 حالة. **** المؤسف أن معظم مخالفات قائدي المركبات علي الطرق الداخلية والخارجية تقع جهارا ويتم رصدها من خلال رجال المرور ولا توقع علي المخالفين أية عقوبة.. فلا يتم إيقاف الذين يتحدثون في الهاتف أثناء القيادة. ولا يتم سحب رخص الشباب الفوضوي الذي يستهين بأرواح الناس ويقود سيارته برعونة وهو مشغول بهاتفه. كما لا يتم معاقبة هؤلاء الذين لا يلتزمون بحزام الأمان خاصة علي الطرق السريعة وهو ما يضاعف من الحوادث علي كل الطرق دون استثناء. هذا التسامح أو التساهل في تطبيق قانون المرور يضاعف حتما من أعداد الضحايا. ويؤدي الي مزيد من الفوضي المرورية لا محالة.. وليس أمامنا الآن إذا أردنا أن نقلل من حوادث الطرق ونحمي أرواح الأبرياء ونحقن دماء المواطنين الغلابة الذين يستعينون بسيارات الأجرة للتنقل بين المدن والقري سوي تطبيق القانون بكل حزم واتخاذ المزيد من التعديلات التشريعية علي قانون المرور لردع هؤلاء المستهترين بأرواح الناس. حوادث الطرق في مصر من أعلي المعدلات العالمية وهي تفرض علي كافة أجهزة الدولة التشريعية والتنفيذية اتخاذ المزيد من وسائل المواجهة والردع حماية لأرواح المصريين الذين يتساقط الكثير منهم علي الطرق نتيجة تهور ورعونة البعض وتحديهم للقانون. الطرق المصرية في أمس الحاجة الي تطبيق قانون المرور الحازم لردع الفوضويين والمستهترين والحمقي.. وما أكثرهم علي الطرق المصرية.