مصطلح "الإسلام السياسي" بدعة أريد بها إخضاع الدين للسياسة. بحيث يصبح دين السياسة. وليس سياسة الدين. وهذا إهانة لدين الله تعالي واستهزاء به. وهي بدعة محدثة. لأن كل ما درسناه وعرفناه وصنف فيه العلماء بحق الكتب والمصنفات هو "السياسة الإسلامية". وليس الإسلام السياسي والسياسة الإسلامية هي ما كان عليه رسول الله اللهم وصلي وسلم وبارك عليه منذ بدأ تأسيس الدولة الإسلامية عند هجرته إلي المدينةالمنورة اللهم صلي وسلم وبارك عليه. وما كان عليه من بعده الخلفاء المهديين الراشدين ومن تبعهم بإحسان من خلفاء المسلمين رضي الله عنهم جميعاً. "والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم" "100: التوبة". وسياسة الدول عموماً تنقسم إلي سياسة داخلية وسياسة خارجية. وقد بدأ رسول الله اللهم وسلم وبارك عليه بالسياسة الداخلية: كان بالمدينة عند قدوم رسول الله اللهم وسلم وبارك عليه اليهود وهم الذين نزلوا بالمدينة قبل الأوس والخزرج. فلما قدم عليهم الأوس والخزرج. حالفوهم وصار لكل حي من أحياء اليهود حلفاؤهم من الأوس والخزرج. وكانت اليهود ثلاث أحياء: "بنو قينقاع وبنو النضير وبنو قريظة". وكان اليهود يستفتحون علي الأوس والخزرج برسول الله اللهم صلي وسلم وبارك عليه قبل مبعثه ويقولون إن نبيا سيبعث الآن نتبعه قد أظل زمانه نقتلكم معه قتل عاد وإم. فلما بعث رسول الله اللهم وصلي وسلم وبارك عليه من قريش وكانوا يتمنون أن يكون من يهود كفروا به وجحدوا ما كانوا يقولون فيه. وقالوا ما جاءنا بشيء نعرفه وما هو بالذي كنا نذكر لكم. وآمن به واتبعه الأوس والخزرج. فأنذل الله تعالي "ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون علي الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله علي الكافرين" "89: البقرة". وما كان كفرهم إلا حسدا من عند أنفسهم وبغياً إذ جعله الله تعالي من قوم غيرهم.. لأنه كانوا يعرفون رسول الله اللهم صلي وسلم وبارك عليه أكثر مما يعرفون أبناءهم. "الذين اتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقاً منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون. الحق من ربك فلا تكونن من الممترين" "146 - 147: البقرة". قال القرطبي: ويروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال لعبدالله بن سلام رضي الله عنه بعد إسلامه: أتعرف محمدا كما تعرف ولدك؟ قال: نعم. وأكثر نزل به الأمين من السماء علي الأمين في الأرض بنعته فعرفته. وإني لا أدري ما كان من أمه. وحيث ان الدول لا تستطيع المضي قدما داخلياً أو خارجياً إلا باستقرار الأمن الداخلي للدولة. فقد بدأ رسول الله اللهم صلي وسلم وبارك بإقرار الأمن الداخلي للدولة الإسلامية الوليدة بالمدينةالمنورة. كان عند قدوم النبي اللهم صلي وسلم وبارك عليه بالمدينة ثلاث ملل: 1- المسلمون: وهم "الأنصار والأوس والخزرج". والمهاجرون. 2- اليهود: وهم ثلاثة أحياء "بنو قينقاع" - بنو النضير - بنو قريظة". 3- الوثنيون: الذين مازالوا علي شركهم من الأوس والخزرج. قال ابن اسحاق: "كتب رسول الله اللهم صلي وسلم وبارك عليه كتابا بين المهاجرين والأنصار وادع فيه يهود واشترط عليهم وشرط لهم. أولا: مؤاخاة النبي اللهم صلي وسلم وبارك عليه بين المهاجرين والأنصار: روي أحمد وغيره عن أنس رضي الله عنه قال "آخي رسول الله اللهم صلي وسلم وبارك عليه بين قريش والأنصار في داري" "البداية: ص3 ص226". آخي رسول الله بين المهاجرين والأنصار وبين المهاجرين والمهاجرين. وقال "تآخوا في الله أخوين أخوين.ثم أخذ بيد عليّ بن أبي طالب فقال: "هذا أخي". كما آخي بين حمزة بن عبدالمطلب أسد الله وأسد رسوله وعم رسول الله وبين زيد بن حارثة مولي رسول الله وحبه اللهم صلي وسلم وبارك عليه. وبين غيرهم من المهاجرين والمهاجرين. كما آخي بين المهاجرين والأنصار. فكان أبوبكر وخارجة بن زيد الخزرجي أخوين وعمر بن الخطاب وعثبان بن مالك الأنصاري أخوين. وبين غيرهم من المهاجرين والأنصار. رضي الله عنهم جميعاً وذلك ليذهب عنهم وحشة الغربة ومفارقة الأهل والعشيرة والديار ويشد بعضهم أزر بعض. وكتب رسول الله اللهم صلي وسلم وبارك عليه بين المهاجرين والأنصار كتاباً بذلك. ونزل القرءان مقراً لهذا العقد الذي عقده رسول الله اللهم صلي وسلم وبارك عليه بين المهاجرين والأنصار "إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين ءاوو ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض" "75: الأنفال" أولياء بعض في الميراث فكانوا يتوارثون بالهجرة. وكان من آمن ولم يهاجر لا يرث من هاجر حتي نسخ الله ذلك بقوله تعالي: "والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم. وأولوا الأرحام بعضهم أولي ببعض في كتاب الله. إن الله بكل شيء عليم" "75: الأنفال" "تفسير الآية "القرطبي". وكان المسلم بهذه الأخوة في الدين أقوي وأثبت من الأخوة في النسب. فكان يقتل أباه أو أخاه في النسب المشرك في سبيل الله. ويفدي بنفسه أخاه في الدين. ثانياً: كما عاهد رسول الله اللهم صلي وسلم وبارك عليه يهود عهدا وادعهم فيه واشترط لهم وشرط عليهم وكتب كتاباً بهذا. وبهذه السياسة الرشيدة من النبي اللهم صلي وسلم وبارك عليه أمن الجبهة الداخلية بدولة المدينةالمنورة.