وهو الأساس الثالث الذى قامت عليه أمة الإسلام فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك ليؤمن صلى الله عليه وسلم دولته من الداخل ومن الخارج حيث إن اليهود قوم مراوغون وبهت، ومن طبعهم الخيانة والحقد والكذب والغدر. وكان بالمدينة ثلاث قبائل كبرى من اليهود يقيمون ومن حولها وهم: بنو قينقاع، وبنو النضير، وبنو قريظة، وكانوا يثيرون الحروب بين الأوس والخزرج (الأنصار). وكان اليهود يعملون فى صناعة السلاح، والذهب والرابات مما جعلهم أغنى الطوائف فى المدينة، وكانوا يؤلبون الأنصار ويهددونهم بظهور نبى جديد (من اليهود) يمزقهم كما مزقت عاد وإرم. إلا أنهم بظهور النبى صلى الله عليه وسلم من بنى إسماعيل بن ابراهيم عليهما السلام (وليس منهم) عادوه وأظهروا خيانتهم له وللإسلام. وأموالهم وعقد شروط لهم وشروط عليهم بحيث إذا جاء خطر خارجى على المدينة اتحدوا جميعا لمواجهته (المسلمين واليهود) وأن على اليهود نفقتهم وأن على المسلمين نفقتهم، وأنه بينهم النصح والبر دون الإثم، وأنه لا يخرج من المدينة أحد إلا بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا حدث استجار يخاف فساده فإن مرده إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وكانت المعاهدة مع القبائل الثلاث الكبرى ومن يتبعهم. وبذلك وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم (ميثاق التحالف الإسلامى) إلا أن اليهود خانوا عهودهم بعد ذلك فحاربته القبائل الثلاث. أما بنو قينقاع فقد حاولوا انتهاك حرمة الإسلام فى إحدى نساء الصحابة ثم احتموا بحصونهم، فأجلاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المدينة، وكان ذلك بعد (غزوة بدر). وأما بنو النضير فقد حاولوا قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم بإلقاء حجر عليه فى محلتهم، وذلك بعد (غزوة أحد)، فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأجلاهم، كذلك كانوا يؤلبون الأحزاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين. وأما بنو قريظة فقد تحالفوا مع قريش الأحزاب حول المدينة وداخلها للقضاء على المسلمين فى (غزوة الأحزاب) حتى إن المسلمين كادوا أن يقضى عليهم فانكشف أمرهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ونجى الله رسوله والمؤمنين من مكبدتهم فكان جزاؤهم القتل، وذلك عقب غزوة الأحزاب. أما خيبر وكانت قلعة من قلاع اليهود أغنى بقاع المدينة وكان يهرب إليها اليهود من المدينة ويؤلبون الأحزاب "الكفار على المسلمين" فقد هاجمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد صلح الحديبية بأمر من الله تعالى وهزمهم وأخذ أموالهم ردًا على خيانتهم.