أكد الدكتور زياد بهاء الدين، نائب رئيس الوزراء ووزير التعاون الدولي في حكومة الانقلاب الأولى، عدم وجود ضمانات قانونية ملزمة للحفاظ على حقوق مصر في اتفاق سد النهضة الذي وقعته كل من مصر والسودان وإثيوبيا. وقال بهاء الدين، في مقال له بصحيفة الشروق اليوم الثلاثاء: إن انتهاج سبيل التعاون بدلا من الصدام في ما يتعلق بمياه النيل هو القرار الصائب، ولكن يلزم أن يصاحبه ضمانات قانونية وملزمة من الآن للحفاظ على حقوق مصر، كما يجب أن يصاحبه وضع سياسة زراعية ومائية شاملة تتعامل مع واقع مائي جديد لا يمكن تجاهله. وأضاف قائلا: "تعمدت التريث في التعليق على الاتفاق الثلاثي بين مصر وإثيوبيا والسودان بشأن سد النهضة، لخطورة الموضوع من جهة، ولأهمية تناوله بهدوء وبعيدا عن الصخب الإعلامي الذى صاحب توقيع الاتفاق من أجل تصويره على أنه انتصار حاسم لمصر في معركة النيل". ونوه إلى أن الاتفاق ليس انتصارا في حد ذاته ولا هزيمة، بل خطوة ضرورية للانتقال بقضية النيل من حالة الشعارات والتهديدات و"التسخين" الجماهيري دون خطة واضحة، إلى حالة جديدة من الواقعية والعملية تستهدف الوصول لأفضل البدائل المتاحة. وأبدى بهاء الدين ملاحظتين على الاتفاق، واحدة تتعلق بمضمون الاتفاق، والثانية بعلاقته بالسياسة الزراعية مستقبلا، وقال إن الاتفاق من حيث المضمون، مهما حاول البعض تصويره على غير ذلك، يعنى واقعيا قبول مصر لمشروع سد النهضة واعترافها بحق إثيوبيا في الاستفادة به ليس فقط في توليد الكهرباء وإنما وفقا لنص المبدأ الثاني من الاتفاق في جميع مجالات التنمية الاقتصادية، بما فيها الزراعة. وأضاف أن ذلك يعد تنازلا مصريا ضمنيا عن مرجعية الاتفاقات السابقة والقبول بفتح باب التفاوض على ما كان ثابتا من قبل، وهذه نقطة لن يمكن التراجع عنها مستقبلا، مع ضرورة تقدير أن هذه الاتفاقات قد أبرمت في ظروف لم تعد متوافرة، بعد أن نالت الدول الأفريقية حريتها واستقلالها. وتابع أن الاتفاق منح إثيوبيا شرعية استكمال بناء السد والبحث عن مصادر تمويله من المؤسسات والبنوك الدولية التي كانت محجمة عن ذلك، حتى يكون هناك توافق بين الأطراف المعنية. وأكد بهاء الدين أن "إثيوبيا استفادت من الاتفاقية استفادة مطلقة، دون أن يكون ما حصلت عليه مصر في المقابل واضحا.. إن كان مجرد العودة للساحة الأفريقية فإنه يكون مقابلا زهيدا، وكان يلزم أن تستغل مصر كونها تقدم لإثيوبيا كل ما تتمناه، لكي تحصل على ضمانات وتعهدات محددة وقابلة للقياس والمتابعة بشأن ارتفاع السد، وسعته، والمدة التي يستغرقها ملء البحيرة وراءه، وطبيعة استخداماته، واحتمالات بناء سدود أخرى مستقبلا". واقترح بهاء الدين أن "تسارع الدولة بالحصول على هذه الضمانات بشكل رسمي وبرعاية دولية؛ بينما الفرصة متاحة بدلا من انتظار تشكيل لجان فنية قد يستغرق عملها شهورا طويلة، يكون الأمر الواقع بعدها قد استقر ولم يعد من الممكن تداركه". وأشار إلى أن الاتفاق من حيث السياسة الزراعية مستقبلا، يعبر عن حقيقة أن مصر، في كل الأحوال، وبسبب الزيادة السكانية، وتغير نمط الاستهلاك المحلي، واحتياجات التنمية الاقتصادية والصناعية، والتزامها الدولي بالتعاون مع دول حوض النيل في توزيع حصص المياه، تواجه مستقبلا سوف يكون فيه الماء موردا شحيحا حتى وإن احتفظت مصر بحصتها من النيل المنصوص عليها في الاتفاقات المبرمة في القرن الماضي.