في البداية يصف الدكتور نادر نور الدين, خبير المياه والتربة بجامعة القاهرة, السد الاثيوبي والمعروف بإسم سد النهضة بأنه عبارة عن سد كارثي اذا اكتمل انشاءه بالمواصفات الحالية التي وضعها الجانب الاثيوبي , مشيرا الي ان دعوة دولة اثيوبيا لدول حوض النيل للمساهمة في بناء السد لم تكن بالامر المفاجئ, بعد امتناع معظم الدول الغربية ودول شرق آسيا عن تمويل السد في أولي مراحل إنشاءه, وذلك نتيجة لدرايتهم بالاثار الجسيمة التي ستلحق بمصر في المستقبل القريب. ويشير الي ان المواصفات الاولية التي اقرتها الولاياتالمتحدةالامريكية ووضعتها كتصميم أولي لأربعة سدود اثيوبية اشترط فيها ألا تزيد السعة التخزينية للبحيرة خلف السد الواحد عن14 مليار متر مكعب وبما يعادل40 مليار متر مكعب للسدود الاربعة, بإرتفاع90 متر لضمان ان لا يؤثر امتلاء هذه البحيرات خلال العام علي مخزون المياه في بحيرة ناصر بمصر, مشيرا الي ان الالتزام بالمواصفات الاولية من شأنه ان يخفض من تكاليف انشاء السد من8.5 مليار دولار الي3 مليار دولار فقط. ويقول ان المواصفات الحالية تختلف تماما عن هذه المواصفات حيث انها التصميم الحالي يصل فيه ارتفاع السد الي145 متر بما يمثل عبء وثقل كبير علي أساسات التربة والمكونة من مجموعة من الصخور المتحولة, والتي يمكن ان تتسبب في انهيار السد بنسبة تصل الي90%, في حين تصل السعة التخزينية لسد النهضة الي74 مليار متر مربع بإجمالي200 مليار متر مكعب للاربعة سدود. ويوضح نور الدين ان رصيد النيل الازرق الخاص بدول الحوض يتراوح ما بين48 الي50 مليار متر مكعب علي مدار العام, مما يؤكد علي حرمان دولتي المصب( مصر والسودان) من حصتهما السنوية من مياه النيل حيث ان هذه النسبة ستقتصر فقط علي ملئ بحيرة سد النهضة فقط, خاصة ان نظام التشغيل الحالي يشترط إمتلاء البحيرة في البداية قبل مرور المياه الي دول المصب, ويصبح الجانب الاثيوبي هو المتحكم الوحيد في مياه النيل بما يخالف كل الاتفاقات والقوانين والدولية, قائلا: اثيوبيا تبني نهضتها علي حساب المصريين. ويؤكد علي ان التعديلات التي تم اضافتها علي تصميم سد النهضة لن تضيف المزيد لاثيوبيا من حيث انتاجها للطاقة الكهربائية, خاصة ان السد الصغير يبلغ إجمالي الطاقة المتولدة منه600 ميجا وات, لافتا الي ان الطاقة المولدة من سدود توليد الكهرباء في العالم تترواح سعتها التخزينية ما بين9 الي14 مليار متر مكعب فقط, فضلا عن مميزاته في خفض نسبة الطمي المترسبة وعدم تعطيل مياه الفيضان من مرورها الي دول الحوض, مشيرا الي خطورة التصميم الجديد في عدم وجود منفذ لمياه النيل المخزنة في حالة عطل التوربينات أو سقوط أسلاك الضغط العالي, بما يحجب عن مصر حصتها من المياه لحين الانتهاء من إصلاح الاعطال. ويقول خبير المياه والاراضي بجامعة القاهرة إن النيل الازرق لا يصلح لبناء السدود نظرا لزيادة معدل الإطماء فيه والتي تصل الي245 مليون طن من الطمي سنويا, وهي نسبة كافية تماما لردم أي نهر أو بحيرة مقامة خلف السدود, موضحا ان الهدف من بناء ثلاثة سدود خلف سد النهضة هو حجز نسبة من الطمي خلف كل منهم لإطالة عمر السد, حيث ان هذه السدود الثلاثة ستصبح إجبارية الانشاء. ويري ان توجه دولة السودان للمشاركة في بناء سد النهضة بالمواصفات الحالية يؤكد علي انها تنظر الي نصف الكوب فقط, من حيث المزايا التي ستتحقها من انشاء هذا السد من حيث الفيضانات وخفض معدلات الإطماء السنوية والتي تتسبب في ردم وتقليل كفاءه سد الروصيرص مما يمثل أعباء اقتصادية كبيرة علي دولة السودان من اجل ازالة الطمي, فضلا عن اتاحة المجال امام الجانب السوداني في زيادة ارتفاع سد الروصيرص. من جانبه يقول الدكتور مغاوري دياب, خبير مائي, ان موقف الجانب السوداني لم يختلف كثيرا منذ اعلان اثيوبيا عن عزمها في بناء سد النهضة نظرا لما يمكن ان تتحصل عليه السودان من فوائد جراء انشاء هذا السد من حيث زيادة معدلات الطاقة الكهربائية المتولدة وتجنبها خطر الفيضانات وتعرض أجزاء منها للغرق, بالاضافة الي ان التحكم في نسبة التدفق المائي الموسمي لأراضيها سيمكنها من إدخال الزراعة النمطية السنوية بدلا من نظام الري مرة واحدة, مشيرا الي ان دولة السودان أهملت مخاطر احتمال انهيار السد خلال فترات الفيضان علي مدار العام, كما حدث بالفعل في العديد من السدود المقامة علي مجري النهر المتجه الي كينيا في عام2009 ويوضح ان التصميمات الحالية للسد تتضمن بناء سد خرساني بإرتفاع1800 متر يحتوي علي فتحات للتوربينات لتوليد التيار الكهربائي بسعة تخزينية10 مليار متر مكعب, وسد أخر ترابي( ركامي) بسعة تخزينية63 مليار متر مكعب وبإرتفاع4 كيلو و800 متر, موضحا ان تصميات السد الركامي لم يتم دراستها فنيا بشكل سليم يضمن سلامة السد. ويشير دياب الي ان مساندة مصر لاثيوبيا في بناء سد النهضة يجب ان يتضمن مجموعة من الشروط والتوصيات لضمان سلامة موارد مصر المائية في المستقبل القريب, ومن أهم هذه التوصيات ان تعلن اثيوبيا عن برنامجها لإقامة السدود الاخري المكملة لسد النهضة من حيث جداول انشائها, بالاضافة الي استعدادها لمراجعة تصميم هذه السدود بما يضمن عدم إلحاق أي اضرار بمصر, خاصة ان نهر النيل يساهم بنسبة70% من موارد مصر المائية. مع التأكيد علي ضرورة العودة بسد النهضة الي سعته الاولي, مع ضمان تحقيق البرنامج الاثيوبي لتوليد الطاقة الكهربائية عن طريق سدود محدودة السعة وقادرة علي انتاج التيار الكهربي, مع توقيع الاطراف علي اتفاقية تكفل تنفيذ كل الاشتراطات ويكون فيها التصويت بالاجماع وليس بالاغلبية, وان تكون مشمولة بضمانات دولية ملزمة لكل الاطراف. ويضيف الدكتور ضياء الدين القوصي, خبير المياه والري ومستشار وزير الري سابقا, ان أهم الاشتراطات التي يجب ان تتضمنها الاتفاقية ان تتشارك دول حوض النيل في المنافع كما تتشارك في تكاليف إنشاء السد, مع التأكيد علي العودة بسد النهضة الي ابعاده الاولي عندما كان يطلق عليه اسم سد الحدود, وإعادة تصميم السدود بما يسمح بالتحكم في أبعاد كل من السد والبحيرة بما يناسب دول حوض النيل حتي لا يحرم أي منهم من الانتفاع بمياه النيل. ويؤكد علي ضرورة ان تشارك مصر في عملية الانشاء لضمان عدم التلاعب بمواد البناء والمؤن المستخدمة والتي يمكن ان تؤثر علي سلامة السد وتتسبب في غرق دولة السودان واجزء من مصر ولضمان التنفيذ وفقا للمواصفات العالمية والتصميمات المتفق عليها, بالاضافة الي ضرورة تعظيم الفائدة من توليد الطاقة الكهربائية لدول الحوض, مع استفادة دولتي المصب من ثمن بيع الكهرباء الناتجة من السد من خلال الحصول علي حصة ثابتة لكل دولة من دول الحوض أو استخدمها بشكل مباشر من خلال الشبكات الموحدة. ويشير القوصي الي أهمية ان تحصل مصر علي نسبة من المساحات المنزرعة حول خزان السد من خلال تقسيم عدد الافدنة التي تنتوي اثيوبيا زراعتها علي دول الحوض. ويري الدكتور نصر الدين علام وزير الري الاسبق, ان الموقف المصري ضعيف تجاه مواجهه بناء سد النهضة بالمواصفات الحالية والتي تكاد تكون كارثية, لافتا الي ان توصيات اللجنة الثلاثية تدعم الجانب المصري الرافض لبناء سد النهضة, وتتضمن هذه التوصيات إعادة هيكلة الدراسات والتصميمات الحالية للسد بما يصب في مصلحة دول حوض نهر النيل, موضحا ان هذه إعادة هيكلة هذه الدراسات يمكن ان يطول الي اكثر من عام. ويضيف ان تقليل الاضرار الناجمة عن سد النهضة تتضمن علي إتفاق كل الاطراف علي الفترة الزمنية اللازمة لملئ البحيرة خلف السد من حيث كونها سنوات منخفضة او مرتفعة الفيضان, فضلا عن الحاجة الي الاتفاق علي سياسة التشغيل المتبعة علي مدار العام بحيث لا يكون الهدف الرئيسي من بناء السد هو تعظيم الطاقة الكهربائية لدي الجانب الاثيوبي فقط. ويناشد كل من مجلس الوزراء والخارجية المصرية بالاشتراك مع وزارة الري بسرعة اتخاذ الاجراءات اللازمة بشأن بناء السد واجراء مفاوضات فورية مع الجانب الاثيوبي, خاصة انها تعتبر مشكلة سياسية بالدرجة الاولي وتحتاج الي وضع خطوط عريضة يتم العمل وفقا لها قبل اكتمال بناء السد, قائلا: كل يوم يزداد حجر في السد تزداد معه المشكلات المستقبلية. اتفاقية دول حوض النيل يأتي الجزء الأول من الاتفاقية والذي يتضمن المواد الثلاث الأولي مقدمة للوضع الحالي لدول نهر النيل, أما الجزء الثاني الخاص بالحقوق والواجبات والذي يبدأ من المادة الرابعة فأهم ما جاء فيه هو المادة4 والتي تختص بالانتفاع المنصف والمعقول: أولا: علي دول حوض النيل في أقاليمها استخدام موارد المياه بطريقة منصفة ومعقولة أي أن يتم الاستخدام والتطوير بما يتوافق مع تحقيق الاستخدام الأمثل والمستدام لمياه النهر مع الأخذ في الاعتبار مصالح دول حوض النيل بما يتفق مع توفير الحماية الكافية لتلك الموارد المائية. ويحق لكل دولة حوض الحصول علي حصة منصفة ومعقولة للاستخدام المفيد لمياه النهر. ثانيا: في ضمان استفادتها من موارد نهر النيل هو نظام المياه المنصف والمعقول, يجب علي دول حوض النيل الا تستأثر بالمعلومات التي تحقق لغيرها الاستخدام العادل والمنصف وكذلك المادة5 والخاصة بالالتزام بعدم التسبب في ضرر غير قادر بالغ والتي أكدت أنه علي الدول أعضاء حوض النيل الاستفادة من مياه النيل وموارد نظام النهر الذي يمر بأراضيهم معا اتخاذ جميع التدابير المناسبة للحيلولة دون التسبب في ضرر بالغ لدول الحوض الأخري. وفي حال تسببت احدي تلك الدول في ضرر بالغ وقع علي دولة أخري من الدول الأعضاء فالدولة التي تسبب استخدامها في هذا الضرر ملزمة بالاشارة للمادة4 أعلاه, وبالتشاور مع الدولة المتضررة أن من تقوم بالقضاء أو تخفيف هذا الضرر, وعند الاقتضاء, تكون ملزمة لمناقشة مسألة التعويض. كما يتضمن الجزء الثاني المادة14 والخاصة بالأمن المائي والتي تنص علي مع المراعاة الواجبة لأحكام المادتين4 و5, تعترف دول حوض النيل بالأهمية الحيوية لأمن المياه لكل واحدة منها وتعترف الدول أيضا بأهمية إدارة التعاون والتنمية من مياه نهر النيل ونظام تسهيل تحقيق الأمن المائي ومصالح الدول الأخري. ولذلك تتفق دول حوض النيل, في روح من التعاون علي ما يلي: العمل معا لضمان تحقيق الأمن المائي لكل دول الحوض, حيث نصت المادة14( ب) علي انه لا يجوز أن يؤثر استخدام احدي دول الحوض لمياه النيل بشكل ملحوظ. كما يؤكد الجزء السادس في المادة39 انه لا يجوز إبداء أي تحفظات علي هذا الإطار, كما أنه ووفقا للمادة40 انه يجوز للدولة طرف الإطار أن تنسحب بعد مرور عامين من التوقيع الانسحاب بموجب إخطار كتابي. ن نهر النيل هو مصدر الحياة لمصر عبر تاريخها الطويل, حيث يعتمد الاقتصاد المصري بشكل كبير علي الزراعة, ووفقا للاتفاق الذي وضعته دول حوض النيل في عشرينيات القرن الماضي والذي حدد لمصر حصة من مياه النيل تقدر بنحو55 مليار متر مكعب سنويا, وبناء علي ذلك تم تخطيط مشروعات مصر الزراعية والمجتمعية في ضوء هذه الحصة, ومن ثم فإن التأثير علي هذه الحصة بإنقاصها سيؤثر علي الاقتصاد المصري بشكل كبير, وفي ظل توجهات الجانب السوداني الحالية المساندة لإثيوبيا في بناء سد النهضة بناء علي طلب الجانب الاثيوبي بمساندة دول حوض النيل, وبعد ترحيب وزير الري الدكتور محمد عبدالمطلب بهذه المساندة, وضع خبراء المياه والاراضي مجموعة من الاشتراطات والتوصيات التي يجب ان تتضمنها التصميمات الجديدة للسد حتي يتسني للجانب المصري مشاركة نظيره الاثيوبي في بناء نهضته. تحقيق سمر حسن رابط دائم :