قالت الكاتبة الصحفية رنا الصباغ: إن منارات حرية التعبير باتت تنطفئ واحدة تلو الأخرى على امتداد الوطن العربي، محذرة من الانكفاء صوب حقبة من الجهل، وغياب التسامح وقمح الحريات. وأضافت -في مقال لها نشر ب"السبيل" تحت عنوان" استقلالية الصحافة وحرية التعبير.. هل ثمة أمل في العالم العربي؟"- من المحزن أن غالبية قيادات الدول العربية تتجاسر الآن على فرض النظام القديم، مستغلة الفوضى المنتشرة عبر دول المنطقة. وأصبح يتصدر الأمن وليس الديمقراطية رأس أولويات الحكام وغالبية الشعوب، فيما تتلاشى الشعارات التي ظهرت خلال السنوات الأربع الماضية: العدالة المجتمعية، سيادة القانون وقيم الديمقراطية، احتواء الفساد المستشري وإعلاء حق الوصول إلى المعلومات وبناء إعلام احترافي يسائل السلطة ويحاسبها". وأشارت الصباغ إلى أن ما يثير القلق هو بروز تحالفات مبطنة بين الحكومات ورجال أعمال يديرون مؤسسات إعلامية خندقت ذاتها في مواجهة الأصوات المعارضة، التي باتت تصور على أنها تهدد أمن المجتمعات واستقرارها، موضحة التحديات التى تواجه الصحفيين من فرض الرقابة والمحاكمات غير العادلة إضافة إلى العنف اللفظى والجسدى. وبيّنت أن العديد من الصحافيين رفعوا الراية وتراجعوا عن المواجهة لأسباب عدة؛ من بينها الخوف أو رغبة انتهازية لإرضاء الحكام الجدد مقابل الفوز بمكاسب شخصية، فى حين نجد أن هناك قلة منهم شجعان يلتزمون بخدمة مجتمعاتهم من خلال كشف تجاوزات السلطة والذين سيواصلون خوض معركة استقلالية الاعلام وحدهم وبكلفة عالية. وكشفت الكاتبة أن مصر تصنف الآن ضمن ثالث بلد أخطر على الصحفيين بعد سوريا والعراق، مشيرة إلى أنه غداة مقتل 30 جنديا في هجومين إرهابيين منفصلين بسيناء، خرج 17 إعلاميا في وسائط حكومية وخاصة للتعهد بدعم سياسات الحكومة المناهضة للإرهاب، والابتعاد عن انتقاد عناصر الأمن، الجيش والسلك القضائي في محطاتهم ومطبوعاتهم. وأضافت "لكن هذه المجموعة لم تنجح في بسط أفكارها على سائر الصحافيين. فردا هذا التعهد، خرج قرابة 600 صحافي مصري عبر فضاءات الانترنت لرفض موقف رؤساء تحريرهم والاحتجاج على ارتفاع مستوى الرقابة". واستعرضت بعض المواقف التى تعرض فيها الصحفيين للانتهاك منها احتجاز الأمن رئيس تحرير صحيفة لو موند الفرنسية آلان غريش بعد قيام امرأة باستدعاء الشرطة لأنها سمعت غريش وهو "يتناقش حول الأوضاع السياسية" مع زملاء مصريين في أحد المقاهي. وأوردت مقتل 7 صحفيين منذ الانقلاب العسكرى واعتقال الصحفيين أثناء قيامهم بعملهم، فضلا عن تقديم صحفيى الجزيرة الدولية للمحاكمة، متطرقة إلى الضغوط الصحفية التى تمارس على الصحفيين فى الأردن والامارات وسوريا واليمن وغيرها من البلدان العربية، متسائلة بعد كل ذلك كيف سينتصر الإعلاميون العرب في معركة الاستقلالية؟