حصد "عمرو" جزاء الشهامة التي يتمتع بها أغلبية الشعب المصري، حكمًا بالإعدام، أطلّت الأم من شرفة المنزل، أمام مركز مطاي بالمنيا، لتتابع ما يحدث بالشارع، ورأت ضابطًا يُضرَب ويُسحَل، وسط كثير من المتجمهرين حوله، فما كان منها إلا أن استدعت "الجدعين" لينقذا الضابط من براثن الموت التي كادت تفتك به. "الحاجة كريمة ياسين عبدالحليم"، تروي بحزن ما حدث للضابط، وكأنه أغلى من ولديها، مؤكدة أنها ستكرر ما فعلته، إذا رأت الضابط يضرب ويسحل مرة أخرى: "ندهت بسرعة لعمرو وهيثم ولادي، قلتلهم ينقذوا الظابط اللي بيضرب ده"، وبالفعل هرول الرجلان إلى الشارع وعادا بالضابط سيد محمد السيد عادلي، إلى الدور الثالث، حيث مكث معهم بالمنزل قرابة اليومين كاملين.. "بأكّله وباشربه وباغسله هدومه"، وخرج الضابط من منزلها يوم 19 أغسطس، أي بعد الأحداث بخمسة أيام، بعد تأكد "الحاجة كريمة" من هدوء الأوضاع تمامًا. مشهد مماثل بعد مرور عدة دقائق، ضابط آخر بالشارع يتعرض للاعتداء، تكرر الحاجة كريمة ما فعلته مع الضابط السيد عادلي، تأمر ولدها عمرو بالنزول إلى الشارع لإنقاذ الضابط كريم فؤاد هنداوي، يحاول "عمرو" المرور، إلا أن الازدحام هذه المرة لم يسعفه، وفشل في الوصول إلى الضابط، الذي بادرت أسرة أخرى بحمايته وإبعاده عن منطقة الضرب. عاد "عمرو" إلى المنزل، على وقع دعوات والدته أن يكون الضابط بمأمن في منزل آخر.. "كان المهم عندي الظابط يكون بخير.. عندي ولا عند حد غيري ربنا يحميهم"، تقولها الحاجة كريمة بصدق، فهي لم تعلم أن إنقاذ ضابط يمكن أن يقلب الأمور رأسًا على عقب، أو يتم تأويله خطأً ويدفع عمرو ثمن شهامته من عمره. عمرو، الذي ترك خلفه بنتين، الكبرى عمرها عامان والصغرى ستة أشهر، صنّفته النيابة على أنه أحد البلطجية الذين اعتدوا على الضابط كريم هنداوي، رغم أنها محاولة إنقاذ، إلا أن 10 دقائق- هي مدة جلسة النطق بالحكم- كانت كفيلة بقلب حياة عمرو وأسرته رأسًا على عقب، فقد أصبح أحد البلطجية الذين استحقوا حكمًا بالإعدام بسبب أعمال العنف والشغب. "ابني لا سرق ولا حرق ولا نهب ولا ضرب يتحكم عليه بالإعدام ليه؟".. ورغم تحرير "الحاجة كريمة" محضرًا برقم 232 صادر من مركز مطاي بالمنيا، ووصول شكواها بالفعل إلى رئاسة الوزراء، إلا أن ذلك لم يمنع هيئة المحكمة من حكمها، يوم 28 أبريل عام 2014، وهو اليوم الذي منعت فيه المحامين من دخول القاعة، كما تم منع الضابط سيد العادلي من الإدلاء بشهادته عن الأسرة التي انقذته من الموت، وصدر حكم بالإعدام على 37 شخصًا. أخبار متعلقة "الإعدام" في الميزان.. بين القصاص وحقوق الإنسان حملة حقوقية للمطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام.. وأعضاؤها: "ياما عالحبل مظاليم" بالفيديو| عشماوي: "لو ما نفذتش الإعدام يبقى بتخالف الشرع.. والرايقين هما اللي لغوه" قانونيون: دول كثيرة استغنت عن "الإعدام".. ويجوز استبدالها بعقوبة أخرى بموافقة الأزهر أشهر 12 حكاية إعدام في تاريخ مصر الحديث "ريا وسكينة".. سفاحتان كتبتا تاريخ إعدام أول امرأة في مصر علماء أزهريون: "الإعدام" نجاة للمجتمع من الفساد.. وتنازل أولياء الدم مرتبط بالجرائم الفردية "العفو الدولية": 778 شخصا أعدموا في 2013.. و80% في إيران والعراق والسعودية