بحلول 30 يونيو موعد تسليم السلطة الذى كان المجلس الأعلى للقوات المسلحة قد حدده لتسليم السلطة، يتم إعادة توزيع الصلاحيات، وإعادة رسم خريطة السلطات فى ظل الإعلانين الدستوريين اللذين يقسمان الصلاحيات بين الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسى وبين المجلس الأعلى للقوات المسلحة، فى ظل غياب مجلس الشعب المنحل بقرار الدستورية العليا. يصف الدكتور عبدالغفار شكر، عضو حزب التحالف الشعبى الاشتراكى، الوضع فيما بعد موعد تسليم السلطة قائلاً إن «المجلس لن يسلم السلطة كاملة كما وعد فى السابق فى يوم 30 يونيو، خصوصاً بعدما تم حل مجلس الشعب المختص بسلطة التشريع، وعليه سيحتفظ المجلس بسلطة التشريع وقليل من سلطات رئيس الجمهورية». يرى شكر أن إدارة البلاد فيما بعد 30 يونيو ستشهد حالة من الشراكة بين رئيس الجمهورية والمجلس العسكرى، بتسليم منقوص للسلطة، مع احتفاظ المجلس الأعلى للقوات المسلحة بأهم صلاحيات الرئيس، فضلاً عن سلطة التشريع. ويلفت عبدالغفار شكر إلى أن المجلس فى ظل الظروف الراهنة لن يتمكن من تسليم السلطة كاملة إلا بعد صياغة الدستور الجديد للبلاد، وإعادة إكمال مقاعد الفردى فى مجلس الشعب، وهو ما يعنى أن المجلس سيسلم السلطة فى الموعد الذى كان يريده فى منتصف 2013. يصف الفقيه الدستورى الدكتور ثروت بدوى، أستاذ القانون الدستورى بجامعة القاهرة، الإعلان الدستورى المكمل بأنه «قائم على أساس غير دستورى، وذلك فهو عدمى، ومن حق أى شخص أن يعترض عليه أو يمتنع عن تنفيذه». ويضيف بدوى قائلا:ً «الإعلان المكمل يسحب أهم الصلاحيات من يد رئيس الجمهورية ويخول للمجلس الأعلى للقوات المسلحة سلطة إقرار الموازنة، ورسم السياسة العامة للدولة، وبذلك يكون وجود الرئيس هامشيا، لأنه من دون صلاحيات كاملة، فضلاً عن العوار الدستورى الذى يكتنف الإعلان المكمل وكذلك الإعلان الدستورى الأول فى مارس 2011». يرى بدوى أن «المجلس العسكرى لم يكن له الحق دستورياً فى وضع الإعلان الدستورى الصادر فى مارس 2011 أو المكمل فى يونيو 2012، ولا يحق لسلطة من السلطات أن تحدد لنفسها الصلاحيات التى تتحصل عليها، وللرئيس وكذلك لأى مواطن الحق فى أن يبدى اعتراضه على مواد هذا الإعلان، ولن يكون الحكم فى النهاية إلا فى مصلحته». المحامى نبيه الوحش قال إن خريطة الصلاحيات التى رسمها الإعلان الدستورى مؤقتة ولن تكون دائمة، مشيراً إلى أن رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسى «لا تزال لديه سلطة تعيين السفراء، وتمثيل مصر فى الداخل، والخارج، وتعيين الوزراء، أما المجلس العسكرى فلديه سلطة التشريع، وسلطة إقرار الموازنة التى ستقوم الحكومة بإعدادها وفقاً للمادة 56 من الإعلان الصادر فى مارس 2011، والمادة 56 مكرر فى الإعلان المكمل». ويؤكد الوحش أن «تسليم السلطة لن يكون كاملاً فى 30 يونيو، وذلك لسبب منطقى وهو أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة كان قد أعلن أنه سيسلم السلطة فى حالة اكتمال المؤسسات الدستورية وهى مجلسا الشعب والشورى ورئيس الجمهورية، لكن ما حدث أن قرار حل المجلس جاء بشكل مفاجئ وبالتالى احتفظ المجلس العسكرى بسلطات التشريع بدلاً من المجلس المنحل». ويعول الدكتور أنور رسلان، أستاذ الحقوق جامعة القاهرة، على اللجنة التأسيسية الحالية المنوطة بصياغة الدستور، أن تتمكن فى الوقت المحدد من إكمال الدستور لكى تنقذ البلاد من حالة الصراع على الصلاحيات، قائلاً: «لا يوجد فى أى دولة من الدول تساوٍ بين السلطات فى صلاحيات كل منهما، ولن نعيد اختراع العجلة فى مصر، لكن ما يحدث، وما يجب أن يحدث فى الفترة المتبقية من المرحلة الانتقالية هو أن يكون هناك توازن فى صلاحيات كل سلطة من سلطات الدولة؛ المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ورئيس الجمهورية فى الوقت الحالى، على أن تتعاون كل سلطة مع السلطة الأخرى، بما يضمن تحقيق الهدف النهائى بعبور المرحلة الانتقالية بأقل قدر من الخسائر». ويرى الدكتور أنور رسلان أن «الفترة الانتقالية ستشهد تقاسماً للسلطة نص عليه الإعلان المكمل الموضوع من قبل المجلس العسكرى خلال الأسابيع الماضية، وبالتالى ستكون للرئيس سلطات أقل، وهو ما كانت القوى السياسية تطالب به فى السابق». يقول رسلان: «الأهم من أن توجد قوانين لتوضيح العلاقات بين السلطات، وتخصيص صلاحيات كل سلطة من هذه السلطات، الأهم من ذلك أن يكون هناك التزام من قبل هذه السلطات بما تنص عليه القوانين الموضوعة، والدساتير، وبالتالى فليس من الصحى أن يكون هناك صدام فى الفترة المتبقية من المرحلة الانتقالية، ولكن الأفضل أن ننظر فى الدساتير التى وضعت فى السابق فى 1923 أو دستور 1956 أو حتى دستور 71 المعطل، وأن تحدث مفاوضات على الصلاحيات دون صدام يؤدى فى النهاية إلى إضرار بالبلاد».