لم أتمالك نفسى من الضحك المتواصل أثناء متابعتى لحوار السيد الرئيس حول ضمانات نزاهة الانتخابات وشارك فيه أقل من نصف المدعوين له.. وأشهد الله أن الضحك ليس تقليلا من شأن المشاركين أو استهزاء بهم وإنما لأسباب أخرى. لقد جلس المشاركون ومظاهر الاهتمام والجدية واضحة جلية على وجوههم بمن فيهم السيد الرئيس الذى لا أعرف كيف بدا مهتما هكذا فى شكله أو كلمته الافتتاحية وهو يعرف أكثر من غيره أن اللقاء لا يزيد على فصل فى مسرحية هزلية ضمن فصول مسرحية الانتخابات. ويعلم السيد الرئيس أن الضمانات الحقيقية الغائبة لا يمكن تداركها أو توفيرها بعد أن أصدر فعلا قانون الانتخابات وصادق عليه، وبعد أن تحصن الأمر بإصدار نداء دعوة الناخبين الأمر الذى يحظر معه إدخال تعديلات على القوانين ذات الصلة. أتذكر تقريرا أصدرناه من المجلس القومى لحقوق الإنسان عن انتخابات البرلمان 2011 وتضمن توصيات عدة عن تعديلات كثيرة مطلوب إدخالها على القوانين ذات الصلة لتفعيل الضمانات المنصوص عليها سواء فى الإنفاق المالى أو الدعاية الانتخابية أو الفرز وإعلان النتائج أو أيام الصمت أو البيئة السياسية المحيطة أو الإبلاغ عن المخالفات الانتخابية وإحالتها إلى النائب العام، وكلها ملاحظات ذهبت هباء لإصرار دولة الإخوان على الجرى بالقانون وإصداره دون مناقشة عميقة مع الأطراف المعنية لإدخال التعديلات الملائمة عليه. لذلك لم أستغرب أن يتقدم عدد من المشاركين بأفكار ومقترحات هى منصوص عليها فى القانون فعلا لكنها كما ذكرت مغلولة لا تملك تنفيذا لأسباب تتعلق بالنص ذاته، ولعدم توافر آليات تتيح للجهة المعنية بالانتخابات التدخل لحسم المخالفات الانتخابية ومنعها. ضحكت أيضاً لأن غالبية المشاركين وقعوا فى الفخ بعد أن تحول الأمر إلى مناقشة تفصيلات يقوم عليها بيروقراطيون بدلا من البحث عن كيفية توفير البيئة السياسية والقانونية المطلوبة لضمان مسار يسمح للناخبين بالتعبير الحقيقى عن إرادتهم ويثبت فكرة الصندوق هو الحَكم بين جميع الأطراف، خصوصا فى وجود وزير للعدل رأيه المعلن أنه لا يوجد فى مصر من يستطيع حكم البلاد إلا الإخوان. واستغربت جدا حينما تحدث البعض عن تشكيل لجنة للشفافية والمساءلة للتنسيق مع اللجنة العليا للانتخابات وهى اللجنة المستقلة التى يجب أن تعمل فى إطار من الاستقلال الكامل ولا تنسق مع أى جهة تنفيذية أو حزبية فمهمتها هى إدارة العملية الانتخابية وهى تخضع للتقييم والمحاسبة فكيف نتخيل الأحزاب التى تخوض الانتخابات وهى تطلب مثلا من اللجنة تصورا محددا أجمعت عليه لكنه يخالف القانون أو القواعد. لقد كان الرئيس غريبا حينما قال إن اللجنة العليا للانتخابات تنتظر توصيات الاجتماع، ألم يخطره أحد أن اللجنة اختارت أمانتها العامة وانتهت من صياغة قواعد عملها ووضعت تصورات عديدة ذات صلة بمجريات العملية الانتخابية، وقواعد المراقبة المحلية والدولية وصدر كل ذلك فى قرارات منشورة على صفحة اللجنة الإلكترونية؟ سيادة الرئيس كنت تحاور نفسك، وتحكى فى المحكى، وتؤكد أنك لن تتغير.