أكد الرئيس محمد مرسي أن إمكانيات وموارد الدول العربية كبيرة، وفي مقدمتها الموقع الجغرافي شديد الخصوصية وامتلاكها العديد من مصادر الطاقة سواء التقليدية أو المتجددة وإطلال الدول العربية على ممرات مهمة للتجارة العالمية، بالإضافة إلى المساحات الشاسعة ووفرة المياه في العديد من الدول العربية، وكذلك عدد السكان الذي يمثل سوقا ذات درجة عالية من التجانس الثقافي ونسبة مرتفعة من القوى العاملة الشابة التي تفوق مثيلتها في العالم. وأضاف مرسي "مع استمرار اعتماد الاقتصاد العالمي على النفط كمصدر للطاقة ستستمر الدول العربية في موقعها المتقدم من حيث الإنتاج والاحتياطيات المؤكدة، فضلا عن العديد من الموارد والثروات الطبيعية الأخرى، ولكن التحديات الاقتصادية والاجتماعية المشتركة التي تواجهها الدول العربية جسيمة والمشكلات كثيرة ومتنوعة ولا شك أن التعامل معها من خلال جهود متضافرة أكثر جدوى من محاولة مواجهتها على انفراد". وأكد الرئيس محمد مرسي أن من أبرز التحديات المشتركة التي تواجهها الدول العربية كيفية التعامل مع الاثار السلبية للعولمة ومن بينها المنافسة القوية من جانب الصادرات الأقل تكلفة وتراجع الاعتماد على القاعدة الوطنية للبحث العلمي والتطوير، في ظل رخص وسهولة استيراد التكنولوجيا الحديثة الجاهزة. وأضاف أن "من أهم الأسباب أيضا ضعف حركة البحث العلمي في الدول العربية واتساع الفجوة المعرفية بينها وبين العالم ودول الجوار غير العربية، فما تنفقه الدول العربية على البحث العلمي يتراوح ما بين 1ر0 و1% من الناتج المحلي، في حين أن متوسط هذه النسبة عالميا 2ر2%، بل وتزيد في بعض الدول عن 3% ويتصل بذلك بطبيعة الحال ضعف حركة النشر العلمي وبراءات الاختراع". وأشار مرسي إلى أن من بين هذه التحديات كيفية دراسة التنسيق في مواجهة الاضطرابات المالية الدولية والتقلبات في أسعار صرف العملات والتصدي لمشكلة البطالة المرتفعة، خاصة بين الشباب العربي مقارنة بدول أخرى في العالم، فعدم تمكن الشباب من ممارسة حقه في العمل يولد لديه مشاعر الإحباط التي تجنح بالبعض إلى السلوك العنيف أو العداء تجاه المجتمع. ودعا الرئيس محمد مرسي إلى ضرورة رفع نوعية التعليم وتوثيق صلة العملية التعليمية بالمجتمع وحركة العمل والإنتاج فيه، وأهمية وضرورة التدريب وتأهيل لتيسير عملية الانتقال من عملية التعليم إلى سوق العمل وبصفة خاصة فيما يتعلق بالتعليم الفني لما تعانيه الدول العربية من الكوادر الفنية المؤهلة. وقال الرئيس محمد مرسي إن من بين التحديات المشتركة التي تواجهها أيضا الدول العربية تجاوز إشكاليات موقع المرأة في المجتمع ودورها في التنمية، بحيث يتسنى إضافة جهدها إلى التنمية كشريك فيه، وبما يتيح لها نصيبا عادلا من عوائدها وإدارة عملية الإصلاح والتطوير من خلال تحقيق توافق مجتمعي بشأنها، خاصة فيما يتعلق بتبني السياسات الاقتصادية والاجتماعية. وأضاف أن "من بين التحديات أيضا توفير الموارد المائية اللازمة لدعم النمو ولتلبية الاحتياجات المتزايدة للسكان، خاصة في ظل الحاجة الملحة لإنتاج الغذاء محليا لسد الفجوة الغذائية ولتحقيق ذلك الهدف يتعين علينا الاهتمام بالاستغلال الأمثل للمياه الجوفية ومياه الأمطار وإنشاء السدود وتحلية مياه البحر واستخدام الوسائل الحديثة في الزراعة والري". وشدد مرسي على ضرورة التعامل مع التحديات التي تواجهها الدول العربية في طريق التنمية المستدامة وموقعها من النقاش الدولي حولها في أعقاب دعوة مؤتمر الدوحة للتغير المناخي للتفاوض على اتفاق دولي جديد بنهاية العقد الجاري يتضمن التزامات جديدة على الدول .. داعيا في الوقت نفسه إلى إطلاق مبادرة عربية لمتابعة قضية مفاوضات التنمية المستدامة وإلى تنسيق الموقف العربي من خلال تشكيل مجموعة مفاوضين عرب ومجلس وزاري عربي للتنمية المستدامة وإلى مناقشة تلك القضية بصفة منتظمة ضمن بنود القمم العربية التنموية. وأشار إلى أن التحديات الاقتصادية العديدة التي تواجه العالم العربي تفرض على الدول تفعيل الآليات العربية لمساعدة الاشقاء وفي مقدمتها صندوق النقد العربي خاصة في الوقت الذي تواجه فيه عدد من الدول العربية تحديات سياسية واقتصادية في عالم متغير بات من الصعب التنبؤ بحالته الاقتصادية في المستقبل. وأوضح الرئيس محمد مرسي أن الدول العربية بدأت تجارب العمل المشترك في ظروف عالمية وإقليمية معقدة لم تتح الفرصة لها للتعامل مع المصالح الاقتصادية بأسلوب أكثر عمقا لتنفيذ خطوات عملية وعلمية مدروسة لقيام نظام اقتصادي مشترك ومع وجود جامعة الدول العربية برزت أهمية استكمال الأبعاد الاقتصادية للعمل العربي بالتزامن مع ازدياد التحديات، بل والتهديدات التي يواجهها النظام العربي ومن ثم فإن التوجه نحو إنشاء نظام اقتصادي عربي بات أمرا لازما لتحقيق المنفعة للجميع وأمرا حتميا لدرء التهديد. وأوضح الرئيس مرسي أن الفرص التي يتيحها العمل الاقتصادي العربي المشترك لا تنحصر في تحقيق الرفاهية للمواطنين وتحسين مكانة الدول العربية على الصعيد الدولي وإدماجها في الاقتصاد العالمي على أساس أفضل فحسب، بل إن هناك أيضا عوائد استراتيجية على رأسها كسر الفجوة بين الوطن العربي ومحيطه الإقليمي. ودعا الرئيس مرسي إلى التعاون بين الدول العربية، قائلا "لا يمكن أن نعمل منفردين لابد، وأن نتعاون معا من أجل مستقبل أفضل لنا جميعا، وأن الأمة العربية بهويتها لا تقوم فقط على اللغة والثقافة أو على استدعاء الماضي الزاهر دون ما قدرة على التأثير في الحاضر وفي صياغة المستقبل. وتابع الرئيس مرسي "إنني على ثقة من أن مصر التي حرصت دوما على دفع مسيرة العمل العربي المشترك في كل المجالات، وخاصة في المجال الاقتصادي قادرة بعون الله على المساهمة بكفاءة وقوة في هذه المسيرة الآنية على الرغم من التحديات التي تواجهها بعد ثورة 25 يناير العظيمة". وأكد الرئيس محمد مرسي أن مصر، التي تحرص على أمن واستقرار جميع الدول العربية، والتي تقف مع جميع الأشقاء جنبا إلى جنب لدرء أي تهديد لأمنهم هي الآن في حاجة أيضا إلى أشقائها في مجالات الاستثمار والاقتصاد. وأضاف أن الاقتصاد المصري متعدد القطاعات ويتمتع بأسس ومقومات قوية تتيح له معدلات نمو مرتفعة على مدار السنوات القادمة .. مؤكدا في الوقت نفسه أن مصر تسعى الآن مع المؤسسات المالية الدولية إلى التوصل لاتفاق حول مساندة الاقتصاد المصري يقوم على تصور وطني ويحوز على توافق شعبي، الأمر الذي من شأنه أن يوفر مناخا ملائما لتحقيق تقدم ملموس في قطاعات الاقتصاد المختلفة. وأشار إلى أن هذا المناخ الإيجابي الذي تتطلع مصر إلى توفيره يعد الحافز الأمثل لجذب مزيد من الاستثمارات الجادة، والتي نهدف إلى حماية القائم والقادم منها عبر إصلاحات وإجراءات توفر مزيدا من الفرص السانحة التي تحقق عائدا كبيرا للجانبين المستثمرين ومصر وشعبها على حد سواء. وتابع الرئيس مرسي "إن الحوار بشأن كيفية الارتقاء للعمل العربي المشترك في المستقبل القريب لا ينبغي أن يصرفنا عن التعامل مع مشكلات أنين الشعب الفيلسطيني الشقيق جراء ما يتعرض له من ممارسات تعسفية، داعيا إلى ضرورة توفير الاحتياجات المالية العاجلة للحكومة الفلسطينية حتى تتمكن من الوفاء بالتزاماتها إزاء مواطنيها". وحث الرئيس محمد مرسي، الدول المانحة والمجتمع الدولي على اتخاذ خطوات جادة لوضع حد لمعاناة الشعب الفلسطيني من جراء الاحتلال، قائلا "لا ينبغي أبدا أن يضام الشعب الفلسطيني لمجرد أنه يطالب بحقه في الحياة الكريمة أو أن يعاقب على سعيه الذي طال المطالبة بحقه في إقامة دولته المستقلة ذات السيادة الكاملة". وتطرق الرئيس محمد مرسي إلى معاناة الشعب السوري الذي يتعرض ليس فقط إلى القتل والتدمير بصورة وحشية من قبل النظام وأعوانه، بل أيضا إلى معاناة في حياته اليومية وتدمير لبنيته الأساسية .. مضيفا أن هذه المعاناة من شأنها أن تقوض تحقيق التنمية المستدامة. ودعا الرئيس مرسي، الدول العربية والمجتمع الدولي إلى سرعة التحرك من أجل وقف نزيف الدم السوري وإنهاء هذه الحقبة من حكم النظام الحالي في سوريا وتمكين الشعب السوري من اختيار قيادته ونظامه بإرادته الحرة. وأضاف "لا يجب أيضا أن نغض الطرف عن حاجتنا إلى بلورة أفكار تتيح إعادة إدماج الشعوب العربية التي عانت أو مازلت تعاني من أوضاع صعبة سواء من جراء الحروب أو الكوارث الطبيعية أو غيرها، وذلك من منظور تنموي وليس من منطلق تقديم المساعدات العاجلة فحسب". وتابع الرئيس مرسي "إن هناك جهات خارجية تسارع حاليا إلى صياغة سياسات للتعامل مع أوضاع أشقاء لنا مروا أو يمرون بتلك المحن لكن مثل تلك السياسات مع تقديرنا الكامل لن تحقق أهدافنا الاستراتيجية من إعادة التأكيد على التضامن العربي من المنظور التنموي". وأكد الرئيس مرسي رفضه التدخل العسكري في مالي، قائلا "إن هذا التدخل من شأنه أن يؤجج الصراع في هذه المنطقة، ولابد أن يكون التدخل سلمي، وأن يكون تنموي وأن تصرف الجهود والأموال إلى التنمية". وطالب الرئيس مرسي بالوقوف إلى جوار الجزائر، في ظل الأحداث التي تشهدها حاليا، قائلا "يجب أن نكون دائما ضد كل من يحاول أن يعتدي على استقلال أو إرادة أو أمن أي قطر من أقطارنا العربية هذا موقف حساس ودقيق فارق بين أن نقف ضد العدوان العسكري أو التدخل العسكري في مالي، وأن نكون إلى جوار الشقيقة الجزائر فيما هي فيه درءا لأي مفسدة أو لأي صراع يهدد أمن أي دولة عربية.