وجه الرئيس محمد مرسي، في بداية كلمته بالدورة الثالثة للقمة الاقتصادية العربية، الشكر والتقدير للملك عبدالله بن عبد العزيز، والمملكة العربية السعودية الشقيقة، لاستضافة هذه الدورة، والحرص على توفير كل سبل النجاح وكرم الضيافة وحسن الاستقبال . وتابع:" كما أتقدم بالشكر للأمانة العامة لجامعة الدول العربية، على الجهد المبذول للإعداد والتحضير لهذه القمة التي تعقد في مرحلة من أهم مراحل تاريخ الأمة العربية. وقال: "يشرفني أن أتحدث إليكم اليوم محملا بآمال وتطلعات الشعب المصري العظيم هذا الشعب الذي خرج منذ عامين تقريبا معبرا عن ارادته ثائرا على الفساد والتزوير والظلم والتبعية وأراد الله سبحانه وتعالى لهذا الشعب أن تنجح ثورته وأن تخطو مصر وشعبها الى الامام وأن تقترب من تحقيق الآمال لمستقبل أفضل يرجوه ويتمناه لها كل صديق وشقيق". وأكد أن استعادة مصر لدورها الحيوية ولمكانتها المستحقة في المجتمع الدولي انما هو اضافة لرصيد العالم العربي وللعمل العربي المشترك على كافة الأصعدة وتعزيز لقوة أمتنا العربية في دفاعها عن قضاياها وأمنها وتحقيق مصالحها، وأن مصر تتطلع الى العمل مع أشقائها العرب ليس لمواجهة التحديات التي تواجه هذه الأمة فحسب وانما أيضا لاستغلال الفرص التي يمكن من خلالها الوصول لما تتطلع اليه الدول العربية من تنمية لصالح مواطنيها ومن تكامل حقيقي فيما بينها وأن تنال الأمة العربية قدرها التي تستحقه بين دول العالم والذي انتظرته شعوبها كثيرا . وأشار الى أن تبني الدول العربية لعقد سلسلة قمم تنموية اقتصادية واجتماعية ينم عن ادراكها المتزايد بأهمية دفع التعاون وتوثيقه فيما بينها في هذه المجالات، كما يشير الى تقديرها لمحدودية النتائج التي تحققت من خلال الآليات القائمة حتى ذلك الحين في كل المجالات دون أن ينتقص ذلك من حسن النوايا أو من جهود القائمين على تلك الآليات وأن ما تحقق خلال الدورتين السابقتين على مستوى البرامج والمشروعات جدير بالاشادة لاسيما المبادرات لاتي استهدفت قطاعات بعينها وعلى رأسها مبادرة أمير دولة الكويت الشقيقة بشأن الموارد المالية اللازمة لدعم وتمويل مشروعات القطاع الخاص الصغيرة والمتوسطة في الوطن العربي. وأضاف أن برنامج أعمال هذه الدورة الثالثة يتضمن بدوره بنودا وموضوعات ينبغي بحق أن تكون موضع البحث ثم التنفيذ والمتابعة الحثيثة سواءا في شقه الاقتصاد والطاقة بكل أنواعها وخاصة الطاقة الجديدة والمتجددة ويشمل الأهداف التنموية لهذه المرحلة وما بعدها وفي شقه الاجتماعي الذي يتناول الحد من البطالة ومكافحة الفقر ويتناول التعليم والرعاية الصحية . ودعا الرئيس لأن تتولى القمة صياغة الخطوط الارشادية وتنسيق السياسات الاقتصادية الكفيلة بتوجيه تلك الجهود على نحو يقود في خلال اطار زمني محدود محدد الى مزيد من التكامل والتعاون في الاطار الاقتصادي حتى لا يبقى العمل العربي المشترك رغم تعاقب الاجيال يراوح مكانه خلافا للتوقعات التي تبدو نتيجة طبيعية بل ومتيقنة لتوافر المقومات التي تجمع بين الدول العربية كالدين واللغة والتاريخ والجغرافيا والثقافة والأهداف المشتركة لاسيما اذا ما قورنت الحالة العربية بالنجاحات والتطورات التي حققتها أقاليم ومناطق أخرى في العالم سواء في القارة الأوروبية أو أسيا أو في الامريكتين. وشدد على أن مسيرة العمل العربي المشترك في المجال الاقتصادي التي بدأت منذ منتصف القرن الماضي شهدت انتشارا واسعا للمؤسسات والمنظمات وتوقيع عدد من الاتفاقيات لكن هذه المسيرة بمقياس أبسط الانجازات وهو معدل التجارة بين الدول العربية لم تحقق سوى النذر اليسير مما تحقق لتجمعات إقليمية أخرى خلال فترات زمنية أقصر . وأضاف :" يجب علينا استغلال ما يتوافر لدينا من مقومات التكامل في الموارد الطبيعية والبشرية واختلاف في المناخ وتنوع لاقامة السوق العربية المشتركة التي مثلت لسنوات هدفا طموحا لشعوبنا وأن نسارع في هذه الخطى لنلحق بمجموعات اقليمية أخرى وصلت الى تحقيق هذا التكامل الاقتصادي رغم اختلاف شعوبها في العرق والدين واللغة ووجود حدود طبيعية تعوق انسياب حركة السلع والافراد بينها، وما أقصده من هذا المثال ودون الدخول في الاسباب التي تقف وراء القصور في التجارة البينية العربية تحديدا ما أقصده أن توافر الهياكل في صورة المؤسسات أو الاتفاقيات قد لا يجدي وحده لتحقيق الآمال وأن الأمر منوط بوجود ارادة سياسية تكفل وضع برامج زمنية محددة في نطاق أشمل في رؤيتها وأوضح في صياغتها للأهداف المرحلية والنهائية مع أهمية وجود آليات واضحة يتفق عليها للتنفيذ وقابلة دائما للمراجعة والتصحيح ". وأشار الى أن امكانيات الدول العربية كبيرة وفي مقدمتها الموقع الجغرافي شديد الخصوصية وامتلاك العديد من مصادر الطاقة واطلال الدول العربية على ممرات هامة للتجارة العالمية الى جانب المساحات الشاسعة ووفرة المياه وعدد السكان الذي يمثل سوقا ذات درجة عالية من التجانس الثقافي ونسبة كبيرة من القوى الشابة تفوق مثيلتها في القوى العالمي وأنه مع استمرار اعتماد الاقتصاد العالمي على النفط كمصدر للطاقة ستستمر الدول العربية في موقعها المتقدم من حيث الانتاج والاحتياطيات المؤكدة فضلا عن العديد من الموارد والثروات الطبيعية الأخرى لكن التحديات الاقتصادية والاجتماعية المشتركة التي تواجه الدول العربية جسيمة والمشكلات كثيرة ومتنوعة وأن التعامل معها من خلال جهود متضافرة أكثر جدوى من محاولة مواجهتها على انفراد مشيرا الى أن أبرز التحديات هي: أولا كيفية التعامل مع الآثار السلبية للعولمة من بينها المنافسة القوية من جانب الصادرات الأقل تكلفة وتراجع الاعتماد على القاعدة الوطنية للبحث العلمي والتطوير في ظل رخص وسهولة استخدام التكنولوجيا الحديثة الجاهزة. ثانيا ضعف حركة البحث العلمي في الدول العربية واتساع الفجوة العلمية بينها وبين العالم ودول الجوار غير العربية فما تنفقه الدول العربية على البحث العلمي يتراوح بين 0.1 و1% من الناتج المحلي في حين أن متوسط هذه النسبة عالميا 2.2% بل وتزيد في بعض الدول عن 3% ويتصل بذلك بطبيعة الحال ضعف حركة النشر العلمي وبراءات الاختراع. ثالثا دراسة كيفية التنسيق في مواجهة الاضطرابات المالية الدولية والتقلبات في أسعار صرف العملات . رابعا التصدي لمشكلة البطالة المرتفعة خاصة بين الشباب العربي مقارنة بدول أخرى في العالم فعدم تمكن الشباب من ممارسة حقه في العمل يولد لديه مشاعر الاحباط التي تجنح بالبعض الى السلوك العنيف أو العدائي تجاه المجتمع|. خامسا ضرورة رفع نوعية التعليم وتوثيق صلة العملية التعليمية بالمجتمع وحركة العمل والانتاج فيه وضرورة التدريب والتأهيل وهو ما ييسر عملية الانتقال من مرحلة التعليم الى سوق العمل وبصفة خاصة فيما يتعلق بالتعليم الفني لما تعانيه دولا العربية من نقص واضح في الكوادر الفنية المؤهلة. سادسا تجاوز اشكاليات موقع المرأة في المجتمع ودورها في التنمية بحيث يتثنى اضافة جهدها الى التنمية كشرك فيها وبما يتيح لها نصيبا عادلا من عوائدها. سابعا ادارة علمية الاصلاح والتطوير من خلال تحقيق توافق مجتمعي بشأنها خاصة فيما يتعلق بتبني السياسات الاقتصادية والاجتماعية. ثامنا توفير الموارد المائية اللازمة لدعم النمو ولتلبية الاحتياجات المتزايدة للسكان خاصة في ظل الحاجة الملحة لانتاج الغذاء محليا لسد الفجوة الغذائية ولتحقيق ذلك يتعين علينا الاستغلال الأمثل للمياه الجوفية ومياه الامطار وانشاء السدود وتحلية مياه البحر واستخدام الوسائل الحديثة في الزراعة والري. تاسعا: التعامل مع التحديات التي تواجهنا في طريق التنمية المستدامة وموقعنا من النقاش الدولي حولها في أعقاب دعوة مؤتمر الدوحة للتغير المناخي للتفاوض على اتفاق دولي جديد في نهاية العقد الجاري يتضمن التزامات جديدة على الدول وعليه فإنني أدعو الى اطلاق مبادرة عربية لمتابعة تنويل قضية مفاوضات التنمية المستدامة والسعي لتنسيق الموقف العربي من خلال تشكيل مجموعة مفاوضين عرب ومجلس وزراي عربي للتنمية المستدامة وتناول تلك القضية بصفة منتظمة ضمن بنود القمم العربية التنموية ومنها هذه القمة. وأضاف ان التحديات الاقتصادية العديدة التي تواجه العالم العربي تفرض علينا تفعيل الآليات العربية لمساعدة الاشقاء وفي مقدمتها صندوق النقد العربي خاصة في الوقت الذي تواجه فيه عدد من الدول العربية تحديات اقتصادية وسياسية في عالم متغير بات من الصعب التنؤ بحالته الاقتصادية في المستبقل . وأشار الى أ الدول العربية بدأت تجارب العمل المشترك في ظروف عالمية واقليمية معقدة لم تتح الفرصة لها للتعامل مع المصالح الاقتصادية بأسلوب اكثر عمقا لتنفيذ خطوات عملية وعلمية مدروسة لقيام نظام اقتصادي مشترك وأنه مع وجود جامعة الدول العربية برزت أهمية استكمال الأبعاد الاقتصادية للعمل العربي بالتزامن مع ازدياد التحديات بل والتهديدات التي يواجهها النظام العربي ومن ثم فإن التوجه نحو انشاء نظام اقتصادي عربي بات أمرا لازما لتحقيق المنفعة للجميع وأمرا حتميا لدرء التهديد. وأوضح ان الفرص التي يتيحها العمل الاقتصادي المشترك لا تنحصر في تحقيق الرفاهية للمواطنين وتحسين مكانة الدول العربي على الصعيد الدولي وادماجها في الاقتصاد العالمي على أساس أفضل فحسب بل إن هناك عوائد استراتيجية على رأسها كسر الفجوة بين الوطن العربي ومحيطه الاقليمي فضلا عن أن تحقيق التنمية المستدامة من خلال العمل المشترك من شأنه تأكيد هوية الاقليم العربي وابراز أنها تقوم على مصالح حقيقية مشتركة وعلى أهداف يتم تحقيها عبر تعبئة الموارد والقدرات في اطار متفق عليه وأنه لابد وأن نتعاون معا من أجل مستقبل أفضل لنا جميعا ان الامة العربية بهويتها لا تقوم فقط على اللغة والثقافة أو استدعاء الماضي الزاهر دون قدرة على التأثير في الحاضر وفي صياغة المستقبل . وأكد ثقته فى أن مصر التي حرصت دوما على دفع مسيرة العمل العربي المشترك في كل المجالات وخاصة في المجال الاقتصادية قادرة على المساهمة بكفاءة وقوة في هذه المسيرة على رغم التحديات التى تواجهها بعد ثورة 25 يناير العظيم وأن مصر التي تحرص على أمن واستقرار الدول العربية وتقف مع جميع الاشقاء لدرء أي تهديد لأمنهم لهي في حاجة الى أشقائها في مجالات الاقتصاد والاستثمار وهذا ضمن أمنها وأمن أشقائها أيضا . وأشار الى ان الاقتصاد المصري متعدد القطاعات ويتمتع بأسس ومقومات قوية تتيح له امكانية تحقيق معدلات نمو مرتفعة على مدار السنوات القادمة وأن مصر تسعى الآن مع المؤسسات المالية الدولية الى التوصل لاتفاق حول مساندة الاقتصاد المصري يقوم على تصور وطني يحوز على توافق شعبي الأمر الذي من شأنه أن يوفر مناخا ملائما لتحقيق تقدم ملموس في قطاعات الاقتصاد المختلفة. وقال ان هذا المناخ الايجابي الذي نتطلع الى توفيره متواكبا مع مزيد من الشفافية والضمانات القانونية لهو الحافز الأمثل لجذب مزيد من الاستثمارات الجادة التي نهدف الى حماية القائم والقادم منها عبر اصلاحات واجراءات توفر مزيدا من الفرص السانحة التي تحقق عائدا كبيرا للجانبين للمستثمرين ولمصر ولشعبها على حد سواء . وشدد على ان الحوار بشأن كيفية الارتقاء بالعمل العربي المشترك لا يصرفنا عن التعامل مع مشكلات آنية للشعب الفلسطيني الشقيق جراء ما يتعرض له من ممارسات تعسفية وأن من أبسط مظاهر ابداء تكاتفنا وعزمنا على العمل معا هو المسارعة لتوفير الاحتياجات المالية العاجلة للحكومة الفلسطينية حتى تتمكن من الوفاء بالتزاماتها تجاه مواطنيها وأن نحث الدول المانحة والمجتمع الدولي على اتخاذ خطوات مماثلة فضلا عن التحرك لوضع حد لمعاناة الشعب الفلسطيني من جراء الاحتلال اذ لا ينبغي أبدا أن يضام هذا الشعب لمجرد أنه يطالب بحقه في حياة كريمة أو أن يعاقب على سعيه الذي طال المطالبة بحقه في اقامة دولته المستقلة ذات السيادة الكاملة ولا يمكنننا عند الحديث عن معاناة الشعوب العربية اغفال معاناة اشقانها في سوريا فالذين يتعرضون ليس فقط للقتل والتدمير بصورة وحشية من قبل النظام وأعوانه بل أيضا الى معاناة في حياتهم اليومية وتدمير لبنيتهم الاساسية بل ينعكس سلبا على الاحتياجات الاساسية الانسانية ويقوض فرص تحيق التنمية المستدامة ويتطلب جهدا كبيرا بعد انتهاء الصراع لتحقيق ما يصبو اليه الشعب السوري. وأضاف ان مسئوليتنا جميعا تجاه الشعب السوري تحتم علينا سرعة الحركة مع المجتمع الدولي لوقف نزيف الدم السوري وانهاء هذه الحقبة وتمكين الشعب السوري من اختيار قيادته بصورة حرة وهذا ما نسعى اليه الآن على كل الأصعدة . وشدد على أنه لا يجب أن نغض الطرف عن حاجتنا الى بلورة أفكار تتيح اعادة ادماج الشعوب العربية التي عانت أو مازالت تعاني من تبعات أوضاع صعبة سواء من جراء الحروب أو الكوارث الطبيعية أو غيرها وذلك من منظور تنموي وليس من منطلق تقديم المساعدات العاجلة فحسب لاسيما وأن جهات خارجية سارعت أو تسارع الى صياغة سياسات للتعامل مع أوضاع أشقاء لنا مروا أو يمروا بتلك المحن لكن مثل تلك السياسات مع تقديرنا الكامل لن تحقق اهدافنا الاستراتيجية من اعادة التأكيد على التضامن العربي من المنظور التنموي وأود أن أؤكد على أننا لا نوافق أبدا على التدخل العسكري في مالي لأن هذا من شأنه أن يؤجج الصراع في هذه المنطقة ولابد من أن يكون التدخل سلمي وأن يكون تنموي وأن تصرف الجهود والأموال للتنمية لا نقبل أي تطرف أو عنف أو عدوان على الآمنين ولا نريد أبدا أن نخلق بؤرة جديدة من الصراع الدامي في وسط افريقيا تعزل بين الشمال العربي وبين عمق افريقيا . وطالب الرئيس جميع الدول العربية بالوقوف الى جوار الجزائر فيما وقع فيها ضد من يحاول ان يعتدي على استقلال أو ارادة أو أمن أي قطر من الأقطار العربية مشيرا الى أنه هناك فارق بين أن نقف ضد العدوان العسكري أو التدخل العسكري في مالي وأن نكون الى جوار الشقيقة الجزائر فيما هي فيه درءا لأي مفسدة أو جرا لأي صراع يهدد أمن أي دولة عربية.