يعرب مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان عن استنكاره الشديد لقرار إسرائيل بقطع العلاقات مع مجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان ومكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان، ويحذر من أن هذه الخطوة تمثل سابقة خطيرة توحي للدول التي لا ترغب في احترام التزامات حقوق الإنسان الخيار بأن تخرج ببساطة عن المنظومة الدولية لحقوق الإنسان برمتها دون أية عواقب. كان مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان قد أكد في مداخلة شفهية الاثنين 2 يوليو أمام مجلس الأممالمتحدة والمنعقد حالياً في دورته العشرين بجنيف، أنه إذا كان تعاون الدول الأعضاء مع آليات الأممالمتحدة هو "عمل تطوعي" يمكن سحبه أو الإحجام عنه في أي وقت، بما في ذلك الجمعية العامة، فإن الطبيعة القانونية الأساسية لوضع "الدولة العضو" قد تبدو بلا معنى من الناحية الوظيفية الفعلية؛ فهذا النهج يبدو وكأنه يقوض بشكل كبير العقد القانوني الأساسي الذي تنضم إليه الدول عندما تقبل الالتزامات التعاهدية المطلوبة لكي تصبح دولة عضوًا في الأممالمتحدة. شهدت هذه الدورة مناقشة دولية لموقف حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة وغيرها من الأراضي العربية المحتلة، وذلك في غياب إسرائيل التي أبلغت رسميًا يوم 14 مايو، في خطاب موجه لرئيس مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أنها ترغب في وقف العلاقات مع مجلس حقوق الإنسان ومكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان. وقد جاء في ذلك الخطاب أن هذا القرار جاء "انعكاسًا لعمليات الإقصاء المستمرة والصارمة لإسرائيل في مجلس حقوق الإنسان" علي حد نص الخطاب، بل واتهمت إسرائيل مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان ومجلس حقوق الإنسان بالعمل على "سحق إسرائيل وتشويه سمعتها أو شيطنتها" طبقًا للخطاب. من جانبها تقول سهير رياض الباحثة في مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، "يظل التدهور الصارخ لحالة حقوق الإنسان الذي دأبت عليه إسرائيل على مدى العقود الماضية دافعًا رئيسيًا وراء توجيه النقد المستمر لها من قبل المجلس"، مضيفةً أنه "من المستحيل أن يتجاهل المجلس الاحتلال غير المشروع والممنهج الذي تقوم به إسرائيل وتوسيع أراضيها من خلال المستوطنات غير المشروعة والحصار المستمر لقطاع غزة وعمليات الاغتيالات والاعتقال التعسفي واحتجاز النشطاء الفلسطينيين والإفلات من العقاب على جرائم حرب محتملة وجرائم ضد الإنسانية من المحتمل أن تكون قد وقعت في الماضي". لقد تبنت إسرائيل سياسةً تكاد تكون ممنهجة في عدم التعاون مع مبادرات الأممالمتحدة بشأن حقوق الإنسان، لاسيما المتعلقة بالوضع المتدهور لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وذلك حسبما أشارت عدة تقارير مقدمة من عدد من خبراء الأممالمتحدة أثناء الدورة الجارية للمجلس، الأمر الذي ورد أيضًا في تقرير مرحلي بشأن تنفيذ التوصيات المقدمة من بعثة تقصي الحقائق المكلفة بالتحقيق في حادثة ضرب أسطول الحرية المتجه إلى غزة. كما تجدر الإشارة في هذا الصدد إلي أن إسرائيل لم تتعاون، أو تنفذ – حتى اليوم– أي من التوصيات الصادرة من لجنة تقصي الحقائق حول عملية "الرصاص المصبوب" علي غزة في 2009، إذ تسعى إسرائيل إلى أن تبقي جنودها محصنين ضد الاتهام بارتكاب الجرائم ضد الإنسانية أو جرائم الحرب. الأمر الذي يبرهنه تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بشأن قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والذي تبناه المجلس في مارس الماضي بشأن المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والذي أكد علي استمرار التوسع غير المشروع للمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، بما في ذلك القدسالشرقية، وكذا زيادة معدل عمليات هدم المنازل والمباني الفلسطينية، مما أدى إلى ارتفاع حاد في نزوح الفلسطينيين، بما في ذلك 536 طفلاً، منذ بداية العام. وكذلك أشار التقرير إلى استمرار العنف من جانب المستوطنين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين، مستشهدًا بتسع وثمانين حادثة في الفترة بين 22 مارس وحتى 12 يونيو، لم تُتخذ بشأنها أية خطوات من جانب إسرائيل لمصادرة الأسلحة أو فرض عقوبات جنائية في المستوطنات.