تصادف ذكرى يوم الأرض ولا يزال الاحتلال الإسرائيلي يمعن في سياسته الاستيطانية والاستيلاء على أراضي الفلسطينيين لبناء المستوطنات غير الشرعية، بعد ترحيل أصحاب الأرض عنها وسلبها عنوة. قانون أملاك الغائبين ووثيقة كيننغ في عام 1950 تبنت حكومة الاحتلال الإسرائيلي ما يسمى ب«قانون العودة»، لتسهيل الهجرة اليهودية إلى الأراضي واستيعاب اللاجئين اليهود، في المقابل سنت قانون يدعي «أملاك الغائبين»، والذي بموجبه تمت مصادرة الأراضي التابعة للاجئين الفلسطينيين، وكان هذا القانون يستخدم أيضا لمصادرة أراضي المواطنين العرب بعد تصنيفها في القانون على أنها أملاك غائبين. ولم تقتصر أملاك الغائبين على الأراضي بل شملت المباني والأوقاف وعلى الرغم من وجود ملايين الفلسطينين داخل الأراضي المحتلة إلا أن الكيان الصهيوني اعتبرهم في حكم الغائبين وصادر أراضيهم وأملاكهم، معتبرًا هذا القانون مجرد ممر لتحويل الأرض العربية من ملكية أصحابها الخاصة إلى ملكية اليهود، كما أن هذا القانون استخدم في نقل الملكية إلى ما يعرف بال"قيرن قييمت" (الصندوق القومي اليهودي) الذي يدعي كذبًا أنه اشترى أراضي العرب بأموال يهودية خاصة وذلك عبر طرف ثالث نقلت إليه الأملاك كمرحلة أولى، لكن كشف بعد ذلك أن هذه المؤسسة وهمية قائمة على الورق فقط وأن اليهود تملكوا الأراضي عن طريق "سلطة التطوير" الخاصةبالكيان الصهيوني. ويعتبر هذا القانون الذي سرق من خلاله الكيان الصهيوني الأراضي العربية في وضح النهار استوحي قسم منه من قانون استعماري بريطاني، وكان يبلغ عدد «الغائبين الحاضرين» أو الفلسطينيين المشردين داخليا عندما فعل الكيان الصهيوني هذا القانون نحو 20 ٪ من مجموع السكان العرب الفلسطينيين في الأراضي المحتلة. وفي 1 مارس 1976، صدر الكيان الصهيوني وثيقة "كيننغ" من قبل متطرف لواء الشمال في وزارة الداخلية الإسرائيلية يسرائيل كيننغ، والتي تستهدف إفراغ الجليل من من الفلسطينيين والاستيلاء على أراضيهم وتهويدها، ودعت وثيقة "كيننغ" في طياتها إلى تقليل نسبة الفلسطينيين في منطقتي الجليل والنقب، وذلك بالاستيلاء على ما تبقى لديهم من أراض زراعية وبمحاصرتهم اقتصاديا واجتماعيا، وبتوجيه المهاجرين اليهود للاستيطان في منطقتي الجليل والنقب. وركزت الوثيقة على تكثيف الاستيطان اليهودي في شمال الجليل. استغلال إسرائيل للقانون والوثيقة قام الكيان الصهيوني بتفعيل قانون أملاك الغائبين بطريقة واسعة في السبعينات عندما قررت حكومة الاحتلال الإسرائيلي مصادرة 21 ألف دونم من أراضي قريتي عرابة وسخنين، وذلك لتخصيصها لإقامة المزيد من المستوطنات في إطار مخطط تهويد الجليل وتفريغه من أصحابه الفلسطينيين. كما استند الأحتلال إلى وثيقة "كيننغ" حيث قام بالتضييق الاقتصادي على العائلات العربية عبر ملاحقتها بالضرائب وإعطاء الأولوية لليهود في فرص العمل، وكذلك تخفيض نسبة العرب في التحصيل العلمي وتشجيع التوجهات المهنية لدى التلاميذ، و تسهيل هجرة الشباب والطلاب العرب إلى خارج البلاد ومنع عودتهم إليها. اشتعال انتفاضة يوم الأرض قبل قيام الكيان الصهيوني كان عرب فلسطين شعبا مزارعا إلى حد كبير، حيث أن 75٪ كانوا يحصلون على عيشهم من الأرض، بعد نزوح الفلسطينيين نتيجة نكبة عام 1948، بقيت الأرض تلعب دورا هاما في حياة العرب الفلسطينيين الذين بقوا داخل الأراضي المحتلة. فعَّل الكيان الصهيوني قوانينة ووثائقة التي أشعلت انتفاضة الأرض حيث كانت هذه القوانيبن واحدة من مسببات الاتجاه نحو الغضب العارم.وترافق قرار المصادرة مع إعلان حظر للتجوال على قرى سخنين وعرابة ودير حنا وطرعان وطمرة وكابول، قبل يوم من اشتعال الانتفاضة، لكن السكان تجاهلوا القرار وخرجوا للاحتجاج استجابة لدعوة لجنة الدفاع عن الأراضي، وكانت هذه أول انتفاضة لفلسطينيي 1948 منذ إنشاء هذا الكيان المحتل، وقد قوبلت بتعاطف وتضامن فلسطينيي الضفة الغربية والشتات والعرب عموما انطلاقا من مبدأ التمسك بالأرض ورفض انتقالها لليهود. في 29 مارس أعلنت منطقتا الجليل والمثلث الإضراب العام الشامل احتجاجًا على سياسية المصادرة، وبمجرد الإعلان عن الإضراب وقبل سريانه، كان التعاطي الصهيوني عسكرياً دموياً إذ اجتاحت قوات الاحتلال مدعومة بالدبابات والمجنزرات القرى والبلدات الفلسطينية وأخذت بإطلاق النار عشوائياً حتى سقط الشهيد خضر ياسين من قرية عرابة في 29 مارس، وبعد انتشار الخبر صبيحة اليوم التالي 30 مارس انطلقت الجماهير الفلسطينية في تظاهرات عارمة سقط على أثرها 6 شهداء فلسطينيين، فضلا عن إصابة واعتقال المئات، في المقابل تراجعت حكومة إسحاق رابين عن قرار المصادرة.