تحت شعار "إنا باقون، ما بقي الزعتر والزيتون" يحيي الفلسطينيون بدءا من الاثنين 30 مارس من كل عام داخل الأراضي الفلسطينية ذكرى يوم الأرض التي أطلقت شرارتها الأولى عام 1976، رفضا لسياسة المصادرة والاقتلاع التي انتهجتها ولا تزال سلطات الكيان الصهيوني المحتل. وتشهد الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية بما فيها القدسالمحتلة وقطاع غزة مسيرات ومهرجانات احتفالا بالذكرى ال39 ل"يوم الأرض" الذي يجسد الثبات في الدفاع عن أرض فلسطين ووجودها. وتقام فعاليات مشابهة ينظمها فلسطينيون ومتضامنون في عدد من العواصم العربية والغربية بمناسبة هذه الذكرى تعبيرا عن "صمود" الفلسطينيين. وتعتبر ذكرى "يوم الأرض الفلسطيني" رمزا للتشبث بالأرض والهوية والوطن، وعنوانا لرفض كل سياسات الكيان الصهيوني الساعية إلى سلخ الشعب الفلسطيني من هويته الوطنية والقومية، فبالرغم من أنها الذكرى ال39 إلا أن الشعب الفلسطيني لايزال يعتبر "يوم الأرض" حدثًا مهما في تاريخ فلسطين، ويحرصون على الاحتفال به أينما كانوا. وهو يوم يحييه العالم أجمع والفلسطينيون بشكل خاص في 30 مارس من كل عام، وتعود أحداث هذا اليوم لعام 1976 بعد أن قامت السّلطات الصهيونية العنصرية بمصادرة آلاف الدونمات من الأراضي ذات الملكيّة الخاصة أو المشاع في نطاق حدود مناطق ذو أغلبية سكانية فلسطينية، وقد عم إضراب عام ومسيرات من الجليل إلى النقب، واندلعت مواجهات أسفرت عن سقوط ستة فلسطينيين وإصابة واعتقال المئات. وقبل قيام الكيان الصهيوني كان عرب فلسطين شعبا مزارعا إلى حد كبير، حيث أن 75٪ كانوا يحصلون على قوة يومهم من الأرض، وبعد نزوح الفلسطينيين نتيجة نكبة عام 1948، بقيت الأرض تلعب دورا هاما في حياة 156 ألف من العرب الفلسطينيين الذين بقوا في الداخل المحتل، وبقيت الأرض مصدرا هاما لانتماء الفلسطينيين العرب وارتباط بها. تبنت الحكومة الإسرائيلية في عام 1950 ما يسمى ب"قانون العودة" لتسهيل الهجرة اليهودية إلى الكيان الصهيوني واستيعاب اللاجئين اليهود، وفي المقابل سنت قانون أملاك الغائبين والذي بموجبه تم مصادرة الأراضي التابعة للاجئين الفلسطينيين الذين فروا أو طردوا منها، وكان هذا القانون يستخدم أيضا لمصادرة أراضي المواطنين العرب بعد تصنيفها في القانون على أنها "أملاك غائبة"، وكان يبلغ نسبتها نحو 20٪ من مجموع السكان العرب الفلسطينيين في الداخل المحتل. صادرت السلطات الصهيونية نحو 21 ألف دونم من أراضي "عرابة وسخنين ودير حنا وعرب السواعد" وغيرها في منطقة الجليل في فلسطين التي احتلت عام 1958، تحت غطاء مرسوم جديد صدر رسميا في منتصف السبعينات، أطلق عليه اسم مشروع "تطوير الجليل| والذي كان في جوهره الأساسي هو "تهويد الجليل"، فقد صادرت إسرائيل القرى التي تعرف اليوم ب"مثلث الأرض"، وتم تخصيصها للمستوطنات الصهيونية. رافق قرار الحكومة بمصادرة الأراضي إعلان حظر التجول على قرى سخنين وعرابة ودير حنا وطرعان وطمرة و كابول من الساعة 5 مساء، وعقب ذلك دعا القادة العرب من الحزب الشيوعي مثل توفيق زياد الذي شغل أيضا منصب رئيس بلدية الناصرة ليوم من الاضرابات العامة والاحتجاجات ضد مصادرة الأراضي وقررت لجنة الدفاع عن الأراضي في فبراير عام 1976، عقد اجتماع لها في الناصرة بالاشتراك مع اللجنة القطرية لرؤساء المجالس العربية، وفيه تم إعلان الإضراب العام الشامل في 30 مارس. وفي 18 مارس 1976 اجتمع رؤساء المجالس المحلية العربية، وأعضاء من حزب العمل وصوتوا ضد دعم خروج المظاهرات، وعندما أصبح الخبر منتشرا خرجت مظاهرة خارج مبنى البلدية، وقد تم تفريقها بالغاز المسيل للدموع، وأعلنت الحكومة أن جميع المظاهرات غير قانونية وهددت بإطلاق النار على المنظمين، مثل معلمي المدارس الذين شجعوا الطلاب على المشاركة، لكن التهديدات لم تستطيع إيقاف حماس المشاركين، فقد خرج الطلاب من الفصول الدراسية وانضموا إلى الإضراب وكذلك شاركوا في المسيرات العامة التي جرت في جميع أنحاء البلدات العربية المحتلة، من الجليل في الشمال إلى النقب في الجنوب، وقد جرت إضرابات تضامنية أيضا في وقت واحد تقريبًا في الضفة الغربية وقطاع غزة، وفي معظم مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. وكالعادة كان الرد الإسرائيلي عسكريا دمويا إذ اجتاحت قواته مدعومة بالدبابات والمجنزرات القرى الفلسطينية والبلدات العربية وأخذت بإطلاق النار عشوائيا، فسقط الشهيد خير ياسين من قرية عرابة، وبعد انتشار الخبر صبيحة اليوم التالي انطلقت الجماهير في تظاهرات عارمة فسقط خمسة شهداء آخرين، أبرزهم خضر خلايلة وخديجة شواهنة ورجا أبو ربا من قرية سخنين، ومحسن طه من قرية كفر كنا، ورافت الزهيري، إضافة إلى عشرات الجرحى والمصابين.