أحد أبرز علماء السنة في سوريا والمنطقة خلال العصر الحديث، فبرغم ما تشهده سوريا من دمار وتخريب وإرهاب منذ ما يقارب ل5 أعوام لم يتركها ويهرب كباقي العلماء والمشايخ، حيث قرر أن يكمل مشواره المليء بعلم الأحاديث والفقه، ليترك لنا عند رحيله إرثا علميًا ضخمًا. عن عمر ناهز 83 عاماً، رحل الشيخ وهبة الزحيلي، عضو المجامع الفقهية بصفة خبير في مكةوجدة والهند وأمريكا والسودان؛ ورئيس قسم الفقه الإسلامي ومذاهبه بكلية الشريعة في جامعة دمشق، كما أنه كان رئيساً في اللجنة الثقافية العليا ورئيساً للجنة المخطوطات بجامعة الإمارات. ولد في بلدة دير عطية من مدن ريف دمشق عام 1932، وكان والده حافظاً للقرآن الكريم، مزارعاً تاجراً، درس الإبتدائية في بلد الميلاد بسوريا، ثم المرحلة الثانوية في الكلية الشرعية بدمشق مدة ست سنوات وكان ترتيبه الامتياز والأول على جميع حملة الثانوية الشرعية عام 1952 وحصل فيها على الثانوية العامة الفرع الأدبي أيضاً. تابع تحصيله العلمي في كلية الشريعة بالأزهر الشريف، فحصل على الشهادة العالية وكان ترتيبه فيها الأول عام 1956 ثم حصل على إجازة تخصص التدريس من كلية اللغة العربية بالأزهر، وصارت شهادته العالمية مع إجازة التدريس، درس أثناء ذلك علوم الحقوق وحصل على ليسانس الحقوق من جامعة عين شمس بتقدير جيد عام 1957، نال دبلوم معهد الشريعة الماجستير عام 1959 من كلية الحقوق بجامعة القاهرة. حصل على شهادة الدكتوراة في الحقوق (الشريعة الإسلامية) عام 1963 بمرتبة الشرف الأولى مع توصية بتبادل الرسالة مع الجامعات الأجنبية، وموضوع الأطروحة آثار الحرب في الفقه الإسلامي دراسة مقارنة بين المذاهب الثمانية والقانون الدولي العام. التَّدريس الجامعي كان أول أعمال الزحيلي بعد حصوله على درجة الدكتوراه، إذ عُيِّن مدرِّساً في كلية الشَّريعة بجامعة دمشق عام 1963، ثم رقي إلى درجة أستاذ مساعد سنة 1969، وأستاذاً عام 1975. وتنقَّل بعدها بين عددٍ من الجامعات العربية بصفة أستاذٍ زائر ، فدرَّس في كلية الشَّريعة والقانون بجامعة بنغازي بليبيا، وفي قسم الشَّريعة بجامعة الخرطوم بالسُّودان، والمركز العربي للدِّراسات الأمنية بالرِّياض، وأمضى خمس سنوات في جامعة الإمارات العربية بالعين. وعُيِّن رئيساً لقسم الشَّريعة في كلية الشَّريعة والقانون بجامعة الإمارات العربية المتحدة، ثمَّ عميداً للكلِّية بالنيابة حتى نهاية مدة إعارته سنة 1989، وشغل منصب رئيس قسم الفقه الإسلامي ومذاهبه بجامعة دمشق. وللراحل عضويةٌ في عددٍ من المجامع العلمية والبحثية الإسلامية، ويرأس بعض الهيئات الشَّرعية الإسلامية، ومنها: عضويته كخبير في كلٍّ من مجمع الفقه الإسلامي بجدة، والمجمع الفقهي بمكةالمكرمة، ومجمع الفقه الإسلامي بالهند والسودان وأمريكا، كما كان عضواً في المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية –آل البيت- في الأردن، والموسوعة العربية بدمشق، وأحد أعضاء هيئة التَّحرير في مجلَّة نهج الإسلام التي تصدر عن وزارة الأوقاف السورية، ورئيس هيئة الرَّقابة الشَّرعية لشركة المضاربة والمقاصَّة الإسلامية في البحرين، وغير ذلك. شارك بفعالية في المؤتمرات والنَّدوات الدَّولية الإسلامية التي تعقد في مختلف العواصم والمدن العربية والإسلامية، مثل دورات مجمع الفقه الإسلامي التَّابع لمنظَّمة العمل الإسلامي، ودورات المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية –آل البيت- في عمَّان، وأسبوع الفقه الإسلامي في الرِّياض، وغيرها. كانت له أحاديث إذاعية مستمرة في برنامج القرآن والحياة وندوات بلتلفزيون في كل من دمشقوالإمارات والكويت والسعودية، أشرف على الكثير من رسائل الماجستير والدكتوراه في العديد من الجامعات العربية، كما وضع خطة الدراسة في آخر الستينات لكلية الشريعة في دمشق، وخطة دراسة في كلية الشريعة والقانون بالإمارات. له العديد من المؤلفات نذكر منها : آثار الحرب في الفقه الإسلامي، مقارنة بين المذاهب الثمانية والقانون الدولي، قضايا الفقه والفكر المعاصر 3 مجلدات، القانون الدولي الإنساني و حقوق الإنسان وتم ترجمته إلى الماليزية، العالم الإسلامي في مواجهة التحديات الغربية تُرجم إلى التركية و الماليزية. لم يعلن عن موقفه من الأوضاع السياسية بصورة واضحة على خلاف عدد من أقرانه الذين أعلنوا موقفهم بشكل علني واضح وبصوت مسموع، وهذا الموقف من منطلق أن رجل الدين يجب أن لا يستخدم منابر المساجد لتوجيه المجتمع سياسيًا، بل دراسة علم الفقه والقرآن والأحاديث هم من سيؤدي بالإنسان إلى الطريق الأمثل.