الشيخ محمود شلتوت هو احد رواد الإصلاح بالأزهر الشريف وأحد علماء المسلمين البارزين .عمل كشيخ للجامع الأزهر في الفترة من 1958 -1963 وانتمى لفكر مدرسة الإحياء والتجديد في العلوم الإسلامية والشريعة. حصل على التقدير من قبل العديد من العلماء والرؤساء، وله العديد من المؤلفات والدراسات القيمة التي أثرى بها المكتبة الإسلامية. ولد الشيخ محمود شلتوت في الثالث والعشرين من إبريل 1893، بقرية منية بني منصور مركز إيتاي البارود بمحافظة البحيرة . اتم حفظ القرآن الكريم صغيراً، وتلقى تعليمه بمعهد الإسكندرية الديني، ثم التحق بالكليات الأزهرية، وحصل على شهادة العالمية من الأزهر عام 1918م. عقب تخرجه تم تعيينه مدرساً بمعهد الإسكندرية عام 1919، و كان أحد المشاركين بثورة 1919. وفى اعقاب تعيين الشيخ محمد مصطفى المراغي شيخاً للأزهر، قام بنقل الشيخ شلتوت أستاذاً للفقه الإسلامي بالدراسات العليا. لم يجد الامام المراغى استجابة من الحكومة لمشروعاته الإصلاحية في الأزهر من فتح باب الاجتهاد وإدخال العلوم الحديثة،فتقدم باستقالته عن مشيخة الأزهر في العاشر من أكتوبر 1929 وتولى المنصب بدلاً منه الشيخ محمد الأحمدي الظواهري، فخرج علماء الأزهر منددين ومعارضين ومطالبين بعودة المراغي، وجاء رد الحكومة بفصل 72 من شيوخ وعلماء الأزهر وكان منهم الشيخ محمود شلتوت أحد مناصرين حركة إصلاح الأزهر، وذلك عام 1931م. وعقب فصله من منصبه عمل الشيخ شلتوت بالمحاماة وظل مستمراً في نقده لسياسات الأزهر داعياً إلى الإصلاح، ثم عاد للأزهر مرة أخرى عام 1935 مدرساً بكلية الشريعة بعد أربع سنوات من صدور قرار الفصل، وذلك بعد أن استجاب الملك فؤاد لاصرار علماء الأزهر وطلابه على عودة الإمام المراغي والاستمرار في مشروع إصلاح الأزهر، وبالفعل عاد الإمام المراغي إلى مشيخة الأزهر وعاد معه جميع العلماء المفصولين ومنهم الشيخ شلتوت. في عام 1946م تم تعينه عضواً في مجمع اللغة العربية، ثم انتدب من قبل الحكومة لتدريس فقه القرآن والسنة لطلبة دبلوم الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق عام 1950م، وعين مراقباً عاماً للبعوث الإسلامية فوثق الصلات بالعالم الإسلامي، وعين في لجنة الفتوى بالأزهر، وفي عام 1957م تم اختياره سكرتيراً عاماً للمؤتمر الإسلامي ثم عين وكيلاً للأزهر، ورئيساً للجنة العادات والتقاليد في وزارة الشئون الإجتماعية، وفي عام 1958م صدر قرار بتعيينه شيخاً للأزهر. فى عام 1937تم اختيار الشيخ شلتوت عضواً ضمن الوفد الذي حضر مؤتمر لاهاي للقانون الدولي المقارن وألقى بحثاً تحت عنوان المسئولية المدنية والجنائية في الشريعة الإسلامية، وقد لاقى هذا البحث الكثير من الاستحسان من قبل أعضاء المؤتمر اللذين أقروا صلاحية الشريعة الإسلامية للتطور واعتبروها مصدراً من مصادر التشريع الحديث وإنها أصيلة وليست مقتبسة من غيرها من الشرائع الوضعية ولا متأثرة بها، وبهذا البحث نال شلتوت عضوية جماعة هيئة كبار العلماء عام 1941. من ابرز اعماله سعيه من أجل التقريب بين المذاهب الإسلامية، فكان أحد مؤسسي "دار التقريب بين المذاهب الإسلامية"في القاهرة، وعمل على توحيد كلمة المسلمين ولم شملهم والقضاء على الخلافات بين المذاهب بإدخال دراسة المذاهب في الأزهر. في عام 1961 أصدر قانون إصلاح الأزهر، وأدخل إليه العلوم الحديثة وأنشئت به عدة كليات، وجعل الأزهر بكلياته المدنية والشرعية مصدراً لتلبية احتياجات المسلمين من علوم الدنيا والدين. كما جاءت خطوة أخرى هامة أعقبت قانون الإصلاح وهي دخول الفتيات لأول مرة إلى الأزهر، وكان الشيخ شلتوت صاحب رأي مستنير فنادى بتكوين مكتب علمي للرد على مفتريات أعداء الإسلام وتنقية كتب الدين من البدع والضلالات، وكانت هذه هي البداية لإنشاء مجمع البحوث الإسلامية. و يرجع له الفضل في إنشاء "معهد البعوث الإسلامية" وهو الذي يؤهل الطلاب غير العرب للدراسة باللغة العربية، كما تم تدريس اللغات الأجنبية بالأزهر. زار الشيخ شلتوت الكثير من بلدان العالم الإسلامي، ولاقى الكثيرمن الترحيب والتقدير من رؤساء وزعماء العديد من الدول . قدم الشيخ شلتوت العديد من المؤلفات الهامة منها :فقه القرآن والسنة، مقارنة المذاهب، منهج القرآن في بناء المجتمع، القرآن والقتال، القرآن والمرأة، تنظيم العلاقات الدولية في الإسلام، رسالة الأزهر، الإسلام عقيدة وشريعة، من توجيهات الإسلام، ويسألونك "مجموعة فتاوي"، وقد قامت جامعة كولجيت بأمريكا بترجمة مؤلفاته إلى الإنجليزية والفرنسية، وكان الشيخ شلتوت هو أول من ألقى حديثا دينياً في صبيحة افتتاح إذاعة القاهرة. وللشيخ شلتوت العديد من الرسائل والأبحاث الهامة منها: رسالة في المسئوليات المدنية والجنائية في الشريعة الإسلامية، وبحث عن تعدد الزوجات في الإسلام والذي ترجم إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية. تكريمه .. استحق الشيخ شلتوت عن جدارة التكريم نظراً لجهوده في خدمة الإسلام والعلم فحصل على الدكتوراه الفخرية من جامعة "ميدان "بأندونيسيا، والدكتوراه الفخرية من أكاديمية شيلي عام 1959، والدكتوراه الفخرية من معهد الدولة الإسلامي بجاكرتا عام 1961، والرئيس الفخري للجامعة الإسلامية بالفلبين عام 1961. كما حصل على قلادة رمزية من رئيس الكاميرون عام 1962 تقديراً لأبحاثه العلمية، والأستاذية الفخرية من حكومة الكاميرون عام 1963 تقديرا لدوره في خدمة الإسلام والمسلمين. وفاته .. توفى الشيخ شلتوت في مصر في الثاني عشر من ديسمبر عام 1963م، إثر نوبة قلبية، تاركا ارثا كبيرا فى خدمة الاسلام والمسلمين ..