في الوقت الذي أعلن فيه دبلوماسيين بالاتحاد الأوروبي أن الوقت قد حان لإستئناف العلاقات مع الحكومة السورية وإعادة السفراء إلى دمشق، ومع انطلاق عمليات الجيش السوري في ريف حلب، وتزايد القلق الإسرائيلي من استمرار تقدم وحدات الجيش السوري ضد معاقل الجماعات المسلحة في المناطق الجنوبية بالقنطيرة، اتخذت أمريكا قرارا بتدريب ما أسمتهم ب "المعارضة المعتدلة". أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" أنه جرى الإعلان عن تحديد 1200 مقاتل من المعارضة السورية للمشاركة المحتملة في برنامج للتدريب والتسليح بقيادة الجيش الأمريكي، وأوضحت الوزارة أن المقاتلين سيخضعون لعملية تدقيق قبل الانضمام إلى البرنامج الذي من المتوقع أن يبدأ في مارس المقبل، في مواقع متعددة خارج سوريا، كما كشف مسؤول أمريكي أنه قد يجري تدريب ثلاثة آلاف مقاتل مع نهاية عام 2015. وبناء على ذلك وقعت الولاياتالمتحدةوتركيا اتفاقا لتدريب وتسليح ما يسمى ب"المعارضة السورية المعتدلة" على الأراضي التركية، وقال وزير الخارجية التركي "مولود جاويش اوغلو"، إن انقرةوواشنطن وقعتا وثيقة تتعلق ببرنامج تدريب المسلحين، وأضاف أنه "من الطبيعي قيام هذه القوات بقتال جماعة داعش والنظام السوري وأن تركياوالولاياتالمتحدة متفقتان حول هذا الأمر". وعرضت تركيا والسعودية وقطر علناً استضافة التدريب كما يتردد استعداد أردني وإن لم يتم الإعلان عنه بشكل واضح وصريح، وقال مسئول أمريكي إن التدريب من المرجح أن يبدأ في الأردن. التدخل الأمريكي والتركي في الأزمة السورية وإعلانها بكل صراحه عن تدريب المسلحين هناك، لم يكن مفاجأه جديدة لأي من المتابعين للشأن السوري، لكن توقيت إعلان أمريكا تدريب وتسليح هؤلاء المسلحين هو الشأن الذي يثير الكثير من التساؤلات، حيث جاء الإعلان الأمريكي في وقت أعلن فيه المبعوث الأممي إلى سوريا "ستيفان دي ميستورا" الذي يسعى إلى تنفيذ خطته المتضمنة تجميد القتال في سوريا بدءا من مدينة حلب، وبعد موافقه الحكومة السورية وإبداء استعدادها لوقف القصف الجوي والمدفعي على مدينة حلب لمدة ستة أسابيع. العزلة التي أرادت أمريكا والدول الغربية فرضها على دمشق منذ بداية الأزمة السورية، باتت الآن غير فعالة خاصة مع إعلان دبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي أن الوقت قد حان لاستئناف العلاقات مع الحكومة السورية وإعادة السفراء إلى دمشق، فقد أعلنت السويد والدانمارك ورومانيا وبلغاريا واستراليا وإسبانيا، هذا الموقف أو دعمته إضافة إلى دولتين ليستا عضوين في الاتحاد الأوروبي وهما النرويج وسويسرا. من جهة أخرى تحاول أمريكا تعويض مسلحي سوريا الخسارة التي تكبدوها خاصة في الأيام الأخيرة بعد أن وصل الجيش السوري إلى بلدتي نبل والزهراء في ريف حلب الشمالي وهو ما فاجأ المسلحين، كما بسطت وحدات أخرى من الجيش سيطرتها على مناطق دير الزيتون، كفرتونة، وباشكوي، وتل مصيبين، وحردتنين، وكان الجيش السوري انطلق في معركته في ريف حلب من قريتي سيفات وحندرات باتجاه قرية حردتنين التي نجح في استعادة السيطرة عليها على نحو كامل، ثم تقدم إلى بلدتي رتيان وباشكوي المحاذية المحاذيتين، حيث عمل على تثبيت مواقعه فيهما. كما يتزامن الإعلان الأمريكي مع تزايد القلق الإسرائيلي من استمرار تقدم وحدات الجيش السوري ضد معاقل الجماعات المسلحة في المناطق الجنوبية، مما ألقى بظلاله على القرار الأمريكي على اعتبار أن أمريكا تعتبر نفسها الحامي الرئيسي لإسرائيل في المنطقة، خاصة مع استنفار الجيش الإسرائيلي في منطقة الجولان إثر اقتراب المعارك بين الجيش السوري والمقاومة من جهة والمسلحين من جهة أخرى من خط فصل القوات بالجولان. على الجانب الآخر، أكدت روسيا أن قرار تدريب 1200 مسلحا ممن تسميهم واشنطن ب "معارضة معتدلة" في تركيا والسعودية وقطر بذريعة مواجهة جماعة "داعش" الإرهابية، دليل على عدم جدوى عمليات التحالف الأمريكي، وأفاد المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية "الكسندر لوكاشيفيتش" "إن عدم فعالية أنشطة ما يسمى الإئتلاف الدولي لمحاربة الإرهاب بقيادة الولاياتالمتحدة يكمن في أن هذا الائتلاف تم تشكيله بتجاوز لمجلس الأمن الدولي وبإهمال لقواعد القانون الدولي ودون مشاركة الحكومة السورية". غاية أمريكاوتركيا تختلف كتيرًا منذ بداية الأزمة في سوريا وحتى الآن، إنما تهدف إلى إطالة أمد الصراع واستمرار المشروع الأمريكي الهادف إلى تدمير سوريا من الداخل.