ثبات نسبي لسعر صرف العملات أمام الجنيه المصري بأسوان — الخميس 13 نوفمبر 2025    الإسكان: طرح 25 ألف وحدة عبر منصة مصر العقارية بتقسيط حتى 7 سنوات وسداد إلكتروني كامل    إنهاء أطول إغلاق حكومى بتاريخ أمريكا بتوقيع ترامب على قانون تمويل الحكومة    فلسطين سيئة وتل أبيب تبادلنا الود، تصريح مثير من وزير خارجية تايوان عن دول الشرق الأوسط    زلزال بقوة 4.6 درجات يضرب شمال شرقي الصومال    حالة الطرق اليوم، كثافة مرورية تشل المناطق الحيوية بالقاهرة والجيزة والقليوبية    أديل تخوض أولى تجاربها التمثيلية في "Cry to Heaven" للمخرج الشهير توم فورد    إسعاد يونس: أتمنى استضافة عادل إمام وعبلة كامل وإنعام سالوسة «لكنهم يرفضون الظهور إعلاميا»    وزير الخارجية: استمرار الحرب في السودان أمر موجع.. ومصر تتحرك لحماية وحدة الدولة الشقيقة    الصحة: خلو مصر من التراخوما إنجاز عالمي جديد.. ورؤية الدولة هي الاستثمار في الإنسان    10 صيغ لطلب الرزق وصلاح الأحوال| فيديو    صدام وشيك بين الأهلي واتحاد الكرة بسبب عقوبات مباراة السوبر    عوض تاج الدين: الاستثمار في الرعاية الصحية أساسي لتطوير الإنسان والاقتصاد المصري    مصمم أزياء حفل افتتاح المتحف المصري الكبير: صُنعت في مصر من الألف للياء    تراجع جديد.. أسعار الفراخ والبيض في أسواق الشرقية الخميس 13-11-2025    تنمية التجارة يتابع الأداء وتطوير الخدمات دعمًا لتحقيق رؤية مصر 2030    صاحب السيارة تنازل.. سعد الصغير يعلن انتهاء أزمة حادث إسماعيل الليثي (فيديو)    مؤتمر حاشد لدعم مرشحي القائمة الوطنية في انتخابات النواب بالقنطرة غرب الإسماعيلية (صور)    الولايات المتحدة تُنهي سك عملة "السنت" رسميًا بعد أكثر من قرنين من التداول    استخراج الشهادات بالمحافظات.. تسهيلات «التجنيد والتعبئة» تربط أصحاب الهمم بالوطن    فائدة تصل ل 21.25%.. تفاصيل أعلى شهادات البنك الأهلي المصري    عباس شراقي: تجارب توربينات سد النهضة غير مكتملة    أمطار تضرب بقوة هذه الأماكن.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس خلال الساعات المقبلة    حبس المتهمين بسرقة معدات تصوير من شركة في عابدين    قانون يكرّس الدولة البوليسية .."الإجراءات الجنائية": تقنين القمع باسم العدالة وبدائل شكلية للحبس الاحتياطي    نجم الزمالك السابق: «لو مكان مرتجي هقول ل زيزو عيب».. وأيمن عبدالعزيز يرد: «ميقدرش يعمل كده»    حبس المتهم بقتل زوجته فى المنوفية بسبب خلافات زوجية    من «رأس الحكمة» إلى «علم الروم».. مصر قبلة الاستثمار    احسب إجازاتك.. تعرف على موعد العطلات الدينية والرسمية في 2026    غضب واسع بعد إعلان فرقة إسرائيلية إقامة حفلات لأم كلثوم.. والأسرة تتحرك قانونيا    إعلام: زيلينسكي وأجهزة مكافحة الفساد الأوكرانية على شفا الحرب    التفاف على توصيات الأمم المتحدة .. السيسي يصدّق على قانون الإجراءات الجنائية الجديد    القيادة المركزية الأمريكية: نفذنا 22 عملية أمنية ضد "داعش" طوال الشهر الماضي    قرارات جديدة بشأن مصرع وإصابة 7 في حادث منشأة القناطر    مرور الإسكندرية يواصل حملاته لضبط المخالفات بجميع أنحاء المحافظة    المستشار بنداري: أشكر وسائل الإعلام على صدق تغطية انتخابات نواب 2025    بتروجت: اتفاق ثلاثي مع الزمالك وحمدان لانتقاله في يناير ولكن.. وحقيقة عرض الأهلي    أبو ريدة: سنخوض مباريات قوية في مارس استعدادا لكأس العالم    الإنتاج الحربي يلتقي أسوان في الجولة ال 12 بدوري المحترفين    قفزة في سعر الذهب اليوم.. وعيار 21 الآن في السودان ببداية تعاملات الخميس 13 نوفمبر 2025    الاحتلال الإسرائيلي يشن سلسلة اقتحامات وعمليات نسف في الضفة الغربية وقطاع غزة    فيفي عبده تبارك ل مي عز الدين زواجها.. والأخيرة ترد: «الله يبارك فيكي يا ماما»    واشنطن تدعو لتحرك دولي عاجل لوقف إمدادات السلاح لقوات الدعم السريع    فرصة مميزة للمعلمين 2025.. التقديم الآن علي اعتماد المراكز التدريبية لدى الأكاديمية المهنية    بدء نوة المكنسة بالإسكندرية.. أمطار متوسطة ورعدية تضرب عدة مناطق    يقضي على ذاكرتك.. أهم أضرار استخدام الشاشات لفترات طويلة    النيابة العامة تخصص جزء من رسوم خدماتها الرقمية لصالح مستشفى سرطان الأطفال    محمود فوزي ل"من مصر": قانون الإجراءات الجنائية زوّد بدائل الحبس الاحتياطي    خبير لوائح: قرارات لجنة الانضباط «تهريج».. ولا يوجد نص يعاقب زيزو    تأكيد لليوم السابع.. اتحاد الكرة يعلن حرية انتقال اللاعبين الهواة بدون قيود    حيثيات حبس البلوجر «سوزي الأردنية»: «الحرية لا تعني الانفلات»    «يتميز بالانضباط التكتيكي».. نجم الأهلي السابق يتغنى ب طاهر محمد طاهر    قد يؤدي إلى العمى.. أعراض وأسباب التراكوما بعد القضاء على المرض في مصر    مقرمش جدا من بره.. أفضل طريقة لقلي السمك بدون نقطة زيت    قصر صلاة الظهر مع الفجر أثناء السفر؟.. أمين الفتوى يجيب    رئيس الإدارة المركزية لمنطقة شمال سيناء يتفقد مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن الكريم بالعريش    انطلاق اختبارات «مدرسة التلاوة المصرية» بالأزهر لاكتشاف جيل جديد من قراء القرآن    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجدى أحمد حسين : مقاومة غزة تقلب الموازين وتدمر نظرية الأمن الصهيونى للأبد
نشر في البديل يوم 20 - 11 - 2012

تاريخ أمتنا يصنع اليوم على أصغر بقعة فى الأرض.. على أرض غزة التى تمثل 2% من مساحة فلسطين، والتى من صغر مساحتها تعد أكثر بقع الأرض من حيث الكثافة السكانية، ولكن العظمة الحقيقية لا تصنع بالكم أو الحجم أو الكثرة. ونيابة عن مليار ونصف مليار مسلم يقوم مليون ونصف مليون غزاوى بكسر أنف الغطرسة الإسرائيلية، وتغيير معادلة الصراع مع العدو. نعم ليس بالحجم أو المساحة أو عدد السكان، فيثرب (المدينة المنورة) كانت مساحتها أصغر وكان عدد سكانها أصغر عندما غيرت وجه التاريخ كله ولا نقول تاريخ العرب فحسب. سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا.
لقد كنا فى حزب العمل سباقين ومنفردين برؤية أثبتت الأيام صحتها والحمد لله. فمنذ أواسط التسعينيات من القرن الماضى ونحن نرصد تغير موازين القوى لصالح أمتنا العربية والإسلامية فى مواجهة الحلف الصهيونى الأمريكى، وسننشر فى الأعداد القادمة بإذن الله نماذج من هذه الكتابات. وحدث ما توقعناه عبر منعرجات بطبيعة الحال وليس فى طريق مستقيم. وهذا تيار تاريخى لا مرد له؛ أن تستدير شمس الحضارة لتشرق من الشرق بعد أن كانت تشرق من الغرب!! وأن تستعيد الأمة العربية والإسلامية مكانتها التى تليق بين الأمم. وهذا التحول التاريخى كانت له شواهد عدة فى المؤشرات الاقتصادية والثقافية والعسكرية, وكانت مهمتنا أن نبرز هذه الحقائق ونخرجها من غياهب التعتيم وركام الأكاذيب وحملات التضليل وقنابل الدخان التى تخفى أهم عناصر المشهد وتترك للأمور الأقل أهمية صدارة المشهد. وهذا الأمر يؤكد الأهمية القصوى للإعلام، فالإعلام هو القائد والموجه والمثقف للشعوب، وقد قام إعلام كامب ديفيد ولا يزال بدور إجرامى فى تزييف وعى شرائح واسعة من الشعب ومن أهم أساليبه فى ذلك إخفاء الحقائق الأساسية أو بترها أو تصغيرها وتهميشها (تصوروا حجم المؤامرة الإعلامية فى إخفاء الثورة الأردنية هذه الأيام) ولكن الوقائع الكبرى تفرض نفسها فى نهاية المطاف. وكلما وعت الأمة ذلك مبكرا كلما ساعد ذلك على تحقيق النصر.
منذ يوم الأربعاء الموافق 14 نوفمبر والمقاومة الفلسطينية تسطر أروع ملحمة يمكن أن تحدث فى التاريخ، لقد قلبت المعادلة وسددت ضربة قاصمة لنظرية الأمن الإسرائيلى، فأصبح الاعتداء على سكان غزة يعنى ضرب تل أبيب عاصمة الظلم والطغيان. وأصبح الهتاف الذى كنا نردده فى الأزهر والمظاهرات (يا قسامى يا حبيب.. اضرب اضرب تل أبيب) حقيقة لا خيالا.. واقعا لا حلما. وبالتالى لقد تغيرت نظرية الردع، نعم الردع كان موجودا ولكن عند مستوى أقل: المستوطنات الحدودية بالإضافة لعسقلان وأسدود وبير سبع التى ضربت من قبل. والمسألة ليست مجرد ضرب تل أبيب والقدس المحتلة ولكن بصواريخ دقيقة تصيب أهدافا مهمة واستراتيجية يقوم العدو بفرض رقابة عسكرية إعلامية صارمة لمنع تسريبها.
ولكننا نعلم بشكل مؤكد أن الصواريخ أصابت قواعد عسكرية إسرائيلية, وأنها أوقفت حركة الملاحة فى مطار بن جوريون عدة مرات، وأنها قطعت الكهرباء والشبكة اللاسلكية فى تل أبيب. فالمقاومة تمتلك الآن صواريخ متنوعة أكثر تطورا وأبعد مدى وأكثر دقة وأكثر تدميرا (رأس أكبر) وأكثر عددا. وهى صواريخ مؤمنة أكثر تحت الأرض، وتنطلق من قواعد ثابتة ومتحركة. وهذا الأسلوب كان موجودا فى حرب 2008 ولكنه تطور بشدة.
من الأمور التى أزعجت إسرائيل أنها اكتشفت أن معظم الصواريخ التى سقطت عليها هى صناعة محلية غزاوية، وهذا يعنى أن القضاء على صواريخ غزة أصبح مهمة مستحيلة. وقد تحتاج غزة لتهريب بعض مواد صناعة هذه الصواريخ ولكن تهريبها أسهل من تهريب الصواريخ الجاهزة. ومع ذلك فإن غزة لم تقصر فى التهريب الجميل والمطلوب وهو الصواريخ الجاهزة الصنع البعيدة المدى مثل صاروخ فجر 5 الإيرانى الذى ضرب تل أبيب، ولكن غزة صنعت صاروخا محليا مداه 75 كيلومتر أيضا. وقد كتبنا كثيرا عن الدور الاستراتيجى للصواريخ فى حرب المقاومة، فهذه الصواريخ تقوم مقام الطيران والمدفعية، وهى رخيصة السعر جدا (الصاروخ بمئات الدولارات) وسهلة الحمل والإخفاء والتخزين والتمويه، أى تتمتع بمرونة عالية تتناسب مع خفة حركة المقاومة. وهى تضرب العدو فى مقتل: الجبهة الداخلية. وقد قامت النظرية الأمنية الإسرائيلية على تحصين الجبهة الداخلية المحدودة العمق، ونقل أى معركة خارج الحدود وحسمها خارج الحدود وبسرعة، لأن الكيان الصهيونى لا يحتمل التعبئة العامة أكثر من 3 أو 4 أسابيع بل وأكثر من ذلك فإن اليهودى بطبيعته يخشى الموت ويخشى التهديد به (ولتجدنهم أحرص الناس على حياة) وسنعود لهذه النقطة مرارا لأنها جزء أساسى من نظرية الأمن الإسرائيلى، وجزء من شذوذ وضع الكيان الصهيونى الاستيطانى المزروع بالقوة على حساب الشعب الأصلى للأرض. هذه النقطة مهمة لأنها لا ترتبط بالكم الفعلى للخسائر البشرية، فإذا كانت الصواريخ أقل تدميرا وإيذاء من القصف الجوى الإسرائيلى بالطيران والمدفعية والبوارج، إلا أننا كمسلمين نتحمل الموت بل نتمنى الاستشهاد، وهذه هى الأمنية الصادقة لكل مؤمن، وبالتالى نحن نتحمل الخسائر البشرية أكثر منهم بكثير. ومع ذلك لا تصدقوا البيانات الإسرائيلية الكاذبة التى تخفض من الخسائر البشرية ومعلوماتنا المؤكدة أن قتلى إسرائيل لا يقلون عن 10 وأن جرحاهم لا يقلون عن 100 وهذا يعنى أن النسبة حتى الآن (أكتب يوم الأحد) 1 إلى 5 لصالح إسرائيل وهذه نسبة مقبولة فى معادلات حروب التحرر الوطنى التى تسمح حتى 1 إلى 10 كما قال هوشى منه زعيم المقاومة الفيتنامية.. "إننا نتحمل موت عشرة فيتناميين مقابل واحد من الأمريكيين", وقد صدقت نظريته وهزم الاحتلال الأمريكى وانسحب من فيتنام صاغرا وأمريكا فى كامل قوتها وفتوتها فى الستينيات من القرن الماضى.
وهذا العدو المتغطرس الغبى لا يتعلم, فخرج نتنياهو فى اليوم الثانى للعدوان يقول إن 80% من القوة الصاروخية للمقاومة قد ضربت. هذا ما قالوه فى حربى 2006 على لبنان و2008 على غزة وثبت كذبه بصورة سريعة. ونتنياهو استند لتقارير أجهزته العسكرية وهذا يعكس أن العدو رغم امتلاكه لأحدث أسباب التقدم التكنولوجى والمراقبة إلا أن المقاومة تطور من أساليب الإخفاء والتمويه وأنها تستخدم وسائل العلم والتقنية فى ذلك أيضا. وهكذا فإن إسرائيل فى اليوم الخامس من العدوان فى حيص بيص. إذا تم وقف إطلاق نار تكون قد هزمت بعد إنكسار "قدسية" العاصمة التى استهدفت بالصواريخ وإندحار ما تبقى من هيبة الجيش الإسرائيلى، وإذا اندفعت فى حرب برية فلن تحصد إلا المزيد من الضربات لهيبة هذا الجيش الذى فقد قوة ردعه، فخسائره ستزيد ولن يتمكن من احتلال غزة أو تدمير القاعدة الصاروخية ولكنه بالتأكيد يمكن أن يقتل المزيد من الأطفال والنساء وهذا ليس شرفا ولا انجازا لأى جيش.
وهذا ينقلنا إلى النقطة الثانية فالمسألة لم تتوقف عند الصواريخ البعيدة المدى؛ بالاصطلاح العسكرى هى متوسطة ولكن بمقاييس الجبهة الفلسطينية الصهيونية هى بعيدة المدى لأنها تصل إلى العاصمة تل أبيب أو القدس المحتلة. هل كنتم تعلمون أن تل أبيب على بعد 70 كيلومتر فقط من غزة وأن القدس تبعد عن غزة 75 كيلومتر فقط، أرأيتم كم نحن قريبين من المسجد الأقصى: إنه على مسيرة يوم ونصف على الأقدام من بيت لاهيا. وكم نحن بعيدين عن الأقصى بمليارات السنوات الضوئية بسبب حفنة من الخونة تتحكم فى مصير هذه الأمة؟!
النقطة الثانية هى التسليح المضاد للدروع:
هذه نقطة مهمة لأنها ترتبط بالغزو البرى المتوقع بين لحظة وأخرى لأن اليهود كعادتهم وكما أكد القرآن المعجز (لا يقاتلونكم جميعا إلا فى قرى محصنة أو من وراء جدر) (الحشر: 14), فالحرب البرية عندهم أصبحت داخل المدرعات والمصفحات ولا يخرجون منها ليسيروا على الأقدام إلا إذا تصوروا أن المكان قد أصبح آمنا وتم تطهيره من القوات المعادية. فى حرب 2008 كان لدى المقاومة بالتأكيد أسلحة مضادة للدروع وقد رأيت بنفسى أثناء زيارتى لغزة عقب نهاية الحرب مباشرة دبابات معطوبة فى حى تل الإسلام وغيره. كان لدى المقاومة آر بى جى وعبوات ناسفة كبيرة. الآر بى جى لا يصلح مع المدرعات المتطورة، والعبوات الناسفة الكبيرة سلاح غير مرن. أما الآن فمن الواضح أن المقاومة تمتلك أعدادا كافية من صواريخ كورنيت الدقيقة والقادرة على تدمير أى مدرعة بما فى ذلك الميركافا. ومن الأمور التى أفزعت إسرائيل مؤخرا استخدام صاروخ كورنيت ضد جيب إسرائيلى أدى لمقتل وإصابة كل من فيه إصابات مميتة. وصاروخ كورنيت هو صاروخ روسى الصنع تسرب إلى غزة من سوريا، وكان هو سلاح المقاومة اللبنانية فيما يعرف بمذبحة الدبابات الإسرائيلية فى جنوب لبنان فى حرب 2006، وهى المذبحة التى أوقفت الحرب البرية الإسرائيلية التى فشلت فى الوصول إلى نهر الليطانى بل انسحبت بهرولة إلى خارج لبنان على غير عادة الصهاينة. ولكن هذا الصاروخ يستخدم أيضا ضد كافة أنواع المركبات وضد البوارج والقطع البحرية، وقد استهدفت المقاومة بارجتين إسرائيليتين حتى الآن واعترف العدو بذلك، بل اعترف بمقتل جندى فى الضربة الأولى. ومن المحتمل أن البوارج استهدفت بصواريخ من نوع آخر.
النقطة الثالثة: الدفاع الجوى:
السبب الرئيسى لهذه الحملة الإجرامية الصهيونية على غزة أن إسرائيل تأكدت من أن غزة تتحول إلى قلعة حصينة ومع مرور الوقت تزداد قوة ومنعة، وأن المقاومة تستفيد من وقف إطلاق النار للتدريب والتسليح وتصنيع الأسلحة. ومن ذلك أن الطائرات الإسرائيلية أصبحت تتعرض لمضايقات فى سماء غزة. وقد تأكد ذلك مع بداية العدوان فالآن نحن أمام سقوط 7 طائرات على الأقل مابين مقاتلة واستطلاعية فوق غزة، وتم تصوير حطام أحدها والباقى سقط فى البحر أو فى أراضى فلسطين المحتلة عام 1948. بل هناك محاولة لأسر اثنين من الطيارين الإسرائيليين. وهذا العامل سيؤثر بشدة على الحملة البرية التى ستكون بدون غطاء جوى مأمون.
رابعا: المواجهة التكنولوجية والاستخبارية:
ويرتبط بكل ما مضى ما أشرت إليه من أخذ المقاومة بالأسباب العلمية، ومن الأشياء المثيرة أن إسرائيل أعلنت أنها قصفت مصنعا لتصنيع الطائرات بدون طيار فى غزة! الله أكبر. هل تعلموا أنه لا توجد هذه الصناعة فى أى دولة عربية، وأن أمريكا منعت مصر من الدخول فى هذا المجال فى زمن المخلوع. وهذا الوعى تجده فى تطوير صناعة الأسلحة الذى بدأ بصناعة القنبلة اليدوية والكلاشينكوف والآر بى جى ماركة ياسين كما رأيت فى زيارتى لغزة عام 2009 وانتهى لصناعة الطائرات والصواريخ فى قطاع محاصر من حكام العرب والمسلمين. وعندما كنت أصرخ من حصار غزة على قناة الأقصى فى عهد المخلوع قائلا إن غزة ستنتصر وأن من يحاصرها سيدحر، كان لدى يقين لا يتزعزع لأنها المعادلة القرآنية (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم). وما تحققه غزة المحاصرة أشبه بالمعجزات. ومن آيات التقدم التكنولوجى والاستخبارى أن تنظيم الجهاد تمكن من اختراق شبكة المحمول الإسرائيلية وإرسال 5 آلاف رسالة بأسماء جنود وضباط إسرائيليين يحذرهم من العدوان البرى. والمهم أن التنظيم نشر أسماء وعناوين ومعلومات أساسية عن هؤلاء الخمسة آلاف على موقعه الإلكترونى. كذلك فإن جهودا علمية مضنية تقف وراء تطوير دقة الصواريخ وتنويع المدى (وآخر الأنباء تشير إلى استهداف هيرتسليا بصاروخ مداه 85 كيلومتر).
خامسا: الدور المصرى:
من العلامات البارزة على تغير موازين القوى لصالح أمتنا العربية والإسلامية الثورات الشعبية التى حدثت والتى كنا نتوقعها ونبشر بها، رغم أن الصراع حول نتائج وأهداف هذه الثورات لم ينته بعد. ومصر هى أهم بلد فى الوطن العربى من الناحية الاستراتيجية واستكمال تحقيق أهداف الثورة فيها يحسم الأمور كلها فى المنطقة. وقد تابع القارىء سجالنا مع الإخوان المسلمين والرئيس مرسى وقلنا له فى الأسبوع الماضى وقبل إندلاع العدوان ب 24 ساعة إنه لا يمكن تجنب المواجهة مع الحلف الصهيونى الأمريكى. وحتى اللحظة أرى أن الرئيس مرسى والإخوان المسلمين يتصرفون بمسئولية وبجرأة وشجاعة، وأن ما اتخذ من قرارات حتى الآن جيد جدا, ولكن يجب أن يكون الموقف مرشحا للتصعيد مع تصاعد العدوان الإسرائيلى خاصة إذا اتجه إلى العدوان البرى. إن قطع كافة أشكال العلاقات مع إسرائيل يجب أن يكون واردا، وكذلك إنهاء حصار غزة من جانب واحد. ومن الناحية الحربية فإن غزة لا تحتاج إلا ضمان استمرار الإمداد والتموين بالمعنى الواسع للكلمة: غذاء - دواء - سلاح، وقد تمكنت من الحد الأدنى من ذلك فى عهد المخلوع. فلا أحسب أنه ستكون هناك مشكلة فى عهد الدكتور مرسى. أعلم أن الدكتور مرسى والإخوان يتحركون بقلوبهم فى هذه القضية ولكن يجب أن يكون معلوما أن شرعية الحكم سترتبط كثيرا بالتعامل مع هذا العدوان، ومع هذا الكيان الغاصب. وأرى أن الرئيس مرسى على أعتاب موقف تاريخى إذا تابع الأحداث بهذا المستوى الذى بدأ به. ويجب أن يكون واضحا لكل المصريين أن لا حل لمشكلات مصر التى يعانوا منها بدون الخلاص من السرطان الإسرائيلى، وأن موقف المواجهة السياسية الحازمة التى لا تخشى الحرب وإن كانت لا تسعى إليها، هو الموقف الوحيد الذى سيعيد الكرامة والعزة لمصر على المستويين الإقليمى والعالمى. وإن مصر لن تبنى مجدها ولن تحل مشكلاتها بالتحالف مع الغرب الذى يؤيد ذبح المسلمين، كما أن الغرب لم يساعد مصر طوال فترة 30 سنة الماضية بل ساند ودعم حكم المخلوع. نحن نريد روحا جديدة لبناء لمصر لا تقوم على التسول ومد اليد وتصور أنه لا حياة لنا بدون رضاء الشيطان الأمريكى الصهيونى عنا. إن التعامل الحازم والاستراتيجى الذى يدرك موازين القوى الحقيقية فى المنطقة والعالم والذى يتبدى فى تعاملنا مع ملف غزة والعلاقات مع إسرائيل يمكن أن يكون هو مفتاح حشد طاقات الأمة حول حكم الرئيس، ويفتح الباب لتطهير الآلة البيروقراطية الفاسدة، ويحقن آلة الدولة بدماء جديدة أكثر شبابا وطهارة ونقاء من مختلف الاتجاهات وليس من الإخوان فحسب. الآن فرصتك التاريخية يا مرسى وفرصتكم التاريخية يا إخوان.
سادسا: روح الجهاد والاستشهاد:
وضعت هذه النقطة فى النهاية رغم أنها أهم نقطة فى مسألة تحول موازين القوى لصالح أمتنا، لأنها واضحة ولا خلاف حولها. فالنزعة الجهادية والاستشهادية رغم أنها متأصلة فى الأمة إلا أنها تتعمق وتتزايد وتتسع رقعتها مع مرحلة النهوض والفتح، وهى بالمناسبة فى خط بيانى صاعد من الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضى، ولكنها تزداد مع الأيام ولا تنقص والحمد لله، وما الانتصارات التى تحققت وتتحقق على المعتدين والمحتلين فى العراق وأفغانستان ولبنان وفلسطين إلا من بركات هذه الصحوة الإسلامية والروح الإيمانية المتصاعدة. فنحن قوم نحب الموت أكثر مما يحب أعداؤنا الحياة! وهذا هو سلاحنا الماضى، وهذه هى قنبلتنا النووية التى لا تستطيع وكالة الطاقة النووية ولا كل طواغيت الأرض أن ينزعوها مننا.
سابعا: تراجع أمريكا والقوى الغربية:
كتبنا كثيرا وأشرنا كثيرا لموضوع التراجع الاستراتيجى للغرب والولايات المتحدة وهم يدركون ذلك فى أمريكا أكثر مننا. هناك فى بلادنا من يتعمد إخفاء الحقائق وهؤلاء هم العملاء، ولكن هناك كثيرا من الناس الطيبة التى لا تتابع المعلومات الأساسية عما يحدث فى الغرب من تراجع حضارى شامل. ويرتبط بذلك ويتفرع عنه حالة الذبول الداخلى والتداعى داخل الكيان الصهيونى نفسه، وسنواصل نشر الحقائق على هذا المحور بكل ما نملك من طاقة ولكننا ندعو الإعلام الوطنى والإسلامى داخل مصر وخارجها للمشاركة فى هذا الجهد: نشر الحقائق!!
*****
وفى النهاية نقول لأهلنا فى غزة.. معكم بكل ما نملك.. حتى النصر.. فنحن أمة لا تهزم.. ننتصر أو نستشهد.. لا نعرف معنى للهزيمة.. الهزيمة ليست فى قاموسنا طالما نحن نعمل فى سبيل الله.. قد نأخذ العبر من الأخطاء بل يجب أن نفعل ذلك.. ولكننا نتقدم للأمام دوما سائلين المولى عز وجل أن يرضى عنا وأن يدخلنا فسيح جناته..
ونحن فى نفس الوقت لا نتنازل عن رفعة مصر ونهضتها والخروج من مأزقها وكل الكوارث الموروثة من العهد البائد. ولكن من قال أن مشكلات مصر يمكن أن تحل بالذلة والمسكنة والعبودية للشيطان الأمريكى الصهيونى.
[email protected]
أحلام اليقظة تتحقق: ضرب تل أبيب.. إسقاط وإصابة 7 طائرات إسرائيلية
المسجد الأقصى على بعد 75 كيلومتر من غزة.. استعدوا يا شباب مصر
مذبحة الدبابات تنتظر إسرائيل فى الحرب البرية
نحيى موقف الرئيس مرسى ونقول له: أنت على أعتاب موقف تاريخى فلا تتراجع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.