يعاني آلاف الفلاحين من إهمال الحكومة وتهميش مشاكله، وأهمها دعم الأسمدة والتقاوي واختفاء دور الإرشاد الزراعي في مساعدة الفلاح لاستخدام المبيدات غير الضارة وزراعة المحاصيل المتنوعة، والتي تحتاج لكثير من الاهتمام؛ مما دفع العديد من الفلاحين لاتهام الجمعيات التعاونية الزراعية بسوء الإدارة والتخلي عن دورها في حماية الزراعة والفلاح؛ ما أدى إلى تدمير المحاصيل وانتشار الأمراض؛ بسبب الاستخدام الخاطئ والمفرط للمبيدات الزراعية مجهولة المصدر، دون رقابة صارمة على منافذ بيع البذور والشتلات الزراعية، فكثير منها مسرطن يضر بصحة المصريين. وقال السيد الصاوي، مزارع، إن الجمعيات الزراعية الآن أصبحت مقرًا رسميًّا لتعذيب الفلاحين، ولهذا لم نعد نذهب إليها إلا كرهًا، ولا نعود منها إلا مذمومين أو متحسرين، وغاب دور المسؤولين بها عن متابعة أحوال ومشاكل الفلاحين؛ مما يهدد الرقعة الزراعية بالغربية بالبوار، وبالفعل تم تبوير أكثر من 250 ألف فدان من أجود الأراضي الزراعية في العشرة أعوام الأخيرة، وما زال مسلسل التبوير مستمرًّا، مشددًا على أنه حان الوقت ليلتفت جميع المسؤولين لتلك الجمعيات الزراعية؛ لإنقاذ مصر من الانهيار، فنحن نرجع للخلف دون أي تقدم، ولا نجد ما نطعمه للشعب، ونستورد 80 % من القيمة الغذائية بمليارات الدولارات سنويًّا؛ لارضاء مافيا الاستيراد على حساب شعب فقير. وأشار رضا عبد الصمد، فلاح، إلى أن الأراضي الزراعية المصرية من أجود الأراضي، ورغم ذلك تحولت المحافظات المنتجة إلى مستوردة لغذائها بالكامل، بعد أن كانت مصدرة للمحاصيل والخضراوات والفاكهة؛ بسبب إهمال مشاكل الفلاح وعدم التفات المسؤولين لهمومه؛ مما أدى إلى لجوء الفلاح إلى تبوير أرضه، مبينًا أن أهم ما يواجه الفلاح من صعوبات مشكلة السيولة المالية، وكان للجمعيات الزراعية دور مهم في حل تلك المشاكل قديمًا، فما زال الفلاحون يعانون من مشكلة اختفاء الأسمدة والشتلات وارتفاع أسعارها بالسوق السوداء، وكذا مشاكل الري والمصارف التي أصابها الجفاف طوال العام. مشيرًا إلى أن تلك المشاكل لم تكن تشغل بال الفلاح؛ لأن مسؤولي الجمعيات الزراعية قديمًا كان شغلهم الشاغل الاهتمام بالفلاح وحل مشاكله، والآن تحول موظف الجمعيات الزراعية إلى مجرد ديكور، بل أصبح سيفًا على رقبة الفلاح، بعمل محاضر مخالفات تزيد كاهله إرهاقًا. وفى تقرير بعنوان "التعاونيات الزراعية في مصر اغتيال مع سبق الإصرار والترصد"، أكد مركز الأرض أن بداية انهيار التعاونيات الزراعية كانت مع صدور القانون رقم 117 لسنة 1976 بإنشاء البنك الرئيسي للتنمية والائتمان وبنوك القرى، وكذا القرار الجمهوري رقم 824 لسنة 1976 بحل الاتحاد التعاوني المركزي، والقرار الجمهوري رقم 825 لسنة 1976 بإلغاء الهيئة العامة للتعاون الزراعي؛ باعتبارها الجهة الإدارية المختصة، وقانون التعاون الزراعي رقم 122 لسنة 1980 والمعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1981. وناشد رامي إسماعيل الجندي، عضو نقابة الفلاحين بالغربية، المسؤولين عودة الإرشاد الزراعي والجمعيات التعاونية الزراعية إلى سابق عهدها، "فالأرقام تقول إن التعاونيات تعمل بما يزيد على 7 مليارات جنيه، فإذا أضفنا إليها المليارات الأخرى ببنوك الائتمان الزراعي، فنحن أمام ميزانيات ضخمة، نستطيع أن نقدم من خلالها الكثير للقطاع الزراعي؛ لنعود من جديد نأكل من خير أرضنا"، كما طالب بتحرير وثائق تأمينية للفلاح بمقابل رمزي؛ لتلافي جميع أضرار الزراعة والثروة الحيوانية والداجنة؛ حتى نضمن للفلاح غطاء آمنًا أمام الظروف المناخية والأوبئة والأمراض الوافدة التي تحل بالنبات والحيوان، والعمل على حل مشاكل المزارعين؛ لتوفير مستلزمات الإنتاج وتمويلها وتسويق المنتجات الزراعية، ووقف التعدي على الأراضي الزراعية بجميع الوسائل، وتطوير منظومة الري. من جانبه طالب محمد عبد المجيد، مؤسس المجلس القومي للعمال والفلاحين، رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، بالوفاء بوعده بالاهتمام بمشاكل العمال والفلاحين وإصدار قرار لدعم صغار الفلاحين كل عام، لا يقل عن 50 مليار جنيه، وإعادة هيكلة ال 7200 جمعية زراعية الموجودة في الريف، ومدها بآليات زراعية حديثة؛ حفاظًا على الرقعة الزراعية، والقضاء على مشاكل الفلاح الفقير. يذكر أنه فى عام 1910 قام عمر لطفي بافتتاح أول شركة تعاونية زراعية أنشئت تحت إشرافه في "شبرا النملة" بمحافظة الغربية، تلتها فى نفس العام 10 شركات تعاونية أخرى، كانت جميعها متعددة الأغراض، وفي عام 1923 صدر أول قانون تعاوني مصري، وهو القانون رقم 27 لسنة 1923، وتكونت شركات تعاونية في ظل هذا القانون، بلغ عددها 135 جمعية عام 1925، ونظرًا لما تكشف من عيوب هذا القانون تم إصدار القانون رقم 23 لسنة 1927 الذى شمل أنواعًا مختلفة من المنشآت التعاونية، سميت جمعيات تعاونية، كما نص هذا القانون على إنشاء اتحادات تعاونية لنشر التعليم التعاوني، وزاد عدد الجمعيات التعاونية المسجلة في ظل هذا القانون، حتى بلغت 297 جمعية عام 1930، كما نظمت عمليات تمويل الجمعيات التعاونية، فبعد أن كانت تأخذ قروضها من اعتماد السلف الصناعية في بنك مصر، فتحت الحكومة في بنك مصر اعتمادًا خاصًّا لقروض الجمعيات التعاونية، بلغت قيمته 350 ألف جنيه. وفى عام 1931 أنشئ بنك التسليف الزراعس الذي عهدت إليه الحكومة بإقراض الجمعيات التعاونية الزراعية والفلاحين، ولم تضع له الحكومة حدًّا أعلى للقروض، وصدر قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952، ونصت مواده على وجوب إنشاء الجمعيات التعاونية الزراعية في الأراضي التي تم الاستيلاء عليها، ووزعت على صغار الفلاحين. ونجحت تعاونيات الإصلاح الزراعي في مد أعضائها بالقروض والسلف بضمان المحصول دون التقيد بضمان الأرض. وتوالت القرارات والقوانين المنظمة لعمل هذه الجمعيات، ومنها: القرار الجمهوري رقم 267 لسنة 1960 بشأن المؤسسات العامة التعاونية، والقرار الجمهوري رقم 2137 لسنة 1960 بإنشاء المؤسسة المصرية التعاونية الزراعية العامة، وقانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 الذي تضمن أنه يعتبر حائزًا كل مالك أو مستأجر يزرع أرضًا، ويعتبر في حكم الحائز مربي الماشية، كما تضمن إعداد بطاقة حيازة لكل عضو حائز يصرف بموجبها مستلزمات الإنتاج، والقانون رقم 105 لسنة 1964 الذي بمقتضاه تحول بنك التسليف الزراعي والتعاوني إلى "المؤسسة المصرية العامة للائتمان الزراعي والتعاوني" على مستوى الجمهورية، لتمويل الإنتاج الزراعي، وتوفير المستلزمات المختلفة له.