المحافظات تطالب بإلغاء "فرمانات" المشروع السويسري عندما بدأنا هذه الحملة الصحفية لم نكن نستهدف سوي الصالح العام، ان نكشف جانبا خفيا مما يحدث في قطاع حيوي وخطير كقطاع الدم من متاجرة بمعاناة المرضي والام المصريين، وتصورنا ان الاوضاع في اعقاب ثورة 25 يناير قد تغير، وان اي مسئول سيسارع بمجرد الكشف عن تلك الوثائق الدامغة التي تثبت بما لايدع مجالا للشك وجود مخالفات خطيرة في قطاعه بتشكيل لجنة للتحقيق والتثبت مما يجري، والوقوف علي الحقيقة، لكن ان يسارع هذا المسئول بنفس الطريقة القديمة الي نفي اي اتهام، والتأكيد ان كله تمام، واتهام من يخالفونه الرأي بأنهم يروجون للشائعات فهذا ما لم يعد مقبولا بعد التغيرات الكبري التي تشهدها مصر، وكنا نتوقع من وزير الصحة د. اشرف حاتم ان يبادر بالتحقيق فيما نشرته "الأخبار" علي مدي الاسبوعين الماضيين ويتحقق مما ورد فيها من وقائع، لا ان يهرع الي القول بأن نسب التبرع قد انخفضت بنسبة 50٪ وهو للحقيقة أمر يدعو الي الرثاء، فالوزير يهدد من يكاشفه بما يحدث من أخطاء بأنه يتسبب في خفض معدل التبرع، ويتناسي ان الاخطاء التي ارتكبت وترتكب حتي الان هي السبب الحقيقي وراء فقدان المصداقية واضاعة ثقة المتبرعين فيمن يجمعون الدم مجانا ثم يبيعونه للمستشفيات الخاصة، التي تتاجر فيه بأضعاف أضعاف السعر الاصلي، أخطاء القائمين علي ادارة قطاع الدم هي السبب في "تطفيش" المتبرعين، وليس من يكشفون الحقائق، او يفضحون الاخطاء المسكوت عنها منذ سنوات. قد ورد بالفعل رد رسمي من جانب المركز القومي لنقل الدم سينشر خلال الايام المقبلة،ونحن من جانبنا سنواصل هذه الحملة لكشف الحقيقة، الحقيقة التي نقدمها بالمستندات، وفي السطور القادمة نقدم جانبا من الشكاوي التي وردت الي وزارة الصحة نفسها من مستشفيات الحكومة بسبب نقص الدم، وليت وزير الصحة اطلع علي تلك الشكاوي وأمر بالتحقيق فيها قبل ان يتورط في الدفاع عن اخطاء كان الأجدر به أن يسارع الي استنكارها والتحقيق فيها. الكلام سهل، أما مكابدة المعاناة، ومعايشة الالم فأمر آخر، وهناك حالة سيدة من دمنهور والتي دفعت حياتها ثمنا لقواعد المشروع السويسري، وتم التعتيم علي قضيتها، وتنفرد "الأخبار" بالكشف عنها في هذه السطور التي تكشف بالمستندات جانبا من أنين مستشفيات الغلابة من نقص الدم. جريمة في دمنهور ! القصة كما يكشفها محضر اجتماع عقد بالمعهد الطبي القومي بدمنهور في 11 يناير 2010 بين مدير المعهد وبين مسئولي بنك الدم،وخلال الاجتماع شكا مدير المعهد من العقبات التي تواجه الجراحين والاطباء في سبيل توفير الدم للمرضي، مؤكدا ان هناك الكثير من المرضي والذين تبرع لهم ذووهم، الا انه عند الحاجة اليه لا يقوم البنك بصرفه، وذكر مدير المعهد علي وجه الخصوص الحالة التي تم تحويلها من دسوق الي قسم النسا بالمعهد، وبالرغم من ان اهلها تبرعوا لها بالدم، الا ان بنك الدم لم يقم بصرفه حين الحاجة اليه، مما كان له الأثر السيئ في وفاة الحالة وشكوي أهلها وحضور لجنة من وزارة الصحة لتقصي الاسباب "وقد تم بذل الجهد لأستيعابها"، علي حد تعبير المحضر الرسمي للاجتماع. وتخيلوا ان انسانة جاءت الي المستشفي ليري وليدها نور الحياة، فإذا بالموت يلاحقها بسبب تعنت سافر من قبل بعض المسئولين، بل الافدح ان يتم التعتيم علي الجريمة، و"استيعاب" لجنة وزارة الصحة التي ذهبت الي المعهد للتحقيق، ولم يفصح محضر الاجتماع بأي وسيلة تم "استيعاب اللجنة"، و"الأخبار" من جانبها تقدم بلاغا الي النائب العام، والي وزير الصحة لإعادة التحقيق في هذه الواقعة، وبيان من المتسبب في وفاة هذه السيدة المسكينة، وتوقيع أقصي العقاب عليه، علي الرغم من ان المتسبب واضح ومعروف للجميع، فالمحضر نفسه يحمل كارثة اخري لا تقل فداحة عن جريمة قتل تلك الام البريئة، ففي محضر الاجتماع ذاته، يبرر مدير بنك الدم المركزي بالقاهرة (الذي يدعي في المحضر اللواء رضا) عدم ارسال الدم الي المعهد وجود مطالبات مادية للبنك لدي المعهد متراكمة منذ عام 2006 وهي عبارة عن صرف دم للمرضي في الاقتصادي ونفقة الدولة والمجاني (!!)، اي ان المستحقات المالية للبنك المركزي أهم من حياة المرضي، ولتذهب ارواح الناس الي الجحيم طالما ان البنك لم يحصل علي مستحقاته، علي الرغم من ان اهل المرضي يقدمون الدم مجانا، ويحصل عليه البنك مجانا !! والغريب انه عندما طالب مدير المعهد مدير البنك المركزي بالقاهرة بألا يتم ادخال مرضي المجاني في المطالبة بالاستحقاقات وهذه كارثة ثالثة، فكل ما يهم مدير المعهد الارقام والحسابات، ولا يهمه من ماتوا في انتظار كيس دم- يصر "اللواء رضا" علي موقفه وانه لن يصرف الدم الا بعد سداد المستحقات لأنه غير مسئول عن دعم مرضي العلاج المجاني!! بهذه الفجاجة تدار شئون الصحة في مصر، وبهذه البساطة تضيع ارواح النهاس، وتسحق حقوقهم تحت اقدام السادة المسئولين الذين لا يهتمون سوي بالاوراق والحسابات والمستحقات، وليمت من يمت !! شكاوي متكررة وبالتأكيد ليس هذه الضحية هي الوحيدة في ملف ضحايا نقص الدم بالمستشفيات، ليس نتيجة نقص المتوفر منه، وانما بسبب تعنت المركز القومي لنقل الدم، والسياسات الفاشلة التي تتبعها د. فاتن مفتاح، والتي ادت الي أزمة حادة في توفير احتياجات الدم بالمستشفيات، ونحن هنا لا نتحدث بكلام مرسل، وانما من خلال وقائع تكشفها الشكاوي المتتالية، من المستشفيات الي الادارة العامة لبنوك الدم بوزارة الصحة، والتي صارت روتينا يوميا، لا يلقي من قبل المسئولين سوي التجاهل والاهمال !! فعلي سبيل المثال هناك شكوي موقعة من عدد من اطباء الدم بمحافظة الغربية، التي كانت النموذج الاولي لتطبيق المشروع السويسري بها، فإذا بالاطباء والفنيين واعضاء هيئة التمريض في مستشفي زفتي العام يجأرون بالشكوي ويطالبون بوقف العمل بالمشروع السويسري والمطبق في الغربية منذ يونيو 2007 والذي يقضي بتحويل بنك الدم بزفتي كمخزن للدم فقط، حيث تم وقف التبرع مما ادي الي عدم القدرة علي خدمة المرضي المحتاجين للدم سواء في الحالات الروتينية، او في الحالات الطارئة. وفي محافظة حلوان (سابقا) تبدو المصيبة أكبر،فالمحافظة تعجز عن توفير احتياجاتها من الدم وتقول شكوي حديثة مرسلة بتاريخ 24 فبراير 2011 باسم الادارة العامة لبنوك الدم بمديرية حلوان الطبية ان المركز القومي لنقل الدم لا يمد المحافظة باحتياجاتها سواء من حيث الكميات او الفصائل، وبالنسبة لمستشفيات القاهرةالجديدة وبدر والتبين يتم الشراء مباشرة من المركز القومي حسب ما يتوافر به من الدم، علي عكس ما التزمت به مديرة المركز من عمل تعاقد وتوصيل الدم الي المستشفيات الحكومية بطرق آمنة .وتضيف الشكوي ان القواعد المنظمة لصرف الدم (التي وضعتها د.فاتن مفتاح) تمنع صرف الدم من بنوك الدم التخزينية الي المستشفيات الأخري، مما يتسبب في حدوث مشاكل كبيرة مع اهالي المرضي، مما يستدعي تدخل الشرطة في كثير من المرات، كما تقضي تلك القواعد بمنع تبادل الفصائل بين البنوك التخزينية، والتي قاربت علي انتهاء الصلاحية وتعدم،ولا يستفيد منها بنك آخر، وثمنها يحسب علي المستشفي. وتشير مذكرة خطيرة مرفوعة من د.هدي عبد الوهاب تركي مدير عام الادارة العامة لبنوك الدم بوزارة الصحة الي د.أسامة جميل البسيوني رئيس الادارة المركزية للطب العلاجي تشير فيها الي اخطار من د. احمد الرشيدي مدير بنوك الدم بمديرية الصحة بمحافظة حلوان يشكو فيه من نقص شديد بعدد أكياس الدم في مستشفي حلوان، بسبب وجود حالات طارئة تحتاج الي نقل دم، استنفدت رصيد بنك الدم، حيث ان معظم المستشفيات المجاورة تقوم بتحويل جميع الحالات الطارئة الي مستشفي حلوان حتي لا تقوم بدفع ثمن أكياس الدم الخاصة بهذه الحالات الطارئة .. وتضيف المذكرة أنه تم ارسال فاكس الي المركز القومي بطلب 31 كيس دم من مختلف الفصائل وعدد 7 وحدات بلازما، الا انه لم يصرف سوي 9 وحدات دم، وهو ما دفع المستشفي الي اللجوء لوزارة الصحة لتوفير احتياجاتها من الدم. المفاجأة أن رصيد المركز القومي لنقل الدم في هذا التوقيت كان يسمح،وفي نفس يوم حدوث الشكوي صرف المركز 28 وحدة دم للمستشفيات الإستثمارية (أيام 2 و 3/10/2010). هذه الشكاوي تتكرر في كل المحافظات، ولدي شكاوي رسمية واردة الي وزارة الصحة من اطباء وفنيي وممرضي المحلة الكبري يطالبون فيها بالغاء المشروع السويسري الذي يصفونه بالوهمي، وهناك شكوي أخري من الدقهلية موجهة الي د.ناصر رسمي مساعد وزير الصحة لشئون الرعاية العلاجية والعاجلة تطالبه ب"انهاء المهزلة التي تحدث في بنوك الدم وعدم تلبية احتياجات المستشفيات، ومعاناة المرضي في البحث عن أكياس الدم، وان المرضي القادرين وحدهم يشترون الدم، بينما يتم طرد المرضي غير القادرين من المستشفيات لعدم قدرة صناديق تحسين الخدمة علي سداد مقابل شراء أكياس الدم، بالاضافة الي طلب بنك الدم الاقليمي ان تدفع المستشفيات مبلغ تأمين مقدما.