البابا تواضروس خلال إطلاق وثيقة «مخاطر زواج الأقارب»: 10 آلاف مرض يسببه زواج الأقارب    تعديل ترتيب الأب.. محامية بالنقض تكشف مقترحات تعديلات قانون الرؤية الجديد    #شاطئ_غزة يتصدر على (اكس) .. ومغردون: فرحة فلسطينية بدير البلح وحسرة صهيونية في "زيكيم"    متحدث الحكومة: مشكلة توفر السكر انتهت.. والتعافي من أزمة السيولة الدولارية خلال 2024    الاثنين.. وزيرا المالية والتخطيط أمام البرلمان لعرض البيان المالي والخطة الاقتصادية    رسميًا ينخفض في 9 بنوك.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 19 أبريل 2024    متحدث الحكومة: دعم إضافي للصناعات ذات المكون المحلي.. ونستهدف زيادة الصادرات 17% سنويا    الرئاسة الفلسطينية تدين الفيتو لمنع حصولها على العضوية الكاملة بالأمم المتحدة    أبو الغيط يأسف لاستخدام الفيتو ضد العضوية الكاملة لفلسطين بالأمم المتحدة    اندلاع مواجهات عنيفة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال في مخيم نور شمس    محمود عاشور يفتح النار على رئيس لجنة الحكام.. ويكشف كواليس إيقافه    محمد صلاح: أثق في فوز الأهلي على مازيمبي.. وهذا اللاعب يتسبب في تخفيض معنويات المهاجمين    الأرصاد تحذر من أجواء شديدة الحرارة نهارًا (حالة الطقس الجمعة 19 أبريل 2024)    انهيار منزل من طابقين بالطوب اللبن بقنا    «علاقة توكسيكو؟» باسم سمرة يكشف عن رأيه في علاقة كريستيانو وجورجينا (فيديو)    والد شاب يعاني من ضمور عضلات يناشد وزير الصحة علاج نجله (فيديو)    انطلاق برنامج لقاء الجمعة للأطفال بالمساجد الكبرى الجمعة    الإفتاء تحسم الجدل بشأن الاحتفال ب شم النسيم    الجامعة العربية توصي مجلس الأمن بالاعتراف بمجلس الأمن وضمها لعضوية المنظمة الدولية    خبير عسكري: هجوم إسرائيل على إيران في لبنان أو العراق لا يعتبر ردًا على طهران    إسرائيل تستعد لإجلاء الفلسطينيين قسرًا.. تقارير أمريكية تكشف موعد اجتياح رفح    ننشر أول جدول أعمال لمجلس النواب بمقره بالعاصمة الإدارية    سكرتير المنيا يشارك في مراسم تجليس الأنبا توماس أسقفا لدير البهنسا ببني مزار    "ليس لدي أي تأثير عليه".. كلوب يتحدث عن إهدار صلاح للفرص في الفترة الأخيرة    "عملية جراحية خلال أيام".. إصابة لاعب سيراميكا بقطع في الرباط الصليبي    فيوتشر يرتقي للمركز الثامن في الدوري بالفوز على فاركو    الدوري الأوروبي – فريمبونج ينقذ سلسلة ليفركوزن.. ومارسيليا يقصي بنفيكا بركلات الترجيح    "دوري مصري ومنافسات أوروبية".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    بسبب "عباس الرئيس الفعلي".. عضو مجلس إدارة الزمالك يهاجم مشجع (صورة)    "تعليم الجيزة" تكشف نسب حضور الطلاب للمدارس وأسباب تواجدهم هذه الفترة    5 أيام راحة.. شم النسيم وعيد العمال إجازة واحدة في مصر    جريمة ثاني أيام العيد.. حكاية مقتل بائع كبدة بسبب 10 جنيهات في السلام    إصابة 4 أشخاص فى انقلاب سيارة على الطريق الإقليمى بالمنوفية    ظهور أسماك حية في مياه السيول بشوارع دبي (فيديو)    مصرع شخص وإصابة 8 آخرين إثر حادث تصادم بطريق المريوطية فى العياط    تخفيض سعر الخبز السياحي بجنوب سيناء    أول تعليق من حماس على الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة    برج الدلو.. حظك اليوم الجمعة 19 أبريل 2024 : يساء فهمك    أحمد الطاهري يروي كواليس لقاءه مع عبد الله كمال في مؤسسة روز اليوسف    فيلم مشرف .. إلهام شاهين تشيد بفيلم الرحلة 404    هدى المفتي جريئة وفيفي عبده كلاسيك.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    دعاء السفر كتابة: اللّهُمّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ    دعاء للمريض في ساعة استجابة يوم الجمعة.. من أفضل الأوقات    النشرة الدينية.. هل يجوز تفويت صلاة الجمعة بسبب التعب؟.. وما هي أدعية شهر شوال المستحبة؟    وزير الخارجية الأسبق يكشف عن نقاط مهمة لحل القضية الفلسطينية    طريقة عمل الدجاج سويت اند ساور    طريقة عمل الكب كيك بالريد فيلفت، حلوى لذيذة لأطفالك بأقل التكاليف    متحدث التعليم: لا صحة لدخول طلاب الثانوية العامة لجان الامتحانات بكتب الوزارة    أنقذ عائلة إماراتية من الغرق في دبى.. عمل بطولى لمدير ببنك مصر فرع الإمارات (فيديو)    نبيل فهمي يكشف كيف تتعامل مصر مع دول الجوار    بسبب أزمة نفسية.. فتاة تنهي حياتها بالحبة السامة بأوسيم    دعاء الضيق: بوابة الصبر والأمل في أوقات الاختناق    المشدد 5 سنوات لشقيقين ضربا آخرين بعصا حديدية بالبساتين    محافظ الإسكندرية يفتتح أعمال تطوير "حديقة مسجد سيدى بشر"    شعبة الخضر والفاكهة: إتاحة المنتجات بالأسواق ساهمت في تخفيض الأسعار    أخبار 24 ساعة.. مساعد وزير التموين: الفترة القادمة ستشهد استقرارا فى الأسعار    فحص 1332 مواطنا في قافلة طبية بقرية أبو سعادة الكبرى بدمياط    ردد الآن.. دعاء الشفاء لنفسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عالم الفضاء د. فاروق الباز يتحدث ل الأخبار عن توابع زلزال الثورة
من الآن .. لن يجرؤ حاكم علي التحكم في الشعب المصري بعد الثورة .. أحفادي الأمريگيون يريدون العيش في مصر
نشر في الأخبار يوم 21 - 04 - 2011

مثل كل ابتساماتنا التي كانت صفراء فاقع لونها من الشحوب، لا تسر الناظرين الينا، فلم تكن تسعد صديقا ولم تكن تربك عدوا.. كانت أيضا ابتسامته في أمريكا التي يحتل فيها مكانة علمية وعالمية مشهورة ومشهود له فيها منذ أطلق أول رحلة إنسانية كونية إلي القمر عبر التاريخ والجغرافيا. تبدلت ابتسامة عالم الفضاء د. فاروق الباز مثلنا تبدلت ابتسامتنا كمصريين ما بين غمضة عين وانتباهتها، فأصبحت بيضاء ناصعة التوهج والضياء.. وسبحان مغير الأحوال.
أنار كل مكان ذهب إليه، مثلما أنارت ثورة مصر قلبه وشرحت صدره، وزادته مكانا عليا بين الأمريكان الذين يعيش بينهم، ليس هو فقط بل وأبناؤه وأحفاده الذين صاروا يتمنون العيش في مصر بعد 25 يناير 2011.
أقول ابتسامته لأنها العنوان الجميل الذي يبرق في محياه، وكل من يراه يقول (باين علي وشه). في ثنايا هالة من الصفاء الوجداني .. وفي زاوية مضيئة بشمس قبل الغروب.. وحفيف أشجار النخيل الأنيقة تسمعه ترددها موجات صفحة النهر الخالد الشاهدة أيضا علي أيام مصر الجميلة المتوهجة بالنور والتثوير، المشاهدة لأفراح القلوب المصرية التي تدثرها الطمأنينة في هذه الأجواء تهادت هذه المحاورة بعفويتها وتلقائيتها وبراءة عيون محدثي وهو العالم الكبير الذي يكتنز من الخبرات والخيرات ما يجعل الصحفي يحار من أين يقتطف الومضة الأولي، ويستقطر من قنينة العالم الفضائي الذي ملأ الدنيا وشغل الناس بجمالياته العلمية والعملية.. ولا يزال، أطال الله عمره.
عنوانك الجديد أصبح في بسمتك البيضاء، وكم كانت ابتساماتنا كلها صفراء فاقع لونها لا تسر الناظرين، لا تسعد صديقا ولا تربك عدوا، ومن يشاهدك بعد 25 يناير، يلاحظ أنك وبدون عناء تبتسم دائما، لديك توهج في أحاديثك وتعليقاتك ، ومشاعرك وأحاسيسك بلا أقنعة، وكم كنت حزينا ومهموما و(مكشر) دائما.. أليس كذلك دكتور فاروق الباز؟
نعم.. ملاحظتك في محلها، البسمة هي كلمة حلوة، وكل من يراني يؤكد ذلك ( باين علي وشك) في آخر مرة زارت بناتي مصر لاحظن اختفاء البسمة من وجوه المصريين، والبسمة اذا اختفت من وجوهنا يبقي (نهارنا أسود) أحلي ما في المصريين الابتسامة، المرأة تصبح أكثر جمالا، والرجل أكثر حيوية ومنظرة ، هذا مهم جدا ألا تختفي البسمة ، ولقد رجعت لنا ورأيتها علي وجوه ميدان التحرير، عندما جئت بعد الثورة ونزلت الميدان في (جمعة الشهداء) أسعدني هتاف الشباب(أهلا أهلا بالزوار مرحب بيكم ع الأحرار) في الخيمة تتجلي الروح المصرية الشابة مزيكة وضحكة وفنجان شاي وتحية حب وترحيب.
أذكر أني كنت واقفا في ركن من الشارع ورأيت رجلا يلقي ب(عقب) السيجارة من سيارته فإذا بفتاة تنبه الرجل لخطأ هذا السلوك، فنزل من سيارته والتقط العقب وضحك وضحكت الفتاة، وسألتها فقالت لي عبارة جميلة مكثفة مشحونة بألف معني ومعني:(اكتشفنا أننا نحب مصر)
إذن ضع تحت البسمة خطين لتتأكد من جماليات الروح المصرية المرحة، وكما قلت في رسالتي ابتسمي يا أرض مصر الخالدة، فقد أنبتت تربة النيل ومياهه شعباً أبياً تحمّل العناء والعبودية والفساد لعقود طويلة، لكن هذا الشعب انتفض بكل عزم وإباء لينهي عهداً طاغياً فاسداً. لقد انبهر العالم أجمع لأن هذا الشعب العظيم انتزع حريته بكل هدوء وثبات، وأصر الناس علي حريتهم ونالوا ما لم يكن ممكناً بالأمس القريب، لقد عادت الابتسامة إلي وجوه المصريين، لقد أنار الأمل الوجوه المحمَّصة في شمس مصر الدافئة، لقد ابتسم القدر لنا جميعاً فعلينا أن نسير بثقة وأن نعمل علي رفعة هذا الوطن العظيم.. مصر حرة.
من الإبنة إلي الحفيدة
من المشهد الذي سجلته ابنتك: من اختفاء الإبتسامة المصرية، الي المشهد الذي صورته حفيدتك من بحثها عن العبقرية المصرية مع مدرستها الأمريكية؟
نعم قبل ست سنوات حدث أن حفيدتي ياسمين ابنة العشرة أعوام عادت ذات يوم من مدرستها في واشنطن لتخبر أمها أن المُدرِسة ذكرت اسم مصر في أول درس من دروس التاريخ، وأضافت أن المُدرِسة قالت إن التاريخ يعيد نفسه، وسألت أمها هل هذا صحيح؟ فعندما أجابتها الأم بالإيجاب سألت بحماس شديد: هل هذا يعني أن مصر يمكن أن تعود عظيمة مرة أخري؟
بعد 25 يناير وعندما شاهدت الحفيدة ثورة مصر والمصريين تريد هي وباقي الحفيدات أن يعيشن في مصر ويتساءلن: أليس في مصر الجامعة الأمريكية فما الذي يمنع إذن من الحياة فيها؟.
الإجابة علي سؤال هذه الصغيرة، التي تعيش بعيداً ولكنها تحتفظ بذكري مصر في قلبها وعقلها، تستدعي التفكير الثاقب والعمل الدؤوب في سبيل رفعة هذا البلد الذي يستحق موقعاً متقدماً بين الأمم. فمصر كانت علي مدي العصور منبعاً للحضارة والفكر والعلم والثقافة والفن والبناء وحسن الأداء، ولكن بين آونة وأخري تخبو فيها شعلة الحضارة وينطوي شعب مصر علي نفسه وكأنه في غيبوبة لا يعي بما يدور حوله في العالم، ولكن سرعان ما يفيق هذا الشعب العظيم من الغثيان وينتفض بكل حيوية ونشاط لكي تتوهج شعلة الحضارة مرة أخري في أرض مصر، وها هو يثور وينجح في ثورته بجدارة أذهلت العالم
كيف كانت الأصداء هناك في امريكا من واقع المشاهدة العينية وفي دوائر صنع القرار؟
أصداء ( كويسة خالص) و(عظمة علي عظمة) تصف الشعب المصري، فالرئيس أوباما كان يتساءل عما يجري في مصر، وكان يسأل أجهزة المخابرات ولا يجد تحليلا شافيا فليس لديهم (أي فكرة) وعلي مستوي الشعب الأمريكي كان الغالبية (مبسوطة جدا) وكانوا يرددون دائما: (تهرير.. تهرير) يقصدون ميدان التحرير وكم يتمنون زيارته لكن (العواجيز) كان متخوفين ويسألون هل سيجيئ الي الحكم الجماعات الإسلامية؟.
لا أعبأ بالجماعات الدينية
ما تقول أنت الآن عن مرئياتك للساحة لا سيما في بعدها الديني؟
ولا تهمني هذه التجمعات من متطرفين وسلفية وسنة وقاعدة وغيرها من الجماعات دينية أم سياسية ومعارضة، ماذا يفعلون الآن ليس لديهم سبب أو مبرر ليهدموا النظام، عندما يأتي نظام جديد ماذا يقولون ويفعلون، فالثورة تريد الاصلاح والبناء والمصانع والبحث العلمي ومحو الأمية، وكل ماهو لصالح المجتمع الجديد، أنا لا أعبأ بالجماعات الدينية لأنهم مصريون (زيي زيك) لكنهم يعتقدون أن التطرف الديني هو الذي يوصلني الي (الصح) ، وديمقراطيا لهم الحق أن يقولوا رأيهم ، وأنا لي الحق أن أقول رأيي، لكن عندما يستخدمون الدين أقول: لا ، الأخلاق الإنسانية هي التي تصنع المجتمعات، الدين لله والوطن للجميع، الدين (موش حيعمل دولة كويسة أو وحشة) الدين يصنع الإنسان ويقومه، والعمل هو الأساس، لا بد أن نعمل.
ومسألة الدين والدولة مسألة واردة أم غير واردة ، لا تهمنا هناك دول محترمة منها مثلا كوريا الجنوبية بنت نفسها وصارت متقدمة ولا يوجد فيها مسلم واحد، قبل 50 سنة كانت خرابا بسبب الحروب،اليوم عملت الكثير، غسالتك وثلاجتك وسيارتك كله من كوريا. نحن في مصر ماذا فعلنا؟ ماذا أنتجنا منذ خمسين سنة؟ لا شيء!.
الكارثة التي فعلناها ونحن صغار في المدارس أننا رددنا شعار (الولاء لله والوطن والملك)، وهذا خطأ لأن الله لا يحتاج من المرء ولاءه، ولكن يحتاج عبادتنا فقط وهناك فرق كبير بين الاثنين، كما أن الوطن بحاجة للانتماء أكثر من الولاء، قديماً لم يكن هناك فرق بين مسلم ومسيحي، وأذكر عندما كنت صغيراً وأري والدي شيخ الأزهر يحتفل مع الأقباط في عيدهم وعندما ذهبت لأخبر أمي قالت لي أن هذا شيء طبيعي لأنهم أخواًًنا، مؤكداً علي أنه من الخطأ أن نعلي من شأن ديانة مقابل أخري، فنحن جميعاً أبناء هذا البلد
التفسير الجيولوجي لثورة 25 يناير
وهل أنت متخوف مما يسمي خطأ ب ( الثورة المضادة)؟
ولا ثورة مضادة ولا يحزنون، ولا انكسار ولا شئ من هذا القبيل، كله (كلام فارغ) عندما نقرأ تواريخ الثورات ، نجد مثل هذه التداعيات، وأشبهها لك جيولوجيا، فالثورة عبارة عن زلزال ، كتل بينها شقوق، تتحرك كتلة بفعل الضغط، فتتحرك بقية الكتل، حتي تتوازن، فكل كتلة تأخذ مكانا جديدا نتيجة الحركة.
ما يشهده المجتمع من الفعل المضاد لثورة يشبه التوابع؟
مجرد أفعال توابع مجهدة، لا تدري ماذا تفعل، ولا إلي أين تتحرك ذات اليمين أو ذات الشمال، والكتلة الأساسية تحركت، وما يحدث في مصر الآن من قلق واضطرابات هي نسبة لا تمثل أي خطورة علي المجتمع مقارنة بالثورات التي حدثت في الدول الأخري، ان فهم الشباب للوضع الحالي وتحركاتهم بشكل علمي سوف ينعكس علي تهدئة الأوضاع في البلاد بشكل سريع، إنني أؤمن إيماناً تاماً بأن هذه الثورة المباركة ستزداد سمواً مع الوقت، ومن يحكم مصر من الآن فصاعداً لن يجرؤ علي التحكم في الناس، فمصر بدأت في الطريق الذي ينقل الناس من الخمول والمهانة إلي الحيوية والنشاط.. هذا الجيل الشاب الواعي قادر علي إيصال الوطن إلي مكانة راقية تليق بموقعنا في منطقتنا والعالم أجمع ، وينبغي أن نعي تماماً أن الفساد والتدهور الذي عانت منه مصر منذ 50 عاماً مضي واستشري في ال30 سنة الأخيرة لن ينتهي في 3 أو 4 أسابيع، ومن الطبيعي أن تتعرض أي بلد لفترة بلبلة عقب كل ثورة وتغيير سياسي حتي لو استمرت عدة أشهر.
هل تستبعد البعد الخارجي في ما يحدث الآن في العالم العربي؟
أبدا.. أنا أستبعد ذلك كلية وتماما، وإلا قل لي ماذا تفعل أمريكا أو الدول الغربية ؟ من أجل ماذا؟ هل يريدون أن نتنصح ونتقدم وننتج لأنفسنا ونستغني عنهم وعن منتجاتهم، فيخسرون هم ونكسب نحن؟ لا..
قال لي المفكر السيد ياسين قبل أيام في حواره مع (الأخبار) إن الأمريكان أجهل وأغبي من أن يخططوا للثورات في العالم العربي؟.
لأنهم لا يعرفون عبقرية الشعوب في المنطقة، ولا يعرفون شخصية الإنسان المصري، ولا يعثرون علي مفاتيح هذه الشخصية المتفردة في تكوينها وجوهرها، فأهمية ثورة 25 يناير هي أنها نابعة من الشباب، وجاءت من شعب يحب هذا البلد ويري أن وطنه في (خيبة) ليس لها حدود وفي وضع مزر وتنهار حضارته وتاريخه يوماً بعد يوم، مضيفاً أنه لم يتمكن من المشاركة في تلك الثورة في أيامها الأولي نظراً لتواجده خارج البلاد واكتفي بمتابعة الأحداث عبر وسائل الإعلام، قائلاً: بقدر ألمي لعدم تواجدي بينكم بقدر سعادتي لأنكم نجحتم في قيادة الثورة بأنفسكم.. وقلت لنفسي فلنترك الشباب يفعل ما يشاء ويحقق ما يريد.
أنصح الشباب المصري بألا يترك أحداً يتسلق فوق أكتافه أو فوق ما حققته الثورة من إنجازات، لا تتركوا أحداً يتحدث بالنيابة عنكم مع الحكومة، فلتتحدثوا بأنفسكم عن أنفسكم وفوضوا شباباً من بينكم، لأن أجيالنا (خربانة من أولها لآخرها) ولن تمثلكم بشكل صحيح.
يبدو أن الأرض العربية غضبانة من الخارج بما عليها ومن عليها، مثلما هي غضبانة وثائرة من الداخل من العمق، إهي لغة الأعماق البعيدة للأرض التي اختصتها السماء بعناية خاصة، والله قد أقسم بها؟.
هي غضبانة كلية، من أولها إلي آخرها ، كل العرب لديهم شعور بإحباط رهيب، يتساءلون ( إيه الخيبة اللي إحنا فيها دي) لا بحوث علمية، لا تقدم ولا تطور، لماذا تأخرنا، كلنا هبطنا إلي القاع، الناس وصلت إلي حد من الإحباط لا رجعة فيه، لذلك هي الثورة من الداخل ، ولا علاقة لها بالخارج.
لك نبوءة أطلقتها في عز المرارة د.فاروق الباز أن (شحنة الأمل التي أتمتع بها في حياتي وعملي تأتي من كهرباء مصرية خالصة)؟
هي هذا الذي نراه الآن، طاقة حسية شابة، أي أنها ستبقي بعض الوقت وليست عارضة، بل هي منتجة، عندما أقول عندي طاقة أي أنها منتجة، ليس فقط مجرد انتاج ، ولكنه إنتاج صحيح وحقيقي ومثمر، هذه هي الكهرباء التي أقصد. والتي تجعلني أؤمن بعبقرية العقول المصرية الشابة، التي يمكن أن تقود مصر إلي النهضة والتقدم العلمي بالتعليم وحصولها علي الدعم الذي تستحقه.
نعم.. وأشكرك علي استدعاء هذه العبارة من مقالي (جيل الفشل) أوكد علي أهمية استغلال الطلاب في تقديم أفكار ومشروعات علمية جديدة تساهم في عملية التنمية والإصلاح الشامل الذي ستشهده البلاد الفترة القادمة بعد إزالة كافة القيود التي أعاقت عمليات الفكر والإبداع.ان العلم يزيد من ثقة الإنسان بنفسه ويجعله يخطو إلي الأمام.. مشيراً إلي أنه يجب إرسال بعثات طلابية للخارج لتوضيح الصورة الحقيقية لمصر وتعريف الغرب بالحضارة المصرية، وباستطاعتنا أن نعيد لمصر مكانتها من جديد في غضون العشرة أعوام المقبلة، ولابد أن نبدأ بأنفسنا.
أن الخامات الجيدة لاتزال موجودة في مصر، ولدينا وفرة من الموارد البشرية الرائعة، مدللاً بنجاح وتفوق المصري في الخارج، وكل من يحصل علي فرصة خارج مصر يثبت نفسه ويتفوق ويبدع.ولقد لمست مجموعة من الأشياء المهمة هنا، هي الرؤية والحلم والحماس والصدق والشفافية، وتشجيع الشباب علي المبادرة والأفكار غير التقليدية.فمصر الحرة يجب أن تستمتع بهذا الحدث العظيم، علينا أن نعمل معاً علي نظافة أرضها وجمال منظرها. مصر الحرة تستدعي أن نغار علي كل شبر فيها، علينا أن نزين هذا البلد المعطاء كما نزين العروس المصرية باهرة الجمال، ولابد لنا أن نقدم هذا البلد العريق للعالم أجمع في أجمل صورة من الآن فصاعداً، ومصر الحرة تستدعي الفكر الهادئ في المستقبل، وعلينا أن نعتبر أن مع الحرية تأتي المسؤولية، وكل فرد منا له مسؤولية تجاه الوطن، وعلينا جميعاً أن يقوم كل منا بعمله من الآن فصاعداً وبحرارة غير معهودة تتماشي مع عصر الحرية.
ذاكرة ثورية
يلقي د. فاروق الباز بين الحين والآخر نظرة علي ميدان التحرير يتمازج فيها الحاضر بالماضي، يبتسم أكثر مسترجعا أشياء وأشياء.. فماذا تحمل ذاكرته؟
كنت أتوقع حدوث ثورة الخامس والعشرين من يناير لكني كنت آمل في ان أري هذا التغيير في جيلي، أنا ضد أية اجندات خارجية أنا أحث الشباب علي الاصرار علي مطالبهم و عدم التنازل عنها، فمصر مرت بمرحلة قمع و كفاح و نهب لفترة دامت ثلاثة قرون، ان اهل الثقة الذين اعتمد عليهم النظام طوال فترة ما قبل الثورة كانوا يرهبوا النظام و لا يجرؤون ان يعبروا عن أرائهم و كان من المستحيل ان يحدث التغيير في ظل هذة الدكتاتورية، فالشباب ليس من اهل هؤلاء الثقة بل من اهل الكفاءة و العلم الذين يعتمدون علي برامجهم التي تعود بالنفع علي المواطنين.
ذاكرتك حية ومشحونة بشرائح كثيرة وثورية.. هل منها بعض الشرائح؟
ثورة 25 يناير لم تكن الأولي من نوعها التي يشهدها ميدان التحرير، فالمظاهرات التي انطلقت يوم 26 يناير 1952 لتندد بالاحتلال وانطلقت علي امتداد كورنيش النيل محل ثكنات الجيش الإنجليزي للتنديد بالاحتلال ثم انطلقت تلك المظاهرات في قلب منطقة وسط البلد، وقام أفرادها بحرق المحلات والمسارح ودور السينما.بعدما قامت الثورة ظننا أن البلاد عادت إلينا من جديد وبدأ الضباط الأحرار في فعل أشياء ظنوا أنها جيدة وفي صالحنا ولكنها في حقيقة الأمر كانت خيبة كبيرة، فبدأ عبد الناصر يعين قيادات في الجيش ممن أطلق عليهم أهل الثقة، في مناصب هامة في البلد لا تتناسب مع طبيعتهم، وهذا غير صحيح ومن هنا بدأت الخيبة الحقيقية، لذلك أشدد الآن علي ضرورة اختيار أشخاص مناسبين لمواضعهم الجديدة ولديهم خطط واستراتيجيات تؤهلهم للنهوض بمجالاتهم.
في تلك الفترة فعلنا شيئاً (زي الزفت) وهو أننا لم نسمع أي شخص يقترح شيئاً خارجاً عن المألوف، فكان شعارنا في تلك الفترة لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، وهذه المعركة في ذلك الوقت كانت تحرير فلسطين حتي وصلنا لمرحلة الخرس التام، وغابت مصر وتوقفنا عن الحركة واختفت من وجوهنا الابتسامة وعادت إلينا من جديد مع هؤلاء الشباب بثورة 25 يناير.
يسألونك عن العلماء وعن العلم والثورة العلمية.. فماذا أنت قائل؟
العلماء لا ينفصلون عن المجتمع، الثورة العلمية الحقيقية لا تحدث في فراغ، ولا من فراغ، ولابد من إرادة سياسية،
كيف تريد ثورة علمية و 98 ٪ ميزانية البحث العلمي تنفق علي الرواتب والشئون الإدارية، (علي إيه كل هذه الرواتب والبدلات؟)
البحث العلمي الآن علي حالته لا نريده ، نريد الأولويات، نضع بنودا محددة : الإقتصاد ، الطاقة ، المياه، الأبحاث، وهكذا، لأن لدينا خللا في التفكير، وخللا في العلم، وخللا في الفكر، ولذا لابد من رفع ميزانيات البحث العلمي في الدول العربية وضرورة مشاركة القطاع الخاص في المشاريع البحثية وكذلك مشاركة الباحثين العرب في الدول الأخري، وضرورة وضع البحث العلمي علي قائمة الأولويات العربية، فالبحث العلمي يدعم الاقتصاد الوطني للدول العربية، المجتمع المدني في الولايات المتحدة الأمريكية ينفق علي البحث العلمي ضعف ما تنفقه الحكومة الأمريكية، لكننا في الوطن العربي نلحظ أن هناك انفصالا بين العلماء والباحثين من ناحية والقطاع الخاص من ناحية أخري.
من هنا تري أن الحكومات العربية في ذيل البلاد النامية، ويرجع ذلك إلي عدم تقدير العلم في بلادنا، وعدم إفساح المجال للإبداع الإنساني. إن الدول المتقدمة تنفق ما لا يقل عن 2٪ من دخلها القومي علي البحث العلمي، ونحن ننفق أقل من1 ٪ وننفق 95٪ من هذه الأموال علي المرتبات و الأمور الإدارية، كما ذكرت، وإني لأتعجب من الدول العربية التي لا تعلم إلي أي مدي قد يفيدها العلم في كل النواحي والمجالات الأخري.
ألف فاروق الباز في مصر
مصطفي مشرفة، فاروق الباز، مجدي يعقوب، أحمد زويل مصطفي السيد، وغيرهم.. هل هم حالات فردية ، وكيف أحولهم إلي ظواهر مجمتعية، أم نعجز كما عجزنا عن تحويل (عمر بن الخطاب) من حالة فردية في التاريخ إلي مؤسسة عامة؟.
أريد وسيلة لإنتاج عدد من العلماء البارزين في البحث العلمي، ليس شرطا أن يكون كلهم نوابغ، واحد منهم يظهر كشعلة، نريد نقاط ضوء، شموع في كل موقع من خريطة البحث العلمي.
لدينا ألف ألف فاروق الباز في مصر ، شريطة أن نمنحهم الفرصة، يتحررون.. يفعلون ما يحبون أن يفعلوه، نشجعهم ، نوفر لهم المناخ المناسب، البيئة العلمية الإبداعية، (لا نكشر في وشهم) لا نستهين بهم، لا حكر علي علم ولا قيد علي فكر.
وإذا كانت منظمة العمل العربية قد أشارت في تقرير لها إلي أن الاستبداد السياسي والتدخّل الحكومي في شؤون الجامعات في الدول العربية، وانعدام حرية البحث العلمي، هو السبب الرئيسي وراء هجرة العقول العربية، فأنا أضيف أن الدنيا الآن تغيرت حيث لا يجب الاعتماد علي المؤسسات، لازم نعتمد علي الفرد، يعني المؤسسة تخرب عن غير معرفة، والحكومات السابقة غرقت في المشاكل اليومية وتخصص كل الوزراء في الرد علي التليفون لحل مشاكل بسيطة لبعض الأشخاص فضاعت منهم مهمتهم الأساسية وضاع وقتهم ، فضلا عن شيوع سياسة أهل الثقة وهذا كان سبب تأخر العرب عموما، والشبان المتفوقين والناصحين لديهم من سعة الأفق ما يجعلهم غير راغبين في الهجرة، والاصلاح الشامل في مصر لن يتم الا بإصلاح التعليم وذلك باعتباره المشروع القومي لمصر وتوجيه كل ميزانية الدولة له وعدم انفاق أي مليم علي أي خدمات أخري كهرباء أو نووي أو خيار أو زراعة.
هناك دول اخري كانت درجة الخراب فيها اكثر من مصر ولكنها تقدمت لانها كان لها هدف محدد وهو النهوض بمجتمعها مثل ماليزيا والهند وهذه الدول يجب ان نتعلم منها ومما فعلته تلك الشعوب ففي كوريا الجنوبيه قالوا انهم لن يتقدموا الا بالاهتمام بالعنصر البشري فقاموا بالانفاق علي اصلاح التعليم بغض النظر عن الاحتياجات الاساسية الاخري، و خلال 11 عاما كانوا قد اصلحوا التعليم دون الانفاق علي اي عنصر اخر، لذلك فأصلاح التعليم هو المشروع القومي لمصر وذلك حتي يتمكن المصريون من منافسة البشر في العالم، ومسئولية اصلاح التعليم لا تقع علي عاتق الوزير بمفرده ولكنها تقع علي عاتق الجميع داخل مصر من فلاحين واساتذة وأطباء، والاصلاح يعني تخصيص الميزانية كلها للتعليم وهذا معناه الغاء الدروس الخصوصية ورفع رواتب المدرسين وتعديل المناهج ونبدأ من أولي ابتدائي عاما عاما تدريجيا حتي نصل للجامعة.
مناوشات عالمية وذاتية
في أي عصر من التاريخ نحن نعيش؟ خاصة أننا في عالم تهيمن عليه الكثير من المفارقات والمتقابلات والمتضادات؟
نحن في عصر التكتلات الدولية الكبري الزائدة عن اللزوم، فالدول الصغيرة تائهة.. وفي العالم الآن.. هناك عدم توازن ، وعدم استقرار.. لم يعد هناك وجود للعالم المسمي بالرأسمالي في الغرب، أو الشيوعي المادي في الشرق، أو دول عدم الانحياز، كل هذا اختفي.
هل هو تقهقر التكنولوجيا وتقدم التكنولوجيا؟.
هذا وارد جدا.. وتقدم التكنولوجيا نتج عنه ربط الناس بالمعلومات، إنها ثورة المعلومات، رابطة جديدة بين المصري والأمريكي والماليزي ، و.. هكذا..
أهو (المواطن العالمي)؟.
نقترب منه.. نحن في الطريق إليه.. لم يعد بعيدا..
مفارقة أن تشهد رموز النظام خلف القضباء في الزنازين؟
بالتأكيد كلنا سعداء بذلك، لأنه العدل والقانون، لكن بيني وبينك ليس بداخلي (غل) ناحيتهم، لأن النظام كان يسمح لهم ، وكان يحميهم، والواحد من هؤلاء تعميه مكانته ووظيفته وتفخيمه، من يفتح له الباب ، ومن ينزله من السيارة الفارهة، ومن يتشرف بأن يحمل له الشنطة، ومن يلهث وراءه للأسانسير، ومن ينحني له حتي قدميه، لماذا نؤله المسئولين؟ (إحنا أيضا غلطنا) لكن هؤلاء المساجين من رجال النظام البائد توغلوا وتوحشوا أكثر من اللازم، وتعودوا علي ذلك كلية، لذلك تري الناس في غل منهم.
24 ساعة في حياة فاروق الباز إنسانا وعالما؟
في الثامنة صباحا بالضبط أدخل المكتب، حالة متواصلة وجادة من العمل، في الظهيرة أتناول ساندويتش وأنا أعمل، وأظل فيه حتي السادسة والنصف مساء، أعود الي البيت للكتابة والقراءة، والإشراف علي من عندي من رسائل الماجستير والدكتوراه، ثم أخلد الي النوم.
هذا عن اليوم العملي المعتاد.. فماذ عن اليوم الفكري؟
يشغلني البحث الجديد والمتجدد في العلم والمعرفة، ومن مبادئي أننا يجب أن نضع ثقتنا في الانسان، نُعِدُّه للعمل لصالح الأمة ونثق بالفكر والابتكار والتجديد، لا يتم ذلك إلا في وجود الاحترام الكامل للانسان، رجلاً كان أو امرأة، ليضيف الفرد ما هو أحسن في جو يسوده تبجيل الفكر والمعرفة وتشجيع المبادرة وتقدير الامتياز، في واقع تسود فيه الشفافية واحترام المبدعين، لذلك تراني مهموما دائما بمن يعملون معي ، ماذا أترك لهم؟ ماذا يفعلون بعد أن أفارق الحياة؟.
هو تواصل الأجيال وتسلسلها؟
نعم.. هذا ضرورة إنسانية.
إِلا بِسُلْطَان!
تعبير عصر الفضاء صار أكثر اختلاطا بعد البث الفضائي الذي أصبح يشكل الرأي العام بغض النظر عن السلبية من الإيجابية؟
انه خروج من الأرض والنظر في الكون الي ما لا نهاية تتجلي الآية العظيمة رقم 33 من سورة الرحمن: » يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ « . سلطان ماذا ؟ إنه سلطان العلم والمعرفة.
ما الدلالة الآن للصعود الي الكواكب والنجوم، هل تغيرت عما قبل؟
يكفي انعكاس ذلك علي الفكر، واختراق الآفاق البعيدة، في المريخ وما هو أكثر توسيع دوائر الفكر الإنساني علي الدوام، إن مشروع (أبوللو) هو من أعظم الإنجازات البشرية وأبرز مثال علي إمكانية نجاح المشروعات العلمية لأنه اعتمد علي تحقيق هدف معين تم تحديده منذ البدء في المشروع. وهو الذهاب إلي القمر، والعودة إلي الأرض، والتحضير للمهمة خلال عشر سنوات، مع توفير الأدوات والتمويل اللازم لتحقيق هذا الهدف. ومن أهم التحديات التي يواجهها العالم في مجال العلوم والفضاء في المستقبل، ومنها ظاهرة الحمم الشمسية، وهو التحدي الذي يواجه العلماء في الفترة الحالية والذي يجب أن يفكر الإنسان في آثاره في الأعوام المقبلة، وقد أثبتت الدراسات أن الدورة الشمسية ستكون أكثر كثافة في المرات المقبلة مما سيؤثر علي الحمم الشمسية وهي طاقة وإشعاع هائل سينطلق من الشمس ويؤثر علي الأرض والنظم الكهربائية الخاصة بها.
قلت لي في حديث سابق أن القمر ازداد جمالا بعد أن هبط الإنسان علي سطحه، وفاجأت القراء بأنكم كعلماء لم تصدموا الشعراء عندما اكتشفتم ان القمر مجرد صخور بلا روح، وجبال بلا جمال، ولم يعد القمر جميلا كما كان، وتكسرت اشعار الحب علي جبال القمر، وأصبح عيبا ان نشبه المرأة بالقمر؟
نعم.. لا يزال القمر يزداد جمالا في عيوننا، لأننا لا نزال نكتشف فيه مواقع مثرة للجمال، والصور التي تصلنا تؤكد مناظره البديعة وصخوره أكمل مما كنا نتوقع.
سوبر ماركت الإعجاز العلمي
في السنوات الأخيرة شهدنا زخما هائلا من المتاجرين بمسألة الدين والعلم، وربطهم العشوائي المتهافت علي إثبات ما يسمي بالإعجاز العلمي في القرآن؟.
إنه (سوبر ماركت) لا يليق بعظمة القرآن الكريم، فالاشارات العلمية الواردة في التنزيل الحكيم حقائق كونية، وهي دلالات علينا تأملها والبحث في مدلولاتها، ولذلك يوجهنا النص القرآني الي التفكر والتعقل، (إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون)، ( وآيات لا يعقلها إلا العالمون) انه يدعونا الي التفكر في معني (سبع سنين دأبا) و( قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق) علينا أن ننظر ألي الكون ماذا فيه، لماذا خلقه الله لنا ويسر لنا معرفته، الكواكب والنجوم والجبال والأرض والأنهار والبحار، ورغم كل ذلك يقول تبارك وتعالي(وما أوتيتم من العلم إلا قليلا)
لكن ما يجعل المرء منا يتميز من الغيظ ، هم هؤلاء الذي يعرضون كل كشف علمي أواكتشاف كوني علي أنه موجود في القرآن، بشكل غير منطقي، فالذرة موجودة في معني (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) هذ الربط أصفه بأنه (تهبيل).
هناك فرق كبير بين الدلالة والإعجاز، لأن القرآن الكريم يعطينا دلالات ليحثنا علي الفكر والمعرفة، والكون واسع، لابد من أن نبحث وندرس ونكتشف بأنفسنا وبأدواتنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.