في أمواج النيل وحركة الأسماك وتمايل شواشي النخيل تزينت النوبة في كامل ثيابها وراحت تغازل عيون فريد فاضل الناظر إلي عيني حكيم العيون الدكتور فريد فاضل ينفذ من خلالها إلي محبوبته الأبدية النوبة. التي تتملكه وتأخذ بتلابيب نفسه لنري حالة فريدة في فريد وهي اتصال العصب البصري بالقلب ثم بالمخ, فعيناه هما فنارتا قلبه, فمن خلال عينيه تستطيع أن تتجول بداخله فتراه عاشقا لشيء واحد لا ينساه, يحتفظ بذكري ما لشيء هام به مهما تغيرت الظروف وتبدلت الأحوال, تنعكس عليه فتملأه أصالة التي هي المنبع الاساسي للفن والنواة الأولي لكل أشكال إبداعه. لقاءات ساحرة وحفلات ساهرة كانت تتم دوما بينهما, حتي اشتعلت جذوة الحب فتم زواجهما التاريخي, هكذا أصبحت مصر النوبة تتربع علي عرش قلب فريد. رحلة العشق بدأت عندما انعطف ذلك الرحالة علي ظهر دابته يجوب قري النوبة ونجوعها من الجندل الاول إلي الجندل الثاني, فوجد نفسه امام مساحة شاسعة من الارض الخصبة والمثمرة فتحول جسده إلي خلايا مبدعة تنفعل وتتفاعل مستلهمة سحر الفتنة في شخصية ملكة جمال النوبة. إنها جيوكاندا فريد مثلما أطلق الأستاذ يوسف فرنسيس علي الصورة الأسطورة للأستاذة نعم الباز بأنها جيوكاندا بيكار والتي رسمها الفنان الخالد حسين أمين إبراهيم بخطوطه الانسيابية الملائكية التي لا تعوض. عن هذه الرحلات وتلك العلاقة سألته: هل وجدت ملهمتك ؟ فقال أبحث عنها في كل مكان.. في أمواج النيل وحركة الأسماك وتمايل شواشي النخيل, أحتاج الي ابتسامتها الصافية التي تعكس قلبا سعيدا يرقص فرحا بمشاعر حقيقية, أبحث عنها حتي بين تماثيل الملكات الفراعنة. عدت مرة أخري أتجول داخل غرف قلبه فوجدت ملكته في كامل ثيابها وزينتها النوبية اقتربت منها وقلت لها: إنه يهيم بك. قالت: من هو؟ قلت: من تجلسين في قلبه. قالت: آه.. الشاب المصري الأصيل, اللي وشه عليه سمرة من لفحة الشمس, كلمته ناشفة لكن بتنضح حب وصدق وحنية, عينيه حيرانة من نظراتها للمستقبل وايديه زي رغيف العيش قلب أمه سهر عليه لغاية ما خمر. ما هذا؟ إنها اوصاف لشخص غير فريد.. فسألتها: عمن تتكلمين ؟ قالت: من أجلس في قلبه... لاتستغرب هكذا أراه. سمع فريد إوصافه فابتسم وهرول إليها واقفا, فبادلته الابتسام, نظر إليها وكأنها تمثال أعيد إليه الحياة. فبدأ يتكلم وقال: هذا اليوم ليس ككل الأيام, كان نهاية لرحلة عناء تحملته في صبر وإنما أشتاق ليس لرؤيتك فهذا كثير علي ولكن لطرف من ثوبك أوصوت حليك.. حتي جاءت نظرات عينيك في حنو تحمل كل لمساتك. إنني أثق تماما بأن فريد لن يجيء عليه الوقت يجد قلبه خاويا بسبب حب وبساطة هؤلاء الناس, قلب عم عبدالهادي وعم عثمان والحاج عبدالله وحنية الست أشاري وبناتها سماهر وأونتي وونجي وأشرنكيل ومسونكيل وفانة وضحكات أحمد وخالد وإسلام وعمرو وبلال وأمير وجومانة ونورا ونهي وناريمان وهدير.. وعبير. ..ويظل الجمال والشموخ والرقة والرشاقة علامات مميزة لجيوكاندا فريد. لقد اتسع بؤبؤ قلب الفنان فريد فاضل استشاري طب العيون ومن خلال الحدقة والقرنية والشبكية والعدسة رصد بيئة نوبية مصرية فانعكست في قاع عين قلبه فاندمج مع المحتوي الموجود في المكان فأخرج إبداعا هو مزيج من الواقع البيئي والتعبير الفني, لتمنحه كل مفردات اليوتوبيا ليحلق بها بعيدا في أحلامه ولوحاته ورقة الخطوط التي تبهر كل الناظرين إذا زاروا معرضه المقام في متحف محمود مختار حتي14 نوفمبر