في معرض بانورامي عن النوبة، افتتح للفنان وطبيب العيون فريد فاضل، بقاعتي "نهضة مصر" و"إيزيس" بمركز محمود مختار الثقافي، معرضا بعنوان "البحث عن النوبة"، يضم مجموعة أعمال فنية، فيما يشبه كتاب "وصف مصر"، قدم من خلاله تنويعات فنية متناولا فيها أهل النوبة، دون إغفال للزمان أو المكان. فهو من خلال فرشاته وألوانه وبحس الطبيب، يبحث وينقب في لوحاته، ليس عن موضع الداء هذه المرة، وإنما عن مواضع الصحة والجمال. صاحب المعرض كتابا تذكاريا من تأليف ورسوم فاضل، زاوج فيه بين أعماله الفنية، مع جانب توثيقي عن النوبة وتاريخها، وبين أشعار كتبها مستلهما من فيضها المكاني، علاوة علي حوارات استرجعها مع أبطال لوحاته، في عمل أدبي وفني جدير بالمكان. يقول فاضل عن معرضه: "أحب بساطة البيت النوبي .. الحوش السماوي المفتوح الذي يردد معابد أخناتون، تمنحني النوبة كل مفردات اليوتوبيا لأحلق بعيدا في أحلام استلهم منها البلد القديمة والنيل وحكايات الأجداد.. تتمثل أمامي مثل درر منفرطة تسكن بين فراغاتها شحنات الخيال لتهبني في النهاية فيضا لا ينقطع من الإبداع". تنوعت أعمال المعرض من حيث الخامات بين الألوان الزيتية والأقلام الملونة والألوان المائية، التي راعي فيها جميعا الدقة في تصاوير الوجوه، ونجده في بعض أعماله قد استخدم كتلاً ثقيلة من الألوان في عمل ملامس مختلفة استغلها في التأكيد علي مستويات وتراكبات الحوائط الطينية والحجرية لبيوت النوبة في تقليد جديد علي أعماله الفنية، كما نجده قد استخدم اللون الذهبي في عدد من خلفيات أعماله معطيا لها ثراء شكليا. ومن حيث الموضوعات شكلت الوجوه النوبية معظم لوحاته بتناوله لها بأسلوب واقعي يحمل في طياته مصدرا كبيرا من الرصد والتوثيق لتراث تلك المنطقة الأثيرة إلي قلبه بما يحمله تراثها من مكامن للجمال، يتجلي في الزي النوبي المميز والحلي الذهبية الكبيرة المزركشة التي تزين وجوه نوبييه. وكان للمكان متمثلا في الطبيعة الخلابة حظ وفير في أعمال فاضل فقد تناول الرصيد الكبير الذي تزخر به منطقة النوبة من الآثار الفرعونية، ونجده أن فاضل في بعض أعماله قد جنح تجاه التعبيرية مختزلا لعدد من العناصر البيئية والموتيفات مسترجعا لها في مخزونه البصريا وينقلها لنا بحس مختلف، وقد استخدم الفنان فكرة اللصق -الكولاج- في دمج عدد من العناصر الفنية مثل الخوص في لوحاته الفنية مضفيا عليها من روح تلك المنطقة ليشكل المعرض في مجمله حالة رصدية لجماليات النوبة.