د. بهاء ابوشقة - المستشار أىمن عبدالحكم اثار اقتراح اعضاء بمجلس الشوري تعديل قانون الاجراءات الجنائية حتي يظل مبارك وراء القضبان علي ذمة الحبس الاحتياطي الكثير من التساؤلات. اتفق رجال القضاء وفقهاء القانون علي ان التشريع الذي يستهدف متهما بعينه غير قانوني وغير دستوري.. كما اتفقوا علي ان القوانين لا تسري بأثر رجعي إلا إذا كانت في مصلحة المتهم.. وأكدوا ان التعديلات هدفها دغدغة العواطف من أجل مصالح انتخابية. يقول المستشار أيمن عبدالحكم القاضي بمحكمة جنايات بنها انه في حالة قبول الطعن المقدم من المتهم امام محكمة النقض بالغاء الحكم الموضوعي واعادة المحاكمة فإن ذلك ينعكس اثره علي الفور علي المتهم باعادته للحالة التي كان عليها قبل محاكمته وبالتالي فإن كان مطلق السراح قبل بدء محاكمته فيتعين اطلاق سراحه علي الفور بمجرد صدور حكم النقض بقبول الطعن واعادة المحاكمة وذلك انتظارا لصدور حكم محكمة الجنايات التي ستنظر القضية اجرائيا من جديد فالقاعدة القانونية المستقر عليها هي عدم رجعية القوانين.. أي انه لا يجوز الحكم علي المتهم بأثر رجعي فيما لو تم اي تعديل تشريعي بشأن اضافة أو حذف الفقرة المتعلقة بشأن الحد الاقصي لفترة الحبس الاحتياطي علي ذمة المحاكمة لحين صدور حكم موضوعي في القضية.. كما ان المستقر عليه ايضا في جميع التشريعات الدولية المماثلة انتفاء تقنين تشريع أو تعديل تشريعي لحالة بعينها اذ ان القواعد القانونية عامة ومجردة لا تخاطب شخصا بعينه أو متهما بذاته والا عد هذا لغوا وهراء ولا يتحدث به أبسط العارفين بالقواعد القانونية ولا ينبغي الالتفات أو الاهتمام لمثل هذا اللهو لكونه بعيدا عن ابسط مباديء روح القانون ويهدف فقط لدغدغة عواطف العامة من اجل المصالح الانتخابية والا لاصبح هذا التعديل المقترح في حال حدوثه مطعنا لعدم الدستورية لمخالفته للقانون لان القواعد القانونية عامة ومجردة لا خاصة أو تهدف شخصا بعينه وايضا لثبات ورسوخ مبدأ عدم رجعية القوانين وانه يعمل بها من اليوم الثاني لصدورها ونشرها في الجريدة الرسمية للدولة فقط أي ان اثرها لسريانها يكون لاحقا علي صدورها وليس سابقا عليه ابدا. سقف زمني يقول د. بهاء ابوشقة الفقيه الدستوري انه استجابة للمطالب التي اسفر عنها التطبيق العملي علي ارض الواقع من ان بعض المتهمين يستمر حبسهم لمدد طويلة نتيجة تعدد درجات التقاضي استجاب المشرع لهذا المطلب ووضع سقفا زمنيا لا يجوز ان يتعداه الحبس الاحتياطي وذلك بأن اضاف فقرة الي المادة 341 من قانون الاجراءات الجنائية وكان ذلك بالقانون 541 لسنة 6002 والذي بمقتضاه اذا كانت العقوبة المقررة للجريمة هي السجن المشدد المؤقت فلا يجوز ان تتجاوز مدة الحبس الاحتياطي 81 شهرا واذا كانت العقوبة هي السجن المشدد المؤبد فلا يجوز ان تزيد مدة الحبس الاحتياطي علي عامين. وهذا النص المستحدث بالقانون 541 لسنة 6002 مازال ساريا ومعمولا به وتطبقه المحاكم حتي الان وتم اعماله بالفعل بالنسبة لبعض رموز النظام السابق الذين استنفدوا هذه المدة حيث تم اخلاء سبيلهم فعلا. مع ملاحظة ان هذه المدد مقررة بالنسبة للجريمة الواحدة فإذا كانت هناك جرائم اخري وحبس فيها المتهم احتياطيا لا تخصم مدة الحبس الاحتياطي في الجريمة الاولي اذ ان قانون الاجراءات الجنائية لا يعرف الجب في هذه الحالة. اما ما يثار من ان هناك نية متجهة الي اصدار تعديل تشريعي يمد السقف الزمني للحبس الاحتياطي فمن المسلمات ان اي تشريع لا يجوز ان يستهدف حالة بعينها أو شخصا بذاته وانما لابد ان يكون التشريع عاما مجردا فإذا صدر أي تشريع مخالفا هذا الضابط فهو مشوب بعيب الانحراف التشريعي وعدم الدستورية. كما ان الاصل في النصوص الاجرائية بانها تسري بأثر فوري ولا ترتد الي الماضي لتحكم مراكز قانونية واجرائية بدأت أو استقرت في ظل قانون اخر ويكون من باب اولي اذا كان التشريع الاجرائي الجديد قد انتقص من ضمانات كانت موجودة في ظل التشريع السابق عليه. واضاف ان هناك رأيا فقهيا يري انه كضمانة للمتهم ان القوانين الاجرائية ذات الاثر العقابي يسري عليها القانون الاصلح للمتهم ومثال ذلك اذا صدر قانون اجرائي يعدل مدد التقادم بالنسبة للعقوبة علي نحو ييسر من تلك المدد ففي هذه الحالة يستفيد المحكوم عليه من القانون الجديد حتي ولو كانت بداية مدة التقادم قد بدأت في ظل قانون قديم. الحقوق والحريات أكد الدكتور داوود الباز استاذ القانون الدستوري ان الاقتراح المقدم من عضو مجلس الشوري بتعديل مواد الحبس الاحتياطي لتكون اكثر من سنتين قانوني وفقا لنص الدستور الجديد الذي اعطي لمجلس الشوري نصابا تشريعيا. وقال انه بخصوص مضمون هذا الاقتراح فإنه يتنافي مع حقوق الانسان والحريات العامة المنصوص عليها في الدستور الجديد كما انه ملاحظ ان الاقتراح مقصود به شخص معين وهو الرئيس المخلوع مبارك وكان علي اعضاء الشوري الصبر لان القضاء امامه اجراءات سريعة لتحقيق العدالة الناجزة. وأوضح استاذ القانون الدستوري انه اذا اقرت هذه التعديلات فإنها ستطبق علي كل المتواجدين في السجون تحت بند الحبس الاحتياطي ومنهم مبارك. العدالة البطيئة وقال صلاح السنطي عضو لجنة الحريات بنقابة المحامين ان تعديل مدد الحبس الاحتياطي لتكون اكثر من سنتين سبق وان تم مناقشته في مؤتمرات العدالة التي عقدت بنادي القضاة وبنقابة المحامين وان المشرع رفض هذا التعديل سواء بالزيادة أو النقصان وارجأ ذلك الي ان ثبات المدة عند سنتين مطلوب في ظل العدالة البطيئة والتي قد يحصل المتهم بعدها علي البراءة. وان المشرع رأي ان بقاء المتهم في السجن لحين الفصل في قضيته امر غير محبب خاصة انه قد يحصل علي البراءة بعد حبسه عشرات السنين. مدة الحبس يقول د. محمد محمود سعيد استاذ القانون الجنائي ان المادة 53 من الدستور الحالي تنص في فقرتها الثالثة علي ان ينظم القانون احكام الحبس الاحتياطي ومدته واسبابه وبملاحظة صدور الدستور في وقت سريان المادة 341 اجراءات جنائية الذي يحدد الحد الاقصي للحبس الاحتياطي في الجنح ب 6 اشهر وفي الجنايات 81 شهرا إلا اذا كانت العقوبة المقررة للجريمة في السجن المؤبد أو الاعدام فيكون عامين يكون واضحا ان الدستور اقر حكم المادة 341 اجراءات جنائية كذلك يلاحظ ان الحبس الاحتياطي يعد اجراء شاذا لانه يعتدي علي الفرد قبل ان تثبت ادانته. واضاف ان التعديل المراد اجراؤه يخالف حكم عمومية وتجريد القاعدة القانونية فضلا عن مخالفته المادتين 38 و343 من الدستور نفسه. قاعدة مجردة يقول د. محمد يحيي استاذ القانون بجامعة الأزهر ان القاعدة القانونية عموما من اهم خصائصها انها قاعدة عامة ومجردة وبالتالي لا يجوز ان يصدر قانون لعلاج مسألة بعينها أو لشخص بعينه حتي لا يوصم بعدم الدستورية، وبالنسبة لقانون الحبس الاحتياطي الذي يناقشه مجلس الشوري الان تعتبر قواعده طبقا للاصل قواعد عامة مجردة ومن ثم بمجرد صدوره يسري بأثر فوري ومن ثم لا يجوز ان تنسحب اثاره علي الماضي إلا إذا قرر القانون ذلك بأغلبية خاصة من مجلس الشوري.. وبالتالي فإن هذا القانون ينسحب اثره علي الوقائع التي تحدث بعد صدوره وليس قبل ذلك. وبالتالي فإن الحالات المحبوسة الان احتياطيا بعد صدور القانون الجديد وجميع الاحكام والقرارات يسري عليها القانون الجديد اذا كان الاصلح للمتهم فقط.