"الحق انه لو بحثتم عن أقنعة تتقنعون بها لما وجدتم افضل من وجوهكم" قال الفيلسوف الألماني الشهير فريدريك نيتشه في كتابه الرائع "هكذا تكلم زرادشت"، أما أعضاء المجلس العسكري فطبقوا المقوله علي أرض الواقع. ففي الدنيا، رجالا منعتهم مصالحهم من أن يشاهدوا الحقيقة، ونساءا منعتهم زينتهم من السير في المظاهرات، بينما في الثورة شبابا قتلوا لأنهم يدافعون عن مصالح وطن، وفتيات تعرين لكشف سوءات مجتمع بأكمله. الشارع لازال ينقسم، ككل مرة، لكن هذه المرة الأمر يختلف، الدم الذي سال أمام مجلس الوزراء لم يكن الأول، ولن يكون الأخير، والعنف الذي مارسه الأمن ليس بجديد عليهم، الجديد هو تلك الفتاة التي وضعتنا جميعا أمام مرآة ننظر فيها إلي أنفسنا وقد سقطت عنا ملابسنا، بينما نعتمد علي النسيان ونمشط شواربنا. في المترو، والميكروباص، والأتوبيس، الحكاية تتردد، الصورة أصبحت حديث الجميع، فتاة ملقاة علي الأرض عارية من ملابسها، بينما جندي مغوار يركلها مرة في بطنها وأخري في صدرها، ينظر إلي نفسه، يعتقد أنه يصنع فعلا عظيما، يحارب أعداء الوطن، جاهل لا يريد أن يعرف، بل ويتباهي بجهله. حكايات عن فبركة للصورة، فالمغوار يرتدي "كوتشي" وليس "بيادة"، وعليه فالجيش برئ، هو فعلا كذلك لأننا نحن المتهمون. منذ أن سمحنا بأن يمر كشف العذرية علي بناتنا في مراكز الإحتجاز التابعة للقوات المسلحة، دون تحقيق جاد ونحن متهمون. ومنذ أن تغاضيا عن قتل العشرات أمام مبني ماسبيرو بحجة أنهم أقباط هاجموا الجيش ونحن متهمون. ومنذ أن تناسينا محاكمة من فضوا اعتصام أول يوم رمضان بالقوة ونحن متهمون. ومنذ أن سمحنا بسقوط قتلي امام سفارة اسرائيل ونحن متهمون. يوم أن صمتنا علي إلقاء جثة شهيد علي كومة قمامة ونحن متهمون. التهم جاهزة والمتهمون كذلك حاضرون، من أتي بتلك الفتاة إلي مجلس الوزراء؟ سؤال تحدث به الكثير. ولن أحاول اقناعك بمدي أهمية الإعتصام، بل دعنا نتفق أنهم علي خطأ، وكان لابد من أن يتركوا لعجوز الحزب الوطني، الفرصة حتي يفعل شيئا، لكن هل القتل أصبح عقاب الخطأ؟، وهل أصبح تعرية الفتيات جزاءاً لأنهم رفضن أن يسمعوا الكلام، ويعودوا إلي بيوتهم، أأصبح ضرب العجائز وركلهم متاحاً.. ألهذا الحد أصبحت النخوة عملة نادرة. بأي احساس كان يشعر ذلك الشاب الريفي الذي جند ليقتل ويسحل ويتحرش ويعري الفتيات؟. اقترح أن كانت هناك دعوات لمظاهرات الجمعة القادمة تضامنا مع الثوار، ورفضا لأحداث القمع والعنف، أن تكن تلك الجمعة تحت اسم "حلق الشارب" كما هو بالفلكور الشعبي دليل علي الخزي والكسوف، فعندما نستطيع حماية بناتنا نربي شواربنا.