المعهد الدولي العالي للإعلام: خدمات متكاملة للطلاب وتسهيلات للوافدين    الرئيس السيسى يهنئ رئيس جمهورية تشاد بذكرى العيد القومى    تنسيق المرحلة الثالثة.. 50% حد أدنى للتقدم للشعبة العلمية والأدبية    ارتفاع الحديد.. أسعار مواد البناء اليوم بالأسواق (موقع رسمي)    استقرار أسعار العملات الأجنبية في بداية تعاملات 13 أغسطس    «المشاط»: العلاقات المصرية الأردنية تحظى بدعم مباشر من قيادتي البلدين    مدبولى يشهد توقيع عقد إنشاء مصنع مجموعة سايلون الصينية للإطارات    زيلينسكي يتوجه إلى برلين لإجراء محادثات قبل القمة الأمريكية-الروسية    وزير الدفاع السوري يزور العاصمة التركية الأربعاء    وزيرا خارجية مصر والسعودية يرفضان خطة إسرائيل لتوسيع العدوان على غزة    مجلس الوزراء ينعي علي المصيلحي ويقف دقيقة حداد في بداية اجتماعه    السوبر الأوروبي.. موعد مباراة باريس سان جيرمان ضد توتنهام والقنوات الناقلة    نيوكاسل يتعاقد رسميًا مع ماليك ثياو    "قوية ورادعة".. وزارة الرياضة تعلق على عقوبات جماهير الزمالك    "الشناوي في حتة تانية".. تعليق ناري من الحضري على مشاركة شوبير أساسيا مع الأهلي    العثور على مصاب بطلق ناري أعلى كوبري بقنا    وزير التربية والتعليم يكرم الطلاب أوائل مدارس النيل المصرية الدولية    الصحة: حريق محدود دون إصابات بمستشفى حلوان العام    "أخلاقيات البحوث الطبية" يناقش ضوابط ومعايير الطب التجديدي والخلايا الجذعية في مصر    قافلة المساعدات المصرية ال 14 تنطلق إلى قطاع غزة    موعد مباراة باريس سان جيرمان وتوتنهام في صراع السوبر الأوروبي    الاحتلال ينسف مجموعة كبيرة من المنازل في حي الزيتون جنوب شرق غزة    بورصة أسعار السمك والمأكولات البحرية بأسواق الإسكندرية اليوم الأربعاء 13 أغسطس 2025    «تامر حسني» يشعل الساحل الشمالي في 16 أغسطس    شجرة أَرز وموسيقى    إبراهيم عبد المجيد عن «ثلاثية الإسكندرية»: طفولتي كانت فيها    جهاز تنمية المشروعات وبنك القاهرة يوقعان عقدين جديدين بقيمة نصف مليار جنيه    وزير الري يتابع المشروعات التنموية في سيناء    رئيس «الرعاية الصحية» يتابع ملف التدريب والبحث الطبي بمنشآت التأمين الصحي    رئيس جامعة القاهرة يشارك في التصويت بانتخابات صندوق الزمالة ويؤكد تعظيم موارده وتطوير خدماته    «الترويكا الأوروبية» تهدد بإعادة فرض عقوبات على إيران في هذه الحالة    السد العالي يستقبل مياه نهر عطبرة والنيل الأبيض.. خبير يكشف التفاصيل    مواعيد مباريات اليوم.. قمة باريس سان جيرمان ضد توتنهام بالسوبر الأوروبي    البدري: توجنا بالدوري الأصعب.. وقدمنا كرة هجومية مع أهلي طرابلس    أسعار النفط تستقر بعد بيانات عن تباطؤ الطلب الأمريكي    غدًا آخر فرصة لحجز شقق الإسكان الأخضر 2025 ضمن الطرح الثاني ل«سكن لكل المصريين 7» (تفاصيل)    القصة الكاملة لسقوط "بوبا اللدغة".. بتكسب 5 آلاف جنيه من اللايفات ورصيدها 26 جنيهًا    طريقة عمل الفطير المشلتت الفلاحي، بأقل التكاليف    صافرة أمين عمر تقود مباراة بيراميدز والإسماعيلي    مصطفى كامل ل أنغام: عفا الله عما سلف    عاجل| أمريكا تستعد لتصنيف الإخوان المسلمين جماعة إرهابية    رسميًا.. قائمة أسعار الكتب المدرسية لجميع المراحل التعليمية 2025/2026 «تفاصيل وإجراءات الصرف»    المتحدة تُطلق حملة توعية بمخاطر حوادث الطرق للحفاظ على الأرواح    أرباح تصل إلى 50 ألف دولار للحفلة.. تفاصيل من ملف قضية سارة خليفة (نص الاعترافات)    ما حكم ربط الحروف الأولى للأسماء بالرزق؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ المنيا يقرر تخفيض مجموع القبول بالثانوي العام والفني    كسر خط صرف صحي أثناء أعمال إنشاء مترو الإسكندرية | صور    4 أبراج تفتح لها أبواب الحظ والفرص الذهبية في أغسطس 2025.. تحولات مهنية وعاطفية غير مسبوقة    الشيخ رمضان عبد المعز: سيدنا إبراهيم قدوة في الرجاء وحسن الظن بالله    ما حكم الوضوء لمن يعاني عذرًا دائمًا؟.. أمين الفتوى يجيب    الفائز بجائزة الدولة التشجيعية ل"البوابة نيوز": نحتاج إلى آليات دعم أوسع وأكثر استدامة خاصة لشباب الفنانين    الحماية المدنية تنقذ أهالي عقار قديم بعد سقوط أجزاء منه بالجمرك    فترة تحمل لك فرصًا كبيرة.. حظك اليوم برج الدلو 13 أغسطس    سوق مولد العذراء مريم بدير درنكة.. بهجة شعبية تتجدد منذ آلاف السنين    حبس 5 متهمين اقتحموا العناية المركزة بمستشفى دكرنس واعتدوا على الأطباء    للمرة الأولى.. كليات الطب البشري وحاسبات ضمن تنسيق المرحلة الثالثة 2025 للنظام القديم «ضوابط الالتحاق»    كيف أستغفر ربنا من الغيبة والنميمة؟.. أمين الفتوى يجيب    الشيخ رمضان عبدالمعز: قبل أن تطلب من الله افعل مثلما فعل إبراهيم عليه السلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبود الزمر يكتب للدستور: كيف حولت الحكومات المستبدة شعوبها من ديوك إلي دجاج؟!
نشر في الدستور الأصلي يوم 25 - 08 - 2010

الداجن كلمة تطلق علي كل ما يُقتني في الدار من الطيور والحيوانات والتي يعدها أصحابها للذبح والأكل. ولقد استخدم الساسة مصطلح التدجين تعبيراً عن حالة تحويل المواطن إلي شخص مستأنس لا رأي له بعد عملية إخضاع بالقهر والبطش والتجويع!!
ومع مرور الوقت رسمت الحكومات سياسات لتدجين الشعوب كي تنفرد بالحكم فلا تسمع صوت معارض يصدع بكلمة الحق أو يشير برأي حكيم لكونها باتت تكره أن يكون هناك ديوك في الحظيرة فكلما ظهر ديك لم يكن أمامه سوي أن يتحول إلي دجاجة طوعاً أو يلقي حتفه فيوضع علي مائدة العشاء!!.. كل هذا يجري في الدول المستبدة تحت مسمي تأمين البلاد من الأخطار المحدقة بها من الداخل أو الخارج ولكنها لا تدرك حجم ما تقوم به من إفساد يعود ضرره علي المجتمع فيصبح لقمة سائغة في أيدي الأعداء أو المتربصين به شراً....
ولعلي أجد الفرصة سانحة في مقالي هذا حول سياسة التأمين الحقيقية التي يلزم أن يهتم بها كل صاحب سلطان في بلده فيتحرك لرسم السياسات الفاعلة واختيار المنفذين الأكفاء لتحقيقها.
ولقد حصرتُ أهم هذه السياسات التأمينية في الآتي:
1- التأمين العقدي: وهو ما يختص بأيدلوجية الحكم فهي ركيزة أساسية لتحديد نقطة الانطلاق الصحيحة فالدولة بغير عقيدة تصبح شيئاً هشاً لا يذكر في عالم تحقيق الطموحات أو الثبات عند الشدة والكفاح من أجل الغايات. والمتابع للدول التي تتبني عقيدة معينة حتي لو كانت فاسدة فهي تحقق قدراً من التماسك وصلابة في الموقف عند مسيرتها إلي أهدافها ولا شك أن دولة يهود من ذلك النوع الفاسد الذي يتمسك بعقيدته ويبني دولته ويحقق كل يوم إنجازات علي المستوي المحلي والدولي فكيف بأصحاب العقائد السليمة؟!! فالدولة ذات المرجعية الإسلامية - بلا شك - ستكون أكثر تضحية ونجاحا إذا هي التزمت شريعة ربها ولم تتنكر لها....
2- التأمين الحدودي: وهذا ما تهتم به الدولة خاصة إذا كان هناك عدو مباشر معها فهي تضع القوات علي طول الحدود وتحول دون أي اختراق لأراضيها وينبغي ألا يتوقف الأمر عند ذلك بل عليها أن تفتح العلاقات مع الدول المحيطة بعدوها وتتعاون فيما بينها وبين أصدقائها لتقليص دور عدوها في المنطقة ولكن حين تفشل في تحقيق هذه العلاقات الطيبة والمتينة مع دول الجوار فإنها ستكون ألين جانباً في التعامل مع عدوها وسرعان ما تخضع لطلباته مخافة الغزو.... وبالتالي يذهب التأمين الحدودي أدراج الرياح . ومن العجيب أن هناك من الدول العربية من يخشي الدول العربية المجاورة له أكثر من خشيته من دولة إسرائيل وربما يشعر بعض القادة العرب بالأمان عند سفرهم لإسرائيل أو الولايات المتحدة والغرب بشكل عام ويتردد في زيارته للدول العربية أو الأشقاء العرب!!
3- التأمين السلوكي والأخلاقي: وهو من العناصر التأمينية المهمة فمتي كانت هناك خطة شاملة وسياسة جامعة للارتقاء بمستوي السلوك والأخلاق في المجتمع فإن حالة التخلف والانحطاط ستختفي ولن نري تلك التحرشات التي يقوم بها الشباب المسطول في عرض الطريق دون اكتراث ولن نري حالات السرقة والخطف وهتك الأعراض طافية علي السطح تحقق أكبر المعدلات ولكننا سنري مع تأهيل المجتمع في الجانب السلوكي والأخلاقي من يأمر بالمعروف ويُعين الضعيف وأصحاب الحاجات ويرشد الضال ويغض البصر عن المحرمات . ويلزم أن ننبه إلي أن بعض الحكومات لا يهمها أن تعطل حالة تحرش جنسي جماعي حركة المرور بقدر ما يهمها تظاهرة سلمية تطالب بحقوق مهضومة!! فهذا عندهم قمة التخلف الأخلاقي الذي يعود بالضرر علي المجتمع ويذهب بأمن الشارع وأمان المواطن!!
إن ضبط الحركة الإعلامية والثقافية في الداخل وما تنقله وسائل الإعلام من الخارج أمر يحتاج إلي إعادة نظر لأن ذلك كله قد أدخل علي الأجيال سلوكيات غريبة وافدة تسير بالمجتمع إلي الهاوية السحيقة التي لا يستطيع الصعود منها لصعوبة المنحدر وفقدان أدوات الإنقاذ لدي الجهات المعنية.
4- التأمين الاجتماعي: ونعني به تلك الروابط والنظم التي يتحلي بها المجتمع فيكون سمة له يتعرف بها الناس عليه.... فأهم ما يتميز به المجتمع المسلم هو تلك الرابطة الوثيقة داخل الأسرة والتي وصفها الله بالميثاق الغليظ وهي العلاقة الزوجية التي تقوم علي المودة والرحمة وحسن المعاشرة بالمعروف فكان لزاماً علي الدولة أن تحافظ علي هذه العلاقات فلا تضع القوانين التي تحض علي الصراع بين الرجل والمرأة بادعاء وجود اضطهاد وهضم لحقوق المرأة فتتمرد الزوجة وتخرج عن طاعة زوجها وقوامته لها.... وما نشاهده في هذا المجال ينذر بخطر كبير حيث تتسارع الخطي بما يهدد استقرار كيان الأسرة وهي اللبنة الأساسية في المجتمع التي يلزم تأمينها لأنها مصدر قوة وتماسك يحسدنا عليها الشرق والغرب من غير المسلمين.... هذا ولم يتوقف المغرضون في حملاتهم عند هذا الحد بل سعوا إلي هدم علاقة الأبناء مع الآباء وهي الجانب الثاني في التماسك الأسري ففتحوا الباب أمام شكاية الابن لأبيه أو طلب البوليس للتدخل السريع فأغلقوا بذلك الطريق أمام تربية الوالد لولده وهي بداية للتفكك الأسري تحتاج إلي إعادة تأمين لهذه العلاقات المهمة كما أن النظام الاجتماعي في الإسلام حريص علي كفالة أصحاب الحاجات والفقراء واليتامي والمساكين فجعل لهم حقاً في الأموال وحث علي التواصل مع الجيران والنظر في مصالحهم ومعاونتهم ولم يفت النظام الإسلامي معالجة موقف غير المسلمين داخل المجتمع فوضع من القواعد ما يحفظ لهم الحقوق ويرفع عن كاهلهم المظالم ويربي النشيء علي ذلك وهو ما يمتاز به المجتمع المسلم في التعامل مع الأقليات غير المسلمة وليس كما نشاهده اليوم في المجتمعات الغربية من اضطهاد للأقلية المسلمة والتضييق عليها وحرمانها من حقوقها. وكل ما ذكرت واجب حكومي يلزم مراعاة التخطيط له في سياسات التأمين المختلفة.
5- التأمين القضائي: والمقصود منه وجود هيئة قضائية مستقلة يرجع إليها الناس عند خلافهم سواء مع أنفسهم أو مع الحكام حتي يشعر الجميع بالعدل والإنصاف فلا يفكر في الخروج علي الأنظمة مادام حقه سوف يعود إليه فإذا هدم النظام الحاكم المؤسسة القضائية وتلاعب بأحكامها وتحايل علي حيادها فقدت الجماهير الثقة بالقضاء في المجتمع وبالتالي لم تصبح هناك المرجعية التي يحتكم إليها المختصمون وهذا نذير بفوضي مقبلة، إن إطلاق يد القضاء في المجتمع ليقيم العدل ويحمي المظلوم يقوي من أركان الدولة وليس مضعفاً لها كما يظن بعض أصحاب الفهم القاصر من المستبدين لأن التدخل في شئون القضاء يطعن في نوايا الحكام ويؤكد علي تنكرهم لدستورهم وقانونهم الذي ارتضوه حكماً لنظامهم . فكان تأمين هذا الباب من واجبات الدولة الجادة الصادقة مع نفسها.
6- التأمين الغذائي: هو أحد عناصر التأمين الذي يتضمن خطة شاملة حول تنظيم الإنتاج الزراعي وتنميته بالقدر الذي يحقق الاكتفاء الذاتي للدولة في مجال القوت الضروري وكذلك أيضاً لا بد وأن تشمل سلة الطعام قدرا من البروتين الحيواني فيتحقق ذلك عن طريق تنمية الثروة الحيوانية وكذلك الثروة السمكية حتي تتوفر بشكل يسمح لأصحاب الدخول البسيطة أن تعيش بعيدا عن أمراض فقر الدم والضعف العام والهزال . ولقد كانت هناك في مصر عروض كثيرة لإنتاج اللحوم وصيد الأسماك بأسعار زهيدة وتوزيعها علي منافذ التوزيع بالمحافظات المختلفة ولكن أصحاب المصالح سعوا جادين لتحطيم هذه المشروعات كي لا تؤثر علي أرباح كبار المستوردين حتي أن بعضهم يسعي لتقويض أي اتفاق تجريه الدولة لاستيراد اللحوم الرخيصة من الدول الأخري بدفع رشاوي لزيادة أسعار هذه اللحوم المستوردة ولقد شاهدنا في حياتنا أن هناك من الدول من يعتبر تجويع الشعب نوعاً من الأمن الداخلي للوطن!! لكون انشغال المواطن بالبحث عن لقمة العيش لا يجعل لديه من الوقت للعمل بالسياسة وبالتالي فالتجويع عندهم صمام أمان وهذا ليس بصحيح ولن تنكشف لهم الحقيقة إلا بعد أن تجتاح ثورة الجياع أرجاء البلاد!!
7- التأمين الإيوائي: إن التخطيط العمراني لإنشاء مساكن جديدة للمواطنين وفي متناول إمكانات العروسين هو أمر حتمي لا بد وأن تضعه أي دولة في حسابها وعليها التسهيل في عملية تنشيط البناء وتعلية المنازل مادام البناء يتحمل ذلك هندسياً وأيضاً لا تتوسع في هدم العقارات التي تبني بغير ترخيص طالما أن البناء سليم وغير آيل للسقوط بل تتم المعالجة بالمصالحة بخلاف ضرورة سرعة إزالة العقارات الآيلة للانهيار وإيجاد بدائل إيواء لائقة بحياة كريمة للمواطن وأسرته....
إن وجود فكرة المسكن الاقتصادي الذي يوفر الإيواء المناسب للأسرة يتحقق من خلال نظام المسكن الإسلامي مثل الذي صممه المهندس المعماري الكبير حسن فتحي وهو يراعي تقاليد وعادات المجتمع المسلم وبإمكانات محلية وليس تقليداً لنظام الغرب الذي يفتح الباب أمام كشف العورات ولا يتمشي مع بيئتنا ومناخنا الذي نعيش فيه.
8- التأمين الطبي: فالوقاية خير من العلاج حيث تتخذ الدولة إجراءات تأمين ضد خطر الأمراض الوافدة أو تفشي الأوبئة التي تودي بحياة الكثيرين كما أن الدولة الواعية تحافظ علي صحة المواطنين فالعقل السليم في الجسم السليم فعليها أن تقدم العلاج للمرضي تخفيفاً للآلام وصيانة لأجساد المواطنين كي يعملوا بالكفاءة التامة وذلك بتكلفة رمزية وقد ترفع عبئ ومصاريف العلاج عن كاهل العاجز عن الإنفاق فكل تلك الإجراءات تصب في صالح التأمين العام للدولة ولا شك أن توجيه الدعم بالعلاج علي نفقة الدولة لابد وأن يصل إلي مستحقيه وليس للشخصيات العامة وكبار رجال الدولة من القادرين علي دفع تكاليف العلاج علي نفقتهم الخاصة.
9- التأمين التجاري: والمقصود منه تأمين تجارة الصادرات والواردات فلا يصح أن تخرج السلع إلي الخارج والمجتمع في حاجة إليها بل يسمح بتصدير الفائض من سلع معينة وكذلك تأمين الواردات بأن تدخل إلي السوق السلع السليمة طبقاً للشروط والمواصفات وليست الصفقات الفاسدة التي تضر بالمواطنين وكذلك لا ينبغي إعطاء إذن الاستيراد لمن يستورد سلع لضرب السوق المحلية وإغراقه بما يقضي علي أصحاب المشروعات الصغيرة من أبناء الوطن فيتحول إلي صفوف العاطلين الآلاف من العاملين في تلك الشركات الصغيرة ولا شك أن حماية المستهلك من مضاربات السوق أو احتكار التجار للسلع أمر من واجبات الدولة وكلما نجحت الدولة في زيادة صادراتها بما يفيض عن حاجة المجتمع كلما كانت قوية اقتصادياً وكذلك حينما تقل وارداتها إلي أدني المعدلات تشعر بعدم حاجتها إلي الدول الأجنبية وتتحرر من أي قيود أو ضغوط من أجل الأقوات أو السلع.
10- التأمين البيئي: وهو المحافظة علي البيئة وعدم إفساد المناخ العام بتنظيم مسائل الصرف الصحي والري بالمياة النظيفة والتخلص الصحي من المخلفات ونفايات المصانع والحيوانات والطيور النافقة والمحافظة علي مياه الشرب من التلوث ورعاية الكثافة السكانية وضبط عوادم السيارات التي تلوث أجواء البلاد ووقف حرق المخلفات الزراعية من قش الأرز ونحو ذلك من أسباب ظهور السحب السوداء التي تعاني منها البلاد وتضر بالأجهزة التنفسية للمواطنين. ولا شك أن التوسع في عملية التشجير وزراعة الزهور تضفي نوعاً من الجمال علي صورة البلاد كمجتمع نظيف كما يلزم مراعاة جمع القمامة بطريقة سليمة والتخلص منها كذلك بالأساليب العلمية الحديثة التي تتحقق منها الإفادة وتتلاشي فيها السلبيات والأضرار.
11- التأمين العقاري: وهو الحفاظ علي كل ما هو ثابت وغير منقول كالأراضي والأبنية فلا يصح أن تهدر أراضي الدولة وتباع بأسعار رمزية من أجل جذب استثمار أجنبي يتحول فيها المستثمر إلي مالك لجزء من أرض الوطن ويمتص فيها خيرات البلاد دون عائد حقيقي مثل المساحات الشاسعة التي بيعت من أراضي مشروع توشكي ولم تستثمر رغم مرور سنوات طويلة وكذلك لا يصح بيع أراضي الدولة لرجال الأعمال بغير سعر السوق الذي يعود بالقيمة الحقيقية للعقار إلي خزانة الدولة لينفق علي مصالح البلاد وإعمارها.
إن الاهتمام بالمحافظة علي العقارات والأبنية السكنية من حيث المتابعة والترميم والإصلاحات يعد من مسئوليات الملاك وتحت إشراف الدولة حتي يبقي العقار صالحاً للاستخدام أطول فترة ممكنة وفي نفس الوقت لا يتعرض العقار للانهيار المفاجئ الذي تضيع تحت ركامه الأرواح البريئة.
12- التأمين النقدي: وهو متعلق بالأموال فالدولة مطالبة بحماية القيمة الشرائية للنقود بحيث يبقي دخل الفرد كافياً لسداد احتياجاته كما أن الدولة عليها أن ترعي جمع الأموال من مصادر الحلال مثل عائد قناة السويس والبترول والغاز وأموال الزكاة ونحو ذلك من المشروعات المملوكة للدولة وعليها أن تجتنب الحرام من الأموال مثل عائد صالات القمار والقروض الربوية التي تمنحها البنوك للعملاء مقابل نسبة مئوية سنوية وأيضا الضرائب المتنوعة التي تعتبر تعدياً علي حق الشرائح الفقيرة من المجتمع والتي رفضها أهل العلم والاختصاص فمصادر الدخل الحرام هي معول يهدم النظام النقدي ويضر بالنظام الاقتصادي للبلاد كما أنه لا يصح أن تطبع الدولة نقوداً لا يقابلها سلع وخدمات حتي لا يحدث التضخم الذي تعود أخطاره علي قيمة العملة المحلية وبالتالي علي القوة الشرائية لها فكل ذلك من وسائل تأمين أموال الدولة من الإهدار والدفاع عن الفقراء الذين يطحنهم غلاء الأسعار ولا شك أن الادخار وزيادة معدلاته يعود علي الاستثمار بالفوائد المباشرة لأن الأجيال القادمة بحاجة إلي أن نراعي حقوقها بتنمية الأموال كي تتسع لتغطية الزيادة السكانية ببناء المدن الجديدة بمرافقها ومنشآتها ليعيش فيها الشباب الطموح إلي جوار مشروعاته الجديدة ومن الأموال الحلال فهو الذي يبقي وينفع صاحبه.
وفي الختام لا يسعني إلا التأكيد علي أن سياسة التدجين هي سياسة فاشلة لا تبني جيلاً من الرجال يعتمد عليهم في القيادة أو في الوظائف الحيوية في الدولة أو في الإصلاح والتطوير لحركة المجتمع ولقد علّمنا الإسلام كيف تُربّي الشعوب سياسياً لتقوم بدورها الرقابي علي أنشطة المجتمع بل وعلي الحكام أيضاً باعتبار أن هذه الرقابة من الواجبات الدينية المفروضة علي الجميع قال تعالي ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ) فأعطت هذه الآية الخيريّة للأمة الإسلامية لكونها أمة آمرة بالمعروف ناهية عن المنكر مؤمنة بربها....
وجاءت الأحاديث النبوية الشريفة لتؤكد علي حدود الطاعة ( إنما الطاعة في المعروف ) ( ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) وانظر معي أيها القارئ الكريم إلي ما قاله أبو بكر الصديق رضي الله عنه لما تولي الخلافة «أيها الناس قد ولّيت عليكم ولست بخيركم فإن رأيتموني علي حق فأعينوني وإن رأيتموني علي باطل فقوموني».
ويقول الخليفة الراشد عمر بن الخطاب لمن قال له اتق الله يا عمر.... قال: «لا خير فيكم إن لم تقولوها ولا خير فينا إن لم نسمعها»
وقال عثمان بن عفان ( إني أتوب وأنزع ولا أعود لشيء عابه المسلمون)
وقال علي بن أبي طالب مشجعاً الرعية أن تتكلم وتراجع ولا تخاف من الحكام «لا تكلموني بما تُكلّم به الجبابرة ولا تتحفظوا مني بما يتحفظ به عند أهل البادرة ولا تخالطوني بالمصانعة....».
ولقد جعل الخليفة عمر بن عبد العزيز مكافأة مالية لمن يتقدم باقتراح يصلح الله به الخاصة أو العامة وكل هذا وغيره يؤكد علي عظمة الإسلام في بناء شخصية المسلم الذي يؤدي دوره وواجبه نحو مجتمعه.... ولم تكن أبداً سياسة التدجين مطروحة في المنهج التربوي الإسلامي بل كانت منبوذة جاء في الحديث «الساكت عن الحق شيطان أخرس» وفي حديث آخر«من رأي منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان» وفي حديث ثالث «الدين النصيحة، قلنا لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» فلا يصح بعد ذلك أن يغضب المسئولون حين يُسدي إليهم بعض الرعية النصيحة فيعتبرونها إخلالاً بالأمن القومي للبلاد!!
بل إن سياسة التأمين الحقيقية في النقاط التي ذكرناها وليس في تأمين مقاعد الحكام والمسئولين فكل ذلك خلط للأوراق لا يصح مخاطبة العقلاء به أو الحديث حوله بأي صورة من الصور .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.