أسعار الفراخ البيضاء اليوم الخميس 20-11-2025 في الأقصر    البث المباشر لانطلاقة الجولة الثامنة من دوري أدنوك.. مواجهة مبكرة تجمع خورفكان وشباب الأهلي    اليوم، رئيس كوريا الجنوبية يلتقي السيسي ويلقي كلمة بجامعة القاهرة    مستشفى 15 مايو التخصصي ينظم ورشة تدريبية فى جراحة الأوعية الدموية    اليوم.. محاكمة المتهمة بتشويه وجه عروس طليقها فى مصر القديمة    تحذير عاجل من الأرصاد| شبورة كثيفة.. تعليمات القيادة الآمنة    اليوم.. عرض فيلم "ليس للموت وجود" ضمن مهرجان القاهرة السينمائي    شاهد، أعمال تركيب القضبان والفلنكات بمشروع الخط الأول من شبكة القطار الكهربائي السريع    سيد إسماعيل ضيف الله: «شغف» تعيد قراءة العلاقة بين الشرق والغرب    ترامب يرغب في تعيين وزير الخزانة سكوت بيسنت رئيسا للاحتياطي الاتحادي رغم رفضه للمنصب    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 20 نوفمبر 2025    تحريات لكشف ملابسات سقوط سيدة من عقار فى الهرم    انتهاء الدعاية واستعدادات مكثفة بالمحافظات.. معركة نارية في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    زكريا أبوحرام يكتب: هل يمكن التطوير بلجنة؟    دعاء الفجر| اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله    سفير فلسطين: الموقف الجزائري من القضية الفلسطينية ثابت ولا يتغير    بيان سعودي حول زيارة محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة    مستشار ترامب للشئون الأفريقية: أمريكا ملتزمة بإنهاء الصراع في السودان    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    كيفية تدريب الطفل على الاستيقاظ لصلاة الفجر بسهولة ودون معاناة    مكايدة في صلاح أم محبة لزميله، تعليق مثير من مبابي عن "ملك إفريقيا" بعد فوز أشرف حكيمي    فلسطين.. تعزيزات إسرائيلية إلى قباطية جنوب جنين بعد تسلل وحدة خاصة    مصادر تكشف الأسباب الحقيقية لاستقالة محمد سليم من حزب الجبهة الوطنية    طريقة عمل البصل البودر في المنزل بخطوات بسيطة    إصابة 15 شخصًا.. قرارات جديدة في حادث انقلاب أتوبيس بأكتوبر    محمد أبو الغار: عرض «آخر المعجزات» في مهرجان القاهرة معجزة بعد منعه العام الماضي    يحيى أبو الفتوح: منافسة بين المؤسسات للاستفادة من الذكاء الاصطناعي    طريقة عمل الكشك المصري في المنزل    أفضل طريقة لعمل العدس الساخن في فصل الشتاء    أسعار الدواجن في الأسواق المصرية.. اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025    خبيرة اقتصاد: تركيب «وعاء الضغط» يُترجم الحلم النووي على أرض الواقع    مأساة في عزبة المصاص.. وفاة طفلة نتيجة دخان حريق داخل شقة    وردة «داليا».. همسة صامتة في يوم ميلادي    بنات الباشا.. مرثية سينمائية لنساء لا ينقذهن أحد    مروة شتلة تحذر: حرمان الأطفال لاتخاذ قرارات مبكرة يضر شخصيتهم    تأجيل محاكمة المطربة بوسي في اتهامها بالتهرب الضريبي ل3 ديسمبر    خالد أبو بكر: محطة الضبعة النووية إنجاز تاريخي لمصر.. فيديو    ضبط صانعة محتوى بتهمة نشر مقاطع فيديو خادشة للحياء ببولاق الدكرور    ارتفاع جديد في أسعار الذهب اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025 داخل الأسواق المصرية    إعلام سوري: اشتباكات الرقة إثر هجوم لقوات سوريا الديمقراطية على مواقع الجيش    موسكو تبدي استعدادًا لاستئناف مفاوضات خفض الأسلحة النووي    بوتين: يجب أن نعتمد على التقنيات التكنولوجية الخاصة بنا في مجالات حوكمة الدولة    إطلاق برامج تدريبية متخصصة لقضاة المحكمة الكنسية اللوثرية بالتعاون مع المعهد القضائي الفلسطيني    فتح باب حجز تذاكر مباراة الأهلي وشبيبة القبائل بدورى أبطال أفريقيا    ضمن مبادرة"صَحِّح مفاهيمك".. أوقاف الفيوم تنظم قوافل دعوية حول حُسن الجوار    "مفتاح" لا يقدر بثمن، مفاجآت بشأن هدية ترامب لكريستيانو رونالدو (صور)    خالد الغندور: أفشة ينتظر تحديد مستقبله مع الأهلي    دوري أبطال أفريقيا.. بعثة ريفرز النيجيري تصل القاهرة لمواجهة بيراميدز| صور    تقرير: بسبب مدربه الجديد.. برشلونة يفكر في قطع إعارة فاتي    ديلي ميل: أرسنال يراقب "مايكل إيسيان" الجديد    لربات البيوت.. يجب ارتداء جوانتى أثناء غسل الصحون لتجنب الفطريات    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    تصل إلى 100 ألف جنيه، عقوبة خرق الصمت الانتخابي في انتخابات مجلس النواب    أمريكا: المدعون الفيدراليون يتهمون رجلا بإشعال النار في امرأة بقطار    ماييلي: جائزة أفضل لاعب فخر لى ورسالة للشباب لمواصلة العمل الدؤوب    خالد الجندي: الكفر 3 أنواع.. وصاحب الجنتين وقع في الشرك رغم عناده    أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبود الزمر يكتب للدستور: كيف حولت الحكومات المستبدة شعوبها من ديوك إلي دجاج؟!
نشر في الدستور الأصلي يوم 25 - 08 - 2010

الداجن كلمة تطلق علي كل ما يُقتني في الدار من الطيور والحيوانات والتي يعدها أصحابها للذبح والأكل. ولقد استخدم الساسة مصطلح التدجين تعبيراً عن حالة تحويل المواطن إلي شخص مستأنس لا رأي له بعد عملية إخضاع بالقهر والبطش والتجويع!!
ومع مرور الوقت رسمت الحكومات سياسات لتدجين الشعوب كي تنفرد بالحكم فلا تسمع صوت معارض يصدع بكلمة الحق أو يشير برأي حكيم لكونها باتت تكره أن يكون هناك ديوك في الحظيرة فكلما ظهر ديك لم يكن أمامه سوي أن يتحول إلي دجاجة طوعاً أو يلقي حتفه فيوضع علي مائدة العشاء!!.. كل هذا يجري في الدول المستبدة تحت مسمي تأمين البلاد من الأخطار المحدقة بها من الداخل أو الخارج ولكنها لا تدرك حجم ما تقوم به من إفساد يعود ضرره علي المجتمع فيصبح لقمة سائغة في أيدي الأعداء أو المتربصين به شراً....
ولعلي أجد الفرصة سانحة في مقالي هذا حول سياسة التأمين الحقيقية التي يلزم أن يهتم بها كل صاحب سلطان في بلده فيتحرك لرسم السياسات الفاعلة واختيار المنفذين الأكفاء لتحقيقها.
ولقد حصرتُ أهم هذه السياسات التأمينية في الآتي:
1- التأمين العقدي: وهو ما يختص بأيدلوجية الحكم فهي ركيزة أساسية لتحديد نقطة الانطلاق الصحيحة فالدولة بغير عقيدة تصبح شيئاً هشاً لا يذكر في عالم تحقيق الطموحات أو الثبات عند الشدة والكفاح من أجل الغايات. والمتابع للدول التي تتبني عقيدة معينة حتي لو كانت فاسدة فهي تحقق قدراً من التماسك وصلابة في الموقف عند مسيرتها إلي أهدافها ولا شك أن دولة يهود من ذلك النوع الفاسد الذي يتمسك بعقيدته ويبني دولته ويحقق كل يوم إنجازات علي المستوي المحلي والدولي فكيف بأصحاب العقائد السليمة؟!! فالدولة ذات المرجعية الإسلامية - بلا شك - ستكون أكثر تضحية ونجاحا إذا هي التزمت شريعة ربها ولم تتنكر لها....
2- التأمين الحدودي: وهذا ما تهتم به الدولة خاصة إذا كان هناك عدو مباشر معها فهي تضع القوات علي طول الحدود وتحول دون أي اختراق لأراضيها وينبغي ألا يتوقف الأمر عند ذلك بل عليها أن تفتح العلاقات مع الدول المحيطة بعدوها وتتعاون فيما بينها وبين أصدقائها لتقليص دور عدوها في المنطقة ولكن حين تفشل في تحقيق هذه العلاقات الطيبة والمتينة مع دول الجوار فإنها ستكون ألين جانباً في التعامل مع عدوها وسرعان ما تخضع لطلباته مخافة الغزو.... وبالتالي يذهب التأمين الحدودي أدراج الرياح . ومن العجيب أن هناك من الدول العربية من يخشي الدول العربية المجاورة له أكثر من خشيته من دولة إسرائيل وربما يشعر بعض القادة العرب بالأمان عند سفرهم لإسرائيل أو الولايات المتحدة والغرب بشكل عام ويتردد في زيارته للدول العربية أو الأشقاء العرب!!
3- التأمين السلوكي والأخلاقي: وهو من العناصر التأمينية المهمة فمتي كانت هناك خطة شاملة وسياسة جامعة للارتقاء بمستوي السلوك والأخلاق في المجتمع فإن حالة التخلف والانحطاط ستختفي ولن نري تلك التحرشات التي يقوم بها الشباب المسطول في عرض الطريق دون اكتراث ولن نري حالات السرقة والخطف وهتك الأعراض طافية علي السطح تحقق أكبر المعدلات ولكننا سنري مع تأهيل المجتمع في الجانب السلوكي والأخلاقي من يأمر بالمعروف ويُعين الضعيف وأصحاب الحاجات ويرشد الضال ويغض البصر عن المحرمات . ويلزم أن ننبه إلي أن بعض الحكومات لا يهمها أن تعطل حالة تحرش جنسي جماعي حركة المرور بقدر ما يهمها تظاهرة سلمية تطالب بحقوق مهضومة!! فهذا عندهم قمة التخلف الأخلاقي الذي يعود بالضرر علي المجتمع ويذهب بأمن الشارع وأمان المواطن!!
إن ضبط الحركة الإعلامية والثقافية في الداخل وما تنقله وسائل الإعلام من الخارج أمر يحتاج إلي إعادة نظر لأن ذلك كله قد أدخل علي الأجيال سلوكيات غريبة وافدة تسير بالمجتمع إلي الهاوية السحيقة التي لا يستطيع الصعود منها لصعوبة المنحدر وفقدان أدوات الإنقاذ لدي الجهات المعنية.
4- التأمين الاجتماعي: ونعني به تلك الروابط والنظم التي يتحلي بها المجتمع فيكون سمة له يتعرف بها الناس عليه.... فأهم ما يتميز به المجتمع المسلم هو تلك الرابطة الوثيقة داخل الأسرة والتي وصفها الله بالميثاق الغليظ وهي العلاقة الزوجية التي تقوم علي المودة والرحمة وحسن المعاشرة بالمعروف فكان لزاماً علي الدولة أن تحافظ علي هذه العلاقات فلا تضع القوانين التي تحض علي الصراع بين الرجل والمرأة بادعاء وجود اضطهاد وهضم لحقوق المرأة فتتمرد الزوجة وتخرج عن طاعة زوجها وقوامته لها.... وما نشاهده في هذا المجال ينذر بخطر كبير حيث تتسارع الخطي بما يهدد استقرار كيان الأسرة وهي اللبنة الأساسية في المجتمع التي يلزم تأمينها لأنها مصدر قوة وتماسك يحسدنا عليها الشرق والغرب من غير المسلمين.... هذا ولم يتوقف المغرضون في حملاتهم عند هذا الحد بل سعوا إلي هدم علاقة الأبناء مع الآباء وهي الجانب الثاني في التماسك الأسري ففتحوا الباب أمام شكاية الابن لأبيه أو طلب البوليس للتدخل السريع فأغلقوا بذلك الطريق أمام تربية الوالد لولده وهي بداية للتفكك الأسري تحتاج إلي إعادة تأمين لهذه العلاقات المهمة كما أن النظام الاجتماعي في الإسلام حريص علي كفالة أصحاب الحاجات والفقراء واليتامي والمساكين فجعل لهم حقاً في الأموال وحث علي التواصل مع الجيران والنظر في مصالحهم ومعاونتهم ولم يفت النظام الإسلامي معالجة موقف غير المسلمين داخل المجتمع فوضع من القواعد ما يحفظ لهم الحقوق ويرفع عن كاهلهم المظالم ويربي النشيء علي ذلك وهو ما يمتاز به المجتمع المسلم في التعامل مع الأقليات غير المسلمة وليس كما نشاهده اليوم في المجتمعات الغربية من اضطهاد للأقلية المسلمة والتضييق عليها وحرمانها من حقوقها. وكل ما ذكرت واجب حكومي يلزم مراعاة التخطيط له في سياسات التأمين المختلفة.
5- التأمين القضائي: والمقصود منه وجود هيئة قضائية مستقلة يرجع إليها الناس عند خلافهم سواء مع أنفسهم أو مع الحكام حتي يشعر الجميع بالعدل والإنصاف فلا يفكر في الخروج علي الأنظمة مادام حقه سوف يعود إليه فإذا هدم النظام الحاكم المؤسسة القضائية وتلاعب بأحكامها وتحايل علي حيادها فقدت الجماهير الثقة بالقضاء في المجتمع وبالتالي لم تصبح هناك المرجعية التي يحتكم إليها المختصمون وهذا نذير بفوضي مقبلة، إن إطلاق يد القضاء في المجتمع ليقيم العدل ويحمي المظلوم يقوي من أركان الدولة وليس مضعفاً لها كما يظن بعض أصحاب الفهم القاصر من المستبدين لأن التدخل في شئون القضاء يطعن في نوايا الحكام ويؤكد علي تنكرهم لدستورهم وقانونهم الذي ارتضوه حكماً لنظامهم . فكان تأمين هذا الباب من واجبات الدولة الجادة الصادقة مع نفسها.
6- التأمين الغذائي: هو أحد عناصر التأمين الذي يتضمن خطة شاملة حول تنظيم الإنتاج الزراعي وتنميته بالقدر الذي يحقق الاكتفاء الذاتي للدولة في مجال القوت الضروري وكذلك أيضاً لا بد وأن تشمل سلة الطعام قدرا من البروتين الحيواني فيتحقق ذلك عن طريق تنمية الثروة الحيوانية وكذلك الثروة السمكية حتي تتوفر بشكل يسمح لأصحاب الدخول البسيطة أن تعيش بعيدا عن أمراض فقر الدم والضعف العام والهزال . ولقد كانت هناك في مصر عروض كثيرة لإنتاج اللحوم وصيد الأسماك بأسعار زهيدة وتوزيعها علي منافذ التوزيع بالمحافظات المختلفة ولكن أصحاب المصالح سعوا جادين لتحطيم هذه المشروعات كي لا تؤثر علي أرباح كبار المستوردين حتي أن بعضهم يسعي لتقويض أي اتفاق تجريه الدولة لاستيراد اللحوم الرخيصة من الدول الأخري بدفع رشاوي لزيادة أسعار هذه اللحوم المستوردة ولقد شاهدنا في حياتنا أن هناك من الدول من يعتبر تجويع الشعب نوعاً من الأمن الداخلي للوطن!! لكون انشغال المواطن بالبحث عن لقمة العيش لا يجعل لديه من الوقت للعمل بالسياسة وبالتالي فالتجويع عندهم صمام أمان وهذا ليس بصحيح ولن تنكشف لهم الحقيقة إلا بعد أن تجتاح ثورة الجياع أرجاء البلاد!!
7- التأمين الإيوائي: إن التخطيط العمراني لإنشاء مساكن جديدة للمواطنين وفي متناول إمكانات العروسين هو أمر حتمي لا بد وأن تضعه أي دولة في حسابها وعليها التسهيل في عملية تنشيط البناء وتعلية المنازل مادام البناء يتحمل ذلك هندسياً وأيضاً لا تتوسع في هدم العقارات التي تبني بغير ترخيص طالما أن البناء سليم وغير آيل للسقوط بل تتم المعالجة بالمصالحة بخلاف ضرورة سرعة إزالة العقارات الآيلة للانهيار وإيجاد بدائل إيواء لائقة بحياة كريمة للمواطن وأسرته....
إن وجود فكرة المسكن الاقتصادي الذي يوفر الإيواء المناسب للأسرة يتحقق من خلال نظام المسكن الإسلامي مثل الذي صممه المهندس المعماري الكبير حسن فتحي وهو يراعي تقاليد وعادات المجتمع المسلم وبإمكانات محلية وليس تقليداً لنظام الغرب الذي يفتح الباب أمام كشف العورات ولا يتمشي مع بيئتنا ومناخنا الذي نعيش فيه.
8- التأمين الطبي: فالوقاية خير من العلاج حيث تتخذ الدولة إجراءات تأمين ضد خطر الأمراض الوافدة أو تفشي الأوبئة التي تودي بحياة الكثيرين كما أن الدولة الواعية تحافظ علي صحة المواطنين فالعقل السليم في الجسم السليم فعليها أن تقدم العلاج للمرضي تخفيفاً للآلام وصيانة لأجساد المواطنين كي يعملوا بالكفاءة التامة وذلك بتكلفة رمزية وقد ترفع عبئ ومصاريف العلاج عن كاهل العاجز عن الإنفاق فكل تلك الإجراءات تصب في صالح التأمين العام للدولة ولا شك أن توجيه الدعم بالعلاج علي نفقة الدولة لابد وأن يصل إلي مستحقيه وليس للشخصيات العامة وكبار رجال الدولة من القادرين علي دفع تكاليف العلاج علي نفقتهم الخاصة.
9- التأمين التجاري: والمقصود منه تأمين تجارة الصادرات والواردات فلا يصح أن تخرج السلع إلي الخارج والمجتمع في حاجة إليها بل يسمح بتصدير الفائض من سلع معينة وكذلك تأمين الواردات بأن تدخل إلي السوق السلع السليمة طبقاً للشروط والمواصفات وليست الصفقات الفاسدة التي تضر بالمواطنين وكذلك لا ينبغي إعطاء إذن الاستيراد لمن يستورد سلع لضرب السوق المحلية وإغراقه بما يقضي علي أصحاب المشروعات الصغيرة من أبناء الوطن فيتحول إلي صفوف العاطلين الآلاف من العاملين في تلك الشركات الصغيرة ولا شك أن حماية المستهلك من مضاربات السوق أو احتكار التجار للسلع أمر من واجبات الدولة وكلما نجحت الدولة في زيادة صادراتها بما يفيض عن حاجة المجتمع كلما كانت قوية اقتصادياً وكذلك حينما تقل وارداتها إلي أدني المعدلات تشعر بعدم حاجتها إلي الدول الأجنبية وتتحرر من أي قيود أو ضغوط من أجل الأقوات أو السلع.
10- التأمين البيئي: وهو المحافظة علي البيئة وعدم إفساد المناخ العام بتنظيم مسائل الصرف الصحي والري بالمياة النظيفة والتخلص الصحي من المخلفات ونفايات المصانع والحيوانات والطيور النافقة والمحافظة علي مياه الشرب من التلوث ورعاية الكثافة السكانية وضبط عوادم السيارات التي تلوث أجواء البلاد ووقف حرق المخلفات الزراعية من قش الأرز ونحو ذلك من أسباب ظهور السحب السوداء التي تعاني منها البلاد وتضر بالأجهزة التنفسية للمواطنين. ولا شك أن التوسع في عملية التشجير وزراعة الزهور تضفي نوعاً من الجمال علي صورة البلاد كمجتمع نظيف كما يلزم مراعاة جمع القمامة بطريقة سليمة والتخلص منها كذلك بالأساليب العلمية الحديثة التي تتحقق منها الإفادة وتتلاشي فيها السلبيات والأضرار.
11- التأمين العقاري: وهو الحفاظ علي كل ما هو ثابت وغير منقول كالأراضي والأبنية فلا يصح أن تهدر أراضي الدولة وتباع بأسعار رمزية من أجل جذب استثمار أجنبي يتحول فيها المستثمر إلي مالك لجزء من أرض الوطن ويمتص فيها خيرات البلاد دون عائد حقيقي مثل المساحات الشاسعة التي بيعت من أراضي مشروع توشكي ولم تستثمر رغم مرور سنوات طويلة وكذلك لا يصح بيع أراضي الدولة لرجال الأعمال بغير سعر السوق الذي يعود بالقيمة الحقيقية للعقار إلي خزانة الدولة لينفق علي مصالح البلاد وإعمارها.
إن الاهتمام بالمحافظة علي العقارات والأبنية السكنية من حيث المتابعة والترميم والإصلاحات يعد من مسئوليات الملاك وتحت إشراف الدولة حتي يبقي العقار صالحاً للاستخدام أطول فترة ممكنة وفي نفس الوقت لا يتعرض العقار للانهيار المفاجئ الذي تضيع تحت ركامه الأرواح البريئة.
12- التأمين النقدي: وهو متعلق بالأموال فالدولة مطالبة بحماية القيمة الشرائية للنقود بحيث يبقي دخل الفرد كافياً لسداد احتياجاته كما أن الدولة عليها أن ترعي جمع الأموال من مصادر الحلال مثل عائد قناة السويس والبترول والغاز وأموال الزكاة ونحو ذلك من المشروعات المملوكة للدولة وعليها أن تجتنب الحرام من الأموال مثل عائد صالات القمار والقروض الربوية التي تمنحها البنوك للعملاء مقابل نسبة مئوية سنوية وأيضا الضرائب المتنوعة التي تعتبر تعدياً علي حق الشرائح الفقيرة من المجتمع والتي رفضها أهل العلم والاختصاص فمصادر الدخل الحرام هي معول يهدم النظام النقدي ويضر بالنظام الاقتصادي للبلاد كما أنه لا يصح أن تطبع الدولة نقوداً لا يقابلها سلع وخدمات حتي لا يحدث التضخم الذي تعود أخطاره علي قيمة العملة المحلية وبالتالي علي القوة الشرائية لها فكل ذلك من وسائل تأمين أموال الدولة من الإهدار والدفاع عن الفقراء الذين يطحنهم غلاء الأسعار ولا شك أن الادخار وزيادة معدلاته يعود علي الاستثمار بالفوائد المباشرة لأن الأجيال القادمة بحاجة إلي أن نراعي حقوقها بتنمية الأموال كي تتسع لتغطية الزيادة السكانية ببناء المدن الجديدة بمرافقها ومنشآتها ليعيش فيها الشباب الطموح إلي جوار مشروعاته الجديدة ومن الأموال الحلال فهو الذي يبقي وينفع صاحبه.
وفي الختام لا يسعني إلا التأكيد علي أن سياسة التدجين هي سياسة فاشلة لا تبني جيلاً من الرجال يعتمد عليهم في القيادة أو في الوظائف الحيوية في الدولة أو في الإصلاح والتطوير لحركة المجتمع ولقد علّمنا الإسلام كيف تُربّي الشعوب سياسياً لتقوم بدورها الرقابي علي أنشطة المجتمع بل وعلي الحكام أيضاً باعتبار أن هذه الرقابة من الواجبات الدينية المفروضة علي الجميع قال تعالي ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ) فأعطت هذه الآية الخيريّة للأمة الإسلامية لكونها أمة آمرة بالمعروف ناهية عن المنكر مؤمنة بربها....
وجاءت الأحاديث النبوية الشريفة لتؤكد علي حدود الطاعة ( إنما الطاعة في المعروف ) ( ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) وانظر معي أيها القارئ الكريم إلي ما قاله أبو بكر الصديق رضي الله عنه لما تولي الخلافة «أيها الناس قد ولّيت عليكم ولست بخيركم فإن رأيتموني علي حق فأعينوني وإن رأيتموني علي باطل فقوموني».
ويقول الخليفة الراشد عمر بن الخطاب لمن قال له اتق الله يا عمر.... قال: «لا خير فيكم إن لم تقولوها ولا خير فينا إن لم نسمعها»
وقال عثمان بن عفان ( إني أتوب وأنزع ولا أعود لشيء عابه المسلمون)
وقال علي بن أبي طالب مشجعاً الرعية أن تتكلم وتراجع ولا تخاف من الحكام «لا تكلموني بما تُكلّم به الجبابرة ولا تتحفظوا مني بما يتحفظ به عند أهل البادرة ولا تخالطوني بالمصانعة....».
ولقد جعل الخليفة عمر بن عبد العزيز مكافأة مالية لمن يتقدم باقتراح يصلح الله به الخاصة أو العامة وكل هذا وغيره يؤكد علي عظمة الإسلام في بناء شخصية المسلم الذي يؤدي دوره وواجبه نحو مجتمعه.... ولم تكن أبداً سياسة التدجين مطروحة في المنهج التربوي الإسلامي بل كانت منبوذة جاء في الحديث «الساكت عن الحق شيطان أخرس» وفي حديث آخر«من رأي منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان» وفي حديث ثالث «الدين النصيحة، قلنا لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» فلا يصح بعد ذلك أن يغضب المسئولون حين يُسدي إليهم بعض الرعية النصيحة فيعتبرونها إخلالاً بالأمن القومي للبلاد!!
بل إن سياسة التأمين الحقيقية في النقاط التي ذكرناها وليس في تأمين مقاعد الحكام والمسئولين فكل ذلك خلط للأوراق لا يصح مخاطبة العقلاء به أو الحديث حوله بأي صورة من الصور .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.