مسئول أمريكي: نزيد الضغط على أطراف الحرب بالسودان نحو محادثات لوقف القتال    الداخلية تكشف حقيقة فيديو تعطيل المرور بالشروق    باحث في شؤون الأسرة يكشف مخاطر الصداقات غير المنضبطة بين الولد والبنت    جوائز برنامج دولة التلاوة.. 3.5 مليون جنيه الإجمالي (إنفوجراف)    عمرو عرفة يحتفل بزفاف ابنته بحضور ليلى علوي ومحمد ورامي إمام وحفيد الزعيم    "رقم واحد يا أنصاص" تضع محمد رمضان في ورطة.. تفاصيل    نانسي عجرم: شائعات الطلاق لا تتوقف منذ زواجي.. ولا أقبل أن أعيش غير سعيدة    إلى موقعة الحسم.. ألمانيا تهزم لوكسمبورج قبل مواجهة سلوفاكيا على بطاقة التأهل    إبراهيم صلاح ل في الجول: أفضل اللعب أمام الأهلي عن الزمالك.. ونريد الوصول بعيدا في كأس مصر    فرنسا: 5 منصات تجارية تبيع منتجات غير مشروعة    "سانا" عن مصدر عسكري: الاعتداء الذي استهدف مناطق بالعاصمة دمشق كان بصواريخ أطلقت من منصة متحركة    سفير السودان بالاتحاد الأوروبي يشيد بالدور المصري ويشدد على وحدة السودان واستقراره    وسائل إعلام فلسطينية: مدفعية جيش الاحتلال الإسرائيلي تستهدف المناطق الشرقية من مدينة غزة    شتيجن يطرق باب الرحيل.. ضغوط ألمانية تدفع حارس برشلونة نحو الرحيل في يناير    صدمة في ريال مدريد.. فلورنتينو بيريز يتجه للتنحي    عصام صفي الدين: السلوكيات السلبية بالمتاحف نتاج عقود من غياب التربية المتحفية    تحضيرا لكأس العرب.. السعودية تفوز على كوت ديفوار وديا    اليوم.. انقطاع الكهرباء عن 31 قرية وتوابعها بكفر الشيخ لصيانة 19 مغذيا    إخماد حريق في مخبز وسوبر ماركت بالسويس    اليوم.. أولى جلسات استئناف المتهمين في حادث الطريق الإقليمي بالمنوفية    اليوم.. محاكمة خادمة سرقت أموال ومشغولات ذهبية من شقة بالنزهة    رئيس قناة السويس: تحسن ملحوظ في حركة الملاحة بالقناة    قائد الجيش الثالث: الدور التنموي يكمن في توفير البيئة الآمنة لتنفيذ المشروعات القومية    مصر تبيع أذون خزانة محلية ب99 مليار جنيه في عطاء الخميس.. أعلى من المستهدف بنحو 24%    كرواتيا تتأهل إلى كأس العالم بثلاثية أمام جزر الفارو    حسام حسن: هناك بعض الإيجابيات من الهزيمة أمام أوزبكستان    زعيم الثغر يحسم تأهله لنهائي دوري المرتبط لكرة السلة    بيان من مستشفى الحسينية المركزي بالشرقية للرد على مزاعم حالات الوفيات الجماعية    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. ويتكوف يخطط للقاء رئيس حركة حماس خليل الحية.. البرهان: على كل السودانيين المشاركة فى المعركة ضد الدعم السريع.. وهجوم مجهول بصاروخى كاتيوشا على دمشق    بلومبرج: ترامب سيوافق قريبا على بيع مقاتلات إف 35 للسعودية    مصرع 3 أشخاص وإصابة 8 آخرين في انقلاب ميكروباص بصحراوي المنيا    "دولة التلاوة".. مصطفى حسني للمتسابق محمد سامي: شعرت في قراءتك بالفخامة    لا مكان لهؤلاء القتلة، وزير الصحة السوداني: رسالة البرهان هي صوت الشارع بشكل عام    رئيس الطب الوقائى: نوفر جميع التطعيمات حتى للاجئين فى منافذ الدخول لمصر    آخر تطورات الحالة الصحية لطبيب قنا المصاب بطلق ناري طائش    الباز: العزوف تحت شعار "القايمة واحدة" عوار يتحمله الجميع    تربية عين شمس تحتفي بالطلاب الوافدين    «الصحة» تنظم جلسة حول تمكين الشباب في صحة المجتمع    انطلاق برنامج دولة التلاوة عبر الفضائيات بالتعاون بين الأوقاف والمتحدة في تمام التاسعة    سعر اللحوم مساء الجمعة 14 نوفمبر 2025    للمصريين والأجانب.. تعرف على أسعار تذاكر زيارة المتحف المصري الكبير    سكرتير المحكمة الدائمة للتحكيم: حل النزاعات أسهل في مراحلها المبكرة    أرقام مذهلة وكنوز لا تقدر بثمن.. المتحف الكبير هدية مصر للعالم    الكنيسة الأرثوذكسية تعلن تأسيس الأمانة العامة للمؤسسات التعليمية    أزهري: سيدنا محمد تعرض للسحر.. وجبريل نزل من السماء لرقيته    وزيرا خارجية مصر والسعودية يبحثان تطورات غزة والسودان    أذكار المساء: حصن يومي يحفظ القلب ويطمئن الروح    الائتلاف المصري لحقوق الإنسان: صعود المستقلين وتراجع المرأة في المرحلة الأولى لانتخابات النواب    تكافؤ الفرص بالشرقية تنفذ 9 ندوات توعوية لمناهضة العنف ضد المرأة    ضبط 140809 مخالفات مرورية خلال 24 ساعة    ضبط مصنع غير مرخص لإنتاج أعلاف مغشوشة داخل الخانكة    مؤتمر السكان والتنمية.. «الصحة» تناقش النظام الغذائي ونمط الحياة الصحي    جبران: تعزيز العمل اللائق أولوية وطنية لتحقيق التنمية الشاملة    صندوق "قادرون باختلاف" يشارك في مؤتمر السياحة الميسرة للأشخاص ذوي الإعاقة    الثلاثاء.. إعلان نتائج المرحلة الأولى وبدء الدعاية الامنخابية لجولة الإعادة    هطول أمطار وتوقف الملاحة بكفر الشيخ.. والمحافظة ترفع حالة الطوارىء    سنن التطيب وأثرها على تطهير النفس    سنن الاستماع لخطبة الجمعة وآداب المسجد – دليلك للخشوع والفائدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المصالحة.. بين الخطاب والواقع !
نشر في بص وطل يوم 25 - 04 - 2014

أجواء المصالحة بين حركتي فتح وحماس في هذه الأثناء لم تكن هادئة تماماً، على الرغم من ظهور أفراد الوفد الرئاسي على وسائل الإعلام بوجوه مبتسمة، واستباق حكومة حماس بإطلاق سراح عشرة محتجزين لديها يتبعون حركة فتح، لبيان حسن النوايا ولترطيب الأجواء التصالحية. فالعلاقات بين الحركتين كانت منذ الأزل غير متناغمة سواء تلك التي سبقت وجود السلطة أو في أثناء وجودها وازدادت تدهوراً وتراجعاً منذ الأحداث الدامية التي حصلت بينهما في يوليو من العام 2007، حتى وُصِفت بالحالة الأعنف والأشد خطورة في تاريخ الشعب الفلسطيني، لا سيما وأن الحركتين تحملان أفكاراً وأيديولوجيات وثقافات متناقضة تماماً، وسواء في ما يتعلق بالسياسة الداخلية أو فيما يتعلق بوضع القضية الفلسطينية بشكلٍ عام. ففي الوقت الذي تقود فيه حركة فتح الشعب الفلسطيني على النحو العلماني، كانت حماس ترى في ذلك تحدياً لطبيعة الشعب الفلسطيني الإسلامية، وعلى الرغم من أنها لم تعارض مجيئ السلطة إلى أرض الوطن في العام 1993، ضمن مقررات أوسلو، إلاّ أنها كانت تعارض خطواتها بالمجمل وتتمسك بخيار المقاومة وعدم الاعتراف بإسرائيل.
منذ الانقسام، خرجت عن طورها حركة فتح، واتخذت عدة خطوات ضد حركة حماس كانت كفيلة بعدم تقبلها مرةً أخرى، وبتغليق أية أبواب أمام أيّة مصالحة واعتبارها انقلبت على السلطة واستولت على الحكم، وقابلت حماس ذلك الخروج بخروج آخر مماثل، وأعلنت بأنها جاهدت بما يكفي ل(ضبط النفس) أمام معاداة السلطة – فتح- لها، وبتنازلاتها المتواترة أمام إسرائيل على حساب حقوق الفلسطينيين، وأخذ سياسيوها يكيلون الاتهامات ويحملونها مسؤولية الأحداث وحالة الانقسام التي نشأت عنها.
لم يمضِ الكثير من الوقت، حتى بدأت تداعيات الانقسام بالظهور وتزداد سوءاً يوماً بعد يوم، وسواء تلك التي شملت النطاق المحلي أو الخارجي وبخاصة إسرائيل التي اعتبرته – الانقسام -الفرصة الذهبية كي تفعل ما تشاء ضد الشعب الفلسطيني وقضاياه المصيرية.
ولا شك فإن ثمة أسباباً ذات جذور، فعلت فعلها على ضفتي المعادلة (فتح – حماس) وجعلت العودة للزمن الأول – ما قبل الانقسام- أمراً بالغ الصعوبة إن لم يكن مستحيلاً على الرغم من تراجع الرئاسة الفلسطينية بقبولها مبدأ المصالحة فيما بعد، ضمن شروط محددة، والتي بدأت تفقد بعض مضامينها صراحةً ومفاهيمها أيضاً، خلال المبادرات العربية والمحلية، من الدوحة إلى القاهرة وصولاً إلى هنا، نظراً لتغيرات سياسية – غير مُريحة-، مرتبطة بالعملية السياسية وتحت وطأة المطالبات الشعبية والفصائلية بإنهاء حالة الانقسام، ولشوكة حماس السياسية والعسكرية التي كانت تتضاعف أمامها كلما مر الوقت.
مع تواجد الرأي العام الفلسطيني كلاعب مهم في المطالبة بإنهاء حالة الانقسام، ومع تسلل اليأس لدى الرئاسة الفلسطينية في إمكانية متابعة العملية السياسية مع الإسرائيليين، ولوصول بعض الأنظمة الغربية إلى الإيمان بأن شرعية الرئيس "أبومازن" قد نضبت، وبأنّه الآن لا يمثل الفلسطينيين ككل، وتبعثر أمال حماس في أعقاب إفلات الحكم المصري من قبضة الإخوان، واشتداد أزماتها المالية والإدارية، ساهمت كلها في تقليب صحائف المصالحة من جديد، بإعلان الحركتين عن استعدادهما للتعاون الكامل في سبيل الوصول إلى المصالحة. وقد فهمنا بأن كل شيء جاهز من غير عوائق أو مستجدات، بعد أن استمعنا إلى قولين متوافقين ومنسجمين في آنٍ معاً، الأول ل"عزام الأحمد" مسؤول ملف المصالحة عن حركة فتح: من أن الوفد ذاهبٌ إلى القطاع، ليس لتقديم اقتراحات جديدة وإنما في مهمة واضحة ومحددة وهي إنهاء الانقسام وتنفيذ ثلاثة ملفات حاسمة، وهي تشكيل حكومة التوافق وفق إعلان الدوحة والاتفاق على موعد للانتخابات وتحديد موعد لعقد اجتماع لجنة تفعيل وتطوير منظمة التحرير.
والقول الثاني، لحماس، التي أعلنت أن لقاء المصالحة سيبحث آليات تنفيذ الاتفاقيات الموقعة التي تم التوقيع عليها في القاهرة والدوحة وليس لفتح حوارات جديدة، وأن اللقاء سيركز على تطبيق الاتفاقات السابقة عوضاً عن التباحث حول المستجدات السياسية.
يُشار هنا أن اتفاق الدوحة قد تم التوقيع عليه في أوائل فبراير 2012، واتفاق القاهرة الأخير في مايو/أيار 2013، وهما واضحين تماماً ولم تكن هناك أيّة إمكانية لتنفيذهما من قِبل إحدى الحركتين بسبب أن كل واحدةٍ منهما لها تفسيراتها بطريقة مختلفة لما تم التوقيع عليه.
وعلى الرغم من انسجام الحديث، فإن هناك إعلانات وتلويحات متبادلة باعتبارها مستجدات تفرض نفسها على أجواء المصالحة، ومنها: ما أعلنه الرئيس "أبومازن" بأنه إذا وافقت حماس، وهي في نظره عبارة عن مجموعة من العسكريين وأداة للإخوان، ولا تمثل فلسطين، وإنما هي حركة موجودة بنسيج الشعب الفلسطيني، – إذا وافقت- سنذهب للانتخابات وإذا لم توافق فالقرار للمركزي. وبالمقابل فإن حركة حماس لم تكترث لدقيقة واحدة، باعتبار هذا القول لا أهمية له واجتماع المركزي مضيعة للوقت ليس أكثر. كما لم تكترث أيضاً بمعارضة رام الله بشأن انطلاق انتخابات الغرف التجارية بقطاع غزة، على الرغم من إعلان رام الله بأنها غير قانونية وغير شرعية ولا تستند الى قانون الغرف التجارية. كما أن القيادي في حركة حماس "محمود الزهار" قد أعلن بأن وفد المصالحة تحت التهديد مرفوض، وبأن حماس لم تخضع لإسرائيل حتى تخضع ل"أبو مازن"، وفي شأن آخر توالت اتهامات للسلطة، بإقدامها على اعتقال واستدعاء أشخاص تابعين لحماس في الضفة، في حين حماس تسرّح معتقلين لديها، وهذه الأمور من شأنها أن تنعكس على المتحاورين، وأن تعكر صفو المصالحة في نظر حماس على الأقل.
كما أن هناك أسئلة ثقيلة وصعبة تثور بنفسها، والتي تتمحور، في أي الطرفين يمكنه التنازل عن ما يعتبرها مكتسبات، فبالنسبة إلى حركة حماس، فإن مدخل المصالحة لديها هو في صياغة برنامج وطني مقاوم، وكما ليس من السهل على فتح الحديث حول المقاومة وسلاحها. فإنه ليس من الصعب مطالبة السلطة بوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، وفيما إذا كان في نيّتها التملص منه، أم أن هذه الإشكالات يمكن تنحيتها جانباً وإلى إشعارٍ آخر، مع العلم أنها من القضايا الرئيسة وأشدها حساسية، وكانت سبباً في تأجيج الانقسام طوال الفترات الماضية.
ولا يفوتنا، إعلانات الرئاسة التي عبّرت عن حرصها باتجاه المصالحة لا سيما حول تشكيل الحكومة التوافقية، في الوقت الذي تهدد فيه بحل السلطة في حال انهارت المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي، والذي تبدو فيه تلك المفاوضات قاب قوسين أو أدنى من الانهيار.
نحن وعلى الرغم مما سلف قوله، مع المصالحة وعلى عجلة من أمرنا، نظراً للرغبة في رأب الصدع وإعادة اللحمة بين أبناء الشعب الفلسطيني، لأجل إنهاء الحالة المزرية التي يعيشها الفلسطينيين، ولإنقاذ القضية الفلسطينية التي بلغت درجة من التلاشي التي تجعل من الصعب إثباتها على ما كانت عليه مرةً أخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.