تسبب فيروس كورونا الذي حل بالعالم منذ عام ، في حالة قلق عالمي، وخصوصا بعد عودته متحوراً وحاملا أعراضا جديدة أكثر فتكا ، وحاولت الكثير من الدول جاهدة التصدي للوباء بشتى الطرق، حتى تم التوصل إلى العديد من اللقاحات التي بالفعل تم استخدامها وتلقيح المواطنين بها. وعلى الرغم من اختلافها واختلاف وسائل وتقنيات تصنيعها إلا أنها أصبحت حقيقة ملموسة للجميع، بعد أن كانت حلما بعيد المنال. وبعد أن ظهرت تلك اللقاحات للنور، وبدأت الدول في استخدامها دارت حالة من الجدل حول فاعليتها ، والآثار الجانبية لها. فهناك آراء ووجهات نظر متخوفة من استخدام تلك اللقاحات على اعتبار أنها لم تأخذ الفترة الكافية لاختبارها، كما أشارت تلك الآراء إلى خطورة استخدام التقنية الحديثة التي استخدمتها الشركتان الأمريكيتان "فايزر- بيونتيك" و"موديرنا". وحول هذا الجدل تقول د.مها جعفر أستاذ الباثولوجيا الإكلينيكية بكلية طب القصر العيني : اللقاحات التي أجازتها هيئة الغذاء والدواء كانت بشكل طارئ، وقد يحدث ذلك لوضع معين. مشيرة إلى نجاح البروتوكول العلاجي المتبع حتى الآن من قبل وزارة الصحة، لذا لا حاجة لتناول لقاحات غير معروف آثارها الجانبية. فقد يتحور الفيروس كما حدث وتم اكتشاف ذلك في انجلترا، كما أننا لا نعلم المدة الزمنية للمناعة التي يعطيها اللقاح، فقد أشارت بعض الدراسات إلى أنه يعطي مناعة من 6 أشهر إلى 12 شهر. وتوضح وجهة نظرها قائلة: إننا مازلنا نعاني من بعض الآثار الجانبية للعديد من اللقاحات التي نعمل بها منذ عشرات السنوات، كمرض الإنفلوانزا الموسمية والحصبة والنكاف والحصبة الألمانية، إضافة إلى متلازمة غيان باريه "وهو مرض خاص بالأعصاب". وأكدت جعفر على أن أي شيء يدخل جسم الإنسان لابد وأن تكون له آثاراً جانبية، وحتى الآن لم يتم رصد أي أثار جانبية للقاحات الجديدة التي تم اعتمادها، ولكن لا نعلم ما الذي ستخلفه تلك اللقاحات من آثاراً جانبية على المدى البعيد. ولكن هناك استخدامات لتقنية "Messenger RNA"في بعض اللقاحات يعد خطيرا جدا لأنها أول مرة يتم استخدامها، فهي تدخل في بعض الخلايا البشرية وتطوعها لعمل بروتين للفيروس لتوليد الأجسام المضادة أو المناعية لمواجهة الفيروس، وقد يكون تم استخدامها في لقاح "إيبولا" ولكن تم استخدام اللقاح على نطاق ضيق لم يتم تعميمه لعدم انتشار الفيروس. وفي موقف معارض لوجهة النظر سالفة الذكر، قال د. جمال شيحة أستاذ أمراض الكبد بجامعة المنصورة وعضو مجلس النواب : أنصح بتناول اللقاح فورا وبدون تردد، استنادا لحقائق علمية وبحثية جادة، فنحن الآن بين مخالب جائحة اجتاحت العالم بأكمله منذ عام مضى، وخلال هذا العام توصل العلماء إلى 6 لقاحات أصبحت حقيقة واقعية من ناحية الفاعلية والأمان، وتنقسم إلى نوعين: أحدهما تطعيمات بالطرق التقليدية التي اعتدنا عليها منذ عشرات السنين، وهي جزء من الفيروس إما ضعيف أو ميت ويتم التلقيح به لتحفيز الجهاز المناعي بجسم الإنسان، وذلك في اللقاحات الصينية واللقاح الروسي إضافة إلى لقاح جامعة أكسفورد وشركة أسترازينيكا. أما النوع الأخر من اللقاحات، هو ما توصلت إليه شركة فايزر وموديرنا الأمريكيتان من تكنولوجيا حديثة، وهي عبارة عن جزء من "الحامض الريبوزي "RNA" وهي تكنولوجيا حديثة على الساحة الطبية، ولكن ما يهم المواطن والدولة هو مدى الأمان والفاعلية في هذه اللقاحات". وأكد شيحة على أن تلك اللقاحات سالفة الذكر آمنة جدا وفعالة بنسبة لا تقل عن 86% وحتى 96%. لذا وبدون تردد لا بد من الحصول على تلك اللقاحات وعدم التشكيك فيها أو الخوف منها. وأشار إلى أن الصين لديها مواد علمية ثابتة على مدي فاعلية تلك اللقاحات، فقد أجريت التجارب على مليون شخص وتم إثبات أن اللقاح فعال وآمن جدا. وفي رسالة طمأنة علمية – حسبما قال- من ناحية تناول اللقاح من عدمه، قال الدكتور جمال شيحة عندما تكون هناك حقيقة علمية لا ينبغي أن نشكك في صحتها، وأوضح أن وفاة ستة حالات أثناء التجارب على اللقاحات والتي خضع لها 42 ألف شخص، فهناك أربعة منهم لم يحصلوا على التطعيم باللقاح، أما عن الاثنين الذي تلقوا اللقاح فقد ماتوا لأنهم لديهم أمراض خطيرة جدا وماتوا جراء هذه الأمراض وليس التطعيم، وهو ما نشرته "New England Journal Of Medicine " في 10 ديسمبر،وهي أكبر مجلة في العالم. لذا لا يمكن تخويف الملايين في العالم من تناول اللقاح اعتمادا على شائعة موت 6 أشخاص دون التحقق من ذلك ومراجعة الأسباب الحقيقية. وأشار إلى أن اللقاحات الصينية واللقاح الروسي يستعمل نفس التكنولوجيا التي تم استخدامها في لقاح شلل الأطفال، فإذا كان هناك أعراض جانبية للقاح شلل الأطفال فعلينا أن نشعر بالقلق حيال لقاح كورونا الصيني أو الروسي وهذا غير وارد. وفي السياق نفسه وردا على أي تخوف أو تشكيك في فاعلية اللقاحات التي تم الحصول عليها أو سيتم قريبا، قال الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار رئيس الجمهورية لشئون الصحة والوقاية، إن هناك لجنة اللقاحات بوزارة الصحة والسكان تضم عددا من الخبراء والعلماء وأساتذة الجامعات، تتابع وتقر كل ما يتعلق باللقاحات في مصر، مشيرا إلى أنه لدينا بمصر مجموعة من التطعيمات الإجبارية التي قضت على كل الأمراض المزمنة التي كانت تؤدي إلى وفاة الأطفال في مراحل عمرية مختلفة. وتابع:عندما تعطي أكبر مؤسسة علمية في العالم والتي تعتبر ذات مرجعية علمية وهي هيئة الغذاء والدواء الأمريكية، وأيضا هيئة الغذاء والدواء البريطانية والأوروبية، وغيرها من المؤسسات العلمية الخاصة بإجازة استخدام اللقاح من عدمه موافقتها على لقاح معين، فذلك يعني أنه تم دراسة الأمر جيدا، فضلا عن الدراسات التي تتم داخل مصر أيضا. وفيما يخص لقاحات كورونا التي لم تحصل على المدة الكافية، قال تاج الدين: إننا في حرب عالمية شرسة لمواجهة فيروس كورونا، وهناك استنفار عالمي من أجل وجود لقاح يحد من مخاطر هذا الوباء ومضاعفاته، وهذا ما تؤديه اللقاحات الحالية التي تم التوصل إليها، مما اضطر معظم دول العالم إلى الاستخدام الطارئ لها. وأكد تاج الدين على أن هناك توجيه من الرئاسة، بضرورة طمأنة الناس من ناحية اللقاحات التي يتم الحصول عليها والعمل بها داخل مصر، لأنها لا تتم إلا بعد دراسة بعناية فائقة حفاظا على صحة المواطن المصري. كما كشف عن توجيهات من رئيس الجمهورية بمنح لقاح فيروس كورونا مجانا للمصريين قائلا:"أي إنسان سوف يحتاج إلى اللقاح سوف يحصل عليه مجانا، كما أن أي إنسان غير قادر يستطيع أن يعمل التحاليل بالمجان بعد تقديم ما يثبت ذلك".