كان جسدي حبل مشنقتي, وعندما أكتملت أنوثتي في عيونهم, وأستوفت حقها من الجمال والفتنة, وكان وقع قدميها يُلهب رغائبهم ونوازعهم, ويُثير فيهم جوع أجسادهم, كان الكل يتطلع إلي, يرمقني بنظرة فاجرة, كلها شبق تملأ عينيه وجسده فورة من الشهوة المتدفقة, وتكالبت (...)
كانت حجرتي عالماً واسعاً كبيراً، كنت أعيش في زحام شديد بين كتبي، كنت حين أقرأ، أجوب الأرض من شرقها إلى غربها، من الجنوب إلى الشمال، وأنا لم أغادر مكاني، أعيش في أزمنة مختلفة، وعصور متعددة، أسافر في الماضي والحاضر والمستقبل، شاهدت الملوك والأمراء، (...)
كانت أمي هي الزوجة الثانية لأبي، تزوجها بعد أن ماتت زوجته الأولى، وكانت مريضة لسنوات مرضاً معضل، لا أمل في شفاءه، وأشفق أبي في أن يخذلها في أخريات أيامها، ولم يشأ أبي أن يتزوج عليها، وهي على قيد الحياة، رغم أنها ألحت عليه في أن يتزوج، ولكنه رفض، (...)
في خطواتنا الأولى نحو الحياة يملأنا الحب, يفيض بكئوسه المترعة, يتخلل جوارحنا يجعلنا أشبه بطائر يسبح في ملكوت السموات, يقطع الأرض ذهاباُ وإياباً في نشوة غامرة, لايحس تعباً ولا إرهاقاً, بل المزيد يريد بلا فتور, استقبلت الحياة حين وعيت على الدنيا, (...)
وها أنا الأن أمسك بقلمي ويدايا ترتعشان، والظلام يغلف حجرتي، إلا من ضوء شمعة ألتمس منها رؤية خافتة لأتبين الأشياء، شريط ضوء بالكاد أتبين الحروف، وأخط فوق أوراقي حياتي المظلمة، التي أُرغمت عليها، ولأنني أنثى فإنني مهيضة الجناح، ولا حظ لي من قلب، يشعر (...)
كانت بستانا يدور حوله الأدباء، تلهمهم الحب والعشق، وتفتح مغاليق قلوبهم لتتنفس العشق، ونسمات من طيفها، يحب الرجل تلك الأنوثة التى تطعمها الثقافة، يحبها ممزوجة بالفن والجمال والفكر، كانت أنوثتها حافلة بشتى ما يجذب الرجال إليها، وكانت ثقافتها المتنوعة، (...)
عندما تُصاب بالشتات الداخلي, فالأمر ليس سهلاً في جمع ما تبعثر منك, عندما تُصبح بقايا حُطام مُتناثرة, وتُحاول أن تُعيد هيكلة ذاتك, تُلملم أشلائك المُتناثرة وتُعيد صياغة نفسك مرة أخرى, فأنت لاشك أصبحت غيرك, كل شيء ليس في مكانه الصحيح منك, فتصير (...)
ذلك الشاعر الذي يلتقت المعاني من الطرقات والشوارع، المعاني التي يراها العامة والخاصة، فلا يلتفت إليها أحد، ولا يطيل النظر إليها، فيلتقتها ويلبسها أرق الكلمات، فإذا بالكلمة قصيدة، وإذا بالقصيدة أغنية، وإذا بالأغنية سهام مصوبة نحو القلب، وإذا بالقلب (...)
تنطلق حياتُنا من هناك, من عالم الغيب, من نقطة الصفر, والتي سبقتها آلآف الأصفار, بل ملايين الملايين من الأصفار, تأتي وتتتابع وتتجدد عبر الزمن, كل يوم تولد أصفار جديدة, تكبر وتزداد وتنمو كتلاً من لحم ودم وأفكار ومشاعر, تحب وتكره, تضحك وتبكي, يحوم (...)
كان وقوفها يمتد لساعات طويلة، لم يكن الملل يتسرب إلى قلبها أبدا، بل كان أملا يملأها، ويشحذ عزيمتها، كان الحب هو عمودها الفقرى، الذى تتوكأ عليه، فيمنحها القوة والصلابة، لم تكن جميلة، ولكن لها روح تملأ الأجواء سعادة.
كانت ابسامتها ساحرة، لعل ذلك لأنها (...)
ملعونةُ أنتِ فى كل كتاب، فى كل شريعة، من تراب الأرض ملعونة، من أحجار الطريق، ملعونة فى كل زاوية من زوايا جسدك الغارق فى براثن الخطيئة.
أعلمُ أنى لن أنالَ منكم سوى الرجم، رجم بالحجارة، ورجم بالكلمات، وبالصرخات فى وجهي، من أمامي، ومن خلفي، وعن شمالي، (...)
إن الكثيرين من أبناء الشرق لا يعون الدرس جيدا، ولو أن قاسم أمين، ومن نبذوه، وأقاموا له المشانق، وبروا أقلامهم ليجعلوا منها حرابا، يصيبوا بها قلبه، ويشلوا بها عقله وفكره، وسخروا منه، وجعلوا منه أضحوكة أمام العامة والخاصة، وأرادوا أن يهيلوا على كتابه (...)
عودة الابن الضال بعد رحلة، وسياحة في بلاد غريبة بعيدة، خروجه منذ عشرين سنة، من بيته مهاجرا، رحيله الذي ظل عشرين عاما عاش في بلاد يغمرها الشمس، وتلتهم الأشياء، وتسطع حتى تأكل كل شيء، إنها الأمنية التي تسعى إليها أخته السفر إلى تلك البلاد، أن تهجر (...)
للإعلام قوة لا يُستهان بها في عصرنا الحاضر، بل الإعلام هو في الحقيقة الذي يوجه حركة التاريخ، الذي نعيشه، وفي الإمكان أن يقلب القضايا، وأن يحول الحق باطل، والباطل حق، ويلبسه زي الحكمة والتعقل، فمن ملك زمامه، فهو لا محالة منتصر في معاركه وحروبه، فهو (...)
حتى رجعت وأقلامي قوائل لي المجد للسيف ليس المجد للقلم
أكتب بنا أبدا بعد الكتابة به فنحن في دولة الأسياف كالخدم
مات المتنبي في الخمسين من عمره، وقد ملأ الدنيا بأشعاره، يسير بها الركبان من أقاصي المشرق، إلى أقاصي المغرب، نال من الشهرة ما لم ينالها أحد (...)
فرق بين أيام وأيام، شعور وأخر، سنوات وسنوات، أعمار كاملة وأخرى تنقضي بعد زمن ما، عاش الرجل حياتين، بينهما من التناقض الكثير، حياة الريف بكل ما يعتريها من طقوس وتقاليد محفورة في أذهان أهلها، خطوط عريضة، لا يتعدونها يمارسون حياتهم فيها، حتى في رضاهم (...)
أنبغ ما أنجب القرن العشرين في الفكر والأدب، عاشق الكتب، وعاشق الحياة، الذي قال لنا: أن حياة واحدة لا تكفيني، فعشق الكتاب، ليعيش أكثر من حياة، ليعيش بين دفتي كتاب حيوات مختلفة، عاش في الماضي والحاضر والمستقبل، كان له قلم حفر بسنه مجدا أدبيا، يصعب (...)
في البقعة المباركة من جسد الإنسان في تلك الجهة اليسرى من الصدر، التي تحمل عرش القلب عاليا بنبصاته الدقيقة، التي تعزف لحن الحياة، لحنا خالدا تنشر شذاها في غرفات النفس، لتهبنا معنا أزليا بقيمة الوجود، ذلك العبق الذي يملأ أنوفنا عطرا فينبعث على أطرفنا (...)
كنا إذ ذاك نقف جميعا، أبي آدم، ثم الأنبياء والمصلحين، الرجال والنساء، الأطفال الصغار والشيوخ، العقلاء والسفهاء، من جاءوا منذ بدء الخلقية، ومن تأخروا، كانت جموع غفيرة، لا حصر لها، الكل يقف في صفوف لا متناهية، مطأطأي الرءوس، الصمت يبدو على كل شيء، (...)
أولى بالإنسان أن يتصالح مع نفسه, قبل أن يتصالح مع الآخرين, فتصالحه مع نفسه إنما هو خطوة لتصالحه مع غيره, والوقوف أمام عيوبه أولى من وقوفه أمام عيوب الآخرين, ينقد ويحلل ويفند, ثم يلقي أحكامه اليقينية, وهو ممتليء بالفخر, سعيد بنباهته في معرفة النفوس, (...)
إن الدراسات النفسية, لها عامل كبير في إكتشاف ميول الشخصية الإنسانية, ومعرفة ما يجيش بصدر المرء, وما يتوارد على عقولهم من أفكار وخطرات, وما ينتابهم من مشاعر سعيدة, أو حزينة, أو مواقفهم من القضايا العامة, ولكن الأمر لا يتوقف على الدراسة النفسية, بعيدا (...)
يسعى الرجل جاهد حياته كلها لتكوين المال والثروة، والسعي على حصوله من أي باب وبأي طريقه، ثم يجمعه، ويقول إنه يؤمن مستقبل الأبناء من العوز والحاجة، كأن الميراث الوحيد الذي يتركه لأبنائه هو ذلك المال، الذي يؤمن الحياة، وحاجة الجسد، كما يقولون، ولو أنه (...)
كثيرا ما نشعر بإحباط شديد أمام سياسة الدول الكبار إزاء القصايا الفارقة في عالمنا المعاصر، فالسياسة لعبة خطيرة في أيدي ساسة العالم، المتمرس عليها، والذين يديرون حركة التاريخ، كيفا يتراء لهم، ويحقق مصالحهم دون النظر إلى مصالح غيرهم، وإذا كانت السياسة (...)
إننا نقف أمام جبل يحجب النور عنا، صخرة قوية، تعرقل طريقنا نحو المستقبل، وتجعله مظلم غير واضح الملامح، فليس الأمر هين بسيط، حتى نتعامل معه بهذه السلبية العجيبة، أو نؤجله إلى نهاية الإصلاح، اذا لا إصلاح مهما كان حدوثه وخطره، وهو قائم على الشكليات (...)
كان وجهها مصفرا، فى الثانية والعشرين من عمرها، وتبدو كأنها عجوز، تنحنى وتحمل كيس الجلكوز بين يديها الصغيرتين، كانت نظرتها تمتلأ ألما عظيما، لم تكن الزيارة مسموح بها، ولكن المال يفتح الأبواب المغلقة، كان بيننا حارس الأمن، اتكأت على كرسى، وهى تحدثنى، (...)