درجنا على أن نتحدث عن كوننا مَطمَعًا. شواطئُنا وسواحلنا مَطمَع، أراضينا المُنبسِطة مَطمَع، النهر مَطمَع والوادِ الخصبُ مَطمَع. أبنيتنا القديمة وتاريخُنا مَطمَع. المَطمَع وَصفٌ يوحي بعض المرات بالضَّعف والاستكانة؛ ولو أن المَوصوفَ قويٌّ، عزيزٌّ، صعبُ (...)
أثلج مَهبَط الصواريخ الإيرانية على تل أبيب وغيرها من مدن يحتلها الكيان الصهيوني صدور الكثيرين. أشفى بعضًا من الغليل وعدَّل مؤشرات البوصلة من السخرية والاستهزاء إلى المؤازرة والتشجيع. انتقاءُ الهدف بدقة وتحقيق الإصابة المباشرة كانا من عوامل الإعجاب (...)
التقيت خارجَ البلادِ صديقًا قديمًا مرَّ ما يناهز عقدان من الزَّمان مُذ رأيته. عرفت أنه ترك فصيلًا سياسيًا كان قد انضمَّ إليه؛ مُفضلًا أن يستقلَّ بأفكاره وأن يحتفظَ بحريَّته ورؤيته؛ على أن يتبعَ الآخرين وقد اختلفَ معهم. لا شكَّ أن أوقات الشدَّة (...)
التقيت وأصدقاء قدامى وتشعَّب الحديثُ في أكثر من اتجاه، ثم راحت الأغلبية تتبادل الآراء بشأن المَهْرَب المناسب؛ ما وقع انفجارٌ نوويٌّ وانبعثت الإشعاعات. جاء اللقاءُ قبل توقُّف الحرب بين إيران والكيان المُحتل، وقد اتخذ الكلامُ طابعَ الهذر والتنكيت (...)
أظنُّ أن مَكتَبَ الرئيسِ الأمريكيّ في البيت الأبيض، قد شهدَ خلال أعوام حُكْم دونالد ترامب ما لم يَشهَد منذ تأسيسه. الحاوي العجيب إيلون ماسك الذي انضمَّ في غفلة من الزمن لطاقم الموظفين، والطفلُ الذي حظي في المكان بما فاق مَراتب الملوك والرؤساء، (...)
ضَربَت إيران منشآتٍ ومواقع ذات أهمية يحتلها العدو الإسرائيلي. سَهَر كثير الناس مع الضربات، يطربون لأصوات الانفجارات، ويستعذبون الشَّرر وألسنة اللهب المندلعة هنا وهناك، ويتحمَّسون مُطالبين بالمزيد، متجاوزين ما كان من شِقاق. مَوقِع وثانٍ، ضربة وأخرى؛ (...)
جلسنا أيامًا أمام الشاشة نتابع مسارَ السفينة مادلين وعلى مَتنها اثني عشر شخصًا. رأينا رجالًا ونساءً، متفاوتي الأعمار، مُختلفي الجنسيات، تجمع بينهم صفاتُ الشجاعةِ والجَّرأةِ والاتساق مع الذات، وتحركهم قبل هذا وذاك ضمائرٌ يقظة؛ أبَت التواطؤَ على جرائم (...)
شهدت الأيامُ القليلة الفائتة صُعودَ صورةِ الأم العنيدةِ المُكافحة في سبيلِ حريَّة ولدِها إلى سُدَّة المَشهد. الصُّعود مُكللٌّ بالفخار والشَّرف بقدر ما هو عامرٌ بالوجع.
• • •
المَصَعد اسمُ مكان من الفِعل صَعَد أي؛ ارتقى، الفاعلُ صاعدٌ والمَفعول به (...)
تقفز الصُّورةُ أمامي باطراد، تطاردني ولا تفارقُ ذاكرتي: مَدفَن طَه حسَين الذي بات محشورًا أسفل كوبري من الكباري المُستحدَثة. المَدفَن في التصميمِ الجديد للمكان يبدو مُضحكًا وعجيبًا في آن؛ إذ العادة أن تكرّم الدولُ أعلامَها وعظماءَها في حياتهم أو حتى (...)
بدا الخطاب المصري خلال قمة بغداد؛ نقطة ضوء على مسرح الأحداث في ظل الزيارة القاتمة التي قام بها الرئيس الأمريكي للمنطقة.
• • •
المَسرَح اسمُ مكان مُشتقٌ من الفعل سَرَح، الفاعلُ سارح والمصدر سَرْح وسُروح، فإذا سَرَح المرءُ بأفكاره كان القصد أنه طاف (...)
انحنَت السّيدة فى سيرها وتقوّس ظهرها وبان أن العصا التى تتوكأ عليها والتى تقوّست بدورها، على وشك أن تنكسر، كانت تحمل فى يدها الأخرى حقيبة بها مناديل ورقية، وتعلق على رسغِها عددا من السّبح، اقتربت من بعض السيارات فلم تتلق استجابة، وأخيرا التفت إليها (...)
صَدرت تنبيهات متعددة في الفترة الأخيرة، تحذر المواطنين من مغادرة بيوتهم وتؤكد اقتراب عواصف ترابية شديدة؛ قادرة على إثارة نوبات الحساسيّة عند المرضى، وعلى إيقاع حوادث طريق. مرت الأيام بسلام ولم يُرَ طقس خَطر إلا في بعض المحافظات، بينما نجت العاصمة من (...)
فى السنوات الأخيرة من الدراسة الشاقة، كنا نتحدث عن الفرص العملية والعلمية المطروحة أمامنا بعد التخرج من كلية الطب، وقليلنا يفكر فى معادلة شهادته للسفر. انقلبت الآية فى يومنا هذا رأسا على عقب، فنسبة عظمى من الطلاب تفكر منذ السنة الأولى فى الحصول على (...)
من الراديو جَاء الصَّوتُ ليبعث فى فضاء العَربةِ حيويَّة لافتة: «أنا قلبى مساكِن شعبيَّة». دمدَم معه بعضُ الرُكاب، ولم يلبث أحدهم أن أمسك بالخيط مُتحدثًا حول تلك المَساكن التى تبنيها الدولةُ لمُتواضعى الحال؛ لكن الحديثَ لم يكُن بهيجًا كنبرات منير. (...)
مع حلولِ الثلثِ الأخير من شَهر رمضان؛ تنافسَت المَخابزُ والأفرانُ الكبرى ومَحال الحلويات الشرقية والغربية جميعها؛ فى الإعلان عن لوازم العيد من كحك وغريبة وبسكويت. تبادل الناس المعلومات حول الأفضل مذاقًا والأنسب سعرًا، وانبرى السَّاخرون يؤكدون أن (...)
شكَّلت الدراما الرمضانيةُ ملهىً مُعتبرًا، قادرًا على جذب انتباهِ جُمهور عريض؛ يشاهد وينتقد، يُعين أفضلَ الأعمال وأسوأها، مَحاسنها وسقطاتها، أبطالها الذين نجحوا فى الاختبار والذين رَسبوا، وكذلك الذين أثبتوا وجودَهم وهم بعد حديثو العهد بالتمثيل. (...)
لي أشهُر طويلة أحاول تركيبَ حبالٍ في شُرفة المنزل، لكنها تخذلني تباعًا. تبلى وتتقطَّع بعد فترةٍ قصيرة، أو تترَهَّل وتتدلى كما لو كانت مريضةً، أو تطبع الملابسَ بالصدأ إن كانت مَعدنية. جرَّبت الكتانَ والبلاستيك وسائرَ الأنواع، ولم أفلح سوى في اتخاذِ (...)
أغلق مَحلُّ الفول والطعمية أبوابَه بعدما وقعت مُشادَّة عنيفة بين اثنين من الزبائن؛ أرادا كلاهما حجزَ المقاعد القليلة الخالية، تمهيدًا لتناول وَجبة السُّحور. جاء الموقفُ مخالفًا للمألوف؛ إذ العادة أن تقع المُشادات في نهار رمضان، وأن يتعللَ المتشاحنون (...)
جَلست مُصادفة لدى أحد المطاعم الضّيقة المُتجاورة التي تشبه صناديق المكعّبات؛ والتي انتشرت مَحلّ الحدائق في كل زاوية ومكان. تَركْت كعادتي الصالة المغلقة؛ المسموح فيها تجاوزا باستعمال السجائر والشيشة، واخترت مطرحا في الهواء الطلق، يقع على المَمر (...)
منذ قديم الأزل أنشِئَت المَدارسُ وما في حُكمها من أمكنة؛ يرتادها الصِغار كي ينهلوا من العِلم صُنوفًا شتَّى. تطوَّرت الحياةُ وقامَت المُجتمعاتُ الحديثة ومعها تقدَّمت أشكالُ التعليم وتبنَّت البلدانُ كلٌّ ما رآه مناسبًا لظروفِه واحتياجاته. لسنا في (...)
تعرَّضت المَحكمَةُ الجنائية الدوليَّة إلى تهديداتٍ فعلية؛ قادها رئيسُ الولايات المتحدة الأمريكية، العائد إلى منصبه بثلة من التصورات الاستثنائية حول فترة حُكمِه الثانية، المُبشر بميلاد جديد؛ السيادة المرحلية فيه للقوة الفجَّة المُنفردة، بلا تجمُّل أو (...)
على مَرّ الأعوام، شدَّ ملايينُ الأشخاصِ رحالهم إلى مِصر؛ مدفوعين بسَببٍ أو آخر. بعضُ الناس فرّوا من حربٍ ضَروس أتت على الأخضر واليابس، وبعضٌ آخر عانى اضطهادًا فى مَوطنه، وبعضٌ ثالث لم يعد له عَيشٌ فى المَوضِع الذى تركه؛ فجاء مُتوسمًا صدرًا أرحب (...)
شَاهدت منذ أسابيع قليلةٍ الجزءَ الثاني من فيلمِ "الحرِّيفة"، ولم أكن قد اطلعت على جزئِه الأول ولا عرفت ما يتضمَّنه الحدَثُ الرئيس؛ لكن الآراءَ التي أفضى بها بعضُ الأصدقاء والصَّديقات، شَجعتني على الذهابِ إلى السِينما بعد طولِ انقطاع؛ خاصةً والمَوضوع (...)
يأتي مَعرضُ الكتاب كما جرت العادة كل عام؛ ليحتضن عددًا كبيرًا من الناشرين المحليين والدوليين، يكتظُّ بالزوَّار ويمتلئ بأحداثِ فنيَّة وثقافيَّة؛ حلقات مُصغَّرة من الحضور، لقاءات صحفية مُتفاوتة، حواراتٌ مُوسَّعة يشارك فيها جمهورٌ غَفير، ومادةٌ خبريَّة (...)
في رِحلةٍ طَويلةٍ اتجهت فيها بالعَربة إلى وسط المدينة؛ كان التنقُّل بين مَحطات الإذاعةِ تسليتي الأثيرة. دقّت المُوسيقى المُميّزة لمُوجز الأنباء، ثم جاء صوتٌ جاد ليزفَّ إلى المُستمعين خبرَ حول حفلٍ رسميّ أُقيمَ بدارِ الأوبرا المِصرية؛ لتكريمِ من أطلق (...)